الأربعاء، 30 أبريل 2014

ليبيا _ مطار طرابلس الدولي .. ضحية الفوضى وصراع السلطة في ليبيا*

ليبيا المستقبل 
رويترز: قنبلة على ممر الاقلاع والهبوط وحيوانات تصعد للطائرات وركاب يسافرون بلا تأشيرات .. كلها مظاهر تؤكد أن مطار طرابلس الدولي مثال حي على الفوضى التي تمسك بتلابيب ليبيا منذ الاطاحة بمعمر القذافي عام 2011. وتخشى القوى الغربية والدول المجاورة لليبيا أن يكون مطار العاصمة الليبية قد تحول إلى منفذ للمهاجرين غير الشرعيين بما في ذلك المتشددين الاسلاميين من أفريقيا ومناطق صراع أخرى مثل سوريا. فقد اشترط المغرب مؤخرا حصول الليبيين على تأشيرة لدخول البلاد وذلك بعد أن وصلت مجموعة من المسافرين بجوازات سفر ليبية مزورة وتوقفت بعض شركات الطيران الاوروبية والعربية عن تسيير رحلات إلى طرابلس لأسباب أمنية.
وبدأ الاتحاد الاوروبي تدريب مسؤولين وساهم في تطوير المنشات بالمطار العتيق الذي كان قاعدة للجيش البريطاني في الحرب العالمية الثانية. لكن وصول عدد محدود من أجهزة فحص الأمتعة لن يعالج المشكلة الأمنية الأساسية وهي المهمة الشاقة التي تواجهها الحكومة لفرض سلطتها في بلد يغمره السلاح والميليشيات. وتسيطر على المنطقة المحيطة بالمطار واحدة من عشرات من كتائب الثوار التي شاركت في الاطاحة بالقذافي ثم رفضت إلقاء السلاح وهي صورة تتكرر في مناطق أخرى كثيرة من ليبيا. وقال المحلل السياسي صلاح البخوش إن المطار في قلب الصراع على السلطة إذ تتحدى جماعات مسلحة أخرى ومواطنون والعاملون بالطيران المدني سيطرة ميليشيا الزنتان في غرب البلاد عليه.
وقال البخوش "الناس سئموا. الوضع غرب طرابلس (قرب مبنى المطار) ... في غاية الخطورة. والحكومة أضعف من أن تفعل شيئا." وأصبحت حوادث تبادل اطلاق النار ليلا تتكرر كثيرا في المنطقة مما جعل الطريق المؤدي إلى المطار من أخطر الأماكن في العاصمة حيث تدهور الأمن في الاشهر الأخيرة. والجهة التي تسيطر على المطار الواقع على مسافة 30 كيلومترا تقريبا خارج العاصمة يسهل عليها النفاذ إلى ما يحدث من أنشطة في المبنى الرئيسي الذي يعد مركزا رئيسيا للبضائع والتهريب. ويقول دبلوماسيون إن الصراع بين الميليشيات يفسر انفجار قنبلة على الممر الرئيسي بالمطار في مارس آذار الماضي. وأعلنت جماعة غير معروفة مسؤوليتها عن الهجوم على وسائل التواصل الاجتماعي رغم أن الحكومة لم تعلن عن الجهة التي تقف وراءه. وقال دبلوماسي غربي "العبوة زرعت الساعة الخامسة والنصف صباحا عندما لم تكن هناك أي حركة جوية لتفادي سقوط ضحايا ربما لاظهار أن الزنتانيين عاجزين عن توفير الأمن."
 معدات بالية
وتبذل الحكومة المؤقتة جهودا حثيثة لتدعيم الأمن في المطار لكن قواتها الأمنية الناشئة مازالت تتدرب كما أن ولاء بعض أفرادها موضع شك. ويشمل العاملون في الأمن ضباط شرطة سابقين من عهد القذافي بالاضافة إلى موظفين جدد من ميليشيات الحرب الأهلية التي أدمجتها الحكومة في الأجهزة الأمنية لابعادها عن الشوارع. ويرتدي هؤلاء العاملون زيا رسميا لكنهم في واقع الأمر يعتبرون أنفسهم مسؤولين أمام قادة الميليشيا أو عشائرهم أو عائلاتهم. وقال دبلوماسي آخر "لا يمكنك أن تسير في محيط المطار وتزرع قنبلة على الممر وتفجرها من الخارج بالتحكم عن بعد دون أن يدير بعض الافراد وجوههم الناحية الأخرى لفترة من الوقت."
ويقول خبراء إن المطار شهد تحسينات كبيرة منذ الفترة التي أعقبت انتفاضة عام 2011 التي ساندها حلف شمال الأطلسي عندما كان بوسع أي أحد أن يدخل مناطق يفترض أنها خاضعة لسيطرة أمنية. وتركز بعثة الاتحاد الاوروبي للمساعدات الحدودية وشركات الطيران الاجنبية على خطوات صغيرة لتحسين الأمن مثل زيادة كفاءة فحص جوازات السفر وتحسين تنظيم العمل في مبنى المطار. وقال طه محمودي رئيس الأمن إن المطار استحدث تراخيص للمناطق الأمنية لتنظيم الوصول إلى المناطق الأكثر حساسية قرب البوابات. وقال "حققنا تقدما كبيرا في 18 شهرا" رغم أن صغر المساحة في المبنى الصغير الذي يمر من خلاله المسافرون على الرحلات الدولية والرحلات الداخلية مازال يمثل تحديا. ويقول خبراء أمنيون إن ضباط الجوازات الذين يرتدي بعضهم أزياء لخدمات مختلفة وبعضهم الملابس المدنية لديهم أجهزة كمبيوتر لكنهم نادرا ما يستخدمونها لأن أغلبهم لم يتلق التدريب السليم.
وقال أندرو ليتل الذي يعمل مدربا مع بعثة الاتحاد الاوروبي للمساعدات الحدودية إن الضباط يتمتعون مع ذلك بمهارة في رصد جوازات السفر الليبية المزورة والعمال المصريين الذين يصلون بتأشيرات ليبية مزورة. وقال ليتل "بل إنهم أمسكوا بي مرة لأن أوراقي لم تكن سليمة." ويأمل المسؤولون أن يضع جواز سفر الكتروني جديد يجري العمل على إصداره نهاية للتجارة غير المشروعة والمزدهرة في وثائق السفر الليبية. أما جوازات السفر الحالية فيتم كتابة بياناتها يدويا ويسهل تزويرها.
وقف الرحلات
ومع ذلك يدرك الدبلوماسيون وخبراء الأمن الغربيون حقيقة حجم التحديات ويصفون الأمن في المطار بأنه "كابوس" و"كارثة". وقال دبلوماسي غربي "الليبيون لا يعرفون في الأساس من يدخل بلادهم ومن يغادرها." وحتى إذا طبقت كل فحوص الأمتعة والجوازات فالمعدات ليست على مستوى المهام المطلوبة. وقال جان أسيس مهندس الطيران المدني الفرنسي الذي تمثل شركته تسع شركات أوروبية وأمريكية لصناعة المعدات الأمنية لها نشاط في ليبيا "أجهزة الفحص الحالية ليس بها نظم للكشف عن المتفجرات." وأضاف أسيس "فحص الأمتعة عفا عليه الزمن والمراقبة بالفيديو عفا عليها الزمن. 90 بالمئة من حركة البضائع لا تخضع للرقابة."
وأوقفت شركة لوفتهانزا الالمانية والخطوط الجوية النمساوية رحلاتها لتترك نشاطها المربح لشركات أخرى تتمتع بالجرأة مثل الخطوط الجوية التركية التي زادت رحلاتها. ويبلغ ثمن تذكرة الذهاب والعودة إلى لندن أو فرانكفورت مثلا ما يصل إلى ألف دولار بفضل علاوة مخاطر. وأوقفت شركة الاتحاد الاماراتية رحلاتها في نوفمبر تشرين الثاني الماضي قائلة إن الوضع الحالي في مطار طرابلس لا يوفر مستوى الثقة اللازم لضمان سلامة تسيير الرحلات. ويرى المسؤولون أن نجاحا تحقق بقرار الخطوط الجوية البريطانية والخطوط الجوية الايطالية استئناف الرحلات بعد انقطاعها أسابيع في أعقاب حادث تفجير قنبلة الممر. ووعدت السلطات بزيادة دوريات كلاب الحراسة في محيط المطار لتحسين حماية الممر في حين أن شركات الطيران الاوروبية أتيحت لها مساحة أكبر لاجراء فحص اضافي للامتعة.
وتصل طائرات شركات الطيران الاوروبية بعد الظهر عندما يكون أكبر عدد ممكن من العاملين يؤدون أعمالهم بالمطار ويسود الهدوء المدينة. فحوادث اطلاق النار تحدث في العادة بعد الغروب. كذلك يوجد عدد أكبر من المسؤولين الليبيين لفحص وثائق السفر بعد أن شكت حكومات أوروبية من السماح للناس بالصعود للطائرات دون تاشيرات بينما جلب آخرون حيوانات معهم. وقال محمودي رئيس الأمن "ركزنا على نقاط الضعف. المطار قديم والمساحة محدودة. ونحن نحاول الاستفادة بأقصى قدر مما لدينا."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق