الخميس، 18 يونيو 2015

اليمن_مقتل الوحيشي قلّم أظافر قاعدة اليمن ولم ينه وجودها

دويتشه فيله: تمكنت واشنطن من قتل زعيم فرع تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية ناصر الوحيشي، الذي كان مساعدا شخصيا لأسامة بن لادن. فهل ستضعف هذه العملية الشبكة الإرهابية؟ وكيف يبدو مستقبلها وسط المزاحمة مع تنظيم "الدولة الإسلامية"؟ واعترف تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" بمقتل قائده ناصر الوحيشي، بعد استهداف الأخير بضربة من طائرة أمريكية بدون طيار. ولكن يبدو أن التنظيم كان مستعدا لاستقبال هكذا موقف، حيث أعلن خالد باطرفي – المتحدث باسم التنظيم – عن تعيين قاسم الريمي خلفا للوحيشي. والريمي هو القائد العسكري للتنظيم. ضربة موجعة جديدة لتنظيم القاعدة الأم خلال أيام قليلة بعد مقتل قائد فرع التنظيم في بلاد المغرب، الجزائري مختار بلمختار. ولكن مقتل الوحيشي مؤثر أكثر، لأن الأخير كان يعتبر الرجل الثاني في شبكة القاعدة بعد أيمن الظواهري. حدث هام سيترك آثاره بلا شك على القاعدة. ولكن إلى أي مدى سيؤثر على مستقبل تنظيم القاعدة في اليمن؟ خصوصا مع صعود نجم تنظيم منافس هو "الدولة الإسلامية".
"التنافس الجهادي"
تنظيم "الدولة الإسلامية"، الذي انشق عن القاعدة ورفض بيعة أيمن الظواهري، صار يتمتع بنفوذ واسع في سوريا والعراق ويستقطب أولئك المتطلعين لما يسمونه بـ"العمل الجهادي". ويقول المحلل السياسي اليمني محمد جميح إن انضمام العديد من فروع القاعدة وإعلانها الولاء لتنظيم "الدولة الإسلامية" أدى إلى "سحب العديد من العناصر المقاتلة وعناصر التموين إلى التنظيم المنافس (داعش)". الخبير اليمني سعيد عبيد يتفق مع جميح في جزء من كلامه بخصوص الانشقاقات، ولكنه يختلف معه بشأن الجهة التي سينضم إليها المنشقون. يقول عبيد: "التنظيم سوف تكون فيه انشقاقات خلال الأيام القادمة، لأن الشباب والمتعاطفين مع التنظيم سيلاحظون أن قيادات التنظيم الكبرى تُستهدف بالطائرات بدون طيار. هذا الأمر سيخلق قلقا داخل التنظيم، وضمن صفوف الداعمين أيضا". ولكن عبيد يرى أن هؤلاء المنشقين لن ينضموا إلى "داعش"، وإنما قد يتركون العمل في هذا المجال أو يشكلون خلايا خاصة بهم. "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لا يبدو متقاربا مع فكر داعش. وكل القادة الذين تم التخلص منهم، مثل حارث النظاري ونصر الآنسي، كان لهم تسجيلات انتقدوا فيها داعش وتوجهاته، واعتبروا أن داعش يمكن أن يكون "جماعة جهادية"، بحسب توصيفهم، ولكن لا يمكن أن يكون دولة. بمعنى تنظيم القاعدة رفض أن يكون تابعا لداعش". ويرى عبيد أن تواجد "داعش" في اليمن "مازال ضعيفا، وليس لديه مروجون، كما هو الحال لدى القاعدة".
"اختلاف في النهج"
الخلاف الأساسي بين التنظيمين المتطرفين هو أن "التوجه العام لعناصر القاعدة وتفكيرهم يبدو بعيدا عن داعش، الذي يتبنى نهجا أكثر دموية وهو لا يلتزم بما يجب على الجماعة الإسلامية أن تلتزم به كجماعة جهادية. فهو يسترسل في الدماء ويواجه المدنيين أكثر"، يقول المحلل السياسي المختص بشؤون الإرهاب سعيد عبيد. ولعل "الشخصية القيادية الوحيدة في صفوف القاعدة التي كانت تميل لنهج داعش" هي شخصية القيادي مأمون عبد الحميد حاتم، يضيف عبيد. ومع كل هذه الظروف "أصبح داعش ربما تيارا ضعيفا ولا يقوى أن يكون منافسا للقاعدة في اليمن". عموما تنظيم القاعدة انكفأ قليلا، مع الضربات الموجهة التي استهدفت الكثير من قادته، ولكن يبقى وجوده ملحوظا في اليمن، وهو إن تراجع، فإنه "سيعود" وفقا لمحمد جميح: "الضربات ضد قادة التنظيم أدت إلى نوع من الكمون بانتظار ظروف جديدة، يستطيع معها التنظيم أن يعيد ترتيب صفوفه".

الخطوة القادمة لتنظيم القاعدة
المرحلة الآنية قد تشهد ردة فعل سريعة، كما يرى الخبراء. وتعيين قاسم الريمي خلفاً للوحيشي بهذه السرعة يوحي بشيء عن طبيعة المرحلة القادمة من عمل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، كما يرى المحلل السياسي اليمني سعيد عبيد: "أعتقد أن وتيرة العمليات العسكرية ستزيد، وسيركز التنظيم على العمليات الخارجية تحديدا". السنوات الماضية أثبتت أن فرع القاعدة في اليمن غير بعيد عن ذلك، فقد سبق لهذا الفرع أن أرسل عضوه عمر فاروق عبد المطلب، وهو نيجيري مسلم حاول تفجير طائره نورث آير لاين 253 المتجهة من أمستردام (هولندا) إلي ديترويت، ميشيغان الأمريكية في يوم عيد الميلاد 25 ديسمبر 2009. وفي أكتوبر 2010 جرى إرسال طرد محمل بالقنابل إلى مركز يهودي في الولايات المتحدة. المخابرات السعودية أعاقت العملية يومها، وتم حجز الطرد في دبي. وآخر حادثة من هذا النوع كانت مطلع العام الجاري، عندما هاجم الأخوان كواشي مقر صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية الساخرة في باريس وقتلا 11 من العاملين فيها. واحد على الأقل من الأخوين كواشي تدرب على يد القاعدة في اليمن. ويرى سعيد عبيد أن الأمر غير مستبعد لأن "قاسم الريمي رجل عسكري"، وهو سيعمل على تعزيز العمليات الخارجية، "ليثبت الريمي بأنه جدير بهذا المنصب الكبير وأنه سوف يقوم بالثأر لناصر الوحيشي، ويكتسب بالتالي شعبية أكبر". ويقصد عبيد بالهجمات الخارجية هنا: "هجمات في الأراضي الأمريكية والأوروبية. خصوصا أن صانع القنابل الخفية إبراهيم العسيري مازال موجودا. فهو يعتبر الآن سر التنظيم وقوته التي يمكن أن يتوجه بها إلى الخارج. هذا الشاب استطاع أن يصنع قنابل أحدثت قلقا خارجيا". ولكن الأمور ليست بهذه السهولة، وتنظيم القاعدة يقف أمام تحديات كبيرة مع التطورات في المنطقة عموما وفي اليمن خصوصا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق