الخميس، 23 يوليو 2015

السعودية_وثائق ويكيليكس.. شيكات الولاء للنظام السعودي

دويتشه فيله: تكشف الوثائق السعودية التي سربها موقع ويكيليكس وينشرها تباعا سعي المملكة المحموم لـ"شراء" مكانة مؤثرة عربياً وعالمياً، وسبيلها إلى ذلك اعتماد سياسة "دفتر الشيكات" التي تنتهجها المملكة في الحصول على دعم سياسيين وصحفيين. ولطالما كانت سياسة السعودية تشكل لغزاً حتى على الخبراء العارفين بشؤون المملكة، فحكام الرياض يحيطون أنفسهم بجدار من الغموض والصمت، وهم وحدهم يعرفون ما يدور بين جدران القصر الملكي. ولهذا السبب كانت الحكومة السعودية في حيرة من أمرها حين نشر موقع ويكيليكس أكثر من 60 ألف وثيقة مسربة من وزارة الخارجية السعودية. نظرة نادرة وتقدم هذه الوثائق نظرة نادرة على العقلية التي تُدار بها المملكة السنية في تسابقها مع إيران الشيعية، منافستها الأولى في منطقة الشرق الأوسط. وهذا التنافس مع طهران يشكل الموضوع الأساس الذي تتعلق به الوثائق، فكلمة إيران تظهر في نحو 1400 وثيقة من الوثائق المسربة. كما توضح الوثائق السعي السعودي المحموم للفوز بمكانة مؤثرة في العالم العربي أجمع. ولهذا السبب فقد طالبت العائلة المالكة للسعودية من منظمة الاتصالات الفضائية العربية المسؤولة عن أقمار "عربسات" الاصطناعية إضعاف إشارة إحدى القنوات الإيرانية الناطقة بالعربية، من أجل إيقاف إمكانية استقبالها في منطقة الجزيرة العربية. وأكد أحد المسؤولين في القناة لصحيفة نيويورك تايمز إن المنظمة العربية تتعرض لضغوط من قبل المملكة منذ 2010.

مبدأ "دفتر الشيكات"
وهذا التوجه ضد إيران ليس حكراً على المملكة السعودية فحسب، فعندما دعت الجامعة الإسلامية العالمية في العاصمة الباكستانية إسلام آباد السفير الإيراني عام 2012 بمناسبة أسبوع ثقافي، سعت سفارة المملكة السعودية في إسلام آباد منع ذلك. وعلى الرغم من أن رئيس الجامعة لم يذعن لمطالب السفير السعودي، إلا أن السفارة السعودية استمرت في ذلك من خلال محاولة دعوة شخصية سعودية بدلاً عن السفير الإيراني، وهو ما تحقق في نهاية الأمر، كما توضح الصحيفة الأمريكية. من جانب آخر تكشف الوثائق المسربة أن سياسية السعودية الغنية بالنفط تقوم على مبدأ "دفتر الشيكات" في جوهرها، فإحدى الوثائق المسربة عن وزارة الخارجية السعودية تتحدث عن تقديم المملكة نحو مائة ألف دولار من أجل "جملة دعائية" للحصول على مقعد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وذلك على الرغم من كل الانتقادات الموجهة للسعودية بشأن أوضاع حقوق الإنسان فيها. وصرح جوليان آسانغ، ناشر وثائق ويكيليكس أن "الوثائق السعودية ترفع الغطاء عن دكتاتورية محاطة بالسرية وغير منتظمة على نحو متزايد والتي لم تحتفل ببلوغ عدد الرؤوس المقطوعة فيها إلى المائة هذه السنة فحسب، بل أصبحت تشكل خطراً على جيرانها وعلى نفسها". إضافة إلى ذلك تكشف الوثائق عن قائمة طويلة من السياسيين "الأصدقاء" المسؤولين في دول أخرى، الذين حصلوا على دعم مالي من السعودية، ومنهم - حسب الوثائق - رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي، الذي تربطه علاقة وثيقة بالعائلة المالكة. ومن الدعم السعودي لعلاوي حصوله على 2000 تأشيرة دخول للسعودية لغرض الحج.
صحافة مطيعة
الأموال ليست لاستمالة سياسيين ومسؤولين من دول الجوار فحسب، وإنما دفعت المملكة من أجل تحسين صورة المملكة في وسائل الإعلام، فمثلاً حصلت قناة أم تي في اللبنانية المناهضة لإيران على دعم مقداره 20 مليون دولار من أجل هذا الغرض. وتنص الوثيقة على أن المملكة قدمت في البدء خمسة ملايين دولار مع "خطة عمل تُمكن القناة من خدمة قضايا المملكة وتؤازر قضاياها". ومما يزيد من صعوبة التأكد من صحة الوثائق هو أن الكثير من الذين وردت أسماؤهم فيها يلتزمون الصمت حيالها ويرفضون الظهور في وسائل الإعلام. لكن القائمين على ويكيليكس لا يشكون في صحة الوثائق، إذ يؤكدون أن هذه الوثائق تم تحليلها قبل النشر و"ثبتت صحتها"، كما يقول المتحدث باسم ويكيليكس كريستين هرافنسون. من جانبها أكدت وزارة خارجية المملكة لوكالة الأنباء السعودية أنه على الرغم من حصول هجوم إلكتروني على أنظمة الوزارة، إلا انه لم يتم تسريب أي وثيقة سرية، كما أوضح أحد المتحدثين باسم الوزارة.
لكن على الرغم من هذا كله فإن هذه الوثائق تبقى مهمة بالنسبة لحكومة المملكة، لدرجة أنها حذرت مواطنيها من الإطلاع على "وثائق ربما تكون مزورة" ومن نشرها، فعقوبة ذلك يمكن أن تصل وفق التشريعات السعودية إلى نحو عشرين عاماً من السجن. هذه التحذيرات لم تمنع مستخدمي الإنترنت والصحفيين العرب من البحث في الوثائق التي نشرها الموقع، وتوضح أن سياسة السعودية في شراء مكانة مؤثرة لا تقتصر على الدول العربية فحسب، وإنما تتعداها إلى وسائل إعلام دولية في أستراليا وكندا واندونيسيا، بل وحتى في غينيا. كما أن الاشتراك بآلاف النسخ لدى صحف عربية، يؤمن للعائلة المالكة في الرياض أن تبقى الصحافة "مطيعة" لها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق