الأحد، 27 أبريل 2014

روسيا _ تداعيات الأزمة الروسية الأوروبية: الخليج سيخسر والصين الرابح الأكبر *

إيلاف 
قد يسبب تدهور العلاقة الروسية الأوروبية خسارة كبيرة لدول الخليج، كمزوّد عالمي أساسي للنفط على المدى الطويل وستتحكم الصين بالسلطة نظراً لتوافق مصالحها مع روسيا في مجال الطاقة.   قسم الاقتصاد - إيلاف: ستستفيد الصين بشكل مباشر من الأزمة بين روسيا والقوى الغربية حول أوكرانيا، فخلال العقد الماضي تفاوضت الصين مع شركة "غازبروم" الروسية، وهي واحدة من أكبر شركات استخراج الغاز الطبيعي من أجل الحصول على صفقة لمدة 30 عاماً لتوريد 38 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً بدءاً من عام 2018.   وتعادل هذه الكمية 11% من الطلب الصيني السنوي للغاز، و24% من إجمالي الصادرات الروسية إلى أوروبا. وطوال فترة العقد، ستصل الكمية الإجمالية للغاز المصدّر سنوياً من روسيا إلى 60 مليار متر مكعب. واستمرت المفاوضات لفترة طويلة من الوقت لكن تم الاتفاق على أغلب التفاصيل قبل فترة بسيطة، والأمر الوحيد الذي لم يتم الاتفاق عليه بعد هو السعر. فالبنية التحتية لنقل الغاز الطبيعي مكلفة. ومن المتوقع أن يكلف إنشاء الخط الواصل بين سيبيريا والحدود الصينية 22 مليار دولار، وتزيد إلى 90 مليار دولار إذا ما تضمنت تكلفة إنشاء حقل الغاز.   وبفضل توسعة خط شرق سيبيريا والمحيط الهادئ سيصبح من الممكن ضخ في الصين 80 مليون طن من الغاز للصين، أي ما يعادل 1.6 مليون برميل يومياً بحلول عام 2020. وعلى الرغم من أن تكلفة استخراج الغاز بالنسبة لروسيا تعتبر منخفضة، حيث تبلغ أقل من دولارين لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، تحتاج روسيا أن تبيع بسعر 13.5 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية لتربح من هذا الاستثمار. لكن الصين تستورد الغاز من تركمانستان بأقل من 10 دولارات، وتعتبر هذا السعر أفضل العروض المقدمة لها، لتستفيد من حاجة روسيا المتزايدة للتنويع بعيداً عن أوروبا. وتدرس روسيا قبول الخسائر مع عدم وجود عميل بديل لغازها الطبيعي. وسيحدد هذا التفاوض نمط العلاقة الصينية الروسية في السنوات القليلة المقبلة.   وتتوافق مصالح الصين وروسيا في الطاقة على المدى الطويل. وتحاول الصين الحد من اعتمادها على الفحم والنفط عن طريق زيادة استخدام الغاز الطبيعي والطاقة النووية والطاقة المتجددة. وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن تزيد حصة الغاز الطبيعي في إجمالي الطاقة الصينية من 4.5% إلى 6.3% بحلول عام 2030. وتهدف الخطة الوطنية الخمسية لمضاعفة استخدام غاز. ووفقا لرويترز، من المتوقع أن يرتفع استهلاك الغاز الطبيعي هذا العام بنسبة 11% ليصل إلى 186 مليار متر مكعب مع نمو الواردات بنسبة 19% ويحفز هذه الزيادة إغلاق محطات الطاقة التي تعمل بالفحم للحد من التلوث.   ولكن روسيا أيضا بحاجة ماسة إلى تعزيز علاقاتها مع الصين. فروسيا وأوروبا مترابطتان بشكل قوي، لكن روسيا تعتمد أكثر على أوروبا. فجميع الصادرات الروسية من الغاز الطبيعي تذهب إلى أوروبا وتركيا (وتصبح النسبة 80% إذا تضمنت الغاز الطبيعي المسال الذي يتم تصديره إلى آسيا). وتعتمد روسيا على مبيعات النفط والغاز لتمويل نصف ميزانيتها. وتتوجه نصف التجارة الروسية إلى أوروبا، أو تأتي منها، بينما تبلغ حصة روسيا من التجارة الأوروبية 10% فقط. وقد أعربت أوروبا بوضوح عن عزمها على قطع العلاقات مع روسيا، وفي الواقع بدأت هذه العملية منذ سنوات.   وفي العقد الماضي انخفضت حصة من الغاز الروسي في إجمالي استهلاك الغاز الطبيعي في أوروبا من 40% إلى 32% على الرغم من أنها لا تزال المورّد الأساسي، وستستمر على ذلك للعشرين عاماً المقبلة. ولعلمها بهذا التوجه، تسعى روسيا لزيادة حصة الصادرات إلى آسيا، وهي المنطقة التي عادة ما تكون الأقل اشتراكاً في الشؤون السياسية الخارجية. وتخطط موسكو لمضاعفة حصة التدفقات النفطية وإرسال ثلث صادراتها من الغاز إلى الشرق، بحلول عام 2035، وذلك بالرغم من عدم وجود البنية التحتية اللازمة، وهو ما يعيق خططها.   أما الأثر المستقبلي على صادرات دول مجلس التعاون الخليجي فهو واضح ومباشر، حيث ستتمتع دول مجلس التعاون الخليجي بحصة أقل من إجمالي الطاقة المستقبلية الصينية. وفي الوقت الحالي تتزايد نسبة واردات الطاقة الصينية القادمة من الخليج، وخصوصاً لكونها المنطقة الوحيدة القادرة على توفير تدفق مستمر ومتزايد للطاقة. تقدم دول مجلس التعاون الخليجي ثلث إجمالي واردات النفط، ويمكنها بسهولة زيادة هذه الحصة.   فالمملكة العربية السعودية وحدها تمثل 20% من إجمالي واردات النفط، وتقدم عمان والكويت والإمارات نسبة 15% إضافية. ومع ذلك ترى الحكومة الصينية أن مثل هذا الاعتماد يزيد تعرضها للخطر جراء أي صراع في الشرق الأوسط، وتعمل حالياً على تأمين واردات إضافية من مناطق أخرى في العالم. ويمثل توافر الموارد الروسية فرصة استراتيجية بالنسبة للصين.   في مثل هذه الظروف، تتحكم الصين بالسلطة. وتتوافق مصالح الصين وروسيا في الطاقة على المدى الطويل، لكن تدهور العلاقة الروسية-الأوروبية يمنح الصين قدرة تفاوضية أكبر لتحديد الأُطر المستقبلية لهذه الشراكة. وستخسر دول مجلس التعاون الخليجي، كمزوّد عالمي أساسي للنفط، من أي اتفاق بين الصين وأي مزوّد آخر للطاقة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق