الأربعاء، 2 سبتمبر 2015

لبيبا_المشهد السياسي_خاص| محمد خليل الزروق: حوار الليبيين وجها لوجه دون وسيط أفضل

عضو المؤتمر المستقيل محمد خليل الزروق في حوار خاص مع ليبيا المستقبل:

-رفض حكم المحكمة هو من عمق الأزمة وليس عودة المؤتمر
- الاتفاق أهم من تشكيل حكومة توافقية
-حوار الليبيين وجها لوجه دون وسيط أفضل وأجدى
-جبريل وتياره أول من رفضوا الحوار أو الحل السلمي


ليبيا المستقبل- حوار- علاء فاروق: كشف عضو المؤتمر المستقيل محمد خليل الزروق عن بعض أسرار المرحلة التي قضاها كعضو مؤتمر والتي انتهت باستقالته من منصبه وعودته لوظيفته الأولى في التعليم، ووصف المرحلة باختصار بأنه كان هناك عمل سلمي سياسي لتأسيس جديد للدولة الليبية تعتريه عثرات وإخفاقات متوقعة بسبب الإرث الثقيل، فجاء العمل الاستخباراتي والإعلامي والعسكري والتدخلات الخارجية لتلغي كل ذلك، واعتبر اخفاقات المؤتمر أهون بكثير مما فيه البلاد حاليا.
كما أكد الزروق في حوار خاص ومطول مع "ليبيا المستقبل" أنه استقال أيضا من حزب العدالة والبناء وأنه لايشجع وجود وسيط دولي في الحوار القائم الان، مؤكدا أن الاتفاق اولا بين الفرقاء أهم من تشكيل حكومة ستصطدم بملفات تعجيزية مثل الملف العسكري والاقتصادي..... وإلى نص الحوار:


-نبدأ معك من قصة الاستقالة؟ ولماذا لم تتراجع عن هذا القرار في ظل عودة المؤتمر للمشهد؟

ذكرت في مقالة منشورة على صفحتي أني نويت ترك العمل السياسي بعد أن ينقضي عمل المؤتمر وأن أعود إلى عملي، وهو التعليم، فلما استمر المؤتمر في عمله بعد انتخاب مجلس النواب يوم 26/6/2014 لم ألتحق به، للسبب المذكور، وكان الأمر حينها في الوضع القانوني للمؤتمر ولمجلس النواب محل جدل واسع واختلاف، ورأيي فيه كتبته وبينته (في مقالة: وقفات حول وضع مجلس النواب)، ثم جاء حكم المحكمة يوم 6/11/2014 فكان من المفترض أن يرفع الخلاف، ويحسم القضية، لأن المحاكم وسيلة متحضرة للفصل بين الناس عند اختلافهم في الحقوق، حينئذ كان لا بد لي للاستمرار في اعتزال المؤتمر من تقديم استقالة، لتسوية وضعي القانوني، وهذا ما حدث، فاستقالتي كانت بعد حكم المحكمة.

-وهل لهذه الاستقالة من تأثير على علاقتك بحزب العدالة والبناء أو جماعة الاخوان؟

لم يكن لي انتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين، وأما حزب العدالة والبناء فقد استقلت منه مبكرا، وذلك في تاريخ 13/9/2013، أي منذ سنتين.

-كتبت سلسلة مقالات عن بعض شخصيات داخل المؤتمر.. البعض رأى فيها بعض المجاملات أو المبالغة.. ما تعليقك؟

ليست مجاملة ولا مبالغة لأني تحدثت عن 15 شخصية من 200، فقد كان لي قصد إلى ذكر الوجه المشرق من أعضاء المؤتمر كما عرفتهم، وكنت صادقا في كل ما قلت عنهم، من ناحية ما أحمله في نفسي لهم، ومن ناحية الأوصاف التي وصفتهم بها، إذ ليس هناك ما يدعوني إلى مجاملتهم، وكانوا من اتجاهات وانتماءات مختلفة. وكان ذلك تكملة لمقالاتي في الشأن العام بين (2012 و2014) وقد ضمت في كتابي (أيام المؤتمر، نشر دار أروقة بعمان الأردن)، فبعد الحديث عن القضايا والأحداث، كان لا بد من الإشارة إلى الأعضاء، ولم يكن ممكنا الحديث عن الوجه المظلم من الأعضاء، لأسباب كثيرة، منها أن هذا أمر قد تكفلت به مواقع التواصل (أو التقاطع إن شئت)، ووسائل الإعلام الأخرى، بالحق وبالباطل.

-عودة المؤتمر بعد حكم المحكمة العليا.. ما تأثيره وتداعياته على المشهد العام في ليبيا؟

السؤال يجب أن يكون: رفض حكم المحكمة، ما تداعياته على المشهد الليبي، والجواب واضح، أنه عمق الأزمة، ووسع الحرب، وزاد المعاناة، بانقسام البلاد إلى حكومتين ومجلسين.

-العمليات العسكرية التي قام بها الجيش في المنطقة الشرقية وخاصة أنت من ابناء بنغازي.. ما تقييمك لها بكل شفافية؟

أحد وجوه الاختلاف تنازع وصف (الجيش)، فلنا تبعا للانقسام الحاصل رئاستان للأركان، ومدنيون كثيرون يشاركون في الحرب، وبطبيعة الحال كنت رافضا لإشعال الحرب، لأنه لا يخفى على عاقل أنها ستتحول إلى حرب أهلية لا يدري أحد متى تنتهي، ولا ما ستجر من ويلات، فالسلاح في كل بيت وشارع وحي ومدينة، وفي يد كل قبيلة ومنطقة وتوجه سياسي.

-البعض اعتبركم أنت كتيار اسلامي من تسببتم في تعقد المشهد بعد خسارتكم الفادحة في انتخابات البرلمان.. ما ردك؟

بغض النظر عن هذه التصنيفات التي لا يتسع المقام لمناقشتها، فإنه كان هناك حملة كبيرة تقول: إن المؤتمر ينتهي عمله في 7 فبراير 2014، وانقسم الليبيون حول هذه الدعوى قانونيا وسياسيا، وكُتب في ذلك شيء كثير وأدلى كل بحججه، وهنا اسمح لي بسرد حقائق حدثت بالفعل:
-الفريق الذي كان يرى أن المؤتمر لا ينتهي عمله في ذلك التاريخ:
- قبل بإلغاء المسار الأصلي وهو تسليم المؤتمر إلى جسم دائم بناء على دستور دائم، وقبل باستحداث مرحلة انتقالية ثالثة، وقبل بتشكيل لجنة أغلبها من خارج المؤتمر لاقتراح تعديل الإعلان الدستوري، وهي التي سميت لجنة فبراير، وقبل باستحداث منصب الرئيس قبل الدستور الدائم، وقبل بمقترح اللجنة برمته، إلا الانتخاب المباشر للرئيس، فتُرك للسلطة التشريعية القادمة، وقبل بتقريب موعد الانتخابات إلى يونيو بدلا من أغسطس، وفي سبيل ذلك أرجئ تطبيق قانون العزل على المرشحين إلى ما بعد الانتخابات، وتمسك بالانتخابات وحرص على إجرائها في موعدها، وقبل بمبادرة بعثة الأمم المتحدة للحوار على عهد المبعوث الأممي السابق طارق متري.
وفي مقابل ذلك:
1- أعلن حفتر الانقلاب تلفزيونيا في 14 فبراير، وأمهلت كتيبتا القعقاع والصواعق المؤتمر 5 ساعات لتسليم السلطة، وأعلن حفتر أنه سيلقي القبض على كل أعضاء المؤتمر وأعضاء الحكومة، ثم بدأت العملية العسكرية في بنغازي في 16 مايو وكان من آثارها شلل الحياة في ثاني أكبر المدن الليبية، ودمار المدينة، وآلاف القتلى والجرحى، وآلاف العائلات المهجرة، وفي 18 مايو اقتحمت القعقاع والصواعق مقر المؤتمر حيث مكاتب الرئاسة واللجان فيما يعرف بالقصور الرئاسية، وأحرقت أحدها، وسرقت قدرًا من الوثائق، واختطفت عضو المؤتمر مسعود عبيد عن سبها، وعومل معاملة مهينة، واختطفت عددًا من موظفي المؤتمر، وأعلن حفتر أن هذه الهجوم يتبع عملية "الكرامة"، وفي اليوم نفسه ليلاً خرج العقيد مختار فرنانة آمر الشرطة العسكرية في بيان متلفز أيضًا وأعلن تجميد عمل المؤتمر وقيام لجنة الستين بمهامه، وفي 21 مايو أعلن حفتر نفسَه رئيسًا لما سماه المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وأنه يكلف المجلس الأعلى للقضاء أن ينشئ مجلسًا لرئاسة الدولة، وفي 20 يوليو اختطفت تلك الكتائب عضوي المؤتمر المستشار سليمان زوبي عن بنغازي والدكتور فتحي العربي عن جنزور، وكان وجود رئيس الحكومة المؤقت عبد الله الثني في مناطق تعد ضمن نفوذ حفتر في الشرق تأييدًا ضمنيًّا، وأعلن محمود جبريل رئيس حزب تحالف القوى الوطنية وتياره رفض مباردة طارق متري للحوار في 12 مايو، وأعلن في 21 يونيو تأييده لعملية حفتر العسكرية، وكل ذلك جرى قبل انتخاب مجلس النواب، وقال طارق متري في لقاء صحفي في 12 يوليو أن الرفض كان بسبب أملهم في نجاح عملية الكرامة في قلب الموازين، أي في السيطرة العسكرية على الأوضاع، واستئصال الطرف الآخر بالقوة، وقالت منظمة العفو الدولية في تقرير مطول لها عن ليبيا صدر في 19/5/2015: إن العملية العسكرية التي أطلقها حفتر أدخلت البلاد في مزيد من الفوضى، وإن ائتلاف فجر ليبيا كان ردا عليها، ومن هذا السرد تعرف كيف بدأت الحرب.


-لم نر لك تعليقا متكاملا عن الحوار عبر صفحتك التى رأى البعض انها تحولت الى صفحة داعية وليس سياسي؟ جولات الحوار التي تجرى الآن.. ما موقفك منها وتقييمك لها؟

أظن أنه من الأجدى أن يلتقي الليبيون وجها لوجه ويطرحوا كل القضايا بوضوح، وجود الوساطة الدولية لم يسهل الأمر بل عقده، لأنها صارت قناة تمرر ما تشاء من المقترحات وتمنع ما تشاء، وتختار المتحاورين، وبعضهم لا صفة له، وتفرض المسودات، وتعين التواريخ، فإن كانت نيات الليبيين متجهة إلى الحل السلمي، فلتقف الحرب الآن، وليتواجه الليبيون (عبر ممثليهم في الطرفين الرئيسيين) للم شتات البلاد ووقف نزيف الدماء وكف يد الدمار الشامل الذي تتعرض له، ويمكن لدولة عربية كالمغرب أن توفر المكان فقط، أما فرض صيغة معينة بسيف ما يسمى المجتمع الدولي فلن يحل المشكلة بل سيزيدها تفاقما.

-طرح فكرة حكومة توافقية هل من شأنه حل الازمة الراهنة؟

الحكومة تكون ثمرة للاتفاق، وليست هي الاتفاق كما يروج المبعوث الأممي، فالإشكال والاختلاف أعمق من حكومة، فملف العمل العسكري أهم من ملف الحكومة، والملف الحقوقي والإنساني في المقام الأول، وملف الوضع المالي للبلاد مقدم لا شك، ثم تأتي حكومة لتنفيذ الاتفاق.

-لو طلبنا شهادتك على فترة ما بعد الثورة كمشارك فيها عضوا في المؤتمر الوطني .. ماذا ستقول باختصار عنها؟

باختصار كان هناك عمل سلمي سياسي لتأسيس جديد للدولة الليبية تعتريه عثرات وإخفاقات متوقعة بسبب الإرث الثقيل، فجاء العمل الاستخباراتي والإعلامي والعسكري والتدخلات الخارجية لتلغي كل ذلك، وتدخل البلاد في حرب أهلية ستؤخرها سنين طويلة، على حين كان الاختلاف في بادئ الأمر على شهور قليلة.

-هل هناك أسرار عن المؤتمر وادارته لم تعلن بعد... وما هي؟

السر الذي يجب أن يعرف وينشر عن المؤتمر أنه انتخب انتخابا حرا نزيها، وكانت كل الاتجاهات السياسية ممثلة فيه، ثم جرى الانقلاب على هذا المسار بكل عيوبه التي هي أقل من شرور الحرب والفوضى الشاملة.

-البعض يقول أن تيار "مصراتة وخاصة السويحلي هو المسيطر على القرار الان.. ما رأيك؟

ليس من السديد رد الأمر إلى شخص أو تيار، والانقسام شمل كل المدن الليبية تقريبا، وهناك اختلاف في المؤتمر يحسم بالتصويت فيما أعلم.

-هل سيندم الليبيون على القيام بثورتهم بعدما رأوا نتيجتها في المؤتمر والبرلمان؟

الندم على الحرية والرغبة في العودة إلى سني العبودية ليس شعورا صحيا، يجب أن يكون الندم على إشعال الحرب، وعلى إيثار الحرب على السلام، وعلى الانجرار وراء التحريض الإعلامي، وعلى الانسياق وراء التدخلات الخارجية، وعلى الإجرام والقتل والحرق وانتهاك الحقوق وتدمير الأحياء والمدن.

-ما رؤيتك لمستقبل الإسلام السياسي او التيار الإسلامي بشكل عام في المشهد المستقبلي في ليبيا والمنطقة؟

أنا معني بمستقبل الليبيين جميعا، وهذا المستقبل لن يكون كما نرغب فيه إلا بتصحيح الأخطاء التي وقعنا فيها، وعدم الإصرار عليها أو تكرارها، وأن نتيقن أنه لا يمكن إقصاء فريق أو اتجاه، فالحياة مبنية على الاختلاف، وهي تسع الجميع، وأن الخطيئة لا تعالج بالخطيئة، وأن نقف صفا واحدا في وجه العدوان مهما كان مصدره، وأن نكف عن الاتهام المجاني والتحريض، وعن استخدام الإعلام في التحريض والتصنيف والكراهية، فإن مضار كل ذلك تعود علينا جميعا، ولا يظنن أحد أنه بمنجاة من هذا التدمير الاجتماعي والنفسي والأخلاقي والإنساني الذي هو أفظع من التدمير المادي، فالكل سيصيبه شرر من ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق