الثلاثاء، 9 سبتمبر 2014

ليبيا _ معارك بين المتطرفين في بنغازي.. وطرابلس تستعيد هدوءها الحذر*

إعلان الحكومة الليبية الجديدة اليوم ورئيس البرلمان يلتقي مبعوث الأمم المتحدة بطبرق
ليبيا المستقبل 
جريدة الشرق الأوسط: استعادت العاصمة الليبية طرابلس هدوءها أمس بعد اشتباكات متقطعة جرت بين ميليشيات مسلحة بوسط المدينة، بينما خاض تنظيمان متطرفان معارك عنيفة في مدينة بنغازي بشرق البلاد بعد محاولة اغتيال فاشلة تعرض لها أحد قادتها أول من أمس، فيما اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الأميركية ميليشيات ليبية بشن هجمات يمكن أن ترقى لجرائم حرب خلال أسابيع من القتال الذي استهدف السيطرة على طرابلس. وأجرى أمس برناردينو ليون، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها لدى ليبيا، محادثات مع صالح عقيلة رئيس مجلس النواب الليبي بمقره المؤقت في مدينة طبرق بأقصى شرق ليبيا.
وجاء هذا اللقاء الأول من نوعه بين الطرفين قبل ساعات من تقديم عبد الله الثني رئيس الحكومة الانتقالية قائمة حكومته الجديدة إلى المجلس اليوم، تمهيدا لمنحها الثقة المطلوبة. وقالت مصادر بالمجلس لـ«الشرق الأوسط» إن البرلمان سيجري اليوم تصويتا على الحكومة التي ستضم 18 حقيبة وزارية من المتوقع أن يحتفظ الثني فيها بمنصبه وزيرا للدفاع. وكان مجلس النواب الليبي قد حذر من التعامل مع الحكومة التي دشنها المؤتمر الوطني العام (السابق) والمنتهية ولايته برئاسة عمر الحاسي، المحسوب على الإسلاميين، وقال المجلس في بيان أصدره أول من أمس أنه يدعو ويحذر كل الأفراد والهيئات والمؤسسات والأجهزة والوزارات القائمة وكذلك الدول والهيئات والمنظمات الدولية من الاعتراف بالمؤتمر المنتهية ولايته وحكومته غير الشرعية والتعامل معها بأي حال من الأحوال.
وهدد المجلس بملاحقة المخالفين لهذا التحذير أمام القضاء الليبي والمحافل الدولية بما في ذلك إخضاعهم للتدابير المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بليبيا، لافتا إلى أنه يراقب «الأعمال والتصرفات غير الشرعية التي يمارسها بعض أعضاء البرلمان السابق، خصوصا قيامهم دون سند قانوني أو دستوري بتشكيل حكومة غير شرعية برئاسة المدعو الحاسي». وكانت حكومة الحاسي قد أدت أول من أمس اليمين الدستورية أمام صالح المخزوم النائب الثاني لرئيس البرلمان السابق الذي رفض الاعتراف بشرعية مجلس النواب، حيث عاود الانعقاد بعدما طردت ميليشيا من مدينة مصراتة فصيلا منافسا من مدينة الزنتان الغربية من المطار الرئيسي في طرابلس. ودعت الكتيبة التي تقودها مصراتة وتدعمها ميليشيا إسلامية تسمى عملية فجر ليبيا البرلمان السابق إلى استئناف العمل، بينما عارض فصيل الزنتان هذا الاتجاه.
والصراع جزء من الوضع الفوضوي في ليبيا، حيث كان أبناء الزنتان ومصراتة وحدوا صفوفهم في 2011 لإنهاء حكم العقيد الراحل معمر القذافي، لكنهم تحولوا الآن إلى الاقتتال الداخلي بسبب التنافس على السلطة وموارد النفط. إلى ذلك، قال سكان في العاصمة لـ«الشرق الأوسط» إن اشتباكات جرت مساء أول من أمس بوسط طرابلس بين أهالي بعض المناطق والأحياء السكنية وميلشيات تابعة لقوات ما يسمى بـ«عملية فجر ليبيا»، التي تضم مقاتلين من مصراتة وحلفائها المتطرفين. وأوضح هؤلاء أن الاشتباكات اندلعت بشكل مفاجئ قرب معسكر 77 بباب العزيزية وبجوار مقر وزارة الرياضة في السبعة بالإضافة إلى مقر وزارة البريد والاتصالات في حي بن غشير القريب من مطار طرابلس الدولي، لكن لم ترد أية تقارير عن سقوط ضحايا.
من جهتها شهدت مدينة بنغازي معارك عنيفة أمس على خلفية تعرض زياد بلعم آمر سرية مالك من محاولة اغتيال تعرض لها مساء أول من أمس، فيما قالت غرفة عمليات ثوار ليبيا المحسوبة على الجماعات المتطرفة إنه نجا منها لكنه أصيب في يده. وأطلق مجهولون النار على بلعم ولاذوا بالفرار، بينما شنت ميلشيات تابعة لبلعم وتنظيم أنصار الشريعة المتطرف، هجوما مفاجئا ضد قوات تابعة لما يسمى بدرع ليبيا التي يقودها وسام بن حميد التي يعتقد أنها متورطة في هذه العملية. وطبقا لما أبلغه ناشطون في المدينة لـ«الشرق الأوسط» فإن بلعم يعتبر أحد القادة الميدانيين للثوار أثناء الحرب التي أطاحت بنظام حكم العقيد القذافي عام 2011 بمساعدة من حلف شمال الأطلنطي (الناتو).
واندلعت أخيرا خلافات بين بلعم وتنظيم أنصار الشريعة المتطرف على خلفية رفضه للحرب التي يخوضها التنظيم ضد قوات الجيش الوطني الليبي في مدينة بنغازي والتي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، على الرغم من معارضة بلعم لحفتر. وقالت مصادر في المدينة لـ«الشرق الأوسط»: «في الأحداث الحالية صرح بلعم بأنه ليس مع الحرب؛ ولكنه أيضا ليس مع حفتر». ورد بيان أنصار الشريعة عليهم بتصريحه بأنه يمثلهم ولا يمثل أي أحد غيرهم. وأضافت: «بقي في بنغازي وعين منسقا بين الجيش وبين ثوار بنغازي، ولكن يبدو أن مساعيه فشلت، وخصوصا بعد سقوط معسكر الصاعقة. ولم يثبت أحد إلى الآن أن بلعم يشارك في القتال الدائر، مع تأكيدات على أن سريته ما زالت أغلبها متمركزة بالسرير والكفرة».
من جهتها قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية التي تتخذ من نيويورك مقرا لها إن الميليشيات قامت بخطف أشخاص ونهب ممتلكات وحرقها وتدميرها، وأضافت: «فر آلاف السكان من منازلهم خلال خمسة أسابيع من القتال بين تحالف فجر ليبيا الذي تقوده ميليشيات من مدينة مصراتة الساحلية وائتلاف من ميليشيات بلدة الزنتان الجبلية». وقال تقرير للمنظمة: «يبدو أن كلا الجانبين قد ارتكبا انتهاكات قد ترقى إلى مصاف جرائم الحرب». وقالت ساره ليا ويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة: «يتعين على القادة من الجانبين كبح جماح قواتهم وكسر حلقة الانتهاكات أو المخاطرة بالوقوف في صدارة طابور العقوبات المحتملة أو الملاحقة القضائية الدولية».
والصراع المسلح في طرابلس جزء من الاضطراب المتنامي الذي يضرب ليبيا منذ الإطاحة بالقذافي ومقتله عام 2011، حيث تخشى الدول الغربية ودول مجاورة أن تتحول ليبيا إلى دولة فاشلة بسبب الصراعات المسلحة بين الميليشيات التي تهدف للسيطرة على البلاد ومواردها النفطية. وتسبب العنف في طرابلس في انتقال الحكومة المركزية الضعيفة والبرلمان من المدينة إلى طبرق في شرق ليبيا بسبب عجز الحكومة عن السيطرة على الجماعات المسلحة الكثيرة في الدولة التي تعج بالأسلحة الثقيلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق