الأربعاء، 9 أكتوبر 2013

الكاف : الدولة الممكنة في #ليبيا

مجد العماري


"الدولة" لا تحتاج إلى أي صفة بعدها. ينبغي على القوى الليبية، السياسية والمدنية والمجتمعية، الخروج من النقاش العقيم، الذي جربته بلدان كثيرة، حول صفات الدولة المستقبلية : "هل هي إسلامية أم مدنية أم علمانية".

إذ ينهك الجميع أنفسهم في تناول صفات الدولة، بينما الدولة ذاتها كمفهوم ما تزال غير واضحة في أذهان الكثيرين. فالدولة الوطنية الحديثة لا تحتاج إلى أي أيديولوجية، سواء أكانت علمانية أم إسلامية، لأنها "أي الدولة" كائن سياسي وقانوني حيادي، فوق الأيديولوجيات والطبقات والفئات والأفراد، ومحايدة إزاء أديان وعقائد مواطنيها.

الدولة مفهوم مجرد يدل على العمومية ولا يقبل أي صفة تحدّ من عموميته، أما السلطة الحاكمة فيمكن أن توصف بأنها دينية أو مدنية أو علمانية.

الدولة والدين

الأديان والعقائد خاصة بأصحابها، فيما الدولة شأن عام يخص جميع المواطنين. لذلك فأي صفة توضع بعد الدولة لا تكون من جنسها، أي لا تكون ذات طبيعة عمومية أو وطنية، فإنما تقوِّض أسس الدولة ذاتها لأنها تجعل منها دولة خاصة بطرف معين.

الدولة الوطنية شأن عام يتجسد في الدستور، فيما الدين/المذهب هو شأن خاص بأصحابه، والدول تبنى على ما هو عام وليس على ما هو خاص.

دولة العقد الاجتماعي

تبنى الدولة استناداً إلى عقد اجتماعي/دستور، وهو التعبير القانوني والحقوقي لما هو مشترك بين جميع الأفراد وجميع القوى والفئات الاجتماعية. من الخطأ الاعتقاد أن الدستور تحدِّده الأغلبية فحسب، سواء أكانت أغلبية عقائدية أو سياسية، لأن الدولة ستكون وقتها دولة هذه الأغلبية فيما الأقلية تصبح خارج الدولة.

العقد الاجتماعي هو عقد توافقي بين جميع المواطنين، ولذا يفترض ألا يحتوي إلا على ما هو مشترك بينهم، وعندما يصبح ذلك ممكناً تصبح الدولة دولة جميع المواطنين.

دولة المواطنة المتساوية

إن مجرد الإقرار بالمواطنة المتساوية فإن ذلك يعني أن الدولة حيادية بطبيعتها وعلى مسافة واحدة من جميع المواطنين، بغض النظر عن الحزب الموجود في السلطة، سواء كان صاحب أيديولوجية علمانية أو دينية.
أما سيادة الدولة فهي سيادة الشعب، كل الشعب، وليست سيادة السلطة الحاكمة أو سيادة الأغلبية.

والشرعية الدستورية تستمد من الشعب، أو من العقد الاجتماعي لا من أيديولوجية بعينها أو أكثرية عددية، إثنية أو دينية أو مذهبية.

الدولة الممكنة في ليبيا

الدولة الممكنة في ليبيا هي الدولة التي تقوم على "الدين لله، والأيديولوجيات لأصحابها، والوطن للجميع" أي هي الدولة العمومية/الوطنية، الدولة الحيادية، دولة المواطنة المتساوية، وبديلها هو الحرب الطائفية والإثنية والسياسية التي لا تترك أحداً من شرها.
 
الكاف 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق