الجمعة، 4 أكتوبر 2013

مصادر: الهجوم على السفارة الروسية في طرابلس كان متوقعا

  الشرق الأوسط: كشفت مصادر ليبية عن حقيقة التفاصيل غير المعلنة حول محاولة اقتحام عشرات المسلحين، أول من أمس، مقر السفارة الروسية في العاصمة الليبية طرابلس، احتجاجا على مقتل ضابط بالجيش الليبي على يد فتاة روسية الجنسية قبل يومين.
وكشفت المصادر، التي طلبت عدم تعريفها، نقلا عن شاهد عيان، النقاب للمرة الأولى عن ورود معلومات أمنية تحذر من احتمال وجود خطر يهدد مقر السفارة، مما يعنى أن الهجوم عليها كان متوقعا. وأضافت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، أنه يوم الحادث ومنذ الظهر بدا أن هناك خطرا يهدد مقر السفارة، وطلب أعضاء السفارة من الخارجية الروسية الأذن لهم في مغادرتها، لكن جاء رد الخارجية بأنه «عليكم عدم مغادرة الأراضي الليبية بأي حال من الأحوال».
وأوضحت المصادر أن فشل عملية اقتحام مقر السفارة يرجع إلى الإجراءات الاحترازية التي كانت تتخذها لتأمين المقر، لافتة إلى أن هذه الإجراءات ترجع ربما إلى العام الماضي مع تعدد حالات الاعتداء على مقار السفارات والبعثات الدبلوماسية الأجنبية في ليبيا. وقالت المصادر ذاتها، إن مجموعة محسوبة على منطقة سوق الجمعة حاولوا دخول مقر السفارة بعدما أمطروها بوابل من الرصاص ودمروا ثلاث سيارات تابعة لها وتمكنوا من إنزال العلم وأحرقوه وسط تهليل وتكبير، مشيرة إلى أن المهاجمين رددوا أيضا عبارات تدين السفارة الروسية، واتهموها بأنها تنفذ ما وصفوه بأجندة مشبوهة لتصفية عدد من المسؤولين الليبيين العسكريين. لكن المسلحين لم يتمكنوا من دخول المقر الرئيس للسفارة بسبب وجود عازل كهربائي يحميها، ورغم محاولتهم قطع الكهرباء من الخارج، فإن مساعيهم لم تنجح بسبب أن المولد الكهربائي عمل تلقائيا فور قطع الكهرباء.
وعدت المصادر أن مقتل الضابط الليبي على يد الفتاة الروسية ما زال يمثل لغزا محيرا، مشيرة إلى أن التحقيقات الأولية أكدت أن الفتاة تنتمي إلى دولة بيلاروسيا وليست روسيا، موضحة أن بعض شهود العيان أكدوا أنها «زوجة الضحية ولديها مولود منه، لكنها كانت تعاني مشاكل كثيرة معه منذ سنوات».
وقالت المصادر إنه من المرجح أن يكون دافع القتل قيام الضابط بالزواج بامرأة أخرى أخيرا بتحريض من والدته التي تعرضت للطعن في اليد والصدر من المتهمة، التي يجري حاليا التحفظ عليها في مكان آمن. وطبقا للتحقيقات التي أجرتها السلطات الليبية، فقد وقع الحادث الثلاثاء الماضي، عندما طرقت الفتاة باب منزل محمد السوسي، عضو المجلس الأعلى لثوار ليبيا، بمنطقة سوق الجمعة. وحال قيامه بفتح الباب، بادرته بإطلاق سبع طلقات نارية من سلاح كلاشنيكوف فأصابته في منطقة البطن والكتف ورصاصة في الرأس، ولم تكتف بذلك، بل قامت بالاعتداء على والدته العجوز وطعنتها عدة طعنات بالحربة في منطقة الكتف واليد. وعلى أثر ذلك وبعد سماع صوت الرصاص، قام ثوار المنطقة بمحاصرتها داخل المنزل وألقوا القبض عليها وهي بجانب الجثة، وقد ملأت كأسا من دم القتيل وكتبت به على الحائط جملة «الموت للجرذان»، وهو تعبير كان العقيد الراحل معمر القذافي يستخدمه ضد معارضيه من الثوار خلال الانتفاضة الشعبية عام 2011.
وقال إعلاميون ليبيون، على صفحات موقع التواصل الاجتماعي الـ«فيس بوك»، إن الفتاة الروسية سبق اتهامها العام الماضي بالتورط في جريمة قتل لمواطن ليبي آخر، لكن أطلق سراحها وجرى تجاهل القضية. كما زعموا أنها على علاقة وثيقة الصلة بزعيم إحدى الميليشيات المسلحة التي تتمركز في طرابلس.
وكانت وزارة الخارجية الليبية التي استنكرت الحادث، قد عدته عملا غير مسؤولا، يهدف إلى المساس بالعلاقات الاستراتيجية بين البلدين الصديقين. وأكدت الوزارة في بيان لها، أن العلاقات التاريخية التي تربط البلدين ثابتة ولن يؤثر فيها هذا العمل. وشددت على حرصها التام على أمن وسلامة كافة البعثات الأجنبية في ليبيا والمقيمين على أراضيها واهتمامها بمتابعة التحقيقات بشأن هذه الحادثة مع الجهات المختصة.
وقام رئيس الحكومة الانتقالية، علي زيدان، برفقة وزير الخارجية، محمد عبد العزيز، مساء أول من أمس، بزيارة لمقر السفارة الروسية، لتفقد الأضرار التي لحقت بمبنى السفارة، بينما أعرب زيدان عن شكره وتقديره لتعاون المواطنين والجهات التي ساهمت في التخفيف من آثار حادثة الاعتداء على السفارة وحمايتها.
وأكد السفير الروسي لدى ليبيا، إيفان مولوتكوف، في تصريح لوكالة أنباء (شينخوا)، أن الهجوم أسفر عن خسائر مادية فقط، نافيا وجود أي إصابات في البعثة الروسية المكونة من 15 شخصا. لكن تقارير إعلامية روسية قالت في المقابل، إن الخارجية الليبية أعلنت أن السلطات المحلية غير قادرة في هذه المرحلة على تأمين حماية للسفارة الروسية في طرابلس، مقترحة على موظفيها مغادرتها. وقال موقع «أنباء موسكو» الروسي باللغة العربية، إن السلطات الليبية أكدت مع ذلك، أنها ستتخذ كافة الإجراءات للحفاظ على ممتلكات السفارة في طرابلس.
وقال بيان صادر عن الخارجية الروسية، إن وزير الخارجية الليبي محمد عبد العزيز، أكد للجانب الروسي أن القيادة الليبية ستفعل ما بوسعها لتأمين الممتلكات المنقولة وغير المنقولة للسفارة الروسية في طرابلس. وأكدت الخارجية الروسية أنها اتخذت قرارا بنقل دبلوماسيي سفارتها لدى ليبيا إلى تونس بشكل مؤقت لتأمين التواصل مع الجانب الليبي، حيث أعلن المتحدث باسم الخارجية الروسية، ألكسندر لوكاشيفيتش، أن الدبلوماسيين الروس سيعودون إلى روسيا غدا على متن رحلة خاصة لطائرة تابعة لوزارة الحالات الطارئة الروسية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق