الأربعاء، 15 أبريل 2015

الولايات المتحدة الامريكية_إدارة أوباما وأولويات الصراع السعودي الإيراني

دويتشه فيله: النزاعان القائمان في اليمن والعراق يعتبران مسرحاً لصراع بالوكالة بين المملكة العربية السعودية وإيران. ولكن من خلال الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة، يبدو واضحاً أن المفاوضات حول برنامج طهران النووي تلعب دوراً حيوياً. يعلنها مايكل دوران، الباحث في معهد هدسون الأمريكي بواشنطن المعروف بانتمائه للتيار المحافظ، بكل وضوح أن "كل شيء متصل ببعضه"، في إشارة إلى الصراعات والحروب الأهلية الجارية في اليمن والعراق وسوريا، وهي نفس الدول التي تتصارع على النفوذ فيها كل من السعودية وإيران. الرئيس الأمريكي باراك أوباما يواجه بالتأكيد صعوبات في التأقلم مع الأوضاع المتغيرة باستمرار في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى الصراعات التي تبرز بسرعة خاطفة، ما يجعل تطوير إستراتيجية مستدامة في المنطقة أمراً مستحيلاً بالنسبة لإدارته. ويتضح ذلك جلياً من خلال الصراع في اليمن بين جماعة الحوثيين المدعومين عسكرياً من قبل إيران وأنصار الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الذي تسانده السعودية. وبعد أن أثنى أوباما مؤخراً على اليمن كمثال ناجح في محاربة الإرهاب، اضطر الجنود الأمريكيون هناك إلى إخلاء قواعدهم العسكرية هناك على عجل بعد التقدم السريع للحوثيين. وفي ما ألقت الولايات المتحدة بثقلها وراء السعودية في الصراع اليمني، إلا أنها تقاتل في العراق إلى جانب المليشيات الشيعية التي تقودها إيران ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، المعروف إعلامياً أيضاً بـ"داعش".
كل شيء متصل بإيران
وفي تفسيره لهذا التناقض، يقول مايكل دوران: "كل شيء له علاقة بإيران. الرئيس أوباما يريد إعادة إيران إلى اللعبة السياسية، والهدف الاستراتيجي من وراء المحادثات حول برنامج طهران النووي هو إعادة تطبيع العلاقات مع إيران". كما أن هناك رأياً سائداً بين الدبلوماسيين الأوروبيين، بحسب دوران، بأن "أوباما يريد استبدال السعودية، التي كانت حتى الآن حجر الزاوية في الإستراتيجية الأمريكية بالمنطقة، بإيران"، إلا أنه يرى أن ذلك لا يعدو كونه تفسيراً مبالغاً فيه للأحداث. ولكن الرياض تتابع المحادثات النووية بشيء من عدم الثقة. فرغم أن التدخل العسكري للسعودية في اليمن يستهدف الحوثيين، إلا أن للسعودية هدفاً أبعد. حول ذلك يقول الباحث الأمريكي: "السعودية تحاول بناء تحالف مضاد لإيران وإلى حد ما ضد أمريكا أيضاً. هذا التحالف ليس موجهاً ضد الولايات المتحدة بمجملها، ولكن ضد سياسة إدارة أوباما الحالية". ويوضح مايكل دوران أن السعودية ومصر والأردن والإمارات، وإلى حد ما تركيا، ترى في اتفاق نووي محتمل بين إيران والغرب "ليس فقط تراجعاً للولايات المتحدة، بل وتوسعاً لنفوذ إيران بالمنطقة".
لا بديل عن السعودية في واشنطن
وحتى إن كانت السعودية قد أبلغت الولايات المتحدة بنيتها الهجوم على اليمن قبل بدء عمليات "عاصفة الحزم" بساعة واحدة، إلا أنه لم يكن في وسع واشنطن دعم هذه الحملة، المستمرة منذ أسبوعين، بأكثر من إمداد طائرات التحالف الذي تقوده السعودية بالوقود وتزويد أعضاء التحالف بمعلومات استخباراتية. وفي هذا الصدد، يقول دوران: "لا يريد الأمريكيون انشقاقاً بينهم وبين السعوديين. إنهم قلقون حيال الموقف الراهن، ويخشون من أن تكون هذه حرباً لا يمكن الانتصار فيها. كما يخشون أيضاً أن يؤثر ذلك على موقف إيران تجاههم". من جانبه، يفسر بلايز ميشتال، من مركز "بايبارتيزان بوليسي" في واشنطن، الانخراط المحدود للولايات المتحدة في التحالف السني الذي تقوده السعودية على أنه جزء من عملية توازن صعبة اعترف بها الرئيس أوباما مؤخراً في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز". ويضيف ميشتال: "لقد أرسى ذلك قواعد مبادئ أوباما في الشرق الأوسط، والتي تبدو وكأنها نبعت من (المستشار الألماني السابق) بيسمارك. وتتلخص الفكرة في أن الاستقرار في الشرق الأوسط لا يمكن جلبه دون موازنة القوى".
الحفاظ على التوازن الشيعي السني
وتركز هذه المبادئ بشكل خاص على تحقيق توازن بين الكتلة الشيعية التي تقودها إيران والكتلة السنية. ويوضح الباحث في مركز "بايبارتيزان بوليسي": "يتضح ذلك من خلال دعم أوباما للتحالف السني الذي تقوده السعودية في اليمن ضد الحوثيين الشيعة، وفي نفس الوقت قيادة المفاوضات مع إيران الشيعية بشأن برنامجها النووي. كما أن الولايات المتحدة تقاتل على الأرض إلى جانب وحدات مقاتلة شيعية عراقية وإيرانية ضد مجموعات سنية متطرفة في كل من العراق وسوريا، والمتمثلة في تنظيم ’الدولة الإسلامية'". ومثل كثير من المشككين في سياسة أوباما الخارجية، لا يثق بلايز ميشتال بأن هذه الإستراتيجية قد تؤتي أكلها، إذ يتابع بالقول: "إذا ما نظرنا إلى السنوات الثلاث الماضية، أو حتى الشهور الثلاثة الماضية، سنجد أن الفوضى زادت في الشرق الأوسط. فقد بدأت الأمور في سوريا، عندما تحولت المعارضة السياسية للنظام إلى حرب أهلية معبأة دينياً، الأمر الذي أعطى دفعة للتنظيمات الإرهابية المتطرفة وأتاح لها السيطرة على أجزاء من العراق وسوريا"، بحسب ميشتال. والآن، أضيف إلى ذلك ما يحصل في اليمن، والذي "أعطى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب دفعة جديدة". ويحذر ميشتال من أن التشابه في الظروف بين سوريا واليمن لا يمكن غض البصر عنه، ذلك أن الفوضى المستمرة هناك تشكل أرضاً خصبة لتنظيم "الدولة الإسلامية"، والذي امتد إرهابه إلى أجزاء واسعة من العراق ويواجه الآن حرباً من تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة. ويضيف بلايز ميشتال: "بسبب عدم قدرة الجيش العراقي على مقاتلة تنظيم ’الدولة الإسلامية’، تولت في حقيقة الأمر مليشيات شيعية وإيران مهمة قتال التنظيم". ولكن مايكل دوران من معهد هدسون بواشنطون يرى في هذا "التنسيق مع إيران" خطأ، ذلك أنه أدى إلى نفور الدول السنية المتحالفة مع السعودية. ويشرح دوران ذلك بالقول: "لقد غضب السنة عندما رأوا الطائرات المقاتلة الأمريكية تشق طريقاً للمليشيات الشيعية من أجل استعادة تكريت". وإذا ما تكرر ذلك في المعركة على الهدف القادم، المتمثل في مدينة الموصل، فإن "ذلك سيدفع كل سني قادر على القتال إلى صفوف تنظيم ’الدولة الإسلامية’".
وحدة العراق
وإذا ما تتبع المرء تفسير الباحث بلايز ميشتال، فإن الدعم الأمريكي للمليشيات الشيعية التي تقودها إيران قد يفضي إلى تفكيك العراق. لكن ذلك بالضبط ما تريد إدارة أوباما منع حدوثه، وذلك كان سبب سعيها لاستبدال رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، والذي كان قد سبب حالة استقطاب حادة في البلاد. بالنسبة للولايات المتحدة، فإن وحدة العراق والتعاون البنّاء بين السنة والشيعة والأكراد هي من أهم شروط نجاح المعركة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية". حول ذلك يوصي بلايز ميشتال بأن تضع الإدارة الأمريكية ذلك على رأس أولوياتها في المنطقة، لاسيما أثناء استقبال أوباما لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في البيت الأبيض يوم الثلاثاء، مضيفاً: "خلال اللقاء سيبرز أوباما مدى حرصه من خلال دعوته رئيس الوزراء العراقي لجعل وحدة العراق أهم هدف". ويتطلع الباحث الأمريكي إلى المستقبل، وذلك بالحديث عن "إستراتيجية ما بعد داعش"، والتي ينبغي أن يكون هدفها الأساسي الحفاظ على العراق كوحدة سياسية مترابطة. لكن ذلك يعتمد على طريقة التعامل مع "حملات التطهير الديني، التي سمحت لتنظيم ’الدولة الإسلامية’ في بادئ الأمر بالتجذر في العراق"، حسب قوله.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق