الثلاثاء، 24 سبتمبر 2013

إيضاحات حول مقال “رؤية موضوعية حول الفيدرالية الليبية”

عين ليبيا

بقلم:
حظي مقال “رؤية موضوعية حول الفيدرالية الليبية” باهتمام شديد من قبل العديد من القراء ولاحظت أن المطلعين علي المقال من إحصائيات شبكة التواصل الاجتماعي “فيس بوك” سواء من خلال صفحتي الشخصية أو صفحة “السياسات الاجتماعية” أو صفحة “المركز الليبي للأبحاث ودراسة السياسات” تخطوا مائتي ألف مطلع، وهذا غير محسوب فيهم من اطلع على المقال في المواقع الإلكترونية الليبية والعربية الأخرى وكذلك الصحف الورقية التي نشرت المقال.
وبطبيعة الحال اهتممت كثيرًا بمداخلات القراء الأفاضل وبملاحظاتهم التي أرسلت لي عبر الـ”إيميل” الشخصي أو من خلال وسائل الاتصال المختلفة، والتي وجدت فيها أراء تثري الموضوع وتعتبر إضافات مهمة لموضوع الفيدرالية الليبية.
ولعل من الأهمية بمكان أن أقدم مجموعة من الإيضاحات لكي تكتمل الرؤية، ويجب التنويه على أن معظم هذه الإيضاحات مستقاة من مداخلات السيدات والسادة الأفاضل على مواقع التواصل الاجتماعي أو بالتواصل المباشر.
الإيضاح الأول:
يجب علينا أولاً أن نؤمن إيمانًا كاملاً بأن وحدة التراب الليبي ووحدة الوطن لا مجال أبدا للمساس بها أو التفريط فيها، باعتبارها خطا أحمر، ولا يعني وجود أي نظام فيدرالي ليبي المساس بهذه الوحدة الوطنية، وذلك لسببين أساسيين:
الأول: أن كل المعطيات التاريخية للبناء الاجتماعي السكاني الليبي منذ القدم متشابك في تركيبته القبلية والعشائرية إلى درجة أنه يمثل نسيجًا ليبيًّا واحدًا بين الغرب والشرق والشمال والجنوب، وهذا ليس حديث سياسة، بل إنه واقع معاش ويتم تدريسه في كتب ومؤلفات عديدة ولعل أشهرها وأهمها كتاب “سكان ليبيا” المترجم من اللغة الإيطالية في جزءين من قبل الأستاذ خليفة التليس.
والسبب الثاني: أنه لا يوجد قالب محدد موحد لشكل الفيدرالية في جميع دول العالم، بل إن كل مجتمع من المجتمعات العربية والعالمية اتخذ شكل الفيدرالية التي تتناسب معه، فالفيدرالية الألمانية تختلف عن نظيرتها الأمريكية عن السويسرية، وهكذا فإن الهدف الأساسي للفيدرالية هو في بعض الأحيان تجميع وتوحيد أقاليم مستقلة في جسم تنظيمي واحد أو العمل على إعادة تنظيم الحكم المحلي في دولة كانت الإدارة بها مركزية بالكامل بحيث يتحقق من خلال هذه الإعادة التنظيمية استقلالية وصلاحيات تنفيذية للمناطق التابعة للدولة بحيث تتمكن هذه المناطق من حل مشاكل مواطنيها، خاصة إذا كانت المساحات الجغرافية شاسعة وعدد السكان قليل.
الإيضاح الثاني:
أن المستهدف في الحالة الليبية نظام فيدرالي خاص بليبيا لا يقاس أو ينظر إليه من منظور أي نظام فيدرالي آخر، نظام يحقق للمناطق التي يمكن أن نسميها “محافظات أو ولايات أو أقاليم أو مجموعة محافظات تتبع ولايات، أو بلديات تتبع محافظات أو أقاليم، المهم أن تتكون إدارة هذه الهياكل وفقا لما يلي:
أولاً: أن تكون منتخبة بحرية ونزاهة من سكان المنطقة.
ثانيًا: أن تكون لها صلاحيات كاملة في الجوانب التنفيذية والخدمية.
ثالثًا: أن يكون لها سلطات مناطقية إقليمية لسن بعض النظم المحلية التي تراها مناسبة لإدارة الحكم ولخدمة المواطنين.
رابعًا: أن تُوضَّح الصلة الإدارية والفنية بينها وبين الأجهزة التشريعية والتنفيذية المركزية.
الإيضاح الثالث:
يجب أن يتولى خبراء متخصصون وضع خارطة الأقاليم أو المناطق، وذلك حسب العوامل الاقتصادية والسكانية والاجتماعية لكل إقليم، على أن يراعى ألا تتمركز الإجراءات التنفيذية في مكان واحد بالإقليم، بل يتم التوجه إلى عمل جاد يحقق إنهاء كل معاملات المواطنين في قريتهم وفرعهم البلدي.
هذا علاوة على أنه يجب أن يكون للتركيبة الفيدرالية الليبية طابعها الخاص غير المكرر، ولكن- بدون شك- يجب الاستفادة من التجارب الفيدرالية العالمية بحيث نحقق اللامركزية في الإدارة والابتعاد عن أي مساس بالهيكلية الوحدوية للدولة الليبية.
الإيضاح الرابع:
عندما تناولنا التقسيم الخاص بتوزيع الثروات المحلية والعامة كان الهدف منه تحقيق توازن بين حق كل المناطق في الحصول علي جزء أو نسبة من الموارد بالتساوي، إضافة إلى توزيع نفس النسبة وفقًا لعدد السكان في كل منطقة، ونسبة مماثلة للمشروعات المركزية التي تهم كل الليبيين والليبيات، ولابد من تحقيق نسبة- ولو ضئيلة يمكن أن تكون عشرة بالمائة، كادخار احتياطي للأجيال القادمة
كل هذا من أجل تحقيق مبدأ المساواة في توزيع الثروة بالكيفية التي تحقق تنمية اجتماعيه مكانية شاملة تعم فائدتها على جميع مناطق ليبيا.
الإيضاح الخامس:
لا شك أن قانون الحكم المحلي الليبي الأخير خطوة نحو اللامركزية، ولكن التباطؤ المتعمد حقيقة في عدم تنفيذه أفقده معناه، بل إنه جعل الناس ترى فيه أنه صدر لكي يوقف المطالبين بالنظام الفيدرالي، ولكنه في واقع الحال نظريًّا مقبول لو تم تنفيذه، وأشك حقيقة في قدرة الإدارة الليبية الحالية علي تنفيذه؛ لأنها مازالت تفكر بعقلية مركزية، ولذلك فإن هناك ضرورة ملحة من أجل السعي لبعث فكر فيدرالي جديد، وهو ما يعني بوضوح وجود نظام إداري تنفيذي لامركزي، ونظام له إطار تشريعي محلي لا يمس بأصول التشريع العام الموكل للبرلمان الليبي، وهذا لا يعني تقسيم ولا انفصال كما يحلو للبعض أن يروج لذلك.
وإذا أردنا أن يكون هناك جدية في هذا الاتجاه فعلينا أن نبدأ بإثراء هذا الاتجاه بالندوات والمحاضرات والدراسات وأن نكوّن فكرًا يهتم بهذا التوجه؛ لكي نتمكن من تضمينه في مشروع دستور البلاد الجديد وتنظم الحياة السياسية والاجتماعية والإدارية والاقتصادية على أساسه.
هذه الإيضاحات تجميع وتلخيص لمداخلات كل القراء الذين تواصلوا معي، وأشكر لهم مداخلاتهم وتواصلهم معي، مشيرًا إلى أمر في غاية الأهمية وهو أن نشرك كل أطياف الليبيين في هذا النقاش والحوار في الداخل والخارج؛ لأنه نظام لأجيال ليبيا القادمة، والكل تهمه ليبيا ويهمه أبناءها.
الدكتور إبراهيم قويدر

الكاتب:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق