الأحد، 3 مايو 2015

المرأة العربية تتقدم في الخليج وتتراجع في دول الربيع العربي

العربزمن ما بعد الربيع العربي شهدت فيه العديد من الدول العربية تعقيدا في الأوضاع السياسية والاجتماعية، لكن رغم ذلك استفادت النساء نسبيا منها بعكس ما يعتقد كثيرون، هذا ما فسرته إحدى السيدات المشاركات في تعزيز نفوذ المرأة العربية في أدوار القيادة في أجندة السلم والأمن، الذي أقيم مؤخرا على هامش أعمال هيئة الأمم المتحدة للمرأة، عندما قالت "الحرب والدمار فرصة للمرأة العربية بعد أن أسفرت الأوضاع المأساوية عن قيامها بدور جديد ومتغير مع انخراط الرجال في الحروب". ومن المفارقات اللافتة تزامن الحديث عن وضع النساء العرب مع تولي دينا قعوار مندوبة الأردن لدى الأمم المتحدة رئاسة مجلس الأمن في شهر أبريل المنصرم، لتكون أول امرأة عربية تتولى رئاسة المجلس منذ تأسيسه قبل سبعين عاما. هذه الدلالة تصلح لأن تكون مدخلا آمنا للقول إن وضع المرأة العربية ليس في غاية السوء، مقارنة بنساء العالم، لكن ما يلفت الانتباه هو التبدل الظاهر في الأوضاع البينية، حيث تحسنت أحوال النساء وازدادت مكاسبهن في بعض المجتمعات الخليجية، التي كانت تصنف باعتبارها محافظة، بينما تراجعت في مجتمعات أخرى كانت بلغت فيها المرأة مكانة مرموقة في أوقات سابقة مثل مصر وتونس. التحسن الملموس في أوضاع النساء الخليجيات، خاصة في الإمارات والبحرين، كنموذجين حققا ما يمكن تسميته بالطفرة في تمكين المرأة، يمكن إرجاعه إلى نجاح الدولتين في ضبط وتجاوز بعض الأسباب التي ترى تقارير المنظمات الدولية المعنية بتمكين المرأة، أنها تعوق التقدم في تأمين حقوقها، وأهمها الأزمات الاقتصادية، وأسعار الغذاء، والتشدد الديني وأثره على حقوق النساء.
في المقابل تراجعت نسبيا أوضاع النساء في دول أخرى، كانت رائدة في مجال حقوق المرأة، مثل مصر وتونس والسودان، تأثرا بالنزاعات السياسية والعسكرية المتتالية في السنوات الأخيرة، وتحديدا منذ بدء ثورات الربيع العربي، إلى جانب استمرار الأزمات الاقتصادية، والصعود اللافت لحركات التشدد الديني في تلك المجتمعات، والتي جاء انتشارها على حساب مكاسب المرأة في بعض المجتمعات العربية. من المفارقات الغريبة أن يكون عام 2002 عام التحول في نيل المرأة في الإمارات والبحرين لجملة من حقوقها، حيث كان إقرار الدستور المعدل في 14 فبراير 2002 خطوة مفصلية للبحرينيات، بما تضمنه من مكاسب جديدة لهن، أبرزها التمتع بالحقوق السياسية بصورة عامة، بما يعني عدم الاقتصار على الحقوق الانتخابية، وإنما يمتد ليشمل حقها في المعرفة السياسية والاعتصام والتظاهر والمشاركة في الجمعيات السياسية وغيرها من الحقوق التي تدخل ضمن إطار الحق السياسي. أما في الإمارات فكانت إستراتيجية تقدم المرأة مفتاح حصول النساء على حقوقهن، التي دشنتها الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيس الاتحاد النسائي العام والرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية ورئيس المجلس الأعلى للأمومة والطفولة عام 2002.
حيث بموجب النتائج الإيجابية لهذه الإستراتيجية تمكنت المرأة الإماراتية من اقتحام مجالات عمل ظلت لعقود طويلة حكرا على الرجال، مثل القضاء والنيابة العامة والطيران المدني والعسكري، إلى جانب العمل الدبلوماسي، حيث توجد حاليا 7 سيدات يعملن كسفيرات وقناصل، وعدد كبير في مناصب دبلوماسية أخرى. كما تشغل المرأة الإماراتية حاليا أربعة مقاعد وزارية في واحدة من أعلى النسب تمثيلا على المستوى العربي، وتتمثل بسبع عضوات في المجلس الوطني الاتحادي في دورته الحالية، من بين أعضائه الأربعين بنسبة 22 بالمئة بينهن الدكتورة أمل القبيسي، أول امرأة تنتخب لشغل منصب النائب الأول لرئيس المجلس الوطني الاتحادي في الدورة الحالية. بينما كان عام 2011 نقطة تحول سلبية في حقوق المرأة في الدولتين اللتين قادتا الربيع العربي، وهما تونس ومصر، بسبب احتدام الصراعات السياسية العنيفة، ما أدى إلى استهداف النساء، بزعم أنهن الحلقة الأضعف، خاصة في ظل صعود التيارات الدينية المتشددة في سدة الحكم. هنا يمكن الإشارة إلى أن بعض المنظمات المعنية بحقوق النساء في مصر رصدت كشواهد على التوظيف السياسي لهن، واستخدام أدوات الترغيب والترهيب ضدهن، بداية من استنكار خروج المرأة للعمل السياسي، وترهيبها من التواجد في ميادين الثورة، وبث دعايات معادية لوجودها في العمل العام، مثل إلصاق التهم الأخلاقية بالناشطات المتظاهرات.
ورغم انحياز المرأة الواضح للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ووجود 4 وزيرات في حكومة المهندس إبراهيم محلب الحالية، إلا أن حركة تغيير المحافظين الأخيرة التي شهدت تعيين ثلاث نساء في منصب نائبات المحافظ، أصابت بعض المنظمات النسائية بحالة إحباط غير مبررة بحسابات المنطق والواقع، جراء ضآلة حصة المرأة فيها، الأمر الذي راعاه الدستور المصري الجديد، حيث ضمن نسبة محددة للمرأة داخل البرلمان، بغرض تمكينها من التمثيل الجيد في مجلس النواب المقبل. تراجع تمكين النساء في تونس اعترفت به سميرة مرعي فريعة وزيرة المرأة في تصريحات صحفية، أشارت فيها إلى أن حضور المرأة في المجال السياسي ضعيف، حيث لا توجد سوى سيدة واحدة تعمل والية لمحافظة، و8 نساء أعضاء في الحكومة، وهي أرقام متواضعة، مقارنة بالكفاءات النسائية ومكانة المرأة في تونس وتاريخها النضالي الطويل.
المكاسب السياسية للمرأة ستظل عرضة للشد والجذب، حسب زاوية التقييم عند الجهات المختلفة، لكن المشكلة الأهم تظل التحرش بالنساء بنوعيه اللفظي والجسدي اللذين ينتشران بشكل كبير في دول شمال أفريقيا، وربما تعاني المصريات بدرجة أكبر منهما، عقب تزايد الضغوط الاقتصادية وتأخر سن الزواج، فضلا عن تراجع المنظومة القيمية لبعض فئات المجتمع، وعدم وجود وسائل رادعة لها حتى وقت قريب. وذكر تقرير لقناة “بي بي سي” البريطانية أن ما بين 60 بالمئة و85 بالمئة من نساء وفتيات مصر تعرضن للتحرش مرة واحدة على الأقل، وهي نسبة عالية، رغم تناسبها مع المعدلات العالمية التي وردت في تقرير “تقدم نساء العالم” الذي أصدرته الأمم المتحدة منذ أيام، وأشار إلى أن 61 بالمئة من النساء العاملات في قطاع الخدمات على مستوى العالم يعانين من التحرش الجنسي في مكان عملهن. ومن المستجدات التي أوردها تقرير تقدم نساء العالم، الذي أطلقته الأمم المتحدة من أماكن مختلفة بينها مكتبة الإسكندرية، قوله إن 83 بالمئة من العاملات في المنازل بجميع أنحاء العالم من النساء، لا يحصل نصفهن على الحد الأدنى للأجور، بينما النساء في دولة الإمارات يدرن استثمارات تصل إلى حوالي 12.26 مليار دولار تتحكم فيها 22 ألف سيدة أعمال مسجلة في غرف التجارة والصناعة الإماراتية من خلال 25 ألف مشروع اقتصادي وتجاري. بينما قـدرت دراسات اقتصـادية أن النساء في دول الخليج يدرن استثمارات تصـل إلى 350 مليـار دولار، بنسبـة تبلغ 21.87 بالمئة مـن حجم الاستثمارات الإجمـالية، تتقدمهن الكويتية الشيخة سعاد الحميضى التي انضمت لقائمة أغنياء العرب، حسب مجلة “فوربس” العربية في أبريل من العام الحالي، بثروة قدرت بـ147.41 مليون دولار.
هذه النسبة تتفوق على المعدلات العالمية، وتعكس الوضع المميز الذي وصلت إليه المرأة في دول الخليج، فوفقا لما ذكره تقرير الأمم المتحدة تتراوح نسبة تمثيل المرأة في مجالس ست إدارات من المؤسسات الاقتصادية العالمية الأكثر نفوذا بين 4 و20 بالمئة. ومع أنه لا تتوافر معلومات موثقة ورسمية عن حجم الاستثمارات النسائية في مصر ودول المغرب العربي، إلا أنه يمكن ملاحظة تراجع تواجد سيدات الأعمال في صدارة المشهد في تلك الدول. ويزداد الوضع سوءا في اليمن التي بلغت نسبة شغل النساء فيها مناصب إدارية عليا ومتوسطة 2 بالمئة فقط، حسب تقرير لوكالة رويترز ورد بداية العام الحالي. لكن رغم التباين الواضح من دولة إلى أخرى، تبقى أوضاع المرأة العربية مقبولة بالمقارنة مع أوضاع النساء في العالم، خصوصا في المجالات الاقتصادية وسوق العمل، بشهادة تقرير الأمم المتحدة نفسه، الذي أشار إلى أن حوالي 54.4 بالمئة من المصريات يتقاضين رواتب أقل من أزواجهن، مقابل 5.4 بالمئة فقط يجنين رواتب أكبر، و18 بالمئة يتقاضين نفس الراتب. وتقل النسبة قليلا في الأردن، حيث تحصل 48.6 بالمئة من النساء على رواتب أقل من أزواجهن، مقابل 10.4 بالمئة يتقاضين رواتب أكبر، و12.7 بالمئة متساوون في الرواتب، وهي نسب معقولة مقارنة بالنسب العالمية.
كما كشف التقرير أن المرأة تحصل على أجر يقل بنسبة 24 بالمئة عن أجر الرجل، ومن المفاجآت أن المرأة الحاضنة في فرنسا والسويد تكسب أقل بنسبة 31 بالمئة مما يكسبه الرجل، وفي ألمانيا 49 بالمئة أقل من الرجل، أما في تركيا فيمكن للمرأة أن تكسب أقل بنسبة 75 بالمئة من الرجل. بشكل عام تستطيع المرأة العربية أن تفخر بما انتزعته من حقوق، خاصة في ضوء حقيقتين مهمتين تحكمان تعامل دول العالم في قضية تمكين النساء، الأولى أن المنظمات الدولية المعنية بالأمر لا تتجاوز الحدود النظرية في المطالبة بحقوق المرأة. وقد تضمن تقرير تقدم نساء العالم الكثير من العبارات المثالية من عينة أنه لا تنمية حقيقية بدون مشاركة حقيقية للمرأة، إلى جانب توصية الحكومات باستخدام المزيد من السياسات الاقتصادية والاجتماعية، والاعتراف بحق المرأة في وظيفة لائقة ورعاية صحية وحياة خالية من العنف والتمييز. أما الحقيقة الثانية فهي أن العالم ككل لا يزال بعيدا جدا عن تحقيق فكرة المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، رغم مرور 20 عاما على مصادقة 189 دولة، على ما يعرف بإعلان بكين لتمكين المرأة عام 1995، حيث يعترف موقع هيئة الأمم المتحدة للمرأة أنه “لو تواصل الأداء الحالي للدول المختلفة في التعامل مع مسائل تمكين المرأة سيكون العالم بحاجة إلى 81 عاما لتحقيق هدف التكافؤ بين الجنسين في المشاركة الاقتصادية ولـ50 سنة إضافية لتحقيق التكافؤ في التمثيل البرلماني”.

هناك تعليق واحد:

  1. شركة تنظيف خزانات بمكة
    شركة صقر البشاير تقدم لكم خدمات تنظيف الخزانات بمكة والطائف بأفضل الاسعار على الاطلاق ومن خلال فنيون متخصصون
    تنظيف خزانات بمكة
    شركة تنظيف خزانات بالطائف
    تنظيف خزانات بالطائف
    اتصل بنا: 0500941566
    http://www.elbshayr.com/6/Cleaning-tanks
    التسويق الالكتروني و تسويق مواقع لشركة ميكسيوجي

    ردحذف