الأربعاء، 30 أكتوبر 2013

ليبيا: صغيرات على الطلاق^


ليبيا المستقبل 
رأي: انتصار بوراوي*... تنامت ظاهرة الزواج والطلاق السريع للفتيات صغيرات السن في المجتمع الليبي بشكل ملفت خلال السنوات الاخيرة. وتنامي هذه الظاهرة هو رد فعل مجتمعي على الخوف والرعب الاجتماعي العام لدى العائلات الليبية من العنوسة التي قد تقع فتياتهم في أسرها إذا لم ينتهز الأهل فرصة لتزويجهن، حتى لو كانت الفتاة غير مستعدة عاطفيا ونفسيا واجتماعيا لمسئولية الزواج. بالتالي فالزواج المبكر للفتاة الصغيرة أو القاصر ليس اختيارا من الفتاة فقط، بل هو رد فعل مجتمعي يشارك فيه الأهل، كما أنه ثقافة مجتمع بكامله .
ولكن، بالمقابل، أدى الزواج المبكر لظهور واقع طلاق أعداد كبيرة من صغيرات السن اللواتي دخلن لمؤسسة الزواج، في سن طرية، لا يدركن فيها كيفية التعاطي مع مؤسسة الزواج الليبية التي تتشابك بكثير من العلاقات الاجتماعية والعادات والتقاليد القبلية المعقدة، إضافة إلى شخصية الزوج التي تكون في كثير من الأحيان مجهولة، لأن كثيرا من زيجات الفتيات الصغيرات في السن هي زيجات تقليدية تعتمد على ترتيبات عائلية أشبه بلعبة حظ، إما أن تنجح أو تفشل دون تفكير في الطباع الشخصية للطرفين ومواءمة الطرفين لبعضهما من عدمه. وأيضا من مسببات الطلاق الأزمة الاقتصادية للشباب نتيجة البطالة، وعدم توافر سكن خاص للمقبلين الجدد على الزواج، مما يضطرهم إلى السكن في بيوت عائلاتهم أو اقتناء بيت للإيجار، ليكتشفوا بعد أشهر معدودة، ومع تعدد المسئوليات الزوجية بأنهم غير قادرين على تغطية نفقاته.
نتيجة لكل هذه الأمور المعقدة والمتشابكة، ظهرت مشكلة طلاق الفتيات الصغيرات، وكثير منهن تركن دراستهن، لاعتقادهن بأن الزواج المبكر والارتباط بأي رجل هو الحل السحري لجميع مشاكلهن، وأن الرجل بيده تحقيق كل أحلامهن عن الزواج. ولكن كثيرا من الفتيات يرتطمن بواقع اجتماعي قاس، ويكتشفن بأنهن اخترن الحل السريع دون أي تفكير أو معرفة بعقل وطباع الزوج.
ومن خلال اطلاعنا على آخر الإحصائيات للطلاق بمحكمة بنغازى، اتضح لنا جليا ازدياد نسب الطلاق في هذا العام بشكل كبير قياسا بالأعوام الماضية، إذ بلغ أعداد قضايا الطلاق من شهر يناير إلى سبتمبر 2013  أكثر من 1794 قضية طلاق. نسبة كبيرة منهن للفتيات الصغيرات، وهن في أوج تفتحهن وتهجى خطواتهن الأولى بالحياة. وفي مجتمع تساقطت الكثير من أخلاقياته وقيمه، كثيرا ما تغدو الفتيات الصغيرات المطلقات مطمعا لكثير من النفوس المريضة، بحكم نظرة المجتمع الليبي التقليدية الظالمة للمرأة غير المتزوجة، والتي تسقط القيمة الاجتماعية عنها مهما ارتقت مهنيا، وهو من الأسباب التي تدفع الكثير من الفتيات الليبيات الصغيرات لأن يقطعن مسيرة دراستهن لتحقيق حلم الزواج بأي صورة وبأي شكل، لمحاولة إسباغ القيمة على وجودهن المجتمعي الذى يعلي من قيمة المرأة المتزوجة.
ولكن تنامى ظاهرة الطلاق بين الفتيات الصغيرات يظهر أن ثمة خللا ما، وأن الزواج المبكر ليس هو الحل، وأنه بالعكس قد أدخل العديد وليس "الكل" طبعا من الفتيات الصغيرات في مشاكل أكبر، وخاصة إذا أصبحن أمهات ورجعن الى بيوت ذويهن محملات بأطفال على أكتافهن، باحثات عن أفق آخر، وحلول أخرى يرممن بها ما تصدع من تجربة الزواج المبكر .
* رئيسة تحرير مجلة المرأة الليبية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق