يتصاعد قلق الحكومة الأميركية منذ أشهر بسبب فلتان الأوضاع الأمنية في ليبيا وعدم تمكّن الحكومة من ضبط الأوضاع وبسط سلطتها على أراضيها.
وعلمت "العربية.نت" أن هناك نقاشات تدور الآن بين ممثلين عن الإدارة الأميركية وحكومتي بريطانيا وفرنسا بالإضافة إلى نشطاء ليبيين، تتركّز حول رسم خريطة طريق جديدة لليبيا تساعد على الخروج من دوامة الفوضى. فالمعارك الأخيرة في مطار طرابلس أثبتت أن الميليشيات الليبية تحاول السيطرة على مفاصل الدولة وهي تتنازع الأرض والنفوذ، ولا يبدو أن نتائج الانتخابات النيابية الليبية ستفرز آلية حكم للبلاد.
يقول ناشطون ليبيون في واشنطن "نحن ما عنّدناش دولة" فالمناصب السياسية، خصوصاً الحكومية، هي باب للانتفاع وتسريب الأموال للمناصرين والمحازبين، والمشكلة الأكبر في ليبيا تبدأ من فقدان الحدّ الأدنى للاستقرار واستحالة توقّع الأحداث.
ويجد الليبيون أنفسهم هدفاً للابتزاز والاغتيال، ففي ليبيا اليوم، تنتشر الميليشيات الجهوية والحزبية والدينية والإجرامية، والأخيرة تتشكل من سجناء سابقين وأخرى من جماعات النظام السابق، وتنتشر أيضاً مافيات دولية مثل الروسية والكولومبية وتتعاطى التهريب وتجارة المخدرات، وهناك تنظيمات إرهابية من جماعات القاعدة ومناصريها.

تدخل دولي؟

من الخطط التي يناقشها ممثلو هذه الدول مقاربة أمنية مبنية على تشكيل قوة حفظ سلام متعددة الجنسيات أو دولية تسيطر على المدن الكبرى مثل بنغازي وطرابلس كما تسيطر على مواقع حيوية مثل محطات توليد الكهرباء وتحويل المياه والمطارات الكبيرة وحقول النفط وبالتالي تمنع الميليشيات من السيطرة على هذه المرافق وتحرمها من الاستفادة المالية منها.
يعتبر الأوروبيون منذ حين أن ليبيا مشكلة يجب احتواؤها خصوصاً أنها مترامية الأطراف وتطل على ست دول بالإضافة الى البحر الأبيض المتوسط، وتبدو حدود ليبيا الجنوبية مرتعاً للتنظيمات الإرهابية بالإضافة الى الطوارق، كما أن تسرّب الإرهابيين من تنظيمات القاعدة وغيرها عبر البحر المتوسط الى أوروبا بات يشكّل هماً يومياً، ويخصص الأوروبيون والاميركيون ميزانية كبيرة منذ العام الماضي لمراقبة هذا المدّ الآتي من ليبيا، خوفاً من تسلل متطرفين مع متفجرات الى أراضي أوروبا بهدف القيام بعملية على أراضيها، أو لإرسال الانتحاريين والمتفجرات الى اراضي الولايات المتحدة.
كانت مصر من أول الدول التي فهمت في ظل الرئيس عبدالفتاح السيسي ان من الضروري التعاطي مع مشكلة ليبيا، ولم تكن زيارة الرئيس المصري الجديد الى الجزائر مجرّد زيارة بروتوكولية بقدر ما تنمّ عن همّ أمني لدى "مصر الجديدة" وترى مصر أن لا بدّ لها من ان تقوم بدور إقليمي تريده ولن تضمن أمنها إلا إن وصلت الى ضبط أمن ليبيا.
ربما يكون تسارع العمل الليبي الاوروبي الاميركي أقلّه على مستوى النقاشات ورسم الخطط ردّ فعل على التحرك المصري، فالليبيون يفضّلون أطرافاً غير إقليمية لمساعدتهم في ضبط الأوضاع ويريد الليبيون الإسراع في بدء حوار سياسي مباشرة بعد عيد الفطر في محاولة لدعم نتائج العملية الانتخابية ولتفادي انحدار الفوضى الى مستويات أكبر تستدعي تدخلا مباشرا من مصر والجزائر وربما تونس.
أما الأميركيون فيقولون إنهم ينظرون بجدية الى ضرورة وضع خطة لليبيا ويقولون "نفكّر بالموضوع" لكن تجارب الليبيين مع الولايات المتحدة وايضاً تجربة سوريا لا توحي أن إدارة باراك أوباما مستعدة لوضع قوتها المباشرة على الأرض في ليبيا وستفضّل التعامل مع الوضع بالاحتواء أو من خلال الحلفاء الغربيين.