الجمعة، 19 يونيو 2015

ليبيا_ليبيا تغرق في ظلام غير مسبوق

العربي الجديد: كغيرهم من الدول الفقيرة، يتخوف الليبيون من تفاقم أزمة نقص الكهرباء التي تلاحقهم منذ شهور، دون بصيص أمل في تجاوزها ولو لمدة شهر رمضان، في ظل واقع أمني جعل من أبراج الكهرباء هدفا للتضييق، فتعرضت أكثرها لتخريب وإهمال، أسفر عن انقطاع التيار الكهربائي لفترات وصلت إلى 20 ساعة يوميا، خلال الأسبوع الجاري، في بعض مناطق البلاد. ومع حلول شهر رمضان، يرتفع استهلاك الليبيين للكهرباء، ما يمهد لانقطاع التيار فترات أكثر مما كان عليه الحال في الأيام العادية، خاصة أن موسم الشهر الفضيل يتزامن مع فصل الصيف الذي تزيد فيه الأحمال بنحو يتجاوز 25%. وتصل مدة انقطاع التيار في العاصمة طرابلس إلى حدود 9 ساعات يوميا، وتمتد الفترة إلى أكثر من 12 ساعة في المناطق المجاورة للعاصمة. لكن انقطاعات التيار تجاوزت، وفق مواطنين، حدود الـ20 ساعة يوميا، خلال الأيام الثلاثة الماضية، مع زيادة الاستهلاك والصيف.
وقال المتحدث باسم الشركة العامة للكهرباء، أشرف المريمي، في تصريحات لـ"العربي الجديد": إن إنتاج الشركة من الطاقة الكهربائية يصل حاليا إلى 4500 ميغاوات، في حين أن معدل الاستهلاك يتجاوز 5500 ميغاوات، ما يعني أن عجز الشبكة لا يقل عن ألف ميغاوات، تعادل أكثر من 22% من حجم الإنتاج الحالي. وأضاف أن شبكة الكهرباء القومية في ليبيا تعجز عن إنتاج نحو 35% من قدراتها نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وخروج دوائر ومحطات نقل الطاقة الكهربائية عن الخدمة، كما هو الحال مع محطة "الزاوية" الغازية، والتي شب بها حريق لارتفاع درجات الحرارة، مما ساهم في فقدان 200 ميغاوات من الشبكة.وحول أوضاع محطة سرت البخارية والتي سيطر عليها ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، قبل عشرة أيام، قال إن شركة سرت متوقفة عن الإنتاج حالياً، وقد كان إنتاجها حتى الأسبوع الماضي لا يتجاوز 175 ميغاوات، تمثل نحو 12.5% من أصل القدرات الإنتاجية للمحطة. وأكد أن تراجع إنتاج محطة سرت البخارية جاء نتيجة عدم استكمالها ومغادرة العمالة الأجنبية المشغلة، نتيجة الأوضاع الأمنية التي تشهدها البلاد.
وعلقت مجموعتا هيونداي ودوسان الكوريتان الجنوبيتان أعمال البناء في محطة سرت للكهرباء التي من المقرر أن تصل قدرتها الإنتاجية إلى 1400 ميغاوات، بسبب مخاوف أمنية، ولم يبدأ الإنتاج بها حتى الآن سوى من وحدة قدرتها 350 ميغاوات، لكنها تعمل بأقل من قدرتها. وقال مصدر مسؤول في الشركة العامة لكهرباء بطرابلس، إن وضع الشبكة العامة للكهرباء سيئ للغاية، وذلك بعد فصل الشبكة العامة للكهرباء للمنطقة الشرقية عن الشبكة الرئيسية. وانفصلت المنطقة الشرقية في ليبيا تقريبا عن شبكة الكهرباء المركزية، بسبب الصراعات المسلحة في المنطقة، وبها محطات لتوليد الكهرباء. ومدينة بنغازي شرق البلاد تتغذى من محطة رئيسية واحدة، وهناك ثلاث محطات خارج الخدمة. كما أن شبكة نقل الكهرباء في ليبيا انقسمت إلى شبكات صغيرة منفصلة عن بعضها البعض، من بينها شبكة المنطقة الشرقية، وهي مفصولة بالكامل عن الشبكة العامة، كما انفصلت شبكة المنطقة الجنوبية والغربية أيضا.
وكان مدير الإعلام بالشركة الليبية للحديد والصلب، أكبر مُصنّع للصلب في شمال أفريقيا، محمد الخمارية، قال في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، إن الشركة سوف توقف إنتاجها مؤقتاً مطلع شهر رمضان المبارك، لتوفير الغاز للشركة العامة للكهرباء والتي تعاني من عجز خلال أشهر الصيف. وتستهلك شركة الحديد نحو 250 ميغاوات من الكهرباء، فضلاً عن استهلاك ما يربو على 60 مليون قدم مكعبة من الغاز تستغلها في محطات التوليد. وناقش مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء، نقص الموارد المالية المطلوبة خلال اجتماع عقد، أول من أمس الأربعاء، في طرابلس، في ظل تدني نسبة التحصيل مقابل استهلاك الطاقة الكهربائية وعزوف العديد من المستهلكين عن دفع مقابل استهلاكهم من الطاقة. وبحثت الشركة الآلية المقترحة من قبل وزارة الكهرباء والطاقات المتجددة بشأن إصدار قرار باستقطاع مبلغ 30 ديناراً شهرياً (22 دولاراً) من رواتب العاملين في الدولة والقطاع الخاص ممن ينتفعون بخدمات الكهرباء للاستهلاك المنزلي، بدلاً من الآلية المعمول بها حالياً في إصدار الفواتير والجباية بالإدارة العامة لخدمات المستهلكين، إلى حين استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد، وتمكن الشركة العامة للكهرباء من تنفيذ مهامها في تقديم الخدمات وجباية مقابل خدماتها بشكل طبيعي.
وعانت شبكة الكهرباء في ليبيا من أعطال متكررة، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي بشكل يومي جراء استهداف الأبراج والمحطات الكهربائية الرئيسية بقذائف صاروخية ناتجة عن الاشتباكات المسلحة بين فصائل متقاتلة، ما دفع المؤسسة الحكومية للكهرباء إلى التحذير من انهيار وشيك سيصيب الشبكة الكهربائية خاصة في شرق البلاد. وأنفقت الحكومات المتعاقبة على ليبيا، نحو 20 مليار دينار (14.6 مليار دولار) على توفير الطاقة الكهربائية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، من بينها دعم مباشر في شكل وقود لصالح الشركة العامة للكهرباء بنحو 11.7 مليار دينار، و4.6 مليار دينار لتطوير الشبكة العامة و2.8 مليار دينار كدعم نقدي، لكنها عادت وطالبت بالمزيد لاستكمال عمليات الصيانة. وازدادت خسائر الشركة العامة للكهرباء، بسبب الهشاشة الأمنية، إلى نحو مليار دينار حتى نهاية العام الماضي، نتيجة تعرض مقارها ومواقعها للسرقة والنهب والتخريب. وتصرف ليبيا 800 مليون دينار سنوياً لدعم الكهرباء، في حين لا يسدّد المواطنون فواتير الكهرباء منذ عام 2011. يذكر أن الليبيين لم يسددوا فواتير الكهرباء منذ بداية الثورة الليبية في فبراير/شباط 2011.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق