الاثنين، 6 يوليو 2015

الاردن_الأردن يتعقب الإرهاب ويتصدى للجهاديين خارج حدوده

العرب اللندنيةبات من الواضح من خلال التصريحات العلنية القادمة من عمان، أنّ عمان أضحت أكثر عزما على مواجهة داعش، حتى خارج حدود المملكة الهاشمية إن لزم الأمر، خاصة بعد أن أشار العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى استعداد بلاده لدعم القبائل العربية السنية في شرق سوريا وغرب العراق لقتال داعش. وقد قال العاهل الأردني في مقابلة صحفية أجريت معه مؤخرا، "إن العالم يدرك الدور المهم للأردن في الاستقرار الإقليمي وإنهاء الأزمة في سوريا والعراق"، موجها خطابه لوجهاء القبائل في الصحراء الأردنية الشمالية بالقول "إننا سندعم الأخوة من القبائل العربية خارج حدودنا".
استباق التهديدات
قال الجنرال مشعل الزين، قائد القوات المسلحة الأردنية، خلال كلمة ألقاها في مراسم الاحتفال بعيد الاستقلال الأردني، "إنّنا سوف نمارس حقنا في الدفاع عن النفس ضد أيّ تهديد، حتى خارج حدودنا". وفي حفل بثه التلفزيون العام الأردني، في التاسع من يونيو المنصرم، تلقى الجنرال راية الهاشميين من الملك، وأضيفت الراية رسميا إلى ألوية مختلف فروع القوات المسلحة. وتعتبر راية الهاشميين، رمزا للجذور التاريخية للعائلة الحاكمة، وهي تحمل نفس العبارات الإسلامية الموجودة على راية داعش. هذه الحركة الرمزية لإضافة الراية الهاشمية إلى ألوية القوات المسلحة، ربّما تمّ تصميمها خصيصا للإشارة إلى أنّ داعش لا تستطيع احتكار العقيدة. ومع ذلك، فإنّ التصريحات الرسمية الجريئة التي تزامنت مع الحركة الرمزية أثارت موجة من ردود الفعل والتكهنات في كلّ من الأردن وسوريا والعراق. وقامت السلطات السورية بتجميع بعض مؤيديها من وجهاء القبائل الإثني عشر في مؤتمر لإعلان "رفضهم التام لعرض العاهل الأردني". وفي ذلك الوقت تم عقد مؤتمر القبائل في 12 يونيو الجاري في دمشق، الذي ترأسه مسؤولو النظام، كما أدان السفير السوري في الأمم المتحدة "تهديدات الملك عبدالله الثاني للسيادة السورية". لكن وعلى الرغم من ذلك، رحّبت قبائل النعيم في سوريا علنيا بعرض عمان. وأعلن مجلس قبائل النعيم، في بيان له الأسبوع الماضي، أنّ "القبائل العربية هي العمود الفقري لوحدة وطننا، وهي المخولة لحماية سوريا من التفتت الناجم عن القوى الطائفية ونظام الأسد على حد سواء".
وقال متابعون في العراق، من جهتهم، إنّ عمان تريد أن "ترث" أراضي داعش بعد سقوط التنظيم وزواله. وأشارت العديد من التقارير في دمشق وبغداد وحتى عمان إلى "خطة أردنية خيالية" لضم الأراضي التي لا تسيطر عليها الحكومة في كل من سوريا والعراق. وأثيرت نظريات المؤامرة حول محاولة أردنية لاستخدام "انهيار" حدود سايكس بيكو لتوسيع أراضيه" كل "المشتبه بهم المعتادين" والمحللين والمعلقين و"الخبراء" بدأوا ينظرون إلى التصريحات الرسمية الأردنية على أنها هراء. ويتمثل التفسير المحتمل للتصريحات الرسمية الحذرة القادمة من عمان في أن السلطات الأردنية تسعى إلى تعبئة السكان حول الراية الوطنية واعتبار داعش عدوا أجنبيا. وبالإضافة إلى التحذير، أرادت عمان استباق أي هجوم على أراضي المملكة الهاشمية إذا تمّ اكتشافه في بلد مجاور.
حيطة دائمة من النصرة
يكمن أهم جانب من جوانب التصريحات الأردنية الجريئة يمكن التوصل إليه من خلال التوقعات المتداولة لدور أكبر مقترح لعمان، في تسليح القبائل العربية في سوريا والعراق لمحاربة داعش. لكن الأردن ينفي أن تكون له أي نوايا في هذا الصدد. وإذا كان ذلك هو الهدف في الواقع، فقد تم الترويج له بشكل سيئ، لكن نادرا ما يتم الإفصاح عن السياسات الرئيسية. وحتى الآن، يقوم الأردن بكل ما يلزم من أجل صد تهديدات داعش وأي أخطار محتملة من جبهة النصرة التي تتوسع بسرعة على الجانب الآخر من حدوده الشمالية. وفي السابق، ساعد الأردنيون جبهة النصرة بشكل مباشر وغير مباشرة. وتم ذلك بالاستناد إلى الشعار المعروف "عدو عدوي صديقي"، وكالعادة تحوّل الأردن إلى مواجهة تهديد مباشر لعدويين بدلا عن واحد فقط. والتفسير الذي ينبغي تقديمه للجميع هو أن الأردن يرى حماية نفسه من خلال انتهاج سياسة وقائية، وهذا حقه، ويجب أن تبقى الطرق المناسبة لفعل ذلك من تقدير الحكومة. وقد أنشأت عمان سياجا رقميا على حدودها وسخّرت موارد كبيرة وطاقة هائلة لحماية أراضيها. وتم نشر معدات المراقبة، وأجهزة الاستشعار (المجسات) ونظم الإنذار المبكر بطريقة أشبه ما يكون بإغلاق الحدود. ومع ذلك، لا يعتبر تحقيق الأمن مجرد تحد تقني، بل إنه بالأساس قضية استراتيجية حيث تتكامل الجوانب السياسية والعسكرية والتقنية.
وفي الواقع هناك بعد جديد لتهديدات الأمن القومي للمملكة الأردنية، حيث أن جبهة النصرة تبسط سيطرتها في جنوب سوريا بشكل سريع للغاية، مما يجعل الأمور تبدو أكثر خطورة خاصة أن جبهة النصرة التي ترفض اتخاذ أي دور كبير في الخطوط الأمامية وتسيطر على الوضع بإحكام على الأرض، وترفض "حكم" المناطق المحررة بالطريقة التي يتم بها تطبيق الشريعة عند الآخرين، سرعان ما تكشر عن أنيابها إلى حد محاربة حلفائها المقربين من أجل السيطرة، عندما يتعلق الأمر بالأماكن الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية، مثل معبر نصيب. ومع ذلك، وحتى داخل تحالفات جبهة النصرة مع جماعات أخرى، فإن "الحدود" بين هذه الكيانات وهمية خاصة إذا تم التدقيق في ما هو أشد عمقا من الهياكل القيادية لهذه التنظيمات، كما أنّ الهجرة إلى التنظيمات العابرة للحدود هي عبارة عن حدث يومي. بينما تتعلّق النقطة المثيرة للقلق بعدم الحصول على مزيد من الأسلحة. وجبهة النصرة لديها كمية كبيرة من الأسلحة التي غنمتها من معسكرات النظام وغيرها من المصادر. كما أنّ النقطة الأخرى المثيرة للقلق أيضا هي ألاّ أحد يعرف على وجه اليقين "الحدود" الحقيقية لجبهة النصرة، ولا خطتها النهائية حتى في مناطق محدودة مثل جنوب سوريا.
خطة احتواء السلفيين
يتطور التهديد الإرهابي الذي يواجهه الأمن القومي الأردني بوتيرة متسارعة ويرتفع معه سقف التحديات لردّ هذا المد الخطير باعتماد الوسائل والأساليب الأنجع. وقد أثبتت الحكمة القديمة للجهاز الأمني في الأردن أن سياسة الحوار والاحتواء أكثر فاعلية من سياسة العنف والردع والاعتقالات. لكن هذا لا يعني ألاّ يكون جهاز الأمن الداخلي الأردني أكثر صرامة، ولكن المشكلة تظهر عند اتخاذ هذا الهدف المحدد من جانب ضباط أمن من ذوي التوجه البيروقراطي. وهم يفهمون ذلك من الناحية الأمنية، وليس من الناحية السياسية. في معظم الحالات، عقوبة السجن القاسية على الشباب المتعاطف مع إحدى الجماعات الإرهابية تنتهي بتحول الشاب المتهم إلى عضو في الجماعة الإرهابية. وفي الآونة الأخيرة، اعتقلت السلطات أكثر من 50 شابا بسبب تعليقات على شبكة التواصل الاجتماعي، وكانت بعض التعليقات سخيفة جدا لا تستحق أي اهتمام على الإطلاق. ولذلك ينبغي التدرج في العقوبة، من المراقبة اللصيقة والتي يجب أن تتوفر في معظم الحالات. وجعل عقوبة السجن من أقصى الإجراءات الأمنية. خلاصة القول، هناك العديد من الأسباب التي تجعل الأردن يعيش حالة من التوتر في ظل العاصفة العاتية التي تحوم حوله، وهو ما يجعله يفكر في حلول إضافية لتأمين أراضيه ومواطنية. ومن بين هذه الحلول، تسليح القبائل العربية في سوريا والعراق، والذي يمكن أن يتم دون إحداث ضجة في الرأي العام. وسوف تكون هذه الطريقة أكثر فعالية من التعويل ربما على جبهة النصرة. لكن إذا لم ينجح الأردن في ساحات القتال فسوف ينعكس ذلك على جميع أنحاء البلاد، لذلك فالأردن في حاجة إلى اعتماد سياسات هادئة اليوم أكثر من غيره من دول المنطقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق