الأربعاء، 25 نوفمبر 2015

ليبيا_الجزائر أمام ضغوط دولية تدفع باتجاه تدخل عسكري في ليبيا

ترفض الجزائر التدخل العسكري في ليبيا من أجل دحر التنظيمات المتشددة رغم ضغوط بعض الدول الأوروبية للتدخل في ليبيا وخاصة فرنسا التي تسعى إلى الدفع بحرب دولية ضد داعش خارج حدود أوروبا.
العرب اللندنية: رفض مصدر أمني مسؤول في الجزائر، ربط الترتيبات الأمنية الأخيرة بأحداث باريس، أو بطلبات السفارة الفرنسية في الجزائر، وموظفيها في سياق الآليات الأمنية التي دأبت السلطات المختصة على تكييفها دوريا، مع مختلف التطورات الإقليمية والدولية، ومع تحركات الجماعات التكفيرية في مجالات التجنيد والتموين والأعمال الميدانية. وأفاد محمد كمال رزاق بارة مستشار الرئاسة الجزائرية لـ"العرب"، بأن سياسة الجزائر واضحة في مجال مكافحة الإرهاب، وهي ترافع دائما لصالح مقاربة شاملة تقوم على حرب ضد الإرهاب تشمل جذوره السياسية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية.
وأضاف بارة قوله "الجزائر ترفض أداء دور دركي (تدخل عسكري) في المنطقة، من أجل تنفيذ أجندات خارجية، وأحداث فرنسا الأخيرة، أكدت أن المجموعة الدولية مطالبة بالتعاون والتكاتف ضد الإرهاب، ورصد رؤية متبصرة لعزل الظاهرة عن التوظيفات المشبوهة". وأطلقت السلطات الأمنية الجزائرية مؤخرا، فرقا حديثة للشرطة في أكبر الساحات والشوارع الكبرى في العاصمة، ويتعلق الأمر بـ"فرق البحث والتدخل"، المدججة بأسلحة وسيارات حديثة، والتي انتشرت بشكل لافت في العاصمة، وأثارت انتباه الرأي العام نظير تزامنها مع أحداث باريس من جهة، ومع الجدل القائم في البلاد حول هيكلة مصالح الجيش والأمن من جهة أخرى.
وكان السفير الفرنسي في الجزائر بيرناري إيمي، قد طلب من السلطات الجزائرية خلال 48 ساعة التي أعقبت الأحداث تكثيف الحراسة والمراقبة الأمنية حول المصالح والمواقع الفرنسية في الجزائر، بسبب خشية سلطات باريس من تعرضها لأعمال إرهابية انتقامية تستهدف المصالح الفرنسية خارج حدودها من قبل التنظيمات المتطرفة. وقال السفير حينها "طلبت من السلطات الجزائرية تكثيف التدابير الأمنية حول المواقع والمصالح الفرنسية في مختلف ربوع الجزائر، خاصة ذات الأهمية القصوى كمبنى السفارة والقنصليات والمدارس والمعاهد التعليمية والمشروعات الاستثمارية، في ظل معطيات تفيد بإمكانية استهداف التنظيمات الإرهابية تنظيم داعش للمصالح والمواقع الفرنسية، لا سيما تلك التي تحمل رمزية خاصة وبإمكانها تحقيق الصدى الإعلامي الذي تبحث عنه التنظيمات الجهادية".
وسبق للسلطات الجزائرية أن أصدرت قانونين، الأول يشدد الرقابة على سفر الأشخاص المشبوهين أمنيا للخارج، لتجفيف منابع التجنيد والتعبئة في صفوف المجموعات المتشددة، والثاني يضع شبكات التواصل الاجتماعي تحت رقابة هيئة حكومية، تتابع حملات التعبئة والدعم للتنظيمات التكفيرية في الفضاءات المذكورة.
وفيما انتقد معارضون سياسيون خطوة الحكومة، واعتبروها خطوة للتضييق على حرية التعبير والحريات الفردية، وضعت رابطة علماء ودعاة دول الساحل، شبكات التواصل الاجتماعي على رأس وسائل بث أفكار التطرف والتكفير في أوساط الشباب، واعتبرها المنصة الأولى التي توظفها التنظيمات الجهادية لتعبئة ودعم صفوفها، بالملتحقين الجدد من دول الساحل الصحراوي.
وما زالت تركيا تشكل هاجسا أمنيا لدول شمال أفريقيا والجزائر تحديدا، لأنها تُعتبر ملاذا لتجميع المهاجرين من دول المنطقة، سواء بغرض الالتحاق بالجماعات الإرهابية، أو الهجرة السرية نحول دول أوروبا الغربية. وكشفت تحقيقات أمنية عن شبكات مختصة في التجنيد أو الهجرة السرية، تبدأ من الجزائر وتحط في تركيا، قبل أن يتم توزيعها في جبهات القتال، أو التسلل في صفوف المهاجرين السوريين للفوز بصفة "لاجئ".
ويتساءل مراقبون في الجزائر عن مدى صمود الجزائر في وجه القوى الإقليمية الضاغطة، لأجل تنفيذ تدخل عسكري في ليبيا لضرب المجموعات المتطرفة، خاصة في ظل التصريحات التي أدلى بها وزير الدفاع الفرنسي جون إيف لودريان أول أمس، حول ضرورة توصل دول جوار ليبيا لحل ينهي تغول تنظيم داعش. وتحتضن الجزائر نهاية شهر ديسمبر القادم، اجتماعا لدول الجوار الليبي، ويضم كل من تونس، مصر، السودان، تشاد، وتحت إشراف أممي، بهدف دعم العملية السياسية في البلاد، ودفع الأطراف الليبية المتصارعة لسن خريطة طريق تنهي مسلسل الأزمة، ولم تحمل تصريحات وزير الشؤون المغاربية والأفريقية والجامعة العربية عبدالقادر مساهل حول الموعد، أي إشارات لخطة أمنية لمحاربة داعش في ليبيا.
وتشهد الجزائر استقرارا أمنيا لافتا خلال الأشهر الأخيرة، حيث لم تسجل أي عملية إرهابية منذ شهر 20 يوليو الماضي، لما تم استهداف دورية للجيش الجزائري بمحافظة عين الدفلى (120 كلم غربي العاصمة)، وراح ضحيتها تسعة عسكريين إلى جانب عدد من المصابين، وهي العملية التي تبناها آنذاك تنظيم القاعدة، وأثارت جدلا في الأوساط السياسية والإعلامية لتزامنها مع عيد الفطر، ومع سلسلة التغييرات التي أجراها بوتفليقة على المؤسستين العسكرية والاستخباراتية.
وبالمقابل ما زالت حالة الخوف تهيمن على أوساط الجالية الجزائرية في فرنسا، نتيجة ردود فعل الشارع الفرنسي المتتالية ضد المهاجرين، خاصة من قبل التيارات اليمينية والمتطرفة، وتصاعد الممارسات العنصرية كتلك التي ظهر فيها فرنسيون يحرقون الرايات الوطنية لدول من شمال أفريقيا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق