الخميس، 5 نوفمبر 2015

ثقافة_الترجمة جسر عبور نحو الآخر والحوار معه

وكالات: أقيم في الشارقة يومي 2 و3 نوفمبر الجاري مؤتمر الناشرين العرب الثالث 2015، تحت عنوان "صناعة النشر: آفاق وتحديات العصر الرقمي" بالتعاون مع جمعية الناشرين الإماراتيين وبرعاية هيئة الشارقة للكتاب. وقد تناول المؤتمر في عدد من الجلسات الحوارية عدّة قضايا من بينها حماية حقوق الملكية الفكرية، والتوزيع والبيع الإلكتروني، وتأثير مواقع التواصل الاجتماعي في النشر، وتطور وسائل التعليم الحديثة وعلاقتها بقطاع النشر والتسويق الإلكتروني. وجاءت مساهمة علي بن تميم، مدير إدارة البرامج في دار الكتب الوطنية التابعة لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، بمداخلة حول "الترجمة واللغة العربية" والتي تحدث فيها عن أهمية الترجمة باعتبارها لونا من حوار الذات مع الآخر، فالترجمة نافذة تطل منها الأمة على ثقافة الأمم الأخرى وحضارتها، وتكون عاملا مساعدا في التحولات الثقافية والفكرية، وفي إثراء اللغة الأمّ وفي رفدها بمصطلحات جديدة.
وأشار بن تميم إلى أن حركة الترجمة استطاعت أن تحدث نهضة في أوروبا، لم تستطع أن تفعل شبيها لها في العالم العربي المعاصر، لكنها استطاعت أن تصنع لدينا تحولات معرفية مهمة، علينا اليوم أن نعززها وأن نوسع من تأثيرها، وخاصة أننا نواجه حركات متطرفة تقوم على الانغلاق وتدعو إليه، وتحارب الحوار بين الحضارات وتدعو إلى القتل والخراب وتقود إلى الانحطاط. كما تحدث عن مشروعات الترجمة، موضحا بأن "بيت الحكمة" يمثّل تاريخيا مشروع الترجمة الأول في الحضارة العربية، وما كان لهذا المشروع أن ينجح لولا أن تبناه هارون الرشيد ووسعه المأمون ليصبح أكاديمية بالمعنى الدقيق تشتمل على فضاءات للقراءة والتأليف والترجمة. أما في العصر الحديث فقد أمر محمد علي بإنشاء مدرسة الترجمة عام 1835، والتي عرفت في ما بعد بمدرسة الألسن كمدرسة عليا متخصصة في تدريس اللغات الأوروبية، وقام بإدارة المدرسة رفاعة الطهطاوي.
وأوضح بن تميم أن مشروعات الترجمة الفاعلة والناجحة في العالم العربي كانت مشروعات دولة، ولعل من يتتبعها في مصر، مثلا، يرى أن هذه المشروعات مثل مشروع الألف كتاب الأول الذي ظهر في مطلع الخمسينات، والثاني الذي ظهر عام 1986، والمشروع القومي للترجمة، كلها كانت مشروعات دولة على صعيدي التمويل والنشر. وقد استطاعت هذه المشروعات وغيرها في مغرب الوطن العربي أن تؤدّي دورا ثقافيا مهمّا.
واختتم علي بن تميم مداخلته بالتحدث عن مشروعات الترجمة التي ظهرت في دولة الإمارات العربية المتحدة (أبو ظبي، دبي، الشارقة) والتي شكلت قفزة نوعية في هذا المجال، واستطاعت أن تنتقل بالترجمة إلى آفاق جديدة اشتملت على الأفق المعرفي لكونها تصدر عن أفق معرفي واسع يرفض أن يكون أسيرا لوعي مزيف، فضلا عن كونها مشروعات غير ربحية، ويأتي في مقدمتها مشروع “كلمة” التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة الذي حرص على التنوع الخلاق والمزج بين المعارف المتعددة والمستويات المختلفة، واهتم بجودة الكتاب فالكتب الصادرة عنه تتميز بأغلفة جميلة وإخراج فني متميز. كما كان له دور ملجوظاً في زيادة عدد المؤهلين المقبلين على مهنة الترجمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق