السبت، 24 أغسطس 2013

آثار #ليبيا .. تاريخ وحضارة ينبش و ينهب


أجواء لبلاد - أينور صبري

تتعرض الطرق وقنوات المياه والمقبرة الجنوبية الواقعة عند البوابة الجنوبية الشرقية بمدينة قورينا القديمة والتي تعود للقرن السادس قبل الميلاد إلى هدم جزء منها منذ حوالي أسبوعين من قبل بعض المواطنين بحجة ملكيتهم لها، حيث "قاموا بجرف الآثار وتقسيم الأراضي فيما بينهم بغرض استغلالها".

ويقوم عدد من المواطنين الذي يسكنون بالقرب من المواقع الأثرية بإزالة القطع الأثرية من دون تقدير لأهميتها التاريخية، وفق ما أكده عدد ممن تحدث لأجواء لبلاد حول موضع الاعتداءات على المعالم الأثرية في ليبيا.

وجاء في تقرير أعده عضو هيئة التدريس بكلية السياحة والآثار بجامعة عمر المختار أحمد حسين أن الموقع الأثري الذي دمر بمدينة قورينا يقع ضمن حدود إحدى المزارع والتي انحلت وفق اتفاق عرفي بين ملاك الأراضي وبعد أن استعاد المواطنين أراضيهم قاموا بإدخال "الجرافات وشق الطريق واستحداث مخطط لقطع أراضي سكنية وبيعها مما أدى إلى طمس المعالم الأثرية وذلك بهدم المقابر والمباني وسحل وتكسير المداميك الحجرية".

وأوضح أستاذ بقسم الآثار بجامعة بنغازي خالد الهدار لأجواء لبلا ، أن مدينة شحات الأثرية الرئيسية محاطة بأربعة مقابر خارج أسوارها ما بين مقابر جماعية وفردية .

وأضاف الهدار، أن هذه المقابر تم هدم جزء منها وهي تحتوي على مقابر دائرية ترجع للقرن السادس قبل الميلاد، ومقابر على شكل توابيت ترجع للقرن الرابع قبل الميلاد.

وفيما تعود قنوات المياه قورينا وفق رئيس مصلحة الآثار عبد الرحمن يخلف للفترة الرومانية ويرجع تاريخها إلى القرن الثالث الميلادي مبينا أن هذه القنوات كانت تنقل مياه الأمطار من منطقة مطار لبرق إلى منطقة الصفصاف في شحات.

ويقول عضو هيئة التدريس بكلية السياحة والآثار لأجواء لبلاد ،إن هذه القنوات محاذية للطريق بمسافة خمسة كيلو مترات متصلة، وهو من أطول مسارات الطرق القديمة الباقية في ليبيا وفي العالم وهذا يعد أثراً فريدا في البلاد.

انتهاكات
وكثرت الاعتداءات على الآثار وأصبحت بالغة خاصة بعد الثورة حيث ذكر حسين أن أحد المواطنين قام ببناء مسكن فوق الصهاريج الأثرية منذ شهرين في مدينة طلميثة، وهي عبارة عن خزان مائي كبير ويعد من أضخم صهاريج خزان المياه بشمال أفريقيا والعالم .

وحذر حسين من التعدي على المدينة الأثرية الرئيسية بحجة الملكية في حال عدم رد الاعتداءات التي تحدث على الآثار المحيطة بمدينة شحات الرئيسية، موضحاً أن هذه الاعتداءات ناجمة عن قلة الوعي الثقافي لدى المواطن بقيمة الموروث الثقافي الليبي.

وفي سياق متصل قال مراقب آثار بشحات ناصر عبد الجليل ، إن واحة الجغبوب التي تعد من أغنى الواحات في مواردها الطبيعية والحضارية تعرضت مقبرتها الجماعية التي تزخر بالعديد من الموميآت المحنطة إلى النبش والتهريب عبر الحدود الرسمية للبلاد إلى جهات غير معلومة واصفا ذلك بأنه خسارة حضارية وتاريخية.


خلل أمني
وأرجع يخلف الاعتداءات التي تطال الآثار إلى عدم وجود جهاز ضبطي لحماية الأثار، فجهاز الشرطة السياحية المخصص لحراسة المواقع الأثرية في ليبيا موقوف ولا يستطيع التدخل لكثرة انتشار السلاح.

بينما أفاد أستاذ قسم الآثار بجامعة بنغازي خالد الهدار، أن الانتهاكات التي تحدث على الآثار تعود أساسا إلى عدم تطبيق القوانين الخاصة بالآثار.

مراقب آثار بشحات ناصر عبد الجليل قال إن أثار شحات تنتشر فوق رقعة جغرافية واسعة حيث تمتد غربا إلى الحدود المصرية وجنوبا إلى الجغبوب، موضحا أنها تحتاج إلى طاقم أمني وإداري ووسائل مواصلات وأنه لا توجد جهات أمنية تحمي الآثار نظرا لقلة الإمكانيات لدى هذه الجهات وانتشار السلاح وجهل المواطن بقيمة ما يوجد في نطاقه من مواقع أثرية .

وبيّن عبدالجليل أن هناك تقصير من الأجهزة الأمنية والجهات المسؤولة المتمثلة في الحكومة المؤقتة.

حلول
وناشد رئيس مصلحة الآثار المواطنين الذين توجد بأراضيهم موقع أثري بتقديم ملف متكامل يوضح ملكيتهم للأرض للجنة التعويضات على المباني الأثرية والتاريخية الموجودة بمصلحة الأثار لتعويضهم.

وأوصى الهدار الدولة التفاوض مع المواطنين وشراء الأراضي التي بها قطع أثرية حتى تحميها من العدم والاستيلاء عليها وبيعها.

بينما أوصى تقرير لجامعة عمر المختار أعده أحمد حسين بالعديد من الحلول منها استدعاء أصحاب وسائقي المعدات الثقيلة العاملة في الموقع ووقفهم عن العمل وتوجيه التحذيرات لهم قانونيا.

كما دعا التقرير إلى الحوار مع ملاك الأراضي لوقف أعمال الهدم والتجريف وإتاحة الفرصة للدولة لتعويضهم وذلك بالاتفاق على مهلة زمنية محددة يتم فها التعويض، وتشكيل لجنة للمطالبة بهذا التعويض.

كما دعا حسين في تقريره مراقبة آثار شحات إلى ضرورة القيام بأعمال المسح والتوثيق وحفريات إنقاد في هذا الموقع.

الجدير بالذكر أن الموقع الأثري الذي هدم يمثل ربع آثار مدينة قورينا التي لها قيمة حضارية وعلمية كبيرة و"هي ليس جزء من الماضي بل هي جزء من الحاضر والمستقبل والمحافظة عليها يعتبر فرض لايجوز التخلف عن أدائه" كما أشار عبد الجليل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق