الثلاثاء، 18 أغسطس 2015

تركيا_تركيا: رهان أردوغان على نظام رئاسي.. حسابات شائكة


دويتشه فيلهرجب طيب أردوغان هو رجل تركيا القوي. وهو في الحقيقة يسعى إلى تحويل بلاده من نظام برلماني إلى رئاسي، ولكنه لا ينجح في مسعاه هذا، ورويدا بات هذا المسعى يزعج حلفاءه. ليس من المستغرب فشل محادثات تشكيل حكومة ائتلافية بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري المعارض هذا الأسبوع. فالخلافات السياسية كانت كبيرة جدا والإرادة الحقيقية للائتلاف كانت صغيرة جدا. وعلى الأرجح لم يكن الأمر أكثر من تمثيلية سياسية أن يخوض المحادثات زعيما الحزبين، أحمد داود أوغلو عن العدالة والتنمية وكمال كيليجدار أوغلو عن الحزب الجمهوري، الذي قال إنه في الحقيقة لم يُعرض عليه أي إمكانية للائتلاف. وبالنسبة لكريستيان باركل، مدير مؤسسة هاينريش بول في اسطنبول، فإن عواقب هذا الفشل واضحة: "في الواقع، لا مفر من انتخابات جديدة"، يقول الخبير في حديث مع دويتشه فيله. 
ومن المنتظر إجراء مفاوضات مع الحزب القومي، لكن احتمال نجاحها لتشكيل ائتلاف مستقر تساوي الصفر تقريبا. ويعلق باركل على ذلك قائلا: "المفروض أن يُفرح هذا الرئيس أردوغان. إنه يريد تحويل بلاده إلى ديمقراطية رئاسية يكون هو على رأسها. ولكي يتم ذلك لا بد من تعديل دستور البلاد. ولهذا الغرض يحتاج حزبه إلى أغلبية الثلثين في الجمعية الوطنية الكبرى". لكن، هل يعني إجراء انتخابات جديدة الحصول على أغلبية الثلثين؟ كريستيان باركل يعتقد أن أردوغان يخطئ الحساب بذلك، وهو لا يعتقد أن نتيجة الانتخابات القادمة ستختلف عن نتيجة انتخابات حزيران/ يونيو الماضي. "سيفوز حزب العدالة والتنمية مرة ثانية بأغلبية كبيرة، لكنه لن يستطيع الحصول على الأغلبية المطلقة"، يقول باركل. وسيحتل الحزب الجمهوري المرتبة الثانية والقومي المرتبة الثالثة ويليه حزب الشعوب الديموقراطي، الموالي للأكراد.
قنابل لضمان النجاح

لكن أردوغان يعتقد بإمكانية تحقيق انقلاب كبير. ولهذا السبب يهاجم سلاح الجو التركي منذ أسابيع مواقع ميليشيات الأكراد في شمال العراق وسوريا. وحزب العمال الكردستاني يرد بأعمال إرهابية. وبذلك يعود صراع قديم للظهور وقد كلف أكثر من 40 ألف قتيل حتى الآن. وهذا رغم أن الطرفين اتفقا في عام 2013 على وقف لإطلاق نار. كما أن حالة الاستقطاب عادت إلى تركيا وقطباها هما: أنصار اردوغان والقوميون الذين يرون أن حزب العمال الكردستاني هو المسؤول عن تصاعد العنف. وهم يبررون استخدام كل الوسائل المتاحة ضده. أما القطب الثاني فهم الأكراد الذين يتهمون أردوغان بأنه مستعد للتضحية بكل عملية السلام من أجل كسب الانتخابات. ويرى باركل أن كلا الطرفين محق في تقييم الوضع، ويقول: "من الواضح أن حزب العمال الكردستاني قد تنصل من عملية السلام". وهو يرى أن الهجمات هي هجمات إرهابية. وبالنسبة لرد الفعل التركي، يقول باركل: "حملة الاعتقالات وقصف مواقع حزب العمال الكردستاني هي تجديد لصراع يدور في المقام الأول حول أهداف متعلقة بالسياسة الداخلية".

سحب صواريخ الباتريوت
أردوغان يقامر بقوة في اللعب على السلطة، وهذا بات أمر شائكا بالنسبة لحلفاءه. لذا فقد قررت الحكومة الألمانية سحب صواريخ باتريوت التي نصبتها على الحدود التركية السورية في عام 2012، وسحب 250 جنديا معها. وكانت ألمانيا قد نصبت الصواريخ لحماية حليفها في الناتو من هجمات محتملة من سوريا. أما التبرير الرسمي من برلين، فهو أن التهديد لم يعد قائما. وعلى الأرجح، فإن قرار برلين يعود إلى عدم رغبتها في الانجرار في الصراع الدائر بين الحكومة التركية والأكراد. وتعتبر الميليشيات الكردية حليفا مقرّبا للدول الغربية في صراعها مع تنظيم "الدولة الإسلامية".
أوقات صعبة للعلاقات الألمانية-التركية
يبدو أن أردوغان لا يرى تغير الموقف من سياساته إلى الأسوء، أو أن الأمر بالنسبة له سيان. إذ صرح نهاية الأسبوع موجها كلامه إلى برلين: "تركيا ليست جمهورية موز". والسبب هو تمكن مدعي عام اسطنبول السابق زكريا أوز، المطلوب للعدالة، من الفرار عبر جورجيا وأرمينيا إلى ألمانيا. وقد أعلن أردوغان، في حال عدم تسليم ألمانيا لزكريا أوز، فإنه لن يسلم أي شخص تطلب ألمانيا تسليمه لها في المستقبل. كريستيان باركل يرى أن العلاقات الألمانية-التركية مقبلة على أيام صعبة: "هذه التصريحات الجديدة من أردوغان هي مستوى جديد من التصعيد الخطابي". ويضيف "صحيح أن العلاقة لا زالت تعمل، لكن التصريحات الأخيرة للرئيس تكشف عن مدى حجم الاحتمالات المدفونة لنشوب صراع". وهذا حتى بدون نظام رئاسي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق