الخميس، 28 مايو 2015

بريطانيا_استفتاء كاميرون يخيف المهاجرين في بريطانيا

وكالات: أعلنت الحكومة البريطانية، أمس الأربعاء، عن مشروع قانون للاستفتاء حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، ولكنها لم تتطرق إلى تشريع مثير للجدل بشأن حقوق الإنسان وذلك خلال الجلسة الافتتاحية للبرلمان. وقالت الملكة إليزابيث الثانية في خطاب رسمي شمل 26 مشروع قانون، يعرف باسم خطاب الملكة، وتلقيه نيابة عن الحكومة الجديدة لحزب المحافظين بزعامة كاميرون "حكومتي سوف تعيد التفاوض بشأن علاقة المملكة المتحدة بالاتحاد الأوروبي". وأضافت "إلى جانب ذلك، سوف يتم طرح تشريع لإجراء استفتاء حول عضوية البلاد في الاتحاد الأوروبي قبل العام 2017". ويأتي الخطاب في خضم جولة دبلوماسية لكاميرون هذا الأسبوع في عدة عواصم أوروبية كبرى تشمل باريس وبرلين لحشد الدعم لقضيته من أجل إصلاح الاتحاد الأوروبي. وقال كاميرون في بيان عقب خطاب الملكة "لدينا تفويض من الشعب البريطاني وبرنامج مفصل يجب تطبيقه"، مضيفا "سنبدأ العمل دون إضاعة دقيقة واحدة". ومن المتوقع أن يتبنى التشريع الذي يدعم الاستفتاء الذي سيطرح، اليوم الخميس، على المجلس شروط الأهلية التي استخدمت في الانتخابات البرلمانية ممّا يعني أنه لن يتم السماح لحوالي مليون ونصف مواطن من الاتحاد الأوروبي يعيشون في بريطانيا بالتصويت. وتؤكد مصادر حكومية أن مسودة قانون الاستفتاء ستبقي إمكانية التصويت في العام المقبل مفتوحة ولن تحدد موعدا لهذا الاستحقاق، مشيرة إلى أن مجلس العموم قد يناقش المسودة اعتبارا من الشهر القادم. وتفتح مسألة الاستفتاء الباب على مصراعيه حول تأثيرها على الأقلية المسلمة والمهاجرين بشكل عام، فضلا عن احتمال بقاء بريطانيا ضمن النادي الأوروبي، غير أن مراقبين يعتقدون أن هذا النقاش التاريخي الدائر في الأوساط السياسية جعل المجتمع منقسما حول هذه القضية.
ومع أن المسلمين والمهاجرين يبدون مخاوف من صعود اليمين المتطرف الذي لم يحقق أي شيء يذكر في الانتخابات الماضية، بيد أن المهاجرين تحديدا باتوا أكثر قلقا مع حكم المحافظين هذه المرة لا سيما مع طرح مسألة "الانفصال" عن أوروبا لما لها من تأثير عكسي على المدى البعيد عليهم. وهناك العديد من الأسباب التي يبرزها كاميرون في كثير من خطاباته بخصوص الخروج من النادي الأوروبي على الرغم من أنه يرى أهمية للاتحاد الأوروبي بالنسبة إلى البريطانيين، لكن الجالية المسلمة لا تبدو متخوفة من هذه الخطوة التي لن تجعلها في عزلة عن بقية أوروبا. ولن يكون المهاجرون نحو بريطانيا بمعزل عن التجاذبات السياسية بخصوص الاستفتاء المثير للجدل ولا سيما بعد أن تعهد رئيس الوزراء، الأسبوع الماضي، بحملة لا هوادة فيها لتقليل الهجرة إلى بلاده وذلك في أول حراك له عقب فوزه بالانتخابات العامة مطلع الشهر الجاري.
ويرى متابعون في "استفتاء كاميرون" مناورة سياسية يسعى حزب المحافظين من خلالها إلى الضغط بقوة بغرض إعادة التفاوض مع الاتحاد على شروط جديدة تعيد لبريطانيا "هيبتها" التي انتزعت منها. ويريد كاميرون استعادة بعض السلطات التي تخلت عنها لندن للاتحاد بما في ذلك تحديد ساعات العمل والاتفاقيات المتعلقة بالجوانب الأمنية وتبادل المجرمين والأهم هو تبديد مخاوف بريطانيا من سيطرة دول منطقة اليورو الـ17 على مجريات اتخاذ القرار في الاتحاد. وعلى الرغم من هذه الأسباب الذي وضعها كاميرون وحزبه لرسم مستقبل أكثر استقرارا أمام المملكة المتحدة، إلا أن البعض يؤكد أن خروج بريطانيا من الاتحاد قد يؤثر على الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد، ما سينعكس سلبا على شتى المجالات الأخرى المرتبطة أصلا بقيام التكتل. وفي ردود فعل الأحزاب السياسية البريطانية، اتهم زعيم الديمقراطيين الليبراليين ونائب رئيس الوزراء السابق نك كليغ، كاميرون بالتخلي عن "الموقف الليبرالي" الذي تبناه التحالف الحكومي السابق. في المقابل، قالت هاريت هارمان التي تتولى قيادة حزب العمال ثاني أكبر حزب في البلاد بالنيابة حاليا إن "المحافظين يريدون جعل شعوب البلاد في خلاف ضد بعضها ويهددون حقوق العمل الأساسية".
وعلى الصعيد الخارجي، ترى دول أوروبية وخاصة فرنسا وألمانيا أن الاتحاد ضرورة حتمية لما بعد الحرب العالمية الثانية التي كانت نتائجها مدمّرة بالنسبة إلى أوروبا، بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة ترى أهمية ومحورية الاتحاد، حيث تعتقد أن دور بريطانيا داخله أهم بالنسبة إليها من دورها خارجه، وهو بالتالي ما يعقد الأمور بالنسبة إلى البريطانيين أنفسهم. واضطر كاميرون خلال فترة ولايته الأولى للتعهد بتنظيم الاستفتاء استجابة لضغط من أحزاب المعارضة وفي مقدمتهم العمال وكذلك من عدد كبير من نواب حزب المحافظين بسبب تذمر قسم لا بأس به من البريطانيين من تدفق المهاجرين الأوروبيين واستفادتهم غير المشروطة من نظامي الخدمات الاجتماعية والصحية، فضلا عن الوظائف والتعليم. ورغم الكم الهائل من الانتقادات فإنه بات بإمكان رئيس الوزراء عقب فوزه بالغالبية الساحقة في الانتخابات العامة، المضي قدما في خطط كان حلفاؤه السابقون يعرقلونها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق