الخميس، 24 ديسمبر 2015

فنون_أنجيلينا جولي: كتبت فيلم By the Sea لتفسير الحزن والخسارة

وكالات: ظهرت أنجيلينا جولي أمام الصحفيين في الطابق الأخير من فندق فخم في لندن كانت قد أقامت فيه مع زوجها والأولاد طوال شهرين. ثم حضرت لإجراء المقابلة وكانت مبتسمة وبسيطة. من المعروف أن البساطة هي أكثر ما يميزها. نجحت هذه المرأة في بلوغ أعلى درجات ضبط النفس وهي تبدو طبيعية إلى أقصى حد. خلال المقابلة، حافظت على وضعية مستقيمة وراحت تحرك يديها الناعمتين ببطء وهدوء وتهذيب. عاشت أنجيلينا جولي مراهقة مضطربة مثل الكثيرين. يرتبط جمالها بشكل أساسي بخليط من القوة والصرامة. لهذه الممثلة مشاغل كثيرة، فهي مشهورة جداً ولديها عدد غير مألوف من الأولاد لكنها تجيد تنظيم جدولها بدقة. مجلة «إيل» الفرنسية  تحدثت إلى النجمة.
بدا وجه أنجيلينا جولي صافياً وسريالياً. لكنها تخفي حزناً عميقاً وفي داخلها طفلة تريد من المحيطين بها أن يأخذوها على محمل الجد. صادقة ولطيفة ومبدعة وقد واجهت جزءاً كبيراً من مشاكلها بشجاعة هائلة. لا تشتق قوتها من شهرتها أو مالها أو جمالها فحسب بل من فنها أيضاً. وراء هذه الهالة كلها، لا مفر من التساؤل عن نوع الحياة التي يمكن بناؤها في مكان مماثل وكيفية الوثوق بالآخرين والاستسلام للظروف (يبدو أن الزواج من نجم آخر هو الحل في حالتها!). تتراوح المقاربة التي تطبقها بين الظهور والاختفاء وبين العزلة التامة والإطلالات المدروسة. مع أنجيلينا جولي بيت، نشعر أننا أمام نجمة لامعة وغامضة مع أنها تبقى تحت الأضواء. تقول جولي إنها كتبت فيلم By the Sea لتفسير معنى الحزن والخسارة: "تساءلتُ في أعماق روحي: كيف تتحملين العيش بلا أمك؟ كيف تتعاملين مع الرعب الذي يصيبك من فكرة حصول مكروه لأولادك؟ وبعد الاحتكاك باللاجئين، هل يمكنك العيش مع هذا الكم من الألم؟".
أنجيلينا جولي سفيرة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. توفيت والدتها بعد معاناة مع السرطان في عام 2007. كانت طفولتها صعبة بسبب طلاق والديها ثم ابتعادها عن والدها الممثل جون فويت. أساء الأخير الكلام عن ابنته فردت عليه بكل هدوء:"العائلة لا ترتبط بِصلة الدم}. تبنّت ثلاثة من أولادها الستة وتُعتبر ابنة هوليوود، فقد شاركت في مجموعة كبيرة من الأفلام ولطالما تمتعت بصفات النجمة. تجمع صورتها العامة بين إليزابيث تايلور في شبابها وجينا رولاندزر. لكنها ليست راضية على مسيرتها التمثيلية: "خسرتُ بعض الأمور في أفلام معينة ولم أعد أجد متعة التجارب واستكشاف الشخصيات التي يعيشها الطلاب اليوم في كليات التمثيل. كنت أتمنى طبعاً أن تنجح الأفلام التي شاركتُ فيها لكني لم أرتبط بها شخصياً. وحين أهتم بالعمل الذي أختاره، لا أركز على الشكل. كل ما أريده هو التمثيل بِحُرية ولم يقدم لي أحد هذه الميزة، حتى في الأفلام الصغيرة. لهذا السبب، قررت إطلاق هذا الفيلم. ستكون لي الكلمة الأخيرة فيه ولن يكلفني المشروع كثيراً: باختصار، سأكون حرة"!
ثنائي مضطرب
يروي الفيلم قصة ثنائي مضطرب:"رولاند" و"فانيسا" (براد وأنجيلينا). إنه فيلم فخم وله طابع فرنكوفوني. تكون بطلة القصة راقصة سابقة وهي لا تقوم بأي شيء. تحب أنجيلينا هذا الجانب من القصة تحديداً: "ما الذي نفعله حقاً حين لا نفعل شيئاً؟ إنه واحد من أعمق الأسئلة في حياتي وأعتبر الفيلم قوياً لأن هذا الثنائي الجميل واليائس يجسد كل شخص منا". أُلغي التصوير في لندن "لأسباب تقنية" لكن اعترفت أنجيلينا بأنها رفضت شخصياً عرض العمل أمام مجموعة من الصحافيين لأنها صورت مشاهد استفزازية ولا يمكن أن يفهمها أصحاب النوايا السيئة. هي محقة لأن النقاد لن يحبوا هذا الفيلم الحسي. ثمة متعة دوماً في مشاهدة الثنائي العبقري أنجيلينا وبراد وهي تدرك ذلك. يتمحور الفيلم أيضاً حول مراقبة حياة الآخرين: يندهش الثنائي الأربعيني بثنائي شاب يقضي شهر العسل في المكان نفسه. هما يسترقان النظر عليهما عبر ثقب بين الغرفتين.
تعكس جولي في فيلمها مشاعر الاضطراب والحسد والنفور والحزن والفراغ. تجيد الاستهزاء بالشخصية التي تجسدها ويتضح ذلك في مظهرها في بعض المشاهد التي تحمل طابعاً كوميدياً. يبرع براد بيت من جهته في أداء دور الكاتب: يبدو متقدماً في السن وله شارب، وغالباً ما يكون ثملاً ودائم الانشغال ويجد صعوبة في التعبير عن حبه لزوجته. تبدو المقاطع التي يتكلم فيها براد بيت باللغة الفرنسية مضحكة فعلاً. تقول جولي عن التمثيل مع بيت: "في هذا الفيلم، احتجنا نحن الاثنان إلى ابتكار شخصيات مزدوجة. كان يجب أن نختلق علاقة جديدة. اعتدنا أنا وبراد على علاقتنا كممثلَين لكن يختلف الوضع في هذا النوع من الأفلام الدرامية الثقيلة. في علاقتنا الزوجية، لم يشاهدني براد يوماً بعد وقوع خلاف بيننا لأنني أتظاهر بالقوة دوماً وأنهار وأبكي حين يغادر الغرفة. لكنه رأى هذا المشهد في الفيلم. أما أنا، فقد شاهدتُه في لحظاته الخاصة وصوّرتُه واكتشفتُ تعابيره وقد لاحظتُ مدى اهتمامه بالشخصية التي يجسدها. كانت أصعب المشاهد تشمل الخلافات لأن براد معتاد على الاعتناء بي حين يراني أبكي. لكن في هذا الفيلم يجب أن يبقى غاضباً. كان الوضع غريباً ومثيراً للاهتمام!". يمكن اعتبار الفيلم صورة معاكسة لعلاقتهما الحقيقية وكأن جولي أرادت أن تكتشف مسار حبهما لو أنهما لم ينجبا الأولاد ولم يكونا ناجحين.
ضغط قوي
بدا وجهها مشرقاً حين كانت تتحدث عن شهرَي التصوير: "كان الضغط قوياً مع أن الوقت كان حليفنا. أحب أن أرى الناس سعداء ولا أريد أن يعمل الفريق لأربع عشرة ساعة في اليوم. بما أنني امرأة وأم، أحب بطبيعتي أن أنشئ جواً هادئاً ودافئاً. حضر الأولاد أيضاً إلى موقع التصوير وقد استمتعنا معهم كثيراً. كنا نعمل طوال اليوم لتجسيد شخصيات لا تساند بعضها، لكننا كنا نعود إلى المنزل ونتبادل القصص في موعد النوم. لولا الأولاد، كنا لنغرق في جوانب مظلمة..". سبق وخاضت نساء تجربة الإخراج، لكن لا أحد يشبه جولي. هي تؤدي دورها بطريقة مختلفة ومبالغ فيها: "كان يجب أن يكون الفيلم قريباً مني كي لا أبتكر شيئاً من فراغ، لكن تبقى الشخصية التي أجسدها مختلفة جداً عني. بقي السيناريو على مكتبي لثلاث سنوات. أعتبر الكتابة أقوى تجربة أخوضها. يرتكز المخرجون على السيناريو بينما يبدأ الكتّاب من الصفر. كتبتُ هذا السيناريو في البداية من باب التسلية كي أرى مسار تطور الشخصيات. أحب الكتابة في المساء على المكتب في غرفتنا، بعد نوم الأولاد. دقيقة بطبيعتي وقد قصدتُ كل جملة كتبتُها. أردنا أنا وبراد منذ فترة طويلة أن نمثّل في عمل مشترك مجدداً ونتحرر في التمثيل".
اختارت جولي أن تدور حوادث الفيلم في فترة السبعينيات كي لا تحمل الشخصيات أي هواتف خلوية، ما يعني أنها مضطرة إلى التواصل مباشرةً أو التزام الصمت: "يعرف جيلنا كيف كان الوضع في السابق. فقدنا اليوم القدرة على الصمت وعزل الذات. في فيلمي، تبكي "فانيسا" حين تكون وحدها، لكنها لا تكتفي بذلك. تبدو مشاهدها وهي تتنزه وحدها من أجمل اللقطات في الفيلم. اخترتُ زمن السبعينيات أيضاً لأنه زمن التحرر والتجارب. أردتُ أن أصنع فيلماً للراشدين بإيقاع بطيء. إنه الفيلم الوحيد الذي شاركتُ فيه ولا يتمحور حول الحرب "تضحك"، إلا إذا كان الزواج شكلاً من الحرب... تعلمتُ الكثير عن نفسي من خلال إخراج الفيلم ومشاهدته. هذه هي ميزة الفن. تمكنتُ من تحليل المواضيع على مستويات مختلفة. إنه نوع نقي من التواصل ولم أكن أجيده كممثلة. قال لي أحدهم إن المرأة تبدو منغلقة في الفيلمين اللذين أخرجتهما. في فيلم Unbroken، تكون البطلة مسجونة في معسكر. وفي هذا الفيلم هي مسجونة في غرفة وداخل علاقة زوجية. لا أفهم نفسي أحياناً لكني أتكلم حتماً عن قلة الحرية". مع أنجيلينا جولي بيت، كسبنا مخرجة ورؤية مختلفة. إنه نبأ سار جداً!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق