الاثنين، 20 أكتوبر 2014

ليبيا_ «كشف حساب» في الذكرى الثالثة لمقتل القذافي

.. (photo: )
..
في مثل هذا اليوم من العام 2011 قُتل العقيد معمر القذافي بمسقط رأسه في مدينة سرت، ومعه اللواء أبو بكر يونس جابر وزير دفاعه، وابنه المعتصم معمر القذافي، ونُقل جثمانه إلى مدينة مصراته، لتنتهي حقبة استمرت 42 عامًا، بدأت بانقلاب الجيش على النظام الملكي في الأول من سبتمبر العام 1969، ولتنتهي بثورة الشعب الليبي في 15 فبراير 2011.

سمات العهد الجديد
انطلق العهد الجديد لثورة 17 فبراير بتوافق شَكَّل أرضية متماسكة استطاعت العبور بالثورة في مراحلها الأولى الهشة والخطيرة، وتمثَّـل هذا التوافق في نقل السلطة من ائتلاف 17 فبراير بقيادة الشهيد المحامي عبد السلام المسماري إلى المجلس الوطني الانتقالي بقيادة المستشار مصطفى عبدالجليل، الذي سلم السلطة بشكل طوعي ومدني إلى انتخابات 7يوليو 2012، التي مهَّـدت لبدء مرحلة نقل السلطة بشكل ديمقراطي عبر صناديق الانتخابات.

عقبة السلاح والمجموعات المسلحة
وفي وقت عبرت فيه الثورة بسلام عقبة نقل السلطة من مرحلة التوافق إلى مرحلة الانتخاب، نجد أنَّها تعثَّـرت في عملية نقل السلاح من أيدي المدنيين إلى مؤسسة الجيش، وبدل من أن تشهد مرحلة ما بعد 20 أكتوبر تراجعًا في أعداد المسلحين بالنظر إلى انتهاء النظام وسقوط آخر معاقله، تفاجأ المراقبون بقفز عدد المقاتلين من 50 ألفًا إلى أكثر من 200 ألف (بحسب إحصائيات هيئة شؤون المحاربين)، بروز ظاهرة تحوُّل السلاح من سلاح ثورة ضد نظام ديكتاتوري، إلى سلاح جهوي وقبلي وحزبي، أدى إلى صدامات أوقعت مئات القتلى والجرحى.

تدويل الصراع
على المسار السياسي، حدث ما يشبه الانتكاسة بعد النقلة السلمية الأولى، فعقب انتخابات 25 يونيو2014 التي نقلت السلطة من المؤتمر الوطني إلى مجلس النواب، حدث شرخٌ كبيرٌ في المسار الديمقراطي، إذ رفضت تشكيلات وشخصيات وكتل محسوبة على التيار الإسلامي نتائج الانتخابات، وشرعت في محاولة إعادة جدولة العملية السياسية، وبرزت فكرة موازنة شرعية الانتخابات بشرعية السيطرة على الأرض، وهنا تمت المزاوجة بين السلاح والسياسة وظهرت عملية قسورة في غرب ليبيا تنازع السلطة في شرعيتها وفي تمثيل دولة فبراير، أما في شرقها فقد رفضت تشكيلات متشددة ومسلحة المسار السلمي جملة، ورفضت مؤسسات فبراير جملة، وقدمت مشروعًا بديلاً، وظهر تحالف مجلس شورى ثوار بنغازي وأنصار الشريعة، مما أدى إلى بدايات جديدة لتدخل المجتمع الدولي في الشأن الليبي، وأطلقت مبادرة طارق ميتري مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، ولم تلق قبولاً لانحيازها الصريح لما وُصف بـ«الإسلام السياسي»، واستبدلت أخيرًا بمبادرة برناردينو ليون التي أحدثت خرقًا في جدار الصمت بين الفرقاء عبر لقاء غدامس، الذي جمع النواب المقاطعين ووفد مجلس النواب المنعقد في طبرق.

العودة للسلاح
وبعد ثلاث سنوات من مقتل القذافي وانتهاء عهده، تشهد ليبيا اليوم العودة للاحتكام للسلاح على حساب المسار الديمقراطي الذي وُلد يوم 7 يوليو 2011، وبروز عدة مجاميع مسلحة بعضها يقدم نفسه بديلاً على الشرعية المنتخبة، وبعضها يقدِّم نفسه بديلاً عن مشروع الثورة الذي قدم في بيان أنصار ثورة 17 فبراير وإعلان التحرير، والذي بشّر بدولة ديمقراطية وتعددية تحترم حقوق الإنسان وتدعم مبدأ تكافؤ الفرص، ووسط كر وفر بين التمسك بالشرعية والعمل من خلالها وبين نقض الشرعية والعمل بمعزل عنها، تمر الذكرى الثالثة لمقتل القذافي دون تحقيق طموحات الشعب الذي انتفض عليه، ووسط تكهنات غير متفائلة حيال مستقبل ليبيا السياسي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق