الاثنين، 16 يونيو 2014

ليبيا _رئيس وزراء ليبيا السابق أحمد معيتيق أنا ضد التطرف&

ليبيا المستقبل
عكاظ:
 أوضح رئيس وزراء ليبيا السابق أحمد معيتيق في حديث خاص بعد قبوله حكم المحكمة الدستورية في بلاده بعدم شرعية حكومته، أن كثيرا من الحركات المتطرفة استفادت من الفراغ الأمني خلال مرحلة تحول مؤسسات الدولة الأمنية من نظام شمولي سابق إلى نظام حديث يراعي الديمقراطية أو التراتبية وليس مبنيا على الأفراد. وأكد في حوار لـ«عكاظ»، أن المملكة لها مواقف وأدوار إيجابية مع الشعب الليبي، وتسعى باستمرار لأن تكون ليبيا دولة مستقرة والمواطن فيها يعيش حياة كريمة، وقال: إن على ليبيا الاستفادة من تجربة المملكة في مكافحة الإرهاب. وأضاف: إن البرلمان المقبل في ليبيا سيشكل بدون تكتلات سياسية، وأنه يرفض تماما أن يكون هناك حزب متطرف أو ينتمي إلى أيدولوجية متطرفة، معتبرا أن المجتمع الليبي وسطي ويبحث عن تطبيق الإسلام المعتدل. فإلى نص الحوار:
• العالم يتخوف الآن من الوضع في ليبيا والانزلاق إلى مزيد من التطرف، فماذا تقولون؟
موضوع الإرهاب والتطرف في ليبيا ليس جديدا على العالم كله، وقد حدث قريبا جدا من ليبيا، والمملكة العربية السعودية لها باع طويل في مكافحة الإرهاب بعد أن خاضت هذه التجربة في الماضي، ونحن يجب أن نستفيد من هذه الدول التي استطاعت بطريقة أو بأخرى أن تتعامل مع تلك الحركات المتشددة وتعمل على تصويب فكرهم وتوجهاتهم وتعيدهم إلى المسار الصحيح لبناء الأوطان، والسعودية والمغرب والجزائر، كل هذه الدول مرت نوعيا بظروف متشابهة لما يحصل في ليبيا من إرهاب الآن. ونحن في ليبيا نعاني الآن من ضعف في مؤسسات الدولة ومن ضمنها مؤسسات الجيش والمخابرات والشرطة، نتيجة للتحول من نظام شمولي سابق إلى نظام حديث يراعي الديمقراطية أو التراتبية وليس مبنيا على رأي الأفراد. ولذلك، فإن من المفترض أن يدرك الجميع أنه من الصعب خلال فترة زمنية قصيرة أن نتحول من نظام إلى آخر ولأن نوفر كوادر أمنية قوية، وللأسف، فإن كثيرا من الحركات المتطرفة استفادت من هذا الوقت وحولته إلى بيئة خصبة للنشاط في ليبيا. ومع ذلك فإنه، لا يعني أن ليبيا لا تستطيع محاربة هذه الحركات، وإن احتاجت إلى جهود مشتركة مع المجتمع الدولي ومن الاستفادة من خبرات الدول الأخرى في عالمنا العربي والإسلامي حتى نستطيع السير في الطريق الصحيح.
وهناك موضوع مهم يجب مراعاته، وهو أن المرحلة السابقة لم تشهد تنمية فعلية بعد ثورة 17 فبراير، وكما يعلم الجميع فإن فئة الشباب هي التي تستقطب من قبل الجهات المتطرفة لأنها الفئة العمرية الأقل نصيبا من التنمية، ولذلك لابد من إدراك أهمية التنمية كجزء لا يتجزأ من اكتمال المشهد، وأنها ستخلق فرصا وظيفية وتجعل من الشباب ينظر إلى الحياة والمستقبل بنوع من التفاؤل والأمل، وهذا ما سيبعدهم عن الحركات المتطرفة وتنامي نشاطها.
نرفض الأحزاب المتطرفة
• هناك أقاويل صدرت عن قيادات ليبية نافذة، بأن حكومتكم ومن ورائها البرلمان وقعوا تحت سيطرة «الإخوان» من خلال كتلة متطرفة داخل البرلمان، فماذا تقول؟
بالنسبة للبرلمان الليبي أو المؤتمر الوطني، فالجميع يعلم جيدا أن كل البرلمانات في العالم بها تكتلات تبنى على أساسات حزبية أو مصالح مشتركة، وهذا الأمر ليس غريبا على الأجسام السياسية في العالم كله، حيث يسعى كل حزب توظيف هذه التكتلات لمصلحته. ولكن البرلمان المقبل في ليبيا سيكون بإذن الله بدون أي تكتلات سياسية، أو من الممكن أن نقول – إن جاز التعبير- من دون أجسام سياسية سواء أحزاب أو خلافه، وسوف يكون هذا الأمر إيجابيا، ولكن يجب أن لا نغفل بأن المؤسسات الحزبية هي أفضل مؤسسات تأتي لتثقيف الشعب ولخدمة المواطن بالدرجة الأولى من الناحية السياسية، فلا يمكن بأي حال من الأحوال وجود سياسة وديمقراطية ودولة ديمقراطية بدون أحزاب، وهكذا العالم الديمقراطي من حولنا يتواجد به أحزاب وفئات مختلفة. أما أن يكون هناك حزب متطرف أو ينتمي إلى أيدلوجية متطرفة، فهذا الأمر مرفوض جدا، والمجتمع الليبي مجتمع وسطي ويسعى إلى تطبيق الإسلام المعتدل بالدرجة الأولى، وهو ما نلمسه في الشارع الليبي والمواطن البسيط. لكن أود أن أوضح جزئية هامة، وهي أن الكل يحارب الآخر في صراع غريب جدا داخل المؤتمر الوطني، وكل طرف بات ينسب للآخر أشياء ليست موجودة فيه، وأنا شخصيا خلال الأسابيع القليلة الماضية، وجهت إلي ادعاءات غير صحيحة بانتمائي إلى أحد الأحزاب وأنني مدعوم من تيارات متشددة، والحقيقة هي أنني كنت داخل المؤتمر الوطني مدعوما من التيار الأكثر اعتدالا طيلة الفترة الأولى إلى أن رشحت، ودعمت حينها التيارات الإسلامية المرشح المنافس «عمر حاسي» أكثر من وقوفها معي، لكن للأسف عندما يكون هناك طرف آخر لا يريد لك الوصول إلى منصب معين، تجده يبيح كل أنواع الحرب عليك، فتارة يحسبونني على الإخوان وتارة أخرى يحسبونني على «كتلة الوفاء لدم الشهداء»، وهذا الأمر بعيد كل البعد عن فكري، فأنا رجل اقتصادي بالدرجة الأولى وأبحث عن التنمية وبناء وطني، ولا أنتمي إلى أي تيار سياسي سواء مؤدلج أو غير مؤدلج إلى هذه اللحظة.
زيدان فتح الباب للجماعات المتطرفة
• يقول الرئيس الأسبق السيد علي زيدان، واللواء خليفة حفتر، بأن «جماعة الإخوان» وكتلا متطرفة داخل المؤتمر، سعت لتحويل ليبيا إلى أفغانستان أو صومال جديدة، واستجلبت مقاتلين من كل حدب وصوب باتجاه المدن الليبية مثل بنغازي ودرنة وغيرها، للاستيلاء على السلطة والدولة، فما هو رأيكم؟
لا أستطيع أن أتحدث عن أشياء لم ألمسها، وأنا لست مع آراء اللواء حفتر أو السيد علي زيدان في هذا الرأي والمشهد السوداوي الذي يرون فيه المدن الليبية، ولا شك أن درنة – على سبيل المثال- تعاني من تطرف، وهذا شيء موجود وفعلي وواقعي، وقد رأينا هذا في الانتخابات، أما بنغازي فهي حالة تختلف تماما، حيث إنها مدينة كبيرة وبها طيف كبير من الشعب الليبي بمختلف الآراء والتوجهات. والسيد علي زيدان كان على هرم السلطة لقرابة العامين، وكان باستطاعته خلق بيئة أفضل من البيئة الموجود، فانتقاد الشيء بعد الخروج منه هو أمر غير مرغوب فيه، ورأيه غير صحيح، حيث كان لديه الوقت الكافي لصناعة الفرق، والسيد علي زيدان أدخل البلد في الكثير من المشكلات، فعندما أشتغل زيدان والأستاذ عبدالرحيم الكيب كان وضع ليبيا أفضل بكثير من الناحية الأمنية مما هو الآن، وهو من يسأل على هذا الوضع، ولا يحق له أن يخرج من وطنه ثم ينتقده وقد كان صانع القرار في ليبيا. أما بالنسبة للواء المتقاعد خليفة حفتر، موضوعه يختلف تماما لأنه خارج السلطة الآن، والغريب جدا أن ما يقوم به اللواء حفتر ضخم كثيرا في ليبيا خلال الفترة القليلة الماضية ووجد تأييدا بالرغم من خروجه عن النظام وانشقاقه عن الدولة.
نريد دولة مؤسسات
• هل تتفقون مع من يقول إن قانون «العزل السياسي» فرغ ليبيا من الكوادر وبالتالي لم يكن باستطاعة الرئيس السابق وغيره تحسين الأوضاع بشكل جيد وسريع؟
في اعتقادي، أي حكومة تأتي إلى السلطة يجب أن تأتي ببرنامج، وهذا البرنامج لا يعتمد على الأشخاص بل على الرؤى والاستراتيجيات، وقد استطاع الرئيس السابق السيد علي زيدان تشكيل حكومة كاملة الأعضاء موجودة على أرض الواقع، وبها كفاءات شابة وفئات مختلفة وتمتلك كل المقومات والقدرة على الإنجاز. الادعاء بأن البلد تقف على مجموعة معينة ولا تستطيع أن تكون قادرة على إنجاب أشخاص آخرين أمر خاطئ، فنحن نعلم بأن الأوطان لا تقاد بمجموعة معينة، بل تقاد وفق استراتيجيات وبرؤى بعيدة المدى. لأن عجلة التنمية في البلد لا تتوقف على كفاءة مجموعة من الأفراد لنبقي عليهم سنوات طويلة في تسيير شؤون البلاد، هذه الطريقة في التفكير يجب أن نبتعد عنها، فنحن نريد وضع استراتيجية لإقامة دولة مؤسسات وليس دولة أشخاص.
المملكة لها مواقف إيجابية
• ما هو رأيكم في الموقف العربي والدولي من الوضع في بلادكم؟
الوضع العربي منقسم إلى قسمين، فهناك تيار يرى بأن ليبيا نجحت في هذه الدورة للبدء في بناء مؤسساتها، وهذا الأمر موجود ونلمسه في كثير من دول الطوق الليبي التي تسعى إلى الاستقرار في البلاد، وهناك دول أخرى تسعى إلى مد يد العون إلى ليبيا بطريقة مختلفة من خلال المساعدات الاقتصادية والعسكرية، والحالتان -من وجهة نظري- مرحب بهما، وأنا لا أعتقد أن اشقاءنا العرب، ومنهم المملكة على وجه الخصوص، يهدفون ويسعون إلى أمر ما سوى أن تكون ليبيا دولة مستقرة وتعيش حياة كريمة، والمملكة العربية السعودية لها مواقف وأدوار دائما إيجابية مع الشعب الليبي، ونحن نشد على أيديهم في هذه التوجهات، ونطالب الجميع في هذه الظروف بقراءة المشهد الليبي بالكامل والتعامل مع كل الأطراف لدعم تجنيب الشعب الليبي من أي مشكلات في المستقبل.
تحقيق المصالحة الوطنية
• ما هي سبل خروج ليبيا من الأزمات الحالية؟
جزء كبير من المشكلة في ليبيا يعود إلى طيف سياسي موجود ولا يريد أن يتزحزح عن مكانه، وهذا الطيف السياسي عليه أن يفهم أن ليبيا قادرة على خلق أشياء جديدة وإحداث نقلة وتغيير إيجابي بسواعد الشباب الذين يستطيعون قيادة البلد. والأمر المطلوب الآن، هو توسيع دائرة الحوار الوطني لتشمل جميع الليبيين، وتجمعهم على طاولة النقاش والبحث والمفاوضات، ليعرف كل منهم ماذا يريد الآخر. والسعي معا إلى تحقيق مبدأ «المصالحة الوطنية»، فالليبيون بعد مرور ثلاث سنوات من الثورة يجب أن يجتمعوا ويتحاوروا ويتصالحوا مع بعضهم، ويدركوا أن لا جدوى من إقصاء أي أحد، سواء من الطرف الآخر أو من كان ضد الدولة أو من النظام السابق أو من كان خارج ليبيا، لأنه يجب أن يكون من حق الجميع المشاركة في صناعة القرار وصنع المستقبل الليبي، وأن على الجميع إدراك أن مكافحة الإرهاب جزء مهم جدا من المشهد العام يتقدم على كل ما عداه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق