الخميس، 30 يوليو 2015

ليبيا_ محاكمة مسئولي القذافي.. مناسبة جديدة للانقسام في تونس

وجود المحمودي ضمن المحكومين يثير انقساما في تونس
تونس – ليبيا المستقبل – خليفة علي حداد: كدأبه، منذ أكثر من أربع سنوات، لم يفوّت الشارع التونسي، مناسبة صدور أحكام بالإعدام على عدد من رموز نظام القذافي، دون تسجيل انقسام حاد في المواقف حسب الاصطفافات السياسية والإيديولوجية والحزبية. ففي حين اعتبر متابعون ومعلقون الأحكام انتهاك لحقوق الإنسان وتفتقد للشرعية، رأى آخرون أن المدانين يستحقون الحكم الصادر بشأنهم، وأن الوضع السياسي في تونس آل إلى ما آل إليه من عودة أنصار النظام السابق بسبب "التسامح" الذي لقوه. ويتفق المراقبون على أن الاهتمام الذي لقيته الأحكام في تونس، تأييدا ورفضا، متأت من وجود البغدادي المحمودي "أمين اللجنة الشعبية العامة" زمن القذافي ضمن المحكومين، وهو المسؤول الذي سلمته السلطات التونسية إبان حكومة حمادي الجبالي سنة 2012.
صمت رسمي
 
 
البكوش: لا نريد التدخل في الشأن الليبي
   
 
 
المرزوقي: لم أكن موافقا على تسليم المحمودي
التزمت السلطات التونسية الصمت حيال الأحكام، ولم يصدر أي تعليق عن رئاسة الجمهورية أو رئاسة الحكومة أو وزارة الخارجية حتى الآن، ويعتقد أن المطبات التي اعترضت الدبلوماسية التونسية، منذ أشهر، بسبب تصريحات اعتبرت غير موفقة تجاه ليبيا والجزائر وتركيا تحديدا، جعلت المسئولين هذه المرة يخيرون التريث وعدم الخوض في شأن ليبي حساس يمكن أن يجلب، أي موقف بشأنه، مشاكل تبدو الدبلوماسية التونسية في غنى عنها. واكتفى وزير الخارجية والقيادي في نداء تونس الطيب البكوش، في ندوة صحفية عقدها اليوم، بالقول أن "تونس لا تريد التدخل في الشأن الليبي". كما التزمت الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي، وهي النهضة ونداء تونس والوطني الحر وآفاق، الصمت، ولم يصدر عن قيادييها أو مكاتبها السياسية أي موقف بشأن الأحكام. واكتفى القيادي في حركة النهضة حسين الجزيري، أثناء لقاء إذاعي، بالتأكيد على أن تسليم المحمودي إلى بلاده كان "قرارا سياديا ولا وجود لأي صفقة في عملية التسليم"، متمنيا أن "تجد ليبيا طريقها إلى التوافق وأن لا تطبق أحكام الإعدام".
تسليم المحمودي.. مسؤولية من؟
عاد السؤال الذي طرح منذ ثلاث سنوات إلى التداول: "من سلم المحمودي إلى بلاده؟". فقد حمّل بعض المعلقين المسؤولية للرئيس السابق منصف المرزوقي، وشنت عليه صفحات محسوبة على حزب نداء تونس والجبهة الشعبية هجوما شرسا. وقال النائب عن الجبهة الشعبية منجي الرحوي، في تصريح أوردته إحدى الصفحات الاجتماعية أن رئيس الجمهورية والحكومة زمن التسليم "مسؤولان على الأحكام الصادرة بحق المحمودي"، مضيفا أن المرزوقي "اكتفى بالاحتجاج الطفيف ومر الأمر في إطار حبكة بين مكونات الترويكا وقتئذ". واعتبر الرحوي البيان الذي أصدره المرزوقي تعليقا على الأحكام "في غير محله". من جهته، قال الرئيس السابق منصف المرزوقي، في تدوينة نشرها على صفحته الشخصية بشبكة فيسبوك "رفضت الموافقة على تسليم البغدادي المحمودي حتى ضمان شروط محاكمة عادلة، وتسليمه تم بدون علمي ودون موافقة لا مكتوبة ولا شفوية وذلك من طرف رئيس الحكومة والوزراء المباشرين للقضية وهو ما أدى إلى أزمة في منظومة الحكم حينها أوشكت خلالها على تقديم استقالتي"، داعيا الطرف الليبي إلى عدم تنفيذ أحكام الإعدام "لتبعاته السلبية الكثيرة على صورة ليبيا وعلى حظوظ الحوار الوطني". وفي هذا الصدد، نشرت مواقع إخبارية محاضر لمجالس وزارية في حكومتي السبسي الجبالي. وأظهر محضر جلسة عمل وزارية تعود إلى 12 نوفمبر 2011 وموصوفة بـ"سري للغاية" أن الرئيس الحالي، ورئيس الحكومة وقتها، الباجي قائد السبسي ترأس مجلسا وزاريا عبر فيه الحاضرون من الوزراء عن موافقتهم على تسليم البغدادي المحمودي لبلاده، كما تحدث المحضر عن طلب المحمودي اللجوء السياسي في تونس. وأرفق المحضر بأمر رئاسي، زمن فؤاد المبزع، يتعلق بتسليم المحمودي إلى بلاده وتكليف وزير العدل بتنفيذه. وقال عدنان منصر مدير مكتب الرئيس السابق منصف المرزوقي أن "عملية التسليم تمت خارج القانون" وأن المرزوقي "رفض مرتين مشروعا من الحكومة لتسليم المحمودي".
هل ينتهي الجدل؟
ومن خلال قراءة تأليفية لجملة الوثائق الرسمية المنشورة، والتي لم ينكرها أي طرف، يبدو أن قرار تسليم المحمودي إلى بلاده اتخذ من طرف حكومة الباجي قائد السبسي في أيامها الأخيرة، وتم إرجاؤه إلى حكومة حمادي الجبالي التي قامت بتنفيذه دون الحصول على موافقة مسبقة من الرئيس المرزوقي. وكانت مصادر مقربة من حركة النهضة، التي ينتمي إليها الجبالي، قد اعتبرت موافقة الرئيس غير مطلوبة قانونيا للتسليم. ومن المتوقع أن يشهد الجدل الدائر بشأن المسؤولية عن تسليم المحمودي تفاعلا بحسب مجريات القضية في ليبيا وبحسب الخطوات التي ستتخذ مع المحكومين وما إذا كان الحكم سينفذ أم أنه سيستخدم أداة ضغط وشد وجذب بين مختلف فرقاء الصراع الليبي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق