الأربعاء، 14 أكتوبر 2015

فلسطين_'انتفاضة السكاكين' تعري الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية

العرب اللندنية: تتسع رقعة المواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وسط تحركات دولية وعربية حثيثة لمنع انزلاقها إلى مستوى يصعب احتواؤه، خاصة في هذا الظرف الدقيق التي تمر به المنطقة. وقد تركزت المواجهات أو "انتفاضة السكاكين" التي انطلقت منذ نحو أسبوعين، بداية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، لتتمدد ويصل مداها إلى قطاع غزة والقدس الغربية وحتى العمق الإسرائيلي. ويستخدم الفلسطينيون في مواجهتهم مع الإسرائيليين كل أنواع السكاكين المتوفرة لديهم من سكين المطبخ إلى الخنجر، ما يجعل هذا "السلاح الأبيض" ذا تأثير نفسي قوي جدا، فيما لم تخلف هذه العمليات سوى ثلاثة قتلى أسرائيليين خلال اسبوعين. وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، مساء الثلاثاء، أن إسرائيل ستستخدم "كل الوسائل" الممكنة لمواجهة "العنف" وعن اتخاذ "تدابير قوية" لوقف التصعيد. وتنتشر صور الأدوات التي استخدمها فلسطينيون في الهجمات من سكين مطبخ ومفك ومقشرة خضار عبر وسائل التواصل الاجتماعي لدى الفلسطينيين والإسرائيليين.
ويقول البروفسور الإسرائيلي شاؤول كيمحي إن السكين "أداة تستعمل كل يوم ومتوفرة لدى الجميع ولا تتطلب تدريبا ويمكن إخفاؤها بسهولة". وأضاف أستاذ علم النفس أن "الهجوم بالسكين لا يهدف مبدئيا إلى القتل بل إلى التخويف وتم تحقيق الهدف، فالإسرائيليون يشعرون بالخطر حتى ولو لم يكن متناسبا مع مستوى التهديد". فبينما يطور الإسرائيليون وسائل لصد الهجمات مثل منظومة القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ كانت عمليات الطعن مفاجئة لهم. ونفذ فلسطينيون أكثر من عشرين عملية طعن ضد إسرائيليين منذ الثالث من أكتوبر الماضي. وقالت ميري إيسين وهي كولونيل سابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "إننا نتعامل مع أفراد يستخدمون أبسط أسلحة الإرهاب ولا يمكننا مطاردة حاملي السكاكين، ولذلك ليس هناك رد أمني على هذه الأزمة".
ويرى محللون وأخصائيون في علم النفس أن تصاعد وتيرة استخدام الآلات الحادة يعكس مدى الاحتقان الذي يعانيه المواطن الفلسطيني. ويقول المحللون إن هذا الاحتقان، وإن تركز الحديث في دوافعه على سعي الحكومة الإسرائيلية لتهويد المسجد الأقصى، عبر تقسيمه زمانيا ومكانيا، واستمرار التضييق على الفلسطينيين، إلا أن هناك دوافع ومسببات أخرى غير مباشرة أدت بهذا الاحتقان إلى “الانفجار”. ويعتبر هؤلاء أن ما تشهده الأراضي الفلسطينية لا يمكن فصله عن الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي المتردي الذي يقبع تحته الفلسطينيون. ويضيف هؤلاء أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية في ما يحصل اليوم من خلال انغماسه في ضرب القيادات الوطنية الفلسطينية وإقصاء كل نفس غير داعم له، وعلى سبيل الذكر هنا لا الحصر رئيس الوزراء الأسبق سلام فياض، والقيادي الفتحاوي محمد دحلان.
ويقول البعض إنه كان الأجدر بعباس ممارسة ضغوط جدية على الجانب الإسرائيلي للوصول إلى تسوية للصراع والعمل على تحسين الوضعية الاجتماعية للمواطن الفلسطيني، ومحاربة مظاهر الفساد التي تفشت في مؤسسات السلطة، وإبعاد المعاملات الاقتصادية والاجتماعية عن الخلافات السياسية. ولدحلان وفياض إسهام كبير في دعم الدورة الاقتصادية بالأراضي الفلسطينية من خلال بعثهما لمشاريع استثمارية هامة وفرت اليد العاملة لآلاف الفلسطيين في الضفة والقدس، فضلا عن فتح مؤسسات تمويلية للفلسطينيين، إلا أن الرئيس عباس وفي إطار الصراع على النفوذ والرغبة في المسك بزمام السلطة ضرب هذه المشاريع للي ذراع أصحابها ولعل من بينها نذكر "مؤسسة الغد" التي يديرها سلام فياض، حيث قامت السلطة منذ فترة بالتحفظ على أموالها في خطوة اعتبرت تصعيدية ضد رئيس الوزراء الأسبق الذي يحظى بدعم غربي، والذي ينظر عباس إليه على أنه في الشق المقابل الذي يقوده محمد دحلان.
وجدير بالتذكير أن مؤسسة الغد كانت بصدد تمويل مشاريع بالقدس، ودعم البدو المهددين بالترحيل في الأغوار، وتأهيل الآبار الزراعية بالمنطقة التي يطلق عليها “ج”، قبل أن يتم التحفظ على أموالها. إن استهداف عباس لمؤسسات اقتصادية وانهماكه في تتبع ما يعتبرهم خصومه السياسيين وعدم توفيره لحلول اقتصادية ساهم بشكل كبير في تدني المعيشة في الأراضي الفلسطينية وهو ما انعكس على الوضع القائم اليوم. الدافع الثاني الذي أدى إلى هذا المنزلق الخطير التي تشهده الأراضي الفلسطينية هو انكباب بعض الفصائل الفلسطينية الرئيسة على غرار حركة حماس على صراعها مع السلطة، مع مواصلة الانخراط في المعارك الإقليمية ما دفع إلى انفلات الأمور في غزة. ويقول المتابعون إن الحركة تعمل اليوم على تصعيد الوضع في الضفة الغربية والقدس لمزيد إحراج السلطة التي تجد نفسها اليوم في وضع لا يحسد عليه، فيما تتجه لتهدئة الأوضاع بالقطاع، خشية انهيار مفاوضاتها السرية مع الجانب الإسرائيلي حول قيام هدنة طويلة الأمد في غزة (15 سنة). وليس الفلسطينيون والإسرائيليون وحدهم المتسببين في اتخاذ الأمور هذا المنحى، فهناك العامل الإقليمي الذي لا يمكن تحييده.
ويعتبر كثر أن انغماس عدد من الدول المحورية في المنطقة في صراعاتها الداخلية، وانشغال دول أخرى في تجنيب نفسها تداعيات أزمات الجوار، جعلها تبتعد عن الملف الفلسطيني وتترك الفلسطينيين لمصيرهم. وأمس طالبت دولة الإمارات العربية المتحدة وزراء الخارجية العرب بعقد اجتماع طارئ لبحث التطورات في الأراضي الفلسطينية. وقد أيد مجلس جماعة الدول العربية، هذه الدعوة، مع التأكيد على وقوف المجلس مع الشعب الفلسطيني، ومطالبة مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات العاجلة والكفيلة بوقف اقتحامات المسؤولين الإسرائيليين للمسجد الأقصى تحت حماية ورعاية جيش وحكومة الاحتلال وإلغاء الخطط الإسرائيلية غير القانونية التي تهدف إلى تغيير الوضع القائم في المسجد وتقسيمه زمانيا ومكانيا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق