الخميس، 26 سبتمبر 2013

آلاف المعتقلين في ليبيا خارج سيطرة الدولة

لا يزال يقبع آلاف الأشخاص في ليبيا في سجون الميليشيات، خارج سيطرة الدولة، رغم مرور أكثر من عامين على الثورة، وذلك بحسب تقرير جديد قدمته الأمم المتحدة إلى مجلس الأمن. يفيد التقرير بأن العديد من هؤلاء السجناء يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة ويصف الوضع بأنه "غير مقبول". وحول هذا الموضوع، قال صلاح المرغني، وزير العدل الليبي في حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) عقب صدور التقرير: "لدينا مشكلة كبيرة. لكننا نسعى لحلها". وأضاف قائلاً: "لم نستسلم بعد. ورغم صعوبة الظروف التي نواجهها، إلا أننا لا نزال نضغط لتحسين الوضع". ويصل عدد المعتقلين ذوي الصلة بالصراع، وفق التقرير، إلى قرابة 8,000 شخص، يتم احتجاز بعضهم في مرافق تخضع "اسمياً" فقط لإشراف وزارة العدل أو الدفاع، في حين يتم احتجاز الباقين من قبل "كتائب مسلحة غير ذات صلة بالدولة بأي شكل من الأشكال". وفي هذا الصدد، قال بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، في تقرير يقدم إفادات لمجلس الأمن بشأن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا: "لا يزال يساورني قلق عميق جراء التقدم البطيء وغير الكافي في نقل المحتجزين من عهدة الألوية المسلحة إلى الدولة". وتقول الأمم المتحدة إنها جمعت أدلة تشير إلى أن ما لا يقل عن 10 حالات وفاة قد وقعت هذا العام في صفوف المحتجزين نتيجة لتعرضهم للتعذيب وإنه لم يتم محاسبة أحد. وتفيد أيضاً بأن هناك أدلة على استمرار التعذيب في كل من المؤسسات الحكومية والسجون التي تقع خارج السيطرة الحكومية، وهي أدلة تؤكدها المنظمات الإنسانية العاملة في ليبيا. إلى ذلك، قالت ماجدة مغربي، الباحثة بمنظمة العفو الدولية: "في الوقت الحالي، يعتبر العامل الوحيد الذي يقلص على نحو كبير من عدد المحتجزين الذين يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة هو أحداث الهروب الجماعي من السجون".
اعتداءات ممنهجة
وأوضحت مغربي قائلة: "لقد زرنا سجوناً تحدث فيها اعتداءات بشكل ممنهج". وأضافت أنه "كثيراً ما يأتي أفراد الميليشيات ويذهبون كما يحلوا لهم، حتى في السجون التي من المفترض أن تكون خاضعة لإشراف الحكومة. فتسليحهم يفوق تسليح الشرطة القضائية وهم يعاملون السجناء كيفما يشاؤون. وفي إحدى مرافق الاحتجاز، استطعنا توثيق حالة قامت فيها إحدى الميليشيات باختطاف سجين من داخل زنزانته". في الوقت الحالي، يعتبر العامل الوحيد الذي يقلص على نحو كبير من عدد المحتجزين الذين يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة هو أحداث الهروب الجماعي من السجون. وتفيد منظمة العفو الدولية بأنها وجدت حالات تعرض فيها المحتجزون للضرب بالخراطيم، وأُشعلت فيهم النيران وتعرضوا للصدمات الكهربائية. وقال محتجزون للمنظمة أيضاً أنهم تعرضوا لجروح في أعضائهم التناسلية وتم رش مواد طاردة للحشرات في أعينهم. أضاف صلاح المرغني، وزير العدل الليبي: "لا نزال في حالة ثورة. يمكنك رؤية كمية الأسلحة التي تنتشر بين الناس. وبالتالي فإن حجم السيطرة الممكنة في هذا الوضع محدودة". وأضاف المرغني أن العديد من المتمردين السابقين الذين يصل عددهم إلى 10,000 شخص ممن تم دمجهم في الشرطة القضائية لم يتلقوا سوى تدريبات أساسية، وهذا أمر تحاول الحكومة الليبية معالجته بمساعدة المجتمع الدولي. "لدينا برنامج جيد لتدريب حراس السجون، بما في ذلك مستشار مقيم هنا في وزارة العدل من المملكة المتحدة. ولكن قدراتنا محدودة". وعلى الرغم من أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي يقدمون التدريب لحراس السجون والسلطة القضائية، إلا أنه وفقاً للمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، وهي منظمة تدير بعضاً من البرامج التدريبية في هذا الصدد، فإن المستوى الحالي للمساعدة غير كاف لبدء تحول شامل. وحول هذا الموضوع، قال كريم سالم، منسق إحدى المشروعات في المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب: "إن عدد المسوؤلين الذين يحتاجون للتدريب هائل. ومن دون تنفيذ تدريب صحيح وعلى نطاق واسع، سيكون من المستحيل تغيير الثقافة في هذه المؤسسات".
الحكم تحت الإكراه
ومبادرة إصلاح السجون ما هي إلا واحدة فقط من بين عدد من المبادرات التي يجري الاستعداد لتنفيذها حالياً في ليبيا في ظل تفاقم الوضع الأمني والصعوبات التي يواجهها النظامين السياسي والقضائي في الدولة. يواجه المؤتمر الوطني العام (البرلمان) الليبي مأزقاً سياسياً إثر مناقشات بشأن كيفية كتابة دستور جديد للبلاد، فيما يحذر تقرير الأمين العام الأمم المتحدة من حدوث تدهور في فعالية الحكومة الانتقالية التي تدير شؤون الدولة. "وربما تكون المصالح والآراء المتعارضة للقوى السياسية والإقليمية في الدولة، التي تنعكس في المؤتمر الوطني العام، قد أضعفت فاعليته كهيئة تشريعية وأثرّت على مكانته في أعين كثير من الليبيين. ولذلك أثر لا يمكن إنكاره على استقرار العملية السياسية، كما أنه عرقل قدرة الحكومة على معالجة المشكلات الرئيسية التي تواجه الدولة". إضافة إلى ذلك، تسهم الميليشيات أيضاً في انحراف العملية السياسية عن مسارها الصحيح من خلال تنظيمها لاحتجاجات مسلحة عندما يتعلق الأمر بإصدار قرارات برلمانية هامة، الأمر الذي جعل أعضاء البرلمان الليبي يشكون من أنهم يرغمون على التصويت تحت الإكراه. والتهديد بالعنف يخيم على النظام القضائي في الدولة أيضاً. فخلال هذا العام، نظم المدعون العامون مراراً إضرابات في مدينة سبها جنوب غرب البلاد احتجاجاً على التهديد الذي تمارسه الجماعات المسلحة، وهو وضع تفاقم بسبب عمليات الفرار المتكررة من سجن المدينة. إلى ذلك، تقول الأمم المتحدة أن سلامة الموظفيين القضائيين تشكل "مصدر قلق" وتحذر من أن "الوضع الأمني المتذبذب لا يزال يشكل عقبة أمام إقامة نظام قضائي فعال بشكل كامل". وتشير إلى العديد من الهجمات التي استهدفت مدعين عامين وقضاة وكذلك هجمات بسيارات مفخخة على محاكم في مدينتي بنغازي وسرت.
غياب قوة التفاوض
ويعني الوضع الأمني الهش أيضاً أن الحكومة الليبية في موقف ضعيف عندما يتعلق الأمر بالتفاوض مع الألوية الكبيرة، التي تواصل احتجاز مساجين خارج الولاية القضائية لوزارتي العدل والدفاع. وإحدى أكبر الجماعات المسلحة التي تحتجز سجناء خارج سيطرة الدولة هي اللجنة الأمنية العليا، وهي قوة موازية للجيش الرسمي تم تشكيلها من بقايا عدد من الألوية الثورية. ويتم تمويلها وتسليحها من قبل الحكومة ولديها سجنان في مقراتها في العاصمة طرابلس. وقد أدت محاولات إرغام اللجنة الأمنية العليا على تسليم المحتجزين إلى شن هجمات متكررة على وزارة العدل وتهديد السياسيين. وختاماً، قال المرغني: "لا ينبغي أن يكون لدى اللجنة الأمنية العليا سجون". وأضاف قائلاً: "نحن نعتبرها غير شرعية. ويبنغي أن يتم تسليم هؤلاء الأشخاص إلى الحكومة لكي يحصلوا على عدالة حقيقية".
المصدر: شبكة إيرين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق