الخميس، 2 يناير 2014

ليبيا _ الشاطر يقترح برنامج عمل ينهي ولاية المؤتمر خلال خمسة أشهر*

ليبيا المستقبل: عضو المؤتمر الوطني العام عبد الرحمن الشاطر يدعو لتقديم حلول عملية للخروج من مأزق الفراغ التشريعي القادم ويقترح برنامج عمل ينهي ولاية المؤتمر خلال خمسة أشهر:
الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
لم يكن يخطر في بال أحد منا أن تصل بنا الأمور الى ما وصلت اليه.. نحن الذين نقول أن الشعب الليبي طيب ومتجانس ومتعاطف ومتماسك.. فاذا ببعض الذين في نفوسهم مرض غيبوا عقولهم وباعوا ضمائرهم وانحرفوا بثورة السابع عشر من فبراير من ثورة تسعى لبناء دولة جديدة بقيم العدالة والأمن وحق المواطنة.. الى دولة فاشلة يتعرض أهلها يوميا للترويع والقتل والسلب والنهب وانعدام الأمن وفوق هذا وذاك استشراء ثقافة عدم الصبر على الأمور واعتقاد أن تكريس وتأصيل العمل الديمقراطي يتم بين ليلة وضحاها.. وأنه لا مجال للخطأ والصواب.. وانما المجال للصواب فقط.
لقد كتب المجلس الوطني الانتقالي المؤقت الاعلان الدستوري معتمدا على القيم السامية والأخلاق العالية التي توخاها في الشعب الليبي . ولذلك جاءت المدد التي حددها لانتهاء مدة المؤتمر الوطني العام قصيرة.. وقد اعتبرها البعض ملزمة واعتبرها الآخر غير كافية. واعتبرتها أنا بأنها صممت لمجتمع من الملائكة. وارتفعت الأصوات التي يهمها انتهاء مدة المؤتمر الوطني العام وفق حساباتها وزادت عليه حجج فشل المؤتمر دون أن تنتبه الى مخاطر حدوث فراغ تشريعي في مرحلة مفعمة بالمخاطر القاتلة.
♦ لقد أخطأ المؤتمر الوطني العام في أنه لم يسرّع في انجاز استحقاق انتخاب هيئة الستين لصياغة الدستور مباشرة بعد انجازه لاستحقاق تكليف حكومة مؤقتة.
♦ وأخطأ المؤتمر في أنه لم يسحب الثقة من الحكومة المؤقتة التي فشلت فشلا ذريعا في تحقيق أبسط الاستحقاقات التي يحتاجها الشعب وأهدرت المليارات في ما لا يعني المرحلة الحالية الحرجة.. أو في تحقيق ولو قدر معين من الأمن للمواطنين. ظلت الحكومة تكذب وتسوف.. واستمر المؤتمر في طرشه.. ولم يسمع أي منهما أنين المواطنين وصيحات الاستنجاد  لانقاذ الوطن من الانهيار.
♦ وأخطأ المؤتمر في أنه مدد مدة ولايته لسنة كاملة الأمر الذي استفز الشارع الليبي وخرج البعض رافضا لهذا التمديد.. وخرج الكثيرون يكيلون تهم الفساد والخيانة لأعضاء المؤتمر والحكومة.
وأنا أتفهم حجم الغضب على المؤتمر وأدائه الضعيف.. ولا أوافق على كيل التهم والشتائم جزافا لأعضائه دون دليل قاطع وبرهان ساطع. فعساهم اجتهدوا ولم يوفقوا لقلة الخبرة وعوامل ممارسة تجربة جديدة علينا جميعا بعد 60 عاما من التصحرالسياسي وعدم ممارسة العمل الديمقراطي.
كلنا يعلم ويدرك ان ممارسة العمل الديمقراطي في ليبيا هو عمل جديد يحتاج الى زمن غير بسيط لترسيخ قواعده وأصوله ومعاييره، حيث يمر بمراحل بلورة يتخللها النجاح والفشل.. الخطأ والصواب. وعثرات وعقبات ان لم يكن ألغام كثيرة تعترض طريقه وتحتاج لصبر لازالتها من طريق العمل الوطني. وان الديمقراطيات الناجحة التي نشاهدها وننبهر بها في العالم المتقدم هي نتاج عمل دام مئات السنين.. تخللتها مراحل فشل وحروب أهلية واستعمال القوة لترويض الناس على احترام القانون والامتثال لنصوصه.. ان مواطني الديمقراطيات التي تبهرنا لم يولدوا من عدم، وانما هم نتاج تراكم أجيال من العمل تخلله الخطأ والصواب وردع الخارجين عن القانون بقوة تنفيذ القانون.. مرورا بتجارب عديدة وأليمة حتى وصلوا الى ما وصلوا اليه الان بالتعليم الراقي.. الذي يهذب النفوس ويغذي العقول ويمرنها على التفكير البناء وليس التفكير الهدام.
واذ المولى عز وجل قد منّ علينا بانجاح انتفاضة السابع عشر من فبراير في وقت قياسي فاننا نواجه اليوم تحد كبير وهو: كيف نحافظ على نجاح الثورة؟.. وكيف نحافظ على وحدة الوطن؟
سؤالان يحتاجان لاعمال العقل والحكمة لتحقيقهما عوضا عن التشنج وممارسة ثقافة الهدم بتخوين بعضنا البعض.. والكيد لبعضنا البعض.. أو ان تعتبر فئة معينة أن لها حق فرض رأيها على الآخرين. هذا ما تمارسه الأحزاب السياسية.. وما تمارسه التشكيلات المسلحة.. وما يمارسه المنفلتون في ابداء آرائهم الشخصية السطحية التي لا تبني وانما تهدم. ويريدون فرضها والا علا ضجيجهم الى عنان السماء.
لقد اجتزنا زهاء السنتين من انتصار الثورة ونحن نتخبط.. ونحن نريد أن نجري قبل أن نقدر على الوقوف ومن تم تعلم المشي في طريق الديمقراطية.
لم نكن نتوقع انفجار هذا القدر من الحقد والحسد على بعضنا.. تكرستا في ممارسة واعمال  ثقافة اصطياد الأخطاء وصرف النظر عن الايجابيات.. ثقافة رفض الآخر والغاؤه ان أمكن من الوجود ولو بالاغتيال.. وبدل أن نعود لأصول ما يدعونا اليه ديننا الاسلامي السمح.. وما تحمله ثقافتنا وقيمنا الاجتماعية التي نفتخر بها. بدأنا نتناحر.. بعض منا يريد أن يجيّـر الثورة لصالحه ويحكمنا وفق رؤاه.. وبعضنا عاث في البلد خطفا وقتلا وانتهاكا لشرف حرائرنا..لم يعد المواطن ينام مغمض العينين هانئ البال.. بل صار ينتظر الظلم من أين يأتيه وفي أي لحظة يفاجؤه ليصدمه.. بعضنا نهب الأرزاق وسطى على الأملاك.. وبعضنا يتاجر فينا باسم الدين.. وبعضنا يزوّر الأوراق ليتهم الآخر دون احساس بوخز الضمير. . وبعضنا يكتب ليشتم فقط لمجرد الشتيمة.. واستفحل الأمر خلال سنتين فقط..فبدأنا نسمع مستغربين عن اندلاع اقتتال بين مدن وقبائل الشعب الواحد!! وتوقيع معاهدات صلح وحسن جوار بين مدن وقبائل وأهل الوطن الواحد!! وتبادل أسرى بين مدن وقبائل الشعب الواحد!! ولم نسأل أنفسنا: هل هذا ما انتفض الشعب من أجله يوم السابع عشر من فبراير؟.. وهل الثورة المجيدة تفرز بالضرورة هذا الوضع المؤسف والمخزي؟!
حًمّل المؤتمر أكثر مما ينبغي أن يُحمّل . ليس دفاعا على أداء سيئ وانما النتيجة تعبر عن المضمون.. والمضمون شعب بأغلبية أمية.. وأغلبية لا تعرف معنى الديمقراطية ولم تسمع بكلمة "دستور".. وأغلبية كل فرد فيها أو مجموعة قليلة منها ترى الحل عندها وليس عند سواها من الأفراد والمجموعات.. وأي منها لا يجنح لسماع الآخر للتوافق. فهل نتوقع افرازا غير افرازات الأمر الواقع المعاش؟ انها عملية الخطأ وتصحيح الخطأ للوصول الى الصواب.. عملية تحتاج ربما لأجيال من الممارسة الديمقراطية ولن تكون أبدا وليدة سقوط نظام وقيام نظام مغاير بالسرعة التي يتخيلها البعض. وليس هذا انتقاصا من وعي جماهير الشعب التي هي أيضا وقعت فريسة التوخي أن المجتمع الليبي نسيج واحد وقلب واحد - وهو ليس كذلك على الاطلاق- لم تتوقع هذا القدر الهائل من الاختلاف في وجهات النظر والرؤى والتوجهات.. وهذا القدر من انهيار منظومة الأخلاق نتاج تجهيل وغسل للأدمغة دام أربعة عقود من الزمن.
لقد سقط النظام السابق ولم يترك لنا مؤسسات دستورية نتكئ عليها لنجتاز المرحلة نحو بناء أفضل للدولة.. وعوضا عن أن نسعى لخلق مؤسسات دستورية.. فاننا لم نطق صبرا.. فشحذنا عقولنا ليس للبناء وتصحيح الأخطاء وانما لاعمال معاولنا لهدم المؤسسة الدستورية التجربة الأولى والوحيدة في العمل الديمقراطي ما بعد الثورة.. مطالبين بالغائها فورا وعاجلا!!!
اذا أخطأ ابنك فانه من الخطأ أن تطلق عليه رصاصة الرحمة فترديه قتيلا.. انك بذلك لم تتخلص من اخطائه وانما تخلصت من فلذة كبدك.. من جزء من كيانك. ومعالجة الخطأ بالخطأ مثل صفرين لا يعملان رقما صحيحا.
أنا أتفق مع الجميع أن المؤتمر فشل في تحقيق ما يريده الشارع الليبي وما توخاه منه. ولكن علينا أن نفكر: وماذا بعد انهاء المؤتمر وقفل أبوابه يوم 7-2-2014. هل وصلنا الى نتيجة ايجابية؟ هل حققنا انتصارا فذا؟  أم أننا أحدثنا فراغا تشريعيا يزيد من ارتباك الدولة التي لم تنشأ بعد؟ و أننا مهدنا الطريق الى حلول تقسيم البلاد الى دويلات المدن؟
ان التفكير السلبي لا يقود الا الى نتائج سلبية. وبالتالي فان تصحيح الأخطاء بتقديم الحلول العملية أنسب وأفيد من التشنج عن حسن نية أو غيرة على الوطن.. أو لغرض في نفس يعقوب. وأنا لا أميل لأن أترك يعقوب يعبث بالدولة واستقرارها.. لأن هذه الدولة ليست لنا وحدنا وانما هي لأجيالنا القادمة.. ونحتاج لبنائها ليس الى مقاولين في أعمال الخرسانة.. وانما الى ترويض الأنفس لتعترف بالاخر شريكها في الوطن.. نحتاج الى عمليات ترميم المنظومة الأخلاقية التي بدأت هي الأخرى في الانهيار.
علينا أن نبحث عن مكامن الخلل فنعالجها بالعقل وبالحكمة وبالتروي وبالأفكار البناءة العملية وليس بتعطيل ما تبقى من عجلات تسير عليها الدولة.. وليس بقفل الأبواب والتمسك بمبدأ الرفض دون ايجاد حلول.
نعم.. أنا أتفق مع الجميع بأن تمديد ولاية المؤتمر الوطني العام لعام آخر مسألة غير مقبولة وهو أمر يرفضه الكثيرون . لكن، علينا أن نسعى للتوصل الى حل وسط ينقذ الدولة من الفراغ السياسي الذي يؤدي الى تفكك الدولة وهو مطلب وغاية تسعى اليها دول خارجية وتغدق من أجلها على خونة لهذا الوطن وللأسف الشديد من ابنائه يدّعون حرصهم على الثورة ان لم يدّعون بأنهم مفجريها وعًـّرابها.. هؤلاء يسوّقون لكلام حق يراد به باطل.. ويجرّون وراءهم بسطاء من أبناء الشعب ليكونوا أدوات لهم تتحرك في الشارع لتحارب أو تعرقل مساعي قيام الدولة الليبية الجديد.
من كل هذه المنطلقات.. أدعو الجميع الى نبذ الأفكار السلبية وتقديم أفكار عملية  كمساهمة ايجابية منهم لبناء الوطن.. دعونا نتعلم كيف نفكر تفكيرا جماعيا يوصلنا الى بر الأمان.. دعونا نرفع شعار "بيننا وطن".. مهما اختلفنا فلا نتحاور بالشتائم والتخوين.. وانما بالأفكار والحلول من أجل الوطن. لا بد أن نعمل متكاتفين للوصول لبلورة حل توفيقي يرضي الجميع وينبع من الشارع الليبي وليس من أحزاب أو نخب سياسية قد يكون لها مآرب.. لقد تشاورت مع مجموعة من القانونيين ومؤسسات المجتمع المدني وتوصلنا الى فكرة اختصار مدة تمديد ولاية المؤتمر الى خمسة أشهر عوضا عن سنة وفق برنامج العمل التالي:
ينـاير- فبراير:
1. يكلف مجلس القضاء الأعلى بالعمل على اجراء التعديلات اللازمة على دستور 1963 ليكون دستورا مؤقتا للمرحلة الانتقالية القادمة ومدتها أربع سنوات فقط، ويشمل التعديل التحفظ على اسم الدولة وشكلها بحيث ينص على ان اسم الدولة مؤقتا (الدولة الليبية) ونظامها برلماني. على أن يتم الانتهاء من اعداد مسودة الدستور المؤقت مع نهاية شهر فبراير 2014.
2. بالتوازي تكلف المفوضية العليا للانتخابات باجراء التعديلات اللازمة على قانون الانتخابات الذي انتخب على أساسه أعضاء المؤتمر الوطني العام مع اعتماد نفس الدوائر الانتخابية ونفس قوائم الناخبين في كل دائرة انتخابية والغاء وحظرالترشح تحت مظلة الكيانات السياسية أو الحزبية واذابتهم في الدوائر الانتخابية كأفراد . بمعنى أن يكون كافة المترشحين لعضوية البرلمان القادم على أساس فردي فقط. على أن تنتهي المفوضية العليا للانتخابات من تعديلاتها وتقدمها الى المؤتمر الوطني العام قبل نهاية شهر فبراير 2014 لاعتماده.
مـــارس- أبريل:
1. يعتمد المؤتمر الوطني العام الدستور المؤقت المقترح ويلغي الاعلان الدستوري المعمول به حاليا.
2. يعتمد المؤتمر الوطني العام قانون الانتخابات المعدل.
3. يكون  شهري مارس وأبريل 2014 مخصصين لتلقي طلبات المترشحين واعتمادهم واطلاق حملاتهم الانتخابية.
مـــايو – يونيو:
1.  تجرى انتخابات أعضاء البرلمان وتعلن النتائج الرسمية النهائية.
2. احتفالية مراسم تسليم واستلام السلطة من المؤتمرالوطني العام الى البرلمان المنتخب.
3. يقوم البرلمان المنتخب في أول جلسة له بتشكيل هيئته الرئاسية وفقا لنصوص الدستور المؤقت. لتتولى ادارة أعمال البرلمان وتسيير جلساته.
4. يتولى البرلمان المنتخب خلال الشهر الأول من مباشرة أعماله اختيار هيئة رئاسية من ثلاثة أعضاء من خارج أعضاء البرلمان تتولى مهام رئيس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة.
يــوليـو:
1.  تتولى هيئة الرئاسة اختيار ثلاث أو (5) شخصيات وطنية تقدمهم للبرلمان المنتخب ليختار أحدهم يمنحه الثقة ويكلف بتشكيل حكومة.
2.  يأذن البرلمان المنتخب بالاستمرار في عمل هيئة الستين لصياغة الدستور ويعدل مدة عملها الى سنتين.
وسوف أعمل بالتعاون مع  مجموعة من القانونيين ونشطاء مؤسسات المجتمع المدني من الذين يحملون هم ليبيا بين جوانحهم ولا يفارقهم.. ويخافون عليها من التمزق والتفتت والاندثار لتجميع وتصنيف ما يتجمع من أفكار بناءة ليتم صياغتها وتقديمها الى المؤتمر الوطني العام عسانا جميعا نساهم في الوصول الى تخليص الشعرة من العجين!
وفق الله الجميع.. وحفظ الله ليبيا من مغبة سوء التقدير.. والدخول في المجهول.
عبد الرحمن الشاطر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق