الثلاثاء، 1 أكتوبر 2013

أنصار نظام القذافي في تونس: لاجئون أم هاربون؟

تونس – ليبيا المستقبل – خليفة علي حداد: تستقطب تونس مئات الآلاف من الليبيين لأغراض شتى. من هؤلاء من يقيم لأيام معدودة للعلاج أو السياحة أو الزيارات العائلية أو التجارة والأعمال ثم يغادر إلى بلاده. غير أن تونس، إثر سقوط نظام القذافي، عرفت فئة أخرى من الليبيين طال بها المقام لسنتين متتاليتين. إنهم الليبيون الذين كانوا من العناصر المؤيدة لنظام القذافي ومن الذين انخرطوا في منظوماته السياسية والأمنية والعسكرية وحتى المالية.
لم يكن لجوء الليبيين إلى تونس هربا مما يجري في بلادهم أمرا جديدا. ففي ثمانينات القرن الماضي كانت تونس ملاذا لعدد من أنصار المعارضة الليبية الذين استخدموها معبرا إلى المنافي الأوروبية. أما خلال ثورة 17 فبراير فتحولت كثير من المدن التونسية إلى مدن يطغى عليها الطابع الليبي بعد أن لجأت إليها اعدادا كبيرة جدا أغلبهم من مدن جبل نفوسة وزوارة والزاوية وطرابلس العاصمة.
لم يكن البحث في ظروف إقامة الفئة موضوع حديثنا، أي الهاربين إثر سقوط القذافي، سهلا، فأغلب المستجوبين يطغى عليهم الحذر الشديد والتحفظ ويمتنعون عن إعطاء أي معلومات تخص أسباب إقامتهم المطولة في تونس أو ارتباطاتهم السابقة بنظام القذافي أو مواردهم المالية التي تسمح لهم بأن يحافظوا على مستوى معيشي جيد.
في مدينة بنقردان الحدودية التقينا بمنصور-س الذي يقيم منذ سنتين مع أفراد عائلته ومعهم عائلة شقيقه. يقول منصور، أصيل مدينة الجميل، أنه اضطر إلى الهرب إلى تونس لأنه متهم "باطلا" بالمشاركة في الأعمال العسكرية خلال الثورة بمدن جبل نفوسة، وأن التركيبة القبلية والعشائرية في المنطقة تجعله، وأفراد عائلته، مهددا بالانتقام في كل لحظة. يقول منصور أن بعض أبنائه استطاعوا زيارة أقاربهم في مناسبات عديدة، فيما لم يخاطر هو ولا شقيقه باجتياز الحدود. يشكو منصور، على غرار الليبيين من أمثاله، من امتناع السلطات التونسية عن منحهم أوراق إقامة رسمية، ويقول أنه مهدد بالتسليم إلى بلاده في كل لحظة.
أحمد، أصيل مدينة زوارة، مقيم بمدينة مدنين هو الآخر منذ سنتين. يعترف أحمد صراحة أنه كان مسؤولا أمنيا في نظام القذافي، وأنه كان يعيش حياة اجتماعية رفيعة، ويعترف أيضا أنه فعل كل ما فعله عن قناعة و"دفاعا عن ليبيا". يقول أحمد أنه يعيش حياة عادية في تونس، وأن أفراد عائلته الميسورين يزودونه بالأموال التي يحتاجها، وأنهم يزورونه باستمرار. يشكو أحمد أيضا من رفض السلطات التونسية منحه وثائق إقامة رسمية، غير أن ذلك لم يمنعه من تسجيل أبنائه بالدراسة أو التنقل إلى المدن التونسية الأخرى للترفيه خلال الصيف.
في مدينة جرجيس السياحية الساحلية يقيم محمد، أصيل سرت، مع أبنائه وزوجته. وضعه المادي مريح ويسكن منزلا فخما. يقول محمد أن انتماءه القبلي والمناطقي (مسقط رأس القذافي) قد خلق له الكثير من المشاكل في طرابلس حيث كان يمتلك محلات تجارية تدر عليه أرباحا طائلة. ترك محمد الآن محلاته لأفراد من عائلته يقومون بإدارتها وتصله أرباحها بانتظام. يقول محمد أن زوجته وأبناءه يزورون طرابلس وسرت ويقضون أياما لدى عائلته هناك، أما هو فيتفادى العودة "اتقاء للمشاكل".
هذه عينات من الذين تركوا ليبيا إثر سقوط نظام القذافي.. بعضهم يعتبر نفسه لاجئا خشية تهديدات غير مبررة، فيما يعترف أخرون، تصريحا وتلميحا، أنهم كانوا أدوات فاعلة في النظام السابق أمنيا وعسكريا وماليا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق