الثلاثاء، 12 يناير 2016

حوارات ليبيا المستقبل_الجنوب الليبي المتاهة الخَطِرة - حوار مع علي حموده (1)

الجنوب الليبي المتاهة الخَطِرة! (الجزء الاول)
 

فاطمة غندور في حوار مع علي حموده (ولد الشيخ)

علي حموده (ولد الشيخ): الحوار والمصالحة أولا، والثقافة الديمقراطية لا تبدأ بالانتخابات"... "الجنوب في التسعينيات: انتشار السلاح، الهجرة غير الشرعية، تجارة الممنوعات، الخطف والسرقة في وضح النهار، وهجرة الشباب لمقاعد الداسة"... "منذ يونيو 2011 مازلتُ في قائمة المطلوبين من ادارة الاستخبارات وبأمر من عبد الله السنوسي!... "كنا نرى ليبيا عبارة عن منظومة آيلة للسقوط بانتفاضة، بثورة أم بموت القذافي نفسه وغيابه عن المشهد"... "قال لي المبعوث الاممي لليمن جمال بن عمر: هل ترى ان ليبيا مُستعدة للحوار؟"...
علي حمودة يرى بأن وضع ليبيا الحرج قبل وعقب الثورة كان يلزمهُ اولا حوار مصالحة ينتج عنه عقد ميثاق وطني يلتزم فيه الجميع بالتمسك بخيار وحدة الوطن وبناء الدولة القائمة على الديمقراطية وبناء المؤسسات، وان خيار الانتخابات كان من الواجب تأجيلهُ فالثقافة الديمقراطية لا تبدأُ بها في الحالة الليبية، تبنيه لوجوب الحوار والمصالحة دفعهُ الى المشاركة في اقامة اول لقاء حواري للشباب الليبي وعقبه رُشح عضوا في الهيئة التحضيرية للحوار الوطني، وكان العضو الليبي الذي تابع عن كثب مجريات الحوار اليمني 2013، هنا يسردُ لكم تجربته كمُعارض ثم كناشط داعٍ وداعمٍ للحوار أولا.
 دعنا نبدأ بتعريف سيروي بك؟
أنا علي حموده حسن مسعود، والدي كان كاتب في المحكمة في السبعينيات، وعندما تم التجنيد الاجباري لم يقبل ان يكون مجرد جندي فقرر الدخول للكلية العسكرية فدرس لسنتين، وتخرج في عام 1981، وعمل عسكريا الى ان تم حل الجيش الى مناطق دفاعية  فتقاعد مُبكرا  وهو اصلا دخل في سن متأخرة للكلية العسكرية، بالنسبة لي ولدتُ في المهدية بسبها عام 1974م، ودرست الابتدائية في صبراته المركزية، والاعدادية في عقبة بن نافع في منطقة المهدية أما المرحلة الثانوية كانت في حي الجديد بسبها، ثم دخلت كلية طب الاسان جامعة سبها وكنت نجحت واجتزت العام الاول وتم اغلاقها في السنة الثانية بقرار مما كان يسمى اللجنة الشعبية للتعليم، وتعرضنا لظروف صعبة كطلاب سنة اولى ولم يكن امامنا من حل الا تدبر أمر دراستنا في طرابلس او بنغازي، واخترتُ جامعة طرابلس وحتى في مرحلة قبولنا التسجيل فيها وتخرجنا عانينا عدة مشاكل، وجرى أن تخرجت من طب الاسنان في عام 2000، وقد رجعتُ الى سبها وافتتحت عيادة خاصة عملت بها لاربع سنوات ثم حصلتُ على قرار ايفاد تأخر تنفيذهُ لسنة وقد خرجت لأكمال الدراسة (الماجستير) ببريطانيا (في الشمال) كانت دراسة اللغة اولا عام 2006، ثم واصلت عملي لسنتين كاستشاري، اخذت دراسة اكلينيكية لمدة عامين وفي اغسطس 2010 حصلت على الماجستير في تركيب الاسنان الصناعية الثابتة والمتحولة. 
• الحياة الجامعية في سبها كيف كانت؟ وما حضورك فيها؟
على صعيد الدراسة كنتُ مجتهداً، واحببت المشاركة في النشاط الطلابي فتوليتُ رئاسة المنتدى الجامعي وهو مُنتدى مُستقل ولا علاقة له بأنشطة اتحاد الطلاب، وأتذكر في احدى السنوات كتبتُ عملا مسرحيا بعنوان (الطريق الصح) كان ذلك في التسعينيات وقد ساعدتنا زميلات في تأدية الادوار النسائية شاركت فيها معنا مُمثلات ثلاث اتذكر من غات الطالبة ختانه محمد دندنة، وسالمة محمد، ومسعودة من مدينة تمسان وكان المخرج ابوبكر قرين الذي احب المسرح وقتها وقدم كل جهوده، فما كان سائدا في الجنوب انذاك أن معدل الجريمة يتزايد في الجنوب وفي سبها تحديدا، من انتشار للسلاح والخطف، وسرقة السيارات في وضح النهار، وسرقات مُسلحة على المحلات، انعكس كل ذلك في قصص حصلت أيضا داخل الجامعة ومنها التعصب القبلي الذي كان في اوجه، وظهر عدم قدرة رجال الامن في التعامل مع بعض القبائل حيث سكن الناس في الاحياء والقبض على المجرمين لم يكن سهلا فلم تكن سبها مدينة امنة يسودها القانون مُطلقا، كان جزء من الشباب لا يتجهون الى إكمال تعليمهم ويقاطعون صفوفهم الدراسية، مُتجهين الى مهنة التهريب والتي من خلالها تُصبح غنيا ولا حاجة بك لمُرتب الحكومة الهزيل، كان ذلك الوضع المالي المُريح مُتاح عبر بيع المخدرات، والدخان، وبيع السيارات المسروقة، وفي المسرحية التي كتبتها كان بطلاها :شاب منحرف اسمه (جمال) واخته (أمطيرة) الواعية التي تُحب دراستها لكنها مقموعة، وقد انحرف شقيقها مع ابن عمه الذي قاطع الدراسة وذهب الى النيجر لممارسة لتجارة الممنوعة، كان شقيق الفتاة يحضر بضاعة بكل الوسائل غير المشروعة وهو نموذج لأبن عمه مروج المخدرات وبائع السيارات المسروقة، شقيقة البطل امطيرة تواجه شقيقها وترجوه أن يعدل عما هو فيه لكنه ايضا يدافع عن خياراته ومنها قوله: اتخرج لأحصل على 180 دينار بعد سبع سنوات دراسة، ما احصده يوميا يفوق هذا بكثير!، شقيقها مهرب ومروج الممنوعات وضعناه في مشهد اثناء سفره الى المانيا لاحضار سيارات مستعملة لبيعها وليدخلها بعد رشوة الجمارك وكثير من التجاوزات التي كانت شائعة ورائجة لكل من يريد ادخال بضاعته تسعينيات القرن الماضي، ويتابع النص شخصية البطل الذي سيصل به الامر حد طمعه وسرقة مجوهرات والدته، كانت النهاية مأساوية لشاب في مقتبل عمره وهو نموذج لاخرين، النص ايضا يعرض لاتكاء الناس على السحر والشعوذة التي تلقى رواجا في مجتمعنا عموما لوضعها كمشجب لعدم فاعليتنا ونهوضنا هذا من جهة ولم نُغفل في نفس الوقت أن مجتمعنا ايضا من جهة اخرى لا يقبل ولا يحترم فردا فيه يعيش دون ان يعمل ويكسب قوته من جهده وماله، وأظهرنا وجهة نظر الناس في هذا التيار الذي ذهب بشبابنا في واقع تلك المرحلة. كنا نعمل كورشة عمل ونعيد كتابة نصنا المسرحي كلما فكرنا بأنه علينا ان ننقل صورة واقعنا تحذيرا وتحسيسا بما يحصل في مدينة سبها وبين طلاب جامعتها، واتذكر انه كانت هناك لجنة أمنية (مديرية أمن سبها كان يترأسها حسن الكاسح) وطلبوا مشاهدتها في عرض خاص في احد مقارهم تحت قلعة سبها اتصور انه مسرح عسكري خاص بالجيش او الكتيبة التي كانت مُرابطة لسنوات وتضم عسكريين من كل ليبيا تقريبا وكانت لديها صلاحيات واسعة لمحاولة ضبط الامن في سبها فقدمنا عرضنا لهم، وكنا عندما طلبنا عرضها في المسرح الشعبي رفضوا، وطلبوا ان نحضر ما يثبت اجازة النص، واذكر أن اتحاد الطلبة بالجامعة تعاطفوا ووقفوا معنا حيث كان رئيس اتحاد الطلاب وقتها أحمد أبوشيبه وهو شخصية جادة ونشطة ومشجعة لنشاطات الطلاب وقد ساعدنا في عرضها بمسرح الجامعة رغم بعض الاعتراضات المُحذرة التي ألحت ايضا على إذن الموافقة للنص قبل عرضه ونجحنا في تجاوز ذلك رفقة من ذكرتُ لكِ وعرضنا اكثر من مرة (ثلاث او اربع عروض )، مسرحية (الطريق الصح ) يمكن تلخيص هدفها كعرض نقدي ساخر يصور وضع الشباب المتأزم وقتها وكيف لهم أن يختاروا طريقهم، والحال كما شرحت لكِ سابقا فهم في مفترق طريق بين صنع حياتهم بالمثابرة والصبر او الاستسلام للمغريات والكسب السهل غير المشروع. 
• تتحدث وكأن الوضع كان وضعا عاما وسائدا: غياب دولة، وضياع الشباب، وتجارة الممنوعات...؟
نعم ربما وضعنا كان غائبا أو مُغيبا عن الناس في ليبيا ولعقود، وصدقا في ذلك المناخ وجدت بعض رفاقي واصدقائي قاطعوا الدراسة رغم انهم دخلوا الجامعة وهم طلبة متفوقون منذ اول مشوارهم الدراسي لكن اغلبهم تركوا مقاعد الجامعة واستسهلوا ذلك الطريق الذي دعمه ذلك المناخ تجارة الممنوعات بلا حسيب ولا رقيب كأن لا دولة لدينا، حتى أهلهم الذين كانوا من خيرة الناس لم يستطيعوا أن يفرضوا علاجهم لتلك الحالة بوقاية او ابعاد ابنائهم عن تلك المتاهة الخطرة كانت المُغريات المادية والمحيط الذي شجع ذلك التعاطي الذي أدى الى انهيار الجامعة كمؤسسة تربوية وساعدت ظروف اخرى ما جرى لي ولزملائي حين افتتحوا كلية الطب لسنة ثم اغلقوها دون مساعدتنا بحلول فحين ذهبنا الى جامعات خارج سبها لنكمل دراستنا واجهنا صعوبات بعضهم رفضوا التحاقنا رغم وجود اوراق تثبت اننا درسنا لعام واحد بجامعة سبها للأسف بعض زملائي لم يتابعوا البحث عن طريق لأكمال دراستهم وكان أن إنخرط بعضهم في ذلك الطريق المُهلك وشاهدت نماذج منهم فور تخرجي وكانوا قد انقطعوا عن الدراسة تماما. 
• خرجت للدراسة كمُوفد هل واصلت نشاطاتك المُعبرة عن مواقفك أم انقطعت عن البلاد وما فيها؟
كنت في 2005 انضممت كعضو في حركة العصيان المدني، وهي حركة سلمية وكان معي ثلاثة اشخاص صبره قاسم بلال يعمل بوزارة القوى العاملة، وصفي الدين هلال الشريف مهندس نفط في رأس لانوف وهناك ضابط اسمه عادل الجهاني، كنا نضع منشوراتنا على صفحة الانترنت، نكتب لمحاربة ظاهرة النجم الأوحد والتملق للقذافي، والدعوة الى تحمل المسؤلية وان لا نظل سلبيين مع واقع ليبيا المُتأزم، واغلبيتنا كنا نتحرك بأسماء حركية كنت (ولد الشيخ)، عام 2007 توقفنا نتيجة ان احد عناصرنا تم القاء القبض عليه وهو قاسم صبره، وكنا قد اتفقنا حين يختفي  احد منا أن نتوقف الى حين، ومن حسن حظنا لم ينتزعوا منه معلومات عنا وخرج عن طريق علاقات عائلية وقبلية حينها كان وزير العدل المستشار مصطفى عبد الجليل وساعد في اطلاق سراحه. ثم اسستُ قروب (فري ليبو free libo) اعضاؤه شباب من الجنسين ممن يدرسون بالخارج وبعضهم من الداخل، استمر هذا القروب الى قيام الثورة 2011 واستمر بنفس النهج، كما افتتحنا نشاط على اليوتيوب كنا نظهر نرجسية القذافي التي تحاول زرع الخوف والرعب في الناس، وكنا نناصر رابطة ضحايا بوسليم ونشرنا كل مظاهراتهم، و كنا أيضا نحي ذكرى فبراير 2006 (الهجوم على السفارة الايطالية) والذي كان حقيقة واجهة لانتفاضة شباب بنغازي واظن ان الناس لم تعرف ما جرى على حقيقته ولدينا اشرطة مصورة (فيديوات ) لسيارات مكافحة الشغب ورجال الامن واعضاء اللجان الثورية، لقد كان الحراك شُجاعا مزقوا صور القذافي والهتافات نادت بسقوطه ونظامه ثلاثة أيام جرى فيها قمع تلك المظاهرة واطلق الرصاص ونتج عنها شهداء وجرحى بالمستشفيات، بالنسبة للشغل التقني لم يكن الشغل مركزيا كنا نتفق على افكار وعلى وجود صوت اخر وضعنا صورة كاريكاتيرية للساطور كنا نناصر سجناء الرأي والسياسيين الليبيين اينما كانوا. 
• تتحدث عن مرحلة تم فتح الابواب فيها وخاصة الاعلام تمهيدا لمشروع التوريث ألم تكونوا جزء من ذات المشروع؟
هناك سببين في تصوري يمنعان ذلك التخمين او ما يمكن ان نوضع تحت مظلته كمعارضة وقتها السبب الأول ان الحركة كل عناصرها بأسماء حركية وهمية ولو لدينا اشارة من سيف او كنا ضمن مشروعه لخرجنا علنا وبأسمائنا كما خرج الاخرون،كان التوريث مشروعا ممنهجا ومعلنا عبر المؤسسات ومنها التنفيس الاعلامي المعروف تنتقد كل شيء في البلاد عدا القذافي رمز النظام فهو خط أحمر، والسبب الثاني يتعلق بشغل الامن تجاهنا لماذا داهمونا في بيوتنا وتم اصطيادنا بشكل مخابراتي؟ فعند البحث القوا القبض على واحد منا وخرج بأعجوبة، كنا نرى ليبيا عبارة عن منظومة آيلة للسقوط بانتفاضة بثورة أم بموت القذافي نفسه وغيابه عن المشهد، واذا مات القذافي سينهار كل شيء، فلا جيش لدينا ولا مؤسسات بل كتائب كلها مرتبطة بحماية نظامه، ومؤتمر شعبي عام هو جهاز النظام السياسي، وكنا نتوقع حصول صدام بين الاقطاب الموجودة والتي عمل النظام على استقواء بعضها على بعض مما سيؤدي الى حرب أهلية كل سيجلب قبيتله او مدينته ليحارب من اجل أخذ السلطة التي يرى انها له بحكم الامتيازات التي منحت له من قبل النظام وهي منظومة تستند الى حجم الولاء وتنفيذ الاوامر. 
يتبع......
في الجزء الثاني: لديكم تاريخ القائمة ولديكم مُوقعها فإن كنت مُجرما او مطلوب سياسيا، خائنا أو جاسوسا فاقبضوا علي... في المخابرات جرى استقبالي بأسلوب لطيف وطرحوا أسئلة عامة من قبيل: ماذا درست؟ ومتى تخرجت؟ ومعها مبروك ايضا! وما رقم تليفونك في بريطانيا؟... القرار بعضويتي في هيئة الحوار سمعتُ به من خلال راديو سيارتي يوم اعلان ذلك اعلاميا... حضوري لمجريات الحوار اليمني أعادت فهمي لمسار الحوار في شكله الليبي.
 
"القرار بعضويتي في هيئة الحوار سمعتُ به من خلال راديو سيارتي يوم اعلان ذلك اعلاميا"
علي حموده رفقة نجوى الفيتوري عضوي الهيئة التحضيرية كمتابعين للحوار اليمني
ملتقى الحوار الشبابي الذي شارك في تنظيمه علي حموده

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق