الاثنين، 6 أبريل 2015

ليبيا_ حصون القذافي تتحول إلى مساكن عشوائية ومكب للنفايات

طرابلس – (أ ف ب): تحولت أبنية مجمّع «حصن باب العزيزية»، البيت الأشهر للعقيد معمر القذافي، بعج الثورة الليبية إلى ركام، وحصونه إلى سوق للحيوانات ومكبّ للنفايات، ولم يبقَ منه سوى قطع من البلاط الأخضر لتدل على وجوده. واختفى البيت الذي قصفته الطائرات الأميركية عام 1986 تماماً، وبقيت أجزاء فقط من أرضيته الخضراء، وأمامه آثار السراديب والأنفاق التي تقول روايات سكان العاصمة الليبية إنها كانت متّصلة بالمطارات والثكنات ووسط المدينة.

ولم يعرف تاريخ تدمير المنزل الذي كان القذافي يستقبل فيه ضيوفه، لكن السلطات أمرت في آب (أغسطس) 2012 ببدء هدم أبنية المجمع، معلنةً نيّتها تحويل المجمع الواقع في جنوب العاصمة طرابلس والمقام على مساحة نحو ستة كليومترات مربعة إلى منتزه، لكن المشروع تعطّل بعد تدفق عشرات اللاجئين إليه، محتلين ما تبقى من أبنيته.

ويدخل السكان عبر بوابة صغيرة إلى جانب المدخل الرئيسي السابق للمجمع، فيما يركنون سياراتهم أمام المواقع التي يقيمون فيها، ويوزّع آخرون ملابسهم المبللة على نوافذ هذه المواقع وشرفاتها. وكُتبت على جدران ما تبقى من الأبنية أسماء كتائب الثوار التي دخلت «باب العزيزية» وأسماء مقاتلين قُتلوا خلال مواجهتهم قوات القذافي، إلى جانب شعارات مناهضة له بينها «أين انت يا مؤلف كتاب الإفتراء»، في إشارة إلى «الكتاب الأخضر».

يُذكر أن القذافي أقام في منطقة باب العزيزية بعد الانقلاب الذي حمله إلى السلطة في عام 1969، وبدأ يتوسع في حصنه، إذ قام بهدم منازل مجاورة للمجمع، وألغى طرقاً كانت تمر بالقرب منه.

وأحيط المجمع الذي كان يضم معسكرات وخيم استقبال ومقرات سياسية ومنازل للقذافي، بثلاثة أسوار اسمنتية، أولها سور رئيسي على الطريق العام طُلي بالأخضر وامتد على مسافة نحو 7300 متر، إذ لم تكن تبرز منه سوى أبراج المراقبة، واستبدل اليوم بسور حديدي أبيض.

وقال أحد سكان طرابلس إن «الناس كانت تخاف من مجرد النظر إلى السور خشية أن تُعتقل. وتجنب الناس كذلك السير على الرصيف الموازي له». وطال التدمير والتخريب منازل الرجل الذي حكم ليبيا أربعة عقود بيد من حديد، قبل أن يُقتل في الثورة، في أماكن أخرى بينها مقره في سبها جنوباً، ومنزله قرب مدينة شحات الأثرية شرقاً الذي لا يزال يحافظ على بعض معالمه.

واُزيل نصب «القبضة الذهبية» الواقع أمام «بيت الصمود» الذي يصور قبضة يد تسحق طائرة أميركية، من مكانه ونُقل إلى مدينة مصراتة الواقعة شرق طرابلس التي تعرضت إلى حصار طويل أثناء الثورة.

وقال مدير العلاقات العامة والإعلام في وزارة السياحة في حكومة طرابلس، عادل محمد فارينة إن "هذا الموقع كان رمزاً لحقبة القذافي واليوم دُمر هذا الرمز وسُوّي بالأرض»، مضيفا انه «لم يكن معقولاً أن يتحول هذا المنزل إلى متحف، لأنه لا يمكن أن نقيم متحفاً لحقبة سوداء كهذه، إذ من الممكن أن نذكرها بفقرة بسيطة في بعض المراجع والكتب، ولكن لا يمكن أن يبقى كما هو».

وأقامت مجموعة من التجار سوقاً للحيوانات في مقر القذافي الذي كان يعرف بإسم «كتيبة الفضيل بو عمر»، والذي يمتد على حوالى 10 هكتارات في مدينة بنغازي الواقعة على بعد نحو ألف كلم شرق طرابلس. وتُعرض أقفاص الطيور في صفوف يقف خلفها التجار، ويقف أمامها الفضوليون والمشترون الذين يتنافسون في الحصول على الطيور والقطط والكلاب بأسعار تتخطى أحياناً مئات الدولارات.

واستقرت عائلات لاجئة في بعض المقار داخل المعسكر الذي يعود إلى فترة الإحتلال الايطالي، إذ قال أحد قاطني المعسكر: «كنا نحلم بحياة أفضل عقب سقوط القذافي، لكن ها نحن نعيش على أنقاضه»، معتبراً هذا «رسالة قوية إلى حكام ليبيا الجدد، فلو منح القذافي الليبيين حرية وكرامة ومستوى معيشة لائقاً، لما سقط عرشه وصرنا نحن هنا».

وأعيد في المجمع افتتاح شارع كان مقفلاً منذ الثمانينات يربط بين شمال بنغازي وجنوبها ويمتد لنحو 50 كلم، ويحمل إسم الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر. واحتلت جماعة «أنصار الشريعة» الموالية لتنظيم «القاعدة» في أوائل عام 2012 بيت القذافي الشخصي داخل المجمع، وجعلت منه مقراً رئيسياً لها، خصوصاً وأنه يقع داخل سور محاط بأبنية سكنية.

وهدم الفريق أول ركن خليفة حفتر البيت في الحملة الثانية التي أطلقها في 15 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي لاستعادة مدينة بنغازي من أيدي جماعات متشددة، إذ أزيل تماماً وباتت أطرافه مكبات للنفايات التي يتم حرقهاً يومياً. وقال أحد سكان بنغازي إن «هذا المكان يليق أن يكون مكباً للنفايات فقط، لما حمله خلال فترة قاتمة السواد، من ذكريات أليمة».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق