الأربعاء، 18 نوفمبر 2015

داعش_سياسات محاربة الإرهاب في العالم: إهمال البراكين الكامنة

العرب اللندنيةحذر جون برينان مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية من أن الهجمات على باريس ليست "عملا لمرة واحدة" مشيرا إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية ربما يحضر بالفعل لتنفيذ عمليات مماثلة. وقال برينان في خطاب أمام منتدى لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "أتوقع ألا تكون هذه هي العملية الوحيدة التي في جعبة داعش"، وأضاف "إن أجهزة المخابرات الأمنية تعمل بشكل محموم في أوروبا وغيرها من الأماكن لترى ماذا يمكنها أن تفعل للكشف عنها".
هذا التصريح أحال العديد من المراقبين إلى التفكير في مصدر هذه الهجمات المحتملة، التي يمكن أن تكون قادمة من بقاع أخرى في العالم تعشش فيها الجماعات الإرهابية في مناخ يسمح لها بالوصول إلى عمق أوروبا وعواصمها والقيام بهجمات إرهابية. وحتى وإن لم تكن هذه الهجمات ستحدث قريبا، إلا أن إرهابيي الإسلام الحركي المسلح سوف يقومون بها في المدى المتوسط والبعيد. ففي ليبيا فقط، شكل تنظيم داعش الإرهابي معاقل له حول مدن درنة شرقي البلاد، وسرت الواقعة في غربها. وهذه المعاقل هي عبارة عن جيوب إرهابية ظهرت إبان سقوط نظام الرئيس السابق معمّر القذافي سنة 2011، وتسبّبت في اندلاع معارك دامية بين المجموعات المسلحة المتناحرة، ولا زالت حتى اليوم تشكل تهديدا تجاوز الداخل الليبي إلى دول الجوار والسواحل الجنوبية لأوروبا.
ويكمن الخطر بالأساس، في إمكانية قيام أفراد من المتطرفين بتزوير جوازات سفر ووثائق رسمية للهوية وغيرها للتسلل إلى أوروبا، مستغلين موجات هجرة غير شرعية ربما تكون الأداة لإدخال أسلحة ومتفجرات إلى الداخل عبر إيطاليا أو اليونان أو حتى جنوب فرنسا. فليبيا الآن منقسمة فعلا إلى حكومتين إحداهما إسلامية ومتحالفة مع تنظيم داعش وتتعامل معه على أنه جيب إسناد يتم تفعيله كلما اشتدت المعارك مع الجيش الوطني. وبحسب تقديرات بعض المراقبين في ليبيا، فإنّ مدينة سرت تخضع، منذ يناير، لسيطرة داعش بشكل تام، وتضم منذ ذلك الحين بضعة آلاف من المقاتلين.
أما ما يسمى "ولاية سيناء" التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية في مصر، فبعد أن تمكن حسب تحقيقات أولية من إسقاط طائرة روسية أقلعت من مطار شرم الشيخ مؤخرا، فقد أصبح من المحتمل أن يكون هذا التنظيم قد تعاظم وانتشر في مفاصل حساسة من الدولة، مثل المطارات والموانئ وهذا ما يزيد من احتمال تسريبه لبعض عناصره خارج مصر، وأساسا نحو أوروبا. وبالنسبة إلى الطوق الجنوبي لأوروبا والذي تفصله عنها العشرات من الكيلومترات البحرية للبحر الأبيض المتوسط، فيمثل تهديدا استراتيجيا للأمن الأوروبي إذا لم يعالج بتنسيق مع حكوماته، والقصد هنا دول المغرب العربي. فبعد أن تم القبض على أحد المورطين في هجمات متحف باردو في تونس التي حصلت في مارس الماضي في إيطاليا، تأكد لدى الأجهزة الأمنية أن تسرب الإرهاب ليس فقط من بين جحافل اللاجئين القادمين من الشرق الأوسط، وإنما من المهاجرين غير الشرعيين من دول شمال أفريقيا.
فجند الخلافة في أرض الجزائر مثلا، وهي جماعة مسلحة ناشطة في منطقة القبائل الجزائرية، والتي انشقت في سبتمبر من سنة 2014 عن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي أعلنت ولاءها لداعش بهدف إقامة "ولاية الجزائر الإسلامية" وقد حصلت أجهزة الأمن الفرنسية مؤخرا على اعترافات تؤكد قدوم أحد المشاركين في هجمات محمد مراح في تولوز من معسكر تدريبي لجماعة جند الخلافة في جنوب الجزائر. هذا الطوق الجغرافي البعيد عن محط أنظار جميع الأجهزة (سوريا) يمثل المنبع الثاني للجهاديين الذين يستهدفون اختراق أوروبا. وقد أكد الجنرال الإيطالي باولو سيرا الذي كلفته الأمم المتحدة مؤخرا بحفظ الأمن في ليبيا أن "السلطات الإيطالية تقوم بشكل مستمر بالإعلان عن اعتقالها لإرهابيين قادمين من تونس وليبيا والجزائر والمغرب، بمن فيهم الخبير في المتفجرات التونسي مهدي بن نصر الذي اعتقل الأسبوع الماضي في إيطاليا بعد أن ادعى أن اسمه محمد بن ناصر"
وأضاف الجنرال "لقد ألمح مهدي بن نصر في التحقيقات إلى إمكانية أن يكون هو المسؤول عن تركيب المتفجرات التي سوف تستعمل في هجمات باريس الأخيرة". وتؤكد تقارير أمنية صادرة عن أجهزة فرنسية، أن أغلبية الذين نفذوا الهجمات في فرنسا وبلجيكا وألمانيا في السنوات الأخيرة أغلبهم من دول شمال أفريقيا وأساسا المغرب العربي، وهي المنطقة التي يتمكن خلالها الجهاديون من تعلم اللغات الأوروبية كالفرنسية والإيطالية والأسبانية والألمانية، أو أن يكونوا أبناء مهاجرين من الجيل الأول والثاني القادمين من تونس والجزائر والمغرب بالأساس. وفي جانب آخر، فإن القادمين من سوريا للقيام بعمليات إرهابية فإن أغلبهم أيضا من أصـول مغاربية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق