الخميس، 3 ديسمبر 2015

الارهاب_حرب الرايات تحتدم بين أمراء الإرهاب في أفريقيا

محاولة تنظيم الدولة الإسلامية اختراق العمق الأفريقي، حيث تتركّز أبرز التنظيمات الجهادية وما بقي من تنظيم القاعدة الرئيسي، تهدّد بمضاعفة أزمات المنطقة، خاصة بعد أن فشلت "دبلوماسية الولاء والبيعة" التي يتّبعها داعش في استقطاب التنظيمات الجهادية الأخرى ورفد صفوفه بعناصرها. وتتجسّد ملامح هذا الصراع واضحة في التصريحات التي أطلقتها في الفترة الأخيرة قيادات حركة الشباب الصومالية محذّرة "خيار الحرب سيكون ضد من يخدم مصلحتنا".
العرب اللندنية: يشعر تنظيم الدولة الإسلامية أن خارطة تمدّده مازالت ناقصة وأن "دولة الخلافة" التي يزعم تكوينها لن تتم إلا بتركيز وجوده في أفريقيا، أرض ميعاد التنظيمات الجهادية وملجئها الرئيسي. وخلافا للعراق وسوريا، وحتى ليبيا، التي كانت ساحات خالية تنهكها الطائفية والفوضى والحرب الأهلية، ما يزال عصيّا على داعش التوغّل في الداخل الأفريقي حيث تتركّز تنظيمات سبقته في الظهور وخلقت لنفسها تواجدا لن يكون من السهل اختراقه. ويرتكز تنظيم الدولة الإسلامية في تحقيق تمدّده على سياسة البيعة والولاء ومحاولة تأسيس علاقات قوية مع التنظيمات الأفريقية بهدف تكوين تحالفات تخدم جهوده من أجل الانتشار.
لكن الخبراء يرون أن العمق الأفريقي لا يزال عصيّا على خلافة البغدادي، والدليل على ذلك التحذيرات التي أطلقها قياديون في حركة الشباب الصومالية من أجل حماية الصف الداخلي ومواجهة كل من يعمل على تمزيقه. تعزز هذه التحذيرات المخاوف من ظهور عناصر موالية لتنظيم داعش، خاصة أن قياديا سابقا من حركة الشباب، شرق الصومال، سبق وأن أعلن الولاء والبيعة لأبي بكر البغدادي. كما أثار مقتل قيادي من حركة الشباب، أعلن ولاءه لتنظيم الدولة الإسلامية مع عدد من رفاقه جنوب الصومال، مخاوف من ظهور خلايا تتبنى فكر داعش.
ويوضّح عبدالرحمن سهل، مدير مركز الإرشاد للحوار الفكري (مستقل)، أن أفكار تنظيم داعش كانت موجودة أصلا في الساحة الصومالية قبل اغتيال زعيم الحركة أحمد عبدي غودني، الذي كان يتبنى سياسة القبضة الحديدية لإدارة مجريات حركته ومنع تسريب هذه الأفكار إلى عناصره وقياداته الميدانية. ويضيف أن سياسة غودني كانت تعتمد حرصه على وحدة الحركة، مشيرا إلى أنه وبالرغم من الانشقاقات التي شهدتها الحركة في عهده وأدت إلى اغتيال قيادات بارزة كانت تعارض بعض أفكار الحركة، إلا أنه نجح في منع تسرب أفكار جديدة كفكر تنظيم داعش إلى عناصره.
وحول التحذيرات المتكررة من تقسيم صف الحركة من قبل قيادات حركة الشباب، قال مدير مركز الإرشاد للحوار الفكري، إن هذه التحذيرات قد تنبئ بوجود قيادات ميدانية داخل الحركة، أو عناصر مؤثرة محبطة من الخسائر المتلاحقة في ميادين المعركة، تأثروا بأفكار داعش ويرون أن انضمامهم إلى هذا التنظيم يعني الانتقال من الجهاد المحلي إلى الجهاد العالمي. وكان إعلان الشيخ عبدالقادر مؤمن في 22 أكتوبر الماضي عن مبايعته لأبي بكر البغدادي زعيم داعش، بمثابة سهم في صدر الحركة، وأظهر انشقاقا كبيرا في صفها، رغم أنها كانت حريصة على عهدها وولائها لتنظيم القاعدة في ظل توسع داعش في بعض الدول العربية والبحث عن موطئ قدم له في الصومال.
ويتفق المحلل السياسي عبدالقادر محمد مع عبدالرحمن سهل، على أن حركة الشباب كانت تعاني في السنوات الماضية موجة انشقاقات شملت كبار قادتها على غرار الشيخ مختار ربو أبومنصور، الذي انشق عن الحركة مع المئات من المقاتلين في إقليم جوبا السفلى، مشيرا إلى أن هذه الانشقاقات قد تمهد الطريق لاستقطاب داعش لمزيد من قيادات الحركة كانوا بحاجة إلى التمويل ومصادر اقتصادية بعد خسارتهم مدنا رئيسية أمام القوات الحكومية.
وبالرغم من منع عناصر الحركة من مشاهدة مقاطع الفيديوهات التي يعرضها داعش عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن التنظيم الذي يعتمد على الحملات الدعائية عبر منصات الإنترنت له تأثيره داخل حركة الشباب، وهو ما سيؤمن عددا كبيرا من المقاتلين الأجانب الذين يواجهون تهديدات أمنية بعد مقتل زميلهم إبراهيم أفغان، الرجل الثاني للحركة بعد اختلافه مع الزعيم الراحل أحمد عبدي غودني. وحذرت حركة الشباب، على لسان ناطقها الرسمي شيخ علي طيري، في مناسبات مختلفة نقلتها وسائل الإعلام المحسوبة عليها، من تقسيم "صف المجاهدين" أو تبني أفكار جديدة غير فكرها، ملوّحة بالسيف لمن انشق عن جسد الحركة وتبنى أفكارا أخرى.
ودعا والي ولاية شبيلي السفلى، شيخ محمود أبوعبدالله، في تسجيل صوتي نشره موقع صومال ميمو "المجاهدين" إلى توحيد صفهم، محذرا في الوقت نفسه ممن يسعون إلى تقسيم صف الحركة أيا كانت أفكاره، وأنهم لن يقبلوا أفكارا جديدة، تحت طائلة “خيار الحرب ضد من يخدم مصلحة غيرنا”، بحسب أبوعبدالله. توقع عبدالرحمن سهل دخول الصومال ودول القرن الأفريقي مرحلة جديدة من الصراع ضد الحركات المتشددة، كما ستشهد صراعا بين تنظيم القاعدة الذي يسعى إلى استعادة نفوذه وداعش الذي أخذ يعبر القارات لفرض هيمنته.
وحول الأفكار المتناقضة بين مقاتلي الشباب وداعش، قال سهل إنه في حال إعلان داعش فرعه في الصومال رسميا ستكون المواجهة بين الجانبين حتمية، مرجحا أن تنظيم الدولة الإسلامية سيعزز نفوذه في المنطقة نتيجة تمتعه بإمكانيات هائلة عكس حركة الشباب التي تعاني من ضعف عسكري واقتصادي. ويرى المحلل الأمني عبدالقادر هاجري أن نجم حركة الشباب أخذ يسقط رويدا رويدا بعد الانشقاقات، وأن ظهور أفكار تنظيم الدولة الإسلامية في المرحلة الراهنة قد يضعف كذلك صمودها لفترة طويلة لما تعاني من مشاكل اقتصادية وخسائر فادحة في الميادين. وأردف قائلا إن بوصلة الصراع الصومالي قد تتخذ مسارا جديدا أشد فتكا من سابقه في حال نشوب صراع بين القاعدة وتنظيم داعش، ما يعني أنه سيعمق الأزمة الصومالية التي شارفت على الانتهاء نتيجة العمليات العسكرية من قبل القوات الحكومية والقوات الأفريقية "أميصوم".
وتواجه الحكومة الصومالية حاليا عدة تحديات أبرزها الملف الأمني، وستكون المرحلة المقبلة مليئة بالتطورات الأمنية والتي ستشكل تحديا جديدا أمام حكومة مقديشو والمجتمع الدولي الذي يدعم الصومال في حربه ضد الإرهاب. وشهد إقليم جوبا السفلي (جنوب الصومال) في نوفمبر الماضي مواجهات عنيفة بين مقاتلي حركة الشباب وموالين لتنظيم داعش، ما أدى إلى مقتل 7 أشخاص بين الجانبين بينهم شيخ حسن عبدي جيدي القائد الميداني للمجموعة الموالية لداعش، وهو قائد كبير سابق في حركة الشباب. وتتحدث تقارير عن سيطرة الموالين لداعش على بلدات جنوب الصومال، فضلا عن الجماعة الموجودة في جبال غال غالا، شمال شرق البلاد، التي أعلنت مبايعتها لداعش غير أنه لا يعرف بالضبط عدد المقاتلين فيها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق