السبت، 2 نوفمبر 2013

ليبيا _تقرير_الصندوق الأسود لوزارة الصحة&

بقلم د.فاطمة الحمروش_ لبيا المستقبل


أولا: ميزانيتيّ العلاج والطوارئ:
لكي تسهل قراءة وفهم إجابة السؤال المتداول بشكل ملحّ من قبل الكثيرين: "أين ذهبت ميزانية الحكومة الانتقالية؟" سأتطرّق في مقالاتي إلى الجزء الخاص بوزارة الصحة كعيِّنة لبقية الوزارات، وسأقسّم موضوع الميزانية بوزارة الصحة إلى عدة أجزاء.
بداية سأعرج على ميزانيتَيّ العلاج والطوارئ عام 2012، ثم إلى الميزانية التسييرية والدعم (باب أول وثاني ورابع) في الجزء التالي، لتتبعها ميزانية التحول (باب ثالث) في الجزء الأخير.
والحقيقة أن السؤال الذي يفرض نفسه بعد الانتهاء من هذا السرد لن يكون "أين ذهبت ميزانية الصحة؟"... بل "كيف، رُغم صرف كل هذه الميزانية على الصحة، لم نلحظ إلا المزيد من التدهور في الخدمات الصحية؟".
ولهذا، أرجو التمعّن فيما سيلي، وآمل ممن لديهم الإحساس بالمسؤولية تجاه ليبيا، أن يتجهوا إلى الجهات التي سأذكرها لمساءلتها، بدلا عن الاستمرار في المساهمة في نشر الإشاعات المغرضة والتهم جزافاً.

ليس الغرض من هذه الكتابات فضح أو تعرية أو التشهير بأحد، بل هو إظهار الحقائق لكي نُصلِح ما استطعنا مما فسد؛ ولكي نحاسب كل من عرقل أو افسد أو ظلم، إحقاقاً للحق، ونُصرةً للوطن وسعيا وراء بناء حاضرٍ أكثر إشراقا، لن يكون كذلك إلا بالصدق في الأقوال كما في الأفعال.
في نهاية نوفمبر 2011، وعندما استلَمَتْ الحكومة الانتقالية المهام من المكتب التنفيذي، تم الاتفاق منذ أول اجتماع لمجلس الوزراء بأن يتقدم كل وزير بخطة وزارته وبالميزانية المقترحة لتنفيذ الخطة المقدّمة، وتم تحديد مدة أقصاها نهاية ديسمبر 2011.
وهنا أرى ضرورة الإشارة إلى أنه، في الظروف العادية، تكون خطط العام المقبل والميزانية معدة وجاهزة من السنة السابقة، استثنائيًّا وبطبيعة الظروف وقتها لم يكن ذلك ممكنا.
في منتصف شهر يناير 2012 قام كل وزير بتقديم خطة وزارته وميزانيتها بحسب الطلب، نوقشت الخطط مجتمعة في اجتماع مجلس الوزراء؛ ثم أحيل المقترح (باب أول وثاني ورابع)، بعد الموافقة عليه من وزارة المالية، ومنها إلى المجلس الانتقالي للاعتماد.
بقي الباب الثالث الخاص بوزارة التخطيط، فقد تمت مناقشة بنوده في مجلس الوزراء والمصادقة عليه من وزارة التخطيط في منتصف شهر مايو (5) ثم أحيل إلى المجلس الانتقالي ولم يُعتمد إلا في نهاية شهر يونيو (6).
كنا نقوم بواجبنا بطريقة مهنية ومشاعر الوطن كانت تدعم روح الفريق الوزاري؛ إلا أن تلك المرحلة صاحبتها حرب إعلامية مكثفة مارست الانتقاد لأجل الانتقاد وليس لأجل الإصلاح، بعضها كان بدواعي ممنهجة ومدعوم من أشخاص وجماعات، والآخر كان بدواعي حداثة التجربة وقلة الخبرة المهنية، دفعتني بعض مشاهداتي لما يقدم في الإعلام إلى عرض وثيقة ضبتاريخي 7 و 8 يناير 2012، رأيت حينها أنها كانت أهم حتى من عرض خطة وزارة الصحة أو ميزانيتها، لما فيها من رؤية عامة لمجريات الأحداث في ليبيا وتداعياتها المستقبلية الخطيرة والتي بدت لي واضحة منذ ذلك الحين فيما يخص أمننا القومي واستقلاليتنا ومصداقيتنا كدولة ناشئة.
فقد حدثت خلال الفترة التي سبقت إعدادي لتلك المذكّرة أمور هامة، أقنعتني بضرورة لفت نظر كل من المجلس الانتقالي والحكومة الانتقالية إلى خطورة ما كان يجري تحت السطح:
 . زارني مدير مستشفى خاص في الأردن، وذكر لي حجم الفساد الذي كان يحدث باسم الجرحى، وعزز ذلك بمذكرة شارحة، تمنّيت حينها لو أنها صدرت ممن كانوا يتشدقون بالوطنية من أبناء جلدتنا، بينما في الحقيقة هم أنفسهم من كانوا يؤدون دور "أثرياء الحرب" بامتياز.
2. السيد أشرف بن إسماعيل، رئيس هيئة شؤون الجرحى، لمجلس الوزراء قدم تقريرا شفافا بالأرقام والأسماء عن حجم الفساد الذي كان يحدث في هيئة شؤون الجرحى (والتي كانت تحت إشرافه وإشراف السيد مصطفى بوشاقور النائب الأول لرئيس الوزراء مباشرة، ولم تكن لها أي صلة بوزارة الصحة)، أشار فيه بوضوح إلى التزوير في قوائم الجرحى، والتزوير في تكاليف علاجهم، والتزوير في تكاليف إقامتهم، إضافة إلى تكاثر المشرفين على علاجهم ومصاريفهم بشكل مبالغ فيه، وتواطؤهم مع الجشعين من رؤوس الأموال بالدول الأخرى، كذلك تواطؤ السفراء الليبيين والملحقين الصحيين والمراقبين الماليين في عدد كبير من دول العالم.
3. تطابق المشاكل التي كان يواجهها جميع وزراء الحكومة الانتقالية في تسيير أعمال وزاراتهم، الأمر الذي رأيت فيه برنامجا واضحا ومنظما ومعادياً للثورة رغم ما كان يبدو عليه من عشوائية وفوضى ظاهرة.
4. الإعلام الليبي حديث العهد بالحرية كان معاديا بشدة ومنتقدا بطريقة مبالغ فيها للحكومة الانتقالية منذ بداية نشأتها، مواقع التواصل الاجتماعي أيضا كانت تنشط، وبدت صفة الانتقاد سمة تسابق على أدائها المجتمع بأكمله، وحتى قبل أن يتسنى للحكومة تقديم ما يمكنها تقديمه، الأمر الذي أثار السخط العام لدى الشارع الليبي وعرقل عمل الحكومة، وأثّر في تقييم أداء الحكومة بأحكام مسبقة حتى قبل أن تبدأ في عملها.
5. وصلتني مذكرة من السيد العود، المسؤول عن الملف الصحي بالمجلس الانتقالي، وبها خطاب شديد اللهجة وغريب المحتوى، وكان يكرر فيه بثقة عجيبة كل تداولات الشارع وكأنها حقائق مطلقة، إشاعات وتُهمٍ لا أساس لها من الصحة، ولم يكلّف نفسه حتى بجهد التواصل مع الوزارة قبل الشروع في كتابة ذلك الخطاب؛ الأمر الذي جعلني أتساءل عن مدى دراية أعضاء المجلس بحجم لمؤامرة التي كانت تحاك منذ قيام الثورة ضدها لإفشالها ولإفشال مشروع الدولة الليبية الحديثة التي كنا ولا نزال جميعا نطمح في إقامتها.
 كل الأسباب سالفة الذكر دفعتني إلى تحرير ذلك الخطاب وتقديمه للمجلس الانتقالي والحكومة الانتقالية على وجه السرعة، اعتقادا مني بأنه سيلقى صدىً لدى الجهات التشريعية والتنفيذية بالدولة الليبية لخطورة ما يحمله؛ وكانت مفاجأتي كبيرة حين أيقنت أن خطابي لم يلقى الاهتمام الذي توقعته من المسئولين، بل أن بعض أعضاء المجلس الانتقالي وصل بهم الجهل إلى الاعتراض على كل ما قدمت، بحجة أن ما بالمذكّرة لم يعنيهم وأنه جاء مخيبا لآمالهم في سماع خطة وزارة الصحة القادمة!!!!!

تم اعتماد ميزانية الدولة بالكامل لعام 2012 (باب أول وثاني ورابع) في منتصف شهر مارس (3)، وباب ثالث في نهاية شهر يونيو (6). في الفترة الأولى، من ديسمبر 2011 إلى مارس 2012، لم تكن لدينا أي ميزانية، ولذا فقد اضطررنا إلى التعامل مع تلك المرحلة بحذرٍ شديد وفي الكثير من الأحيان بالاتفاق على الدفع المؤجل إلى حين صدور الميزانية.
منذ شهر ديسمبر 2011، لاحظت مبادراتٍ من عدة دول كانت قد شاركت في غارات الناتو على قوات القذافي خلال الثورة، وكانت في مقدمتها فرنسا بشكل ظاهرِ جداً، حيث تقدّمت بعرض مشاريعها التي كانت قد اتفقت مسبقا عليها مع السلطات الليبية، منها خلال نظام الطاغية ومنها خلال المكتب التنفيذي، ولكنها كانت غير مستكملة أو متوقفة بسبب أحداث الثورة أو بسبب قصر المدّة للمكتب التنفيذي، تلت فرنسا في الترتيب: بريطانيا ثم إيطاليا وألمانيا.
منذ الأسبوع الأول لبداية عملي بالوزارة، حضر إلى مكتبي مندوب شركة IMPE الفرنسية وشركة Pharmaplus برفقة السفير الفرنسي، إضافة إلى مندوب منظمة الصحة العالمية بليبيا برفقة د رضا العوكل مندوب ليبيا بمنظمة الصحة العالمية بجنيف.
تزامنت زيارة هؤلاء مع مشاكلٍِ عدة تم تقديمها لي على أنها طارئة، الأمر الذي استدعى سرعة القرار لمنع حدوث الإنتكاسات متوقعة الحدوث في حال عدم اتخاذ الإجراءات العاجلة لمنعها:
1. بلغني من جهاز الإمداد الطبي بأن مخزون الأدوية لا يتجاوز الثلاثة أسابيع.
2. لم يكن لدينا سيولة بسبب تجميد الأرصدة الليبية وعدم وجود ميزانية لعام 2012 بعد، مع توقع تأخرها بسبب الظروف التي كانت تمر بها ليبيا.
3. كان قرار الأمم المتحدة بخصوص إمكانية استخدام الأموال المجمدة في الأمور الإنسانية واضحا، وقد كان هذا طوق نجاة في تلك المرحلة.
4. بسبب الوضع الأمني غير المستقر، كانت جميع الشركات الأجنبية قد غادرت ليبيا، مما أدى إلى توقف الكثير من المشروعات والخدمات الطبية، وأدى هذا إلى استنزاف الموارد المالية من خلال الأرصدة المجمدة في العلاج خارج ليبيا.
5. حدوث الإشتباكات المسلّحة من حين إلى آخر، الأمر الذي استلزم تشكيل إدارة خاصة بالأزمات والطوارئ، كانت تعمل على مدار الساعة، وتم منحها نوع من الإستقلالية للتصرف بالشراء المباشر من الموردين المحليين وبالدفع المؤجل، لسد الإحتياجات الطارئة.
# فيما يخص شركة ال IMPE فقد أبدت استعدادها للعودة لاستكمال تجهيز البرج الثاني لمركز بنغازي الطبي، وقد كان المجلس الانتقالي قد وافق على ذلك قبل تشكيل الحكومة الانتقالية، وبالفعل قمت بالموافقة على استكمال البرج الثاني وقسم النساء والولادة التابع له بتاريخ 07/12/2011، وبذلك يتم إضافة عدد 520 سرير إلى منطقة الشرق من خلال هذا المركز بتخصصات مختلفة، وقد كان هذا، في تصورنا، حلاً ممتازاً لوقف العلاج بالخارج وللحفاظ على المال العام واستثماره داخل ليبيا بدلا من استنزافه بالخارج.
لن أتطرق هنا إلى تفاصيل العرقلة التي تبعت ذلك الاتفاق، ولكن لم يتم الانتهاء من الاتفاق بشكل كامل إلا بتاريخ 7/08/2012 وبصعوبة بالغة.
# تقدمت كذلك شركة الفارمابلس بقوائم الاحتياجات الدوائية العاجلة لثلاث مناطق في ليبيا: مصراتة وطرابلس وسبها، وأبدت استعدادها لتوفير الأدوية بمنتصف يناير. تمت موافقتي المبدئية وأحلت العرض على إدارة الصيدلة لدراسته، فكان الرد إيجابيا، والحقيقة كان ذلك بمثابة المنقذ في ظل النقص الحاد الذي كان لدينا حينها في الأدوية، فقمت بدوري بالموافقة. وهنا أيضا أشير إلى أن الإتفاق لم يتحقق على أرض الواقع لما تعرض له من عراقيل مختلقة ومتعمّدة بحجج مختلفة.
# قامت منظمة الصحة العالمية بتسهيل إجراءات شراء أدوية الإيدز وأدوية أخرى سدت بها جزءاً من النقص حينها، وكانت كلها مدفوعة الثمن مسبقا من خلال الأموال المجمدة.
# تم تقديم عطاء 17 لشراء أدوية لي لكي أوافق عليه، وفي ذات الوقت قدمت لي مستندات من أطراف أخرى تثبت أن السعر المتعاقد عليه في هذا العطاء كان ثلاثة أضعاف السعر المتعارف عليه عالميا، إضافة إلى أن معظم الشركات المورّدة كانت إما ملكا لمناصري النظام السابق، أو يملكون أسهما بها، ومن هذه الأسماء: د مصطفى الزائدي، عائشة القذافي وسيف الإسلام القذافي. وعليه فقد كان من البديهي أن أوقف العطاء، وأحيله إلى النيابة العامة وديوان المحاسبة للتحقق من المعلومات الواردة بالخصوص، الأمر الذي أغضب مدير المخازن ببنغازي: السيد عقيلة الكزة ومعه الوكيل الذي إستقال لاحقا: الدكتور عياد عبدالواحد، فقد كان العطاء بتوقيعهما إضافة إلى توقيع د ناجي بركات وسيدة في الإمداد الطبي لا أذكر اسمها الآن، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل حضر "مندوبين" (د محمد المنقوش، د الزورق نبوس، المنسق الصحي بالمرج حينها، ومندوب عن الإمداد الطبي في بنغازي) إلى رئيس الوزراء للمطالبة بإقالتي والتشكيك في ذمتي المالية وفي وطنيتي!
إلا انه وللأسف، اضطررت لفتح جزء من العطاء رغم معرفتي إلى أين ستؤول الأموال، ولم يكن لدي خيار فالوقت لم يكن في صالحي فنقص الأدوية كان يعني للكثير من المرضى حالات الوفاة، ولكن بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية تمكّنّا من توفير جزءاً الأدوية في تلك الفترة، إلى أن صدرت الميزانية، ثم تم شراء ما يكفي من خلال عطاء 37. ولا يزال موضوع عطاء 17 عالقا لدى النائب العام إلى يومنا هذا.
# أما فيما يخص ميزانية العلاج، ففي نهاية ديسمبر 2011, تقدم إليّ المراقب المالي للجنة العلاج بمركز طرابلس الطبي، وكان يحثني بشكل مستعجل على إصدار التفويض المالي لصرف مبلغ ثلاثمائة مليون دينار كانت لدى الوزارة كمخصصات للعلاج.
والحقيقة أني في البداية ظننته المراقب المالي لوزارة الصحة، ولكم تعجبت لإصراره وجرأته، فقد كان يطلب مني توقيع التفويض المالي للمصرف على عجالة وفي وجوده في تلك الزيارة، وحين عرفت من يكون بطل عجبي، وتأكد لي أنه كان يسعى لمصلحة شخصية، فصرفته.
بعد التشاور مع القسم المالي والقسم القانوني بالوزارة، تقرر تقسيم المبلغ بين لجان العلاج، والتحفظ على جزء منه للوزارة لإحالته للسفارات لدفع جزء من الديون المتراكمة لمصاريف العلاج، وجزء آخر للحفظ لحساب الوزارة لتغطية نفقات الطوارئ.
ولكني فوجئت بتصرف وكيل وزارة المالية، السيد امراجع غيث، باتفاق مع نفس المراقب المالي وإحالة المبلغ بكامله إلى لجان العلاج: (بنغازي 120 مليون، وطرابلس 120 مليون، وسبها 60 مليون)، وبالمخالفة لما طلبت، فتوجهت إلى وزارة المالية شخصيا، ولم أفلح في تغيير ذلك لإصرار عجيب من وكيل وزير المالية، وبالفعل تم لهما ما أرادا رغم اعتراضي.
بلغني فيما بعد من لجنة العلاج ببنغازي بأن المبلغ الذي تم استلامه كان ناقصا خمسة ملايين دينار، فطلبت التحقيق في بقية المبالغ ولم تأتني أي إجابة، إلا أني علمت فيما بعد بخبر سجن المراقب المالي للجنة العلاج بطرابلس بسبب تورطه في تجاوزات مالية، بينما قمنا باستبدال لجنة سبها لثبوت تورطها في عقود مخالفة لقوانين وزارة الصحة، وتم إحالة الموضوع إلى النائب العام وديوان المحاسبة، ولم تردنا بالخصوص أي ردود من كلا الجهتين.
قامت الوزارة أيضاً خلال نفس المرحلة بالاتفاق مع الشركات المسؤولة على صيانة جميع الأجهزة في المستشفيات بالدفع المؤجل وقد تم ذلك بالفعل.
وكما أسلفت، سأتحدث هنا فقط عما قامت به وزارة الصحة خلال تلك المرحلة لمعرفتي بتفاصيل ذلك، وأدعو زملائي بالوزارات الأخرى أن يتقدموا بالمثل للشعب الليبي حتى يعي الجميع حجم الظلم الذي طال الشرفاء، وحجم الفساد الذي ينخر بنخاع الدولة الليبية والذي على ما يبدو، ولانتشاره، أصبح الكثيرون يرونه أمرٌ طبيعي ويستغربون حتى الإشارة إليه، بل ويجرؤ البعض على سؤالي "ماذا بك؟ الجميع يفعل ذلك!!!" جملة سمعتها مرارا وتكرارا من شخصياتٍ ظننت لسنواتٍ طوال أني كنت أعرفها، فصدمتني بمنطقهم ذاك، ولم يقف الأمر هنا بل وجدوا أيضاً من يناصرونهم ضد من يقف في وجوههم، من كل المستويات، ابتداءً من القاعدة الشعبية إلى القمة التنفيذية والتشريعية في الكثير من الأحيان وللأسف الشديد.

*************
تم استصدار موافقة من مجلس الوزراء لتخصيص مبلغ 80 مليون لاستخدامها للوزارة حتى يتم اعتماد الميزانية، وبالفعل قمنا بتوزيع المبلغ على مرحلتين على كافة المستشفيات والمرافق الصحية بالدولة لحل الاختناقات، إلا أننا استغربنا استمرار العديد منها في إنكار أنها استلمت أية مبالغ، بل وخروج بعض مديريها مشتكين ببالغ الأسى إهمال الوزارة!!
تجدون ملحقا هنا كيفية توزيع الميزانية الطارئة على المستشفيات والمرافق الصحية خلال الفترة قبل اعتماد الميزانية، وقد أعطيت لها جميعا الصلاحية لاستخدام تلك المبالغ في حل الاختناقات، سواء كانت أدوية أو معدات أو صيانات عاجلة.

*************
أعيد بعد هذا السرد سؤالي في بداية هذا الجزء:
"كيف، رُغم صرف كل هذه الميزانية على الصحة، لم نلحظ إلا المزيد من التدهور في الخدمات الصحية؟"
أخيرا، أنبّه القارئ بأن هذا "أول الغيث فقط"، وأن ما سيلي بخصوص ما تم صرفه على الخدمات الصحية في ليبيا، سيظهر بوضوحِ لا غبار عليه حجم الفساد المستشري في كل ما يخص الوزارة، مما يستدعي ضرورة إعادة مراجعة كل العاملين بها وتقييم كفاءاتهم وأخلاقياتهم المهنية لأجل مستقبلٍ أفضل لهذا القطاع الهام بالدولة، ومن لا يخشى القانون، سيوافقني، أما من يعلمون بخبايا فسادهم، فبطبيعة الحال لا أتوقع منهم مباركة لكلماتي!!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق