الخميس، 1 مايو 2014

ليبيا _ فرنسا وتونس تسعيان لعقد مؤتمر دولي للحوار بين الأطراف الليبية *

ليبيا المستقبل 
جمعة: مشكلات الإرهاب عندنا مصدرها ليبيا ويتعين علينا «حماية بيتنا»

الشرق الوسط: تطوران أساسيان تمخضت عنهما زيارة رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة يومي الاثنين والثلاثاء إلى باريس والمحادثات التي أجراها مع أعلى السلطات بما فيها الرؤساء الثلاثة «الجمهورية والحكومة والبرلمان. الأول يكمن في الدعوة إلى مؤتمر دولي في باريس في سبتمبر (أيلول) المقبل لمساعدة تونس على اجتياز أزمتها الاقتصادية تحت عنوان «الاستثمار من أجل تونس»، والثاني يكمن في العمل على عقد مؤتمر دولي آخر تحت رعاية الأمم المتحدة ويخصص للوضع الداخلي في ليبيا وتسهيل الحوار بين مكوناتها السياسية. ويأتي هذان التطوران ليعكسا مدى اهتمام فرنسا بتونس ورغبتها في إنجاح تجربتها الديمقراطية، وهو ما أكده الرئيس هولاند في ختام اجتماعه مع جمعة في قصر الإليزيه مساء أول من أمس، إذ قال إن بلاده «ليست معنية فقط بدعم المسار الديمقراطي في تونس، ولكن أيضا بوضعها الاقتصادي وإيصالها إلى سكة التنمية المستديمة التي تحتاج إليها». وأبعد من ذلك، يريد هولاند أن يشرك الاتحاد الأوروبي في الجهود المبذولة، معدا أن الزيارة المشتركة التي قام بها وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا إلى تونس يوم الجمعة الماضي «تجسيد» لهذه الرغبة.
بيد أن باريس تريد أيضا الوقوف إلى جانب تونس في الملف الأمني، حيث «لا تنمية من غير أمن» كما قال هولاند في المؤتمر الصحافي المشترك مع جمعة في قصر الإليزيه. وحسب المصادر الفرنسية، فإن هذا الملف حظي باهتمام كبير من قبل المسؤولين الفرنسيين، وكان موضع «نقاش مفصل» مع هولاند وفابيوس من الزاويتين الداخلية والإقليمية. ويتعاون الطرفان في مجالي تبادل المعلومات والخبرات من جهة، وفي مجال توفير المعدات والتجهيزات التي تحتاجها القوى الأمنية التونسية في مواجهة الظاهرة «الغريبة عن تونس»، بحسب قول رئيس الحكومة، في إشارة منه إلى موضوع الإرهاب.
وأبعد من الوضع الداخلي التونسي الذي قال جمعة إنه «شهد تحسنا ملحوظا» في الفترة الأخيرة، وإن تونس أصبحت «آمنة»، فإن باريس تنظر إليه أيضا من زاوية الوضع في ليبيا التي تعيش حالة من الفلتان الأمني في الداخل وعبر الحدود. وقال هولاند إن أمن منطقة المغرب «تحد للأسرة الدولية بأكملها»، فيما قال جمعة في محاضرة ألقاها مساء أول من أمس في الأكاديمية الدبلوماسية الدولية إن الإرهاب «ظاهرة شمولية وتحتاج لمعالجة شمولية». وأضاف جمعة أن «كل ما حصل من إرهاب في تونس يجد أصله في ليبيا»، وبالتالي «يتعين علينا أن نحمي بيتنا». ولذا، فإن تونس «تعمل مع كل الدول من أجل استقرار الوضع» في ليبيا. ويؤكد المسؤول التونسي أن الجيش والقوى الأمنية «نجحوا في توجيه ضربات موجعة للإرهابيين». وما يدفع برأيه للتفاؤل هو أن محاربة الإرهاب تحظى بدعم «كل الأطراف السياسية ومن كل المجتمع للدفاع عن النموذج المجتمعي التونسي». ونوه رئيس الحكومة التونسية بالتعاون القائم بين بلاده والدول الشقيقة «في إشارة للجزائر» والصديقة «فرنسا»، مؤكدا أن تونس أصبحت اليوم أكثر أمنا «قياسا على ما كانت علية قبل أشهر»، وأنها «عازمة على مواجهة هذا الخطر وتعمل على زيادة جاهزيتها وتوفير التجهيزات والمعدات والأسلحة الضرورية لذلك». ويربط المسؤول التونسي بين عودة الأمن واستقرار الوضع السياسي وإعادة إطلاق العجلة الاقتصادية واجتذاب المستثمرين فضلا عن السياح.
وفيما خص الوضع السياسي، عكف جمعة على طمأنة محدثيه إلى أن العملية السياسية «مستمرة»، وأن الانتخابات الرئاسية والتشريعية ستجرى قبل نهاية العام وفق خريطة الطريق التي اتفقت عليها الأحزاب. وعزا، في رده على استفسار لـ«الشرق الأوسط» عن بعض البلبلة بشأن تاريخ الانتخابات والصعوبات التي حالت حتى الآن عن تحديد لها إلى «الصعوبات المادية» التي واجهت اللجنة المكلفة متابعة الانتخابات والإشراف على تنظيمها. وأكد جمعة أنه لا ينوي الترشح لها وأن أمنيته أن يعود للاهتمام بشؤونه وشؤون عائلته، رافضا الإفصاح عن أي طموح سياسي. أما في المسألة الاقتصادية، فقد طالب جمعة المستثمرين بالتوجه إلى تونس والاستفادة من الفرص التي يقدمها اقتصادها للقيام بمشاريع مشتركة في تونس وفي البلدان الأفريقية والاستفادة من اليد العاملة التونسية ومن مستواها العلمي والمهني. ومن جانب آخر، شدد على أهمية التكامل بل الاندماج المتوسطي. وتشكل فرنسا الشريك الاقتصادي الأول لتونس من ناحية المبادلات والاستثمارات والشراكات. وقال هولاند إن نمو الاقتصاد التونسي «مصلحة فرنسية وأوروبية». وبرأيه أن المؤتمر الذي ستدعو إليه بلاده لن يكون لجمع المساعدات والقروض بل لـ«تعبئة المستثمرين ليتوجهوا إلى تونس والاستفادة من الفرص المتاحة».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق