الاثنين، 28 أكتوبر 2013

ليبيا _في شرق ليبيا.. زعيم معارض سابق يختبر صلابة طرابلس&

 

البريقة (ليبيا) (رويترز) - لا يرى إبراهيم الجضران -أحد قادة مقاتلي المعارضة السابقة في ليبيا- في قيام جماعته بوقف نصف إنتاج البلاد من النفط جريمة.. بل بداية معركة شريفة من اجل نصيب عادل في الثروة النفطية.
من قاعدته قرب ميناء البريقة النفطي نجح الجضران -البالغ من العمر 33 عاما والذي لمع نجمه خلال الانتفاضة على حكم معمر القذافي- في السيطرة على الموانيء النفطية الرئيسية لمطالبة طرابلس بمزيد من الحكم الذاتي والنفط لمنطقته الواقعة بشرق البلاد.
يقود الجضران عدة آلاف من المقاتلين من مبنى أبيض من طابق واحد وهو المقر السابق لجهاز حرس المنشآت النفطية وقد سيطر عليه بعد أن انشق عن الوحدة في يوليو تموز.
يكتظ مكتبه بالمساعدين ويقوم رجاله بدوريات في المجمع الكبير. تقف شاحنة عليها مدافع مضادة للطائرات امام البوابة الأمامية. ويحرس رجاله بوابات البريقة وموانيء أخرى على امتداد الساحل.
وصعود الجضران الذي نصب نفسه زعيما محليا يعكس فوضى الأوضاع في ليبيا بعد الحرب حيث يسعى رئيس الوزراء علي زيدان جاهدا للسيطرة على البلاد التي تزخر بالقبائل المسلحة والميليشيات والإسلاميين المتشددين.
وتكشف المواجهة بشأن مرافيء النفط مدى قدرة الحكومة المركزية المحدودة على كبح جماح المقاتلين السابقين الذين أطاحوا بالقذافي ويعتقدون أن من حقهم الآن تحقيق مكاسب بعد الانتفاضة التي اندلعت قبل عامين.
وقال الجضران في مقابلة في بلدته اجدابيا قرب ساحل البحر المتوسط إن من المفترض أن تفيد صادرات النفط الشعب الليبي لكن ما يحدث هو العكس.
الطرق هنا غير ممهدة والمستشفيات شحيحة والطلاء يتساقط من على المباني في تناقض مع الكورنيش الأنيق بالعاصمة طرابلس على بعد 700 كيلومتر الى الغرب.
وقال الجضران إن الليبيين كانوا يحلمون بدولة جديدة بعد الثورة لكن الامن وخدمات الصحة والتعليم تتدهور يوما بعد يوم.
وبعد أن أوقف مبيعات نفطية لا تقل قيمتها عن خمسة مليارات دولار يهدد الجضران بتصعيد مواجهته مع الحكومة من خلال محاولة بيع الخام مباشرة للأسواق متجاوزا وزارة النفط التي يتهمها بالفساد.
وعلى غرار كثيرين في شرق ليبيا الذي يفتقر الى التنمية فإنه يريد تقسيم البلاد الى ثلاثة أجزاء يحكم كل منها نفسه على أساس قبلي وهو الوضع الذي كان قائما قبل الاستقلال عام 1951. كانت ليبيا حينئذ مقسمة الى منطقة برقة التي تقع في الشرق وعاصمتها طرابلس وفزان في الجنوب.
ولإنجاح خطته يحتاج الجضران الى النفط. ويوجد 60 في المئة من احتياطيات ليبيا من النفط الخام في الشرق لكن الجضران يقول إن عائداته تذهب الى طرابلس وحدها.
ويعتقد معظم الخبراء أنه سيكون من الصعب على الجضران ومقاتليه العثور على مشترين للنفط. وتقول الحكومة إنها ستفجر اي ناقلات تحاول الرسو في الموانيء الخاضعة لسيطرة الجضران.
ولا تؤثر المواجهة على إمدادات النفط العالمية فحسب وإنما تهدد بمزيد من الاضطرابات في ليبيا التي تخشى القوى الغربية من تحولها الى ملاذ آمن للإسلاميين المتشددين الذين يتنقلون عبر حدود يسهل اختراقها.
وظهرت التحديات التي تواجهها ليبيا بوضوح هذا الشهر حين خطف مسلحون من جماعة اخرى رئيس الوزراء من غرفته بأحد فنادق طرابلس واحتجزوه لعدة ساعات قبل أن يفرجوا عنه.
- صعود مقاتل..
ويسير صعود الجضران كمقاتل يسعى الى نظام فيدرالي في خط متواز مع انزلاق ليبيا في فوضى الجماعات المسلحة.
كوفيء الجضران بعد الانتفاضة على القذافي بقيادة إدارة حرس المنشآت النفطية المسؤولة عن حماية الموانيء وحقول النفط وهي أماكن استولى عليها من قوات القذافي في الشرق.
في ذلك الحين كان ملتحيا يرتدي زيا عسكريا.. اما الآن فهو حليق ويرتدي حلة سوداء أنيقة وربطة عنق. كان الجضران يقود سرية حمزة التي قاتلت على الساحل من اجدابيا الى منطقة سرت مسقط رأس القذافي.
في البداية كانت عائلة الجضران تتلقى السلاح والمال من حكومة القذافي التي كانت تأمل أن يتمكن من إخماد الانتفاضة. لكن مقاتلا سابقا قال لرويترز إن رجال الجضران انضموا للمعارضة.
ولشعوره بالغضب مثل كثير من المواطنين الليبيين لانعدام التنمية والأمن قرر الجضران أن يتحول إلى صفوف المعارضة مرة اخرى وترك جهاز حرس منشآت النفط. وسيطر رجاله على ميناءي السدر وراس لانوف لتصدير النفط.
ومازال الجضران يعمل من مكتب قوة حماية المنشآت النفطية القديم ووضع نفسه على رأس حركة للحكم الذاتي في برقة.
يحيط به المساعدون ويرتدي بعضهم زي جهاز حراسة المنشآت النفطية ويصف الجضران نفسه الآن بأنه زعيم كيان إقليمي لحكم شرق ليبيا.
ويتدفق الزوار مما يضطر مساعديه لإغلاق مكتبه لإبعادهم عنه وإتاحة قدر من الخصوصية له. في الداخل يعطي اوامر عبر الهاتف او يوقع اوراقا بينما يتابع مؤتمرا صحفيا لمقاتل من المعارضة السابقة يتحدث عن احتجاز زيدان.
ورغم أن رئيس الوزراء أنهى حصارا للموانيء في غرب ليبيا من خلال سداد مبالغ للجماعات المسلحة فإن الجضران يرفض ويصر على نظام فيدرالي لاقتسام السلطة.
وقال إن هناك حاجة الى إعادة دستور عام 1951 الذي يدعو الى نظام فيدرالي. وأضاف أن حكومة طرابلس ليست مركزية فحسب وإنما تسيطر عليها جماعة الاخوان المسلمين وميليشياتها المسلحة.
وأردف قائلا إنه لن يكون هناك استقرار بدون نظام فيدرالي.
ويلقى هذا النوع من المطالب قبولا كبيرا في برقة مهد الانتفاضة على حكم القذافي والتي طالما عانت إهمالا وتجاهلا.
ويتمتع الجضران بشعبية لأنه دفع ثمن معارضته للقذافي وقضى سبع سنوات في سجن ابو سليم قبل الإفراج عنه عام 2010 ضمن عفو عن سجناء سياسيين.
ويشكو السكان من أن بنغازي مازالت تبدو مهملة تماما مثلما كان عليه حالها في عهد القذافي. والمباني المطلة على البحر التي يرجع أغلبها الى حقبة الاستعمار الايطالي متداعية.
ويتفق الكثير من سكان المنطقة مع الجضران حين يتهم النخبة التي يصفونها بأنها فاسدة في طرابلس "بسرقة النفط" قائلين إنها تستفيد من عدم دقة استغلال أنظمة القياس المستخدمة لتعقب حركة النفط
الخام في مرافيء النفط.
وقال فرج المغربي المهندس في شركة سرت للنفط التي تدير عمليات قرب اجدابيا "لا يمكن أن نجلس ونتفرج على أنصار النظام القديم وهم يسرقون نفطنا."
وقال الجضران إن مسؤولين بالحكومة عرضوا عليه اموالا مقابل وقف نشاطه. وأعطى مكتبه لرويترز نسخا من شيكات يقول إن نائبا برلمانيا صاحب نفوذ في طرابلس حررها له. ويقول النائب المعني إنه لم يقصد سوى تقديم لفتة تعبر عن حسن النوايا.
- خصومات وعداءات..
جماعة الجضران واحدة من عشرات الجماعات المسلحة في ليبيا التي تتمتع بقدر من الحصانة رغم أن الكثير منها اندمج من الناحية الشكلية في وزارتي الداخلية والدفاع. أما على الصعيد الفعلي فهي تتبع قادتها المحليين وليس الحكومة.
وربما تحظى دعوة الجضران لإقامة نظام فيدرالي بشعبية لكن نفوذه محدود. فرغم أنه يقود آلاف الرجال -يقول المتحدث باسمه إنهم 20 الفا ويرى محللون أن العدد مبالغ فيه- فإن سلطته تقتصر على منطقة اجدابيا التي تعيش بها قبيلة المغاربة التي ينتمي لها.
وهو يواجه أيضا معارضة من جانب إسلاميين يتهمهم بمحاولة تحويل ليبيا إلى مرتع للمتشددين مثل العراق.
ويرفضه الزعماء الإسلاميون في بنغازي ويرون أنه يضر بالاقتصاد ولا يسعى إلا لتعزيز وضع قبيلته.
ويقول احمد الزليطني وهو متحدث باسم جماعة اسلامية في بنغازي تدعو الى تطبيق الشريعة الإسلامية إنه لا يمانع في النظام الفيدرالي لكن أشار إلى أن المشكلة تكمن في أن المسألة تتعلق بالنفوذ القبلي.
لكن الجضران مصمم ويقول إنه يعتزم بدء طرح النفط الخام للبيع للأسواق العالمية هذا الشهر نيابة عن مجلس جديد للحكم الذاتي.
وأضاف "من حقنا الحصول على حصة من النفط." (إعداد دينا عادل للنشرة العربية - تحرير أمل أبو السعود) من اولف ليسينج وغيث شنيب 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق