الأحد، 16 أغسطس 2015

ليبيا_الملف|_الامني_انهيار ليبيا ما بين الصمت الدولي والتخاذل العربي


السيد حسين - ليبيا المستقبل: استغل تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الفوضي الدائرة في ليبيا والفراغ السياسي والأمني الذي تشهده البلاد منذ أكثر من أربع سنوات بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي ليؤسس لدولته التي طالما حلم بها، في مظهر عن الفوضى السائدة بليبيا والتي تعمل جماعات متشدّدة على استغلالها لتوطيد نفوذها في البلد الغني بموارده النفطية وذي الموقع الاستراتيجي المهم كبوابة لمنطقة شمال أفريقيا وكنقطة ربط بين القارة الأفريقية وأوروبا. والمتتبع لتنظيم داعش حاليا يجده يواجه طغوطا ومشكلات كبري في مكان نشأته الأساسي في سوريا والعراق ولم يجد له مالاذا أفضل من ليبيا حيث خلق تمسك كل طرف من الأطراف المتصارعة علي الحكم "وقوات فجر ليبيا" التابعة للمؤتمر الوطني "المنتهيية ولايته" والمسيطر علي العاصمة الليبية طرابلس، من إعطائه فرصة التمدد في منطقة مهمة استراتيجيا.
سرت المنكوبة إنسانيًا  تذبح في صمت
تشهد مدينة سرت معارك عنيفة منذ خمسة أيام قتل وأصيب فيها العشرات بين مسلحين من المدينة وتنظيم الدولة الاسلامية الذي يسيطر عليها ، منذ يناير الماضي بعد انسحاب الكتيبة 166 التابعة لقوات فجر ليبيا التي كانت مكلفة من المؤتمر الوطني العام، "المنتهية ولايته" المنعقد في طرابلس، بتأمين المدينة. وأشارت منظمات حقوقية وإنسانية إلى سقوط عشرات الضحايا من المدنيين الأبرياء. سقطوا خلال الأيام الماضية نتيجة تلك المعارك الطاحنة. وبدأت المعارك الدائرة حتي الأن منذ الثلاثاء الماضي عقب مقتل رجل من قبيلة الفرجان على يد داعش لرفضه إعلان ولائه للتنظيم، وردت القبيلة بحث سكان المدينة على الثورة ضد داعش وقتلت قائدين في التنظيم هما السعودي أبو حذيفة والمصري أبو همام المصري. حسبما ذكرة تقارير وأخبار إعلامية. ولا تزال المعارك دائرة بين أهالي المدينة وعناصر من الدولة الإسلامية حيث يحاول الأهالي إستعادة السيطرة عليها، وطرد التنظيم منها.
وحذرت أمس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، من خطورة الأوضاع الإنسانية الصعبة التى تعيشها مدينة سرت، وخاصة الحي الثالث بالمدينة. وقالت المنظمة في بيان لها، بأنه "وفي ظل عجز الحكومة الليبية عن القيام بواجبها اتجاه مواطنيها، فإننا نطالب المجتمع الدولي والإقليمي، القيام بواجبه نحو حماية المدنيين، والعمل على فك الحصار وتقديم المساعدات الإنسانية للأسر الليبية، المحاصرة منذ أيام عديدة من قبل تنظيم داعش". وأستنكرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، ما تتعرض له مدينة سرت والمدنيين بالمدينة،  أبشع و أروع جرائم الإبادة والانتهاكات البشعة، من قبل تنظيم داعش الإرهابي. كذلك اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أعلنت أن مدينة "سرت منكوبة إنسانيًا" وذلك جراء سيطرة تنظيم داعش عليها، وحصار مجموعة من الاحياء السكنية بمدينة سرت، ونقص الحاد للمواد الطبية والغدائية والإنسانية العاجلة، وعدم تزويد الوحدات الطبية بالمستلزمات العاجلة المطلوبة، لعلاج الحالات الحرجة والمصابين والجرحى وإسعافها.
صمت المجتمع الدولي تجاه مجازر ليبيا
من جانبه طالب وزير الخارجية والتعاون الدولي بالحكومة الليبية المؤقتة محمد الدايري الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بتقديم الدعم للحكومة الليبية بالذخائر والأسلحة والعتاد لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات الداعمة له  اللازمة في ما يتعلق بتلك الطلبات، وقال الدايري أن ليبيا تعتبر عدم الاستجابة لمتطلباتها المشروعة التي قدمتها باستثناء حظر الأسلحة تجاوزا صريحا لقرار مجلس الأمن الصادر في نهاية مارس الماضي الذي يعيق بناء قدرات الجيش الوطني"القوات الموالية للحكومة الليبية المؤقتة"  للقضاء على الإرهاب. ودعا الدايري  في تصريحاته الصحفية كما تنقلتها وسائل الإعلام، الأمم المتحدة إلى بذل جهودها البناءة لمساعدة الشعب الليبي المحاصر من قبل تنظيم داعش الإرهابي، مطالبا إياها ببذل جهودها لحث جميع المؤسسات والمنظمات الإنسانية لتقديم المساعدات الإنسانية والعمل على توفير ممرات آمنة للمدنيين بحسب تصريحاته.
المذابح في سرت
من جانبه أعرب إبراهيم الدباشي السفير الليبي الدائم بالأمم المتحدة عن أمله في أن تكون المذابح التي تحدث في سرت محرك لضمائر الدول الكبرى وأعضاء مجلس الأمن لكي يتخلوا عن مواقفهم السابقة والسماح بتسليح الجيش الليبي"القوات الموالية للحكومة الليبية المؤقتة" لمواجهة العنف. وأوضح الدباشي في تصريحات إعلامية  مساء أول أمس الجمعة، قائلا "وجهنا رسالة إلى مجلس الأمن أوضحنا فيها الظروف التي تمر بها مدينة سرت من مذابح بالإضافة إلى غضب الحكومة الليبية والسلطات بسبب عدم تسليح الجيش وعدم حماية المدينيين، بالإضافة إلى عدم الالتزام لقرارات مجلس الأمن التي تشير بكل وضوح إلى محاربة العنف في ليبيا ومساعدتنا في الجوانب الأمنية". وبشأن محاولات الحكومة الليبية السعي في مجلس الأمن لمحاولة تسليح الجيش الليبي قال الدباشي أن هذا الأمر لا يحتاج إلى جلسة للمجلس ولا يحتاج إلى الرفع الكامل لحظر السلاح ولكنه يحتاج إلى الموافقة السريعة كما تقول قرارات مجلس الأمن على القرارات التي تقدمها الحكومة الليبية. وأوضح الدباشي أن الوضع على الأرض يزداد سوءا بسبب استمرار تنظيم "داعش" في السيطرة على الكثير من الأراضي الليبية ويعمل على تدمير الأرض وقتل المدنيين.
تخاذل عربي للوضع الليبي
الجامعة العربية كعاداتها أصدرت بيانات شجب وإدانة لم يحدث دونأن تقدم جديد لوقف تلك المجازر والإبادة التي يتعرض لها الليبين في سرت ومواجهة تنظيم إرهابي مسلح حيث أكتفت الجامعة ببيان يوم "الجمعة" الماضي، دعا فيه الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية، إلى تضافر الجهود العربية والدولية واتخاذ تدابير عاجلة لتقديم الدعم اللازم لجهود الحكومة الليبية المؤقتة من أجل إيقاف المجازر الوحشية التي يرتكبها تنظيم "داعش" الإرهابي ضد السكان المدنيين في مدينة سرت الليبية. أما الحكومة الليبية المؤقتة فطالبت في بيان لها أمس السبت بتدخل جوي عربي لمساعدة ليبيا في مواجهة تنظيم "داعش"  حيث أفاد بيان الحكومة الليبية المعترف بها دوليا مطالبة الدول العربية توجيه ضربات جوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في مدينة سرت الساحلية. وقال بيانها "تناشد الحكومة الليبية المؤقتة الدول العربية الشقيقة ومن واقع التزاماتها تجاه الأخوة العربية وتطبيقا لقرارات الجامعة العربية بشأن اتفاقيات الدفاع العربي المشترك بأن توجه ضربات جوية محددة الأهداف لتمركزات تنظيم داعش الارهابي بمدينة سرت بالتنسيق مع جهاتنا المعنية." ووصف رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبدالله الثني ما تتعرض له مدينة سرت على أيدي داعش بجرائم الإبادة وناشد المجتمع الدولي مساعدة ليبيا للتصدي للتنظيم. ولم يتضح كيف سترد الدول العربية على الطلب الليبي.
تفويض داعش لإفشال الحوار في ليبيا
اتهمت قوى محلية ودولية تفويض داعش لإفشال الحوار في ليبيا، واتهم متابعون للشأن الليبي دوائر محلية وإقليمية بتقديم دعم قوي لتنظيم "داعش"  لتوسيع معاركه في الشرق والشمال الليبيين، بهدف إفشال مسار الحوار الوطني الذي يهدد بنسف مواقع نفوذ هذه الدوائر ومصالحها في ليبيا.  وأشار محللين أنه توجد شكوك كبيرة إلى ميليشيا فجر ليبيا بدعم داعش بعدما فشل المؤتمر الوطني "المنتهية ولايته" في تعطيل مسار الحوار، وفرض شروطه في جنيف، بسبب الضغوط التي مارسها المبعوث الأممي برناردينو ليون، وتلويح دول أوروبية بارزة بفرض عقوبات صارمة على الميليشيا التي تسيطر على العاصمة طرابلس ومن ورائها جماعة إخوان ليبيا. وأشار مراقبون إلى أن فجر ليبيا كانت تقدم نفسها الطرف الأقوى القادر على هزم داعش، وذلك لنيل الاعتراف الدولي، ولما فشلت في ذلك، أوقفت معاركها مع التنظيم وانسحبت من مواقع كثيرة دون مقاومة. ويلزم الحوار الوطني الذي يحرص ليون على أن ينتهي إلى اتفاق شامل قبل أكتوبر القادم، مختلف الأطراف على المشاركة في مواجهة المجموعات الإرهابية، وهي مرحلة تتهرب منها الميليشيا المسيطرة على طرابلس خوفا من أن تكشف عن علاقتها بتوسع داعش سواء في سرت أو في بنغازي، وتعطيل جهود الجيش في الحرب على الإرهاب.
من جانبه قال سليم الرقعي، عضو مجلس النواب الليبي، المعترف به دوليا، في تصريحات صحفية وإعلامية إن المعارك في سرت تفضح "فجر ليبيا وتسقط عنهم ورقة التوت"، مشيرا إلى أن "جماعة الإخوان أو فجر ليبيا ساندوا أنصار الشريعة "داعش" من قبل في سرت حتى لا تقع تحت قوة كتيبة شهداء الزاوية التابعة لقوات الصاعقة في بنغازي، والآن يساندون الدواعش. وأشار إلى أنه في سرت ليس ثمة وجود لقوات "فجر ليبيا"، كما هو حال كتيبة شهداء بوسليم في درنة، فالقوة في سرت إما للدواعش أو السلفيين الموالين لقائد الجيش خليفة حفتر، لهذا "يفضلون أن تظل سرت تحت سيطرة الدواعش لا تحت خصومهم السلفيين". وتراهن الميليشيات على تخويف الدول الغربية المعنية بالملف الليبي من توسع داعش لتقبل بها شريكا قويا في السلطة، وهي الآن تستعمل " داعش" ورقة ضغط لإفشال مسار الحوار الذي يعترف بمجلس النواب  في طبرق مصدرا وحيدا لمراقبة الاتفاق النهائي والتصديق عليه.
الدور التركي في الصراع الليبي
وجهت قيادات في الجيش الليبي" القوات الموالية للحكومة الليبية المؤقتة" أكثر من مرة أصابع الاتهام إلى تركيا بوقوفها وراء تهريب الأسلحة إلى ميليشيات فجر ليبيا. وسبق أن أعلنت تركيا دعمها للميليشيات في مواجهة العمليات التي يقودها الجيش الليبي بزعامة حفتر، وهو ما أدى إلى توتير العلاقة بين البلدين، ودفع الحكومة المعترف بها دوليا إلى مطالبة الأتراك بمغادرة ليبيا. وقصف الجيش الليبي في مايو الماضي سفينة تركية داخل المياه الإقليمية الليبية غير بعيده عن سواحل مدينة درنة التي تحولت إلى معقل رئيسي لتنظيم داعش. واتهم نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي جهات خارجية، بينها تركيا، بالوقوف وراء ما يجري بعدما نجح الحوار الوطني في سحب البساط من تحت قدميها، وأفشل خطتها للسيطرة على ليبيا عبر الميليشيات ومن ثمة احتكار عملية إعادة الإعمار وفتح ليبيا أمام الشركات التركية.
ضربات غير  مؤثرة للتنظيم
ونفذت الحكومتان ضربات جوية على الدولة الإسلامية في سرت في الايام القليلة الماضية لكن قدراتهما محدودة وتستخدمان طائرات قديمة تعود لفترة القذافي ولا تمتلكان مدافع دقيقة التوجيه. لذلك طالبت الحكومة الليبية الدول العربية بتوجيه ضربات جوية للتنظيم المتشدد الذي يرتكب مجازر في سرت بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية. في حين ذكرت مصادر عسكرية أن أن "الاستهداف كان دقيقا وأصاب تجمعات التنظيم إصابة مباشرة وتم تكبديهم خسائر بشرية ومادية فادحة". وتتنافس في ليبيا حكومتان وبرلمانان وإسلاميون ورجال قبائل وجماعات مسلحة على السيطرة على مدن ومناطق بعد أربع سنوات من الاطاحة بمعمر القذافي. وتتمركز الحكومة المعترف بها دوليا في شرق ليبيا في مدينة "طبرق "منذ أن فقدت السيطرة على العاصمة طرابلس قبل عام لصالح جماعة منافسة شكلت حكومة موازية. ولا تسيطر أي حكومة على سرت مسقط رأس القذافي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق