السبت، 12 ديسمبر 2015

تونس_العلمانيون والإسلاميون في تونس بين فكي حكومة إنقاذ وطني مرتقبة

العرب اللندنية: توقعت دوائر مقربة من صنع القرار السياسي في تونس أن يشرع الحبيب الصيد الأسبوع القادم في إجراء مشاورات مع القوى السياسية والمدنية وعدد من الشخصيات السياسية والكفاءات بهدف وضع اللمسات الأخيرة لتركيبة حكومية سياسية مطعّمة بعدد من التكنوقراط بناء على مقاييس الكفاءة والخبرة والمصداقية السياسية في إطار رؤية سياسية تنأى بمواقع صنع القرار الحكومي عن الارتهان لسطوة أي حزب وبعيدا عن "منطق المحاصصة". يأتي ذلك في وقت قال فيه راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية الجمعة 11 ديسمبر الحالي إن الحركة “ستستمر كجزء من الائتلاف الحاكم” فيما يقول سياسيون إن مستقبل الائتلاف الهش بين العلمانيين والإسلاميين بات بين فكي الحكومة المرتقبة التي يتطلع التونسيون إلى أن تعكس تركيبتها تعددية المشهد السياسي فكريا وسياسيا.
وتجمع القوى السياسية والمدنية التونسية على أن المرحلة الدقيقة والحرجة التي تشهدها تونس تستوجب تركيبة حكومية قوية ومتضامنة وأكثر انفتاحا على الخارطة السياسية لا فقط على الأحزاب المعارضة وإنما أيضا على عدد من الشخصيات السياسية التي تحظى بالمصداقية وعلى كفاءات من التكنوقراط متخصصة في مجالاتها وتحظى بأكثر ما يمكن من التأييد السياسي والشعبي. وتقول تسريبات سياسية إن الحبيب الصيد بصدد إنهاء اللمسات الأخيرة على تركيبة حكومة تضم ممثلين عن عدد من الأحزاب وشخصيات سياسية متمرّسة على إدارة الشأن العام وكفاءات متخصصة بعيدا عن منطق “المحاصصة” الذي كثيرا ما وقف وراء تدني أداء الحكومة الحالية وقريبا من “حكومة إنقاذ وطني” تحشد مختلف القوى في إطار خارطة طريق تكون كفيلة بمواجهة الملفات الكبرى وفي مقدمتها الملفات التنموية والأمنية.
وترجع اتجاهات الرأي العام في تونس هشاشة الأوضاع العامة في البلاد إلى هشاشة أداء الائتلاف الحاكم خاصة بين العلمانيين والإسلاميين حتى أن العديد من المحللين السياسيين لا يرون في الحكومة الحالية ائتلافا بالمعنى السياسي بقدر ما هي “حكومة تشاركية” تشقها خلافات عميقة وجذرية. ويشدد المحللون السياسيون على أن مرد تلك الخلافات هو التناقض الصارخ لا فقط بشأن الخلفيات الأيديولوجية بل أيضا بشأن رؤية كل حزب في التعاطي مع البرامج التنموية والسياسية التي تكون كفيلة بإطلاق إصلاحات هيكلية تنضوي في إطار مشروع وطني تنموي وسياسي طموح ويحظى بالتأييد السياسي والشعبي.
وعمقت الأزمات المتتالية فضلا عن ضعف أداء الحكومة إلى تدني ثقة التونسيين في الأحزاب لتصل إلى 29 بالمئة مقابل ارتفاع ثقتهم في مؤسسات الدولة وأجهزتها إلى أكثر من 78 في المئة، وفق أحدث عملية سبر للآراء أجرتها مؤسسة “سيغما كونساي”. وبحسب دوائر مقربة من مواقع صنع القرار سيشكل الحبيب الصيد تركيبة الحكومة المرتقبة بناء على قراءة سياسية لتجربة الائتلاف الحاكم وما شقها من خلافات جوهرية التي بلغت حد التنصل من مسؤوليتها في توفير الإسناد السياسي الكافي طيلة ثمانية أشهر مند تركيز الحكومة.
وبدا الحبيب خلال تجربة الائتلاف الحاكم وكأنه يقود وحيدا حكومة مجردة من أي رؤية سياسية موحدة قادرة على تحسس المخاطر الاقتصادية والاجتماعية والأمنية المطروحة التي تستوجب خارطة طريق مؤسسة على إرادة سياسية قوية قادرة على اتخاذ قرارات جريئة بعيدا عن سياسة اليد المرتعشة. وعلى الرغم من التقارب السياسي البراغماتي بين النداء العلماني والنهضة الإسلامية خلال الأشهر الأخيرة، فقد بدا الحزبان الكبيران اللذان يستحوذان على أغلبية البرلمان وكأنهما يرممان هوة سياسية بينهما من المستحيل ردمها. ويرى محللون سياسيون أن ذلك “التقارب” “ظاهرة إعلامية” تخفي في طياتها تباعدا سياسيا بين حزب علماني ينهل أفكاره من المشروع الوطني الحداثي الذي أطلقته دولة الاستقلال مند العام 1956 وبين حركة إسلامية تنهل من مرجعيات معادية لأي مشروع علماني. ولم يؤد التقارب بين النداء والنهضة سوى إلى تعميق حالة الاستقطاب السياسي في وقت تحتاج فيه الخارطة الحزبية في البلاد إلى تركيز التوازن السياسي لا سيما مع الأحزاب الائتلافية الأخرى.
وتقول دوائر مقربة من مواقع صنع القرار إن التركيبة المرتقبة للحكومة تشكلت بناء على قراءة سياسية واضحة لتجربة الائتلاف الحاكم والوقوف عند مختلف نقاط ضعفها، فضلا عن دراستها وتشخيصها لمختلف الأزمات الداخلية التي تعصف بالأحزاب بصفة خاصة والبلاد عموما وعلى أكثر من صعيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق