الخميس، 21 يناير 2016

ليبيا: فنون وثقافة_فنان ينحت في الصخر أبواب ليبيا المفتوحة على الأمل

انشغل محبو الفن على مواقع التواصل الاجتماعي، الفيسبوك تحديدا، في الفترة الماضية بمنحوتة الصخرة ذات الباب المنفرج والنافذة المغلقة، دون الإشارة إلى مبدعها الذي هو النحات الليبي عبدالله سعيد.
العرب اللندنية: يقول النحات الليبي عبدالله سعيد لـ"العرب" عن منحوتته الصخرة ذات الباب نصف المفتوح والنافذة المغلقة، والتي شغلت مؤخرا مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة الفيسبوك: الصخرة المنحوتة موجودة في منطقة اسمها "غلندس" على البحر في بلدية الساحل شرق ليبيا، اكتشفتها في رحلة استمرت خمسة أيام، في العادة تكون معدات النحت معي في الرحلات، كان برفقتي النحات احميدة الطويل وأثناء البحث عن بقايا الأشجار الميتة البعيدة عن الناس من الاحتطاب، وبالصدفة لمست صخورا ليست بصلابة الرخام، عندها تملكني الفضول للحفر عليها، فأحضرت المعدات وبدأت في عمل استمر ثلاثة أيام. في مدينة شحات أو قورينا وهي مدينة تاريخية ليبية أسسها الإغريق في الجبل الأخضر، يعيش النحات عبدالله سعيد، هذه الطبيعة بكل ما تحمله من هدوء وقسوة كان لها أثر في تشكيل أفكار أعماله.
وعن هذه الطبيعة القاسية يقول النحات الليبي: الوسط المحيط له تأثير كبير، فمثلا الخشب هو أكثر خامة موجودة هنا، رغم أن الخشب من أصعب الخامات في النحت لأن التعامل معه في التشكيـل يكـون مـن صلـب إلى صلب بعكس الخامات الأخرى مثل الخزف من لين إلى صلب، ولا أريد أن أقف في العمل عند الخشب فقط، لديّ أفكار متنوعة بخـامات أخـرى إذا تـم توفرها.
ويضيـف سعيـد: الفـن بصفة عامة لا حدود له، في بداياتي كان الخشب هو من يحدد شكل المنحوتة، أما الآن الفكرة هي من تحدد شكل وحجم ونوعية الخشب. ويتابع: الأشجار الميتة توفر علينا الكثير من الجهد، فهي لا تحتاج إلى انتظار أشهر عديدة حتى تجف، حيث تكون صالحة للنحت عكس ما يحدث في الأشجار الحية التي تحتاج إلى تخزين ومكان ووقت، في العادة شجر العرعر كلما يكبر تموت الأغصان في الأسفل بشكل طبيعي، والأشجار التي تنمو في أماكن السيول تتحمل فترة معينة ثم تنجرف، والأماكن التي تعرضت للحرائق نستفيد منها بالأشجار التي تعرضت للموت غير المباشر بسبب الحرارة، في الوقت الحالي ازداد الزحف العمراني، فنقوم نحن بأخذ ما تركه البلدوزر خلفه.
عندما نتحدث عن الخشب الخاص بالنحت هناك أنواع كثيرة، لكن ليست متوفرة في ليبيا، فيلجأ النحات إلى البديل أو أقل مستوى مثل خشب العرعر والسرو، ومن هناك وفي معرضه الأخير "بوح العرعر" قدم عبدالله سعيد 40 منحوتة فنية من خشب السرو والعرعر جسد فيها مضامين معينة. وعن هذا الاختيار يقول النحات الليبي: فعلت ذلك لإيجاد علاقة بيننا وبين الأشياء من حولنا من مظاهر طبيعية وبيئية، مستلهما من شجرة العرعر القدرة على البقاء رغم تحديات الزمن، اختيار أشجار العرعر جاء لكونها تشكل حوالي 80 بالمئة من الغطاء النباتي للجبل الأخضر.
وأوضح سعيد: نظرا لتعرضها للقطع الجائر فقد أصبحت عرضة للانقراض، ومن خلال المعرض بعثت رسالة إنذار للخطر الذي تتعرض له الغابات الليبية. يقول سعيد حول مسألة رفض بعض الفنانين تسمية أعمالهم، باعتبار أنها فضاء مفتوح على تأويلات متعددة، فيجيب: أغلب أعمالي مفتوحة المعاني وكل متلق يفسر العمل من وجهة نظره الخاصة، لهذا أرفض جعل منحوتاتي محصورة بين قوسين، صحيح أنا لا أستطيع أن أقوم بعمل إلاّ في حالة اكتمال الفكرة وبطبيعة الحال لا شيء دون معنى. وفي المقابل يعتب النحات عبدالله سعيد على المتلقي عدم اهتمامه العميق بجماليات العمل الفني، إذ كثيرا ما يسأله ماذا تعني هذه اللوحة؟ دون أن يفكر أو يتأمل.
يقول سعيد: هذا أمر صعب بالنسبة إلي، فأعمالي مفتوحة المعنى، وللأسف في الجبل الأخضر أغلبهم لا يعرفون الفن المعاصر، يفضلون الأعمال الفنية مثل الطاولات والمقاعد. وأضاف: هناك صعوبات كثيرة نمر بها أثناء إنجاز العمـل، ولكن الأزمـات التي تعيشها البلاد كانقطاع التيار الكهربائي لساعات طـويلة تـؤثر على العمـل بشكـل كبيـر. ويختم سعيد بالقول: أحـاول دائما في عملي الابتعاد عن القضايا السياسية، لأني لست صديقا لها، أنا فنان مهتم بتجسيد الطابع الحديث والبيئي والفلكلور، وهذه برأيي تخاطب جمهورا كبيرا تجمعه جماليات الشكل وانسيابية العمل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق