السبت، 8 يونيو 2013

مقاومة #سرطان الثدى» بالإعلان عنه .. فلسفة نسائية شجاعة

د.ليلى إبراهيم شلبى أطلت نجمة هوليوود الساحرة أنجيلينا جولى للمرة الأولى بعد اقدامها على إجراء جراحة وقائية لاستئصال ثدييها. قضى معجبوها أكثر من ساعتين فى ميدان لستر فى قلب العاصمة البريطانية انتظارا لطلتها حتى بدت مشرقة باسمة لتحييهم فى حرارة تعكس سعادتها بتقديرهم لها فالأمر تلك المرة لا يتعلق بالنجمة المشهورة إنما بالإنسانة الشجاعة.

خيار بلا شك يقارب المستحيل ذلك الذى عاشته جولى بعد ان قضت أمها بعد معاناة عشر سنوات من سرطان المبيض ورحلت خالتها هذا الأسبوع ضحية لسرطان الثدى. كان عليها إما أن تحتفظ بصدرها هدفا للسرطان يداهمها وقت ان تنبت بذور الشر التى تحملها موروثات جينية فى خلاياها فى احتمال يصل إلى 86٪ أو تتخلص منه بالاستئصال الكامل فتنحدر نسبة الاحتمالات إلى 5٪ فقط. اختارت أنجيلينا أن تدخل فى معركة شرسة مع السرطان بدأتها بالإعلان عن احتمالات إصابتها وقرارها المستحيل الذى أقدمت على تنفيذه بجرأة وشجاعة تحسب لها فى خطاب مفتوح نشرته جريدة الواشنطن بوست فى 14 مايو الماضى 2013.

درجنا على تكتم أخبار المرض فلا تتردد إلا همسا. أخفيناه دائما كعورة لا يصح كشفها وكان العلاج هو أول ما يتبادر إلى الذهن فى غيبة الانتباه لأهمية الوقاية رغم أننا أصحاب مقولة الوقاية خير من العلاج.

يبدو أننا على موعد مع نقطة للتحول فى التفكير غير مسبوقة تشير إليها الآن انجيلينا جولى وثلاث سيدات أخريات تناقلت وسائل الإعلام قصصهن بعد ان قررن ان يخرجن إلى العلن ليحكين فى شجاعة كيف داهمهن المرض الشرس وكيف اتخذن قرار مواجهته بفلسفة أكثر شراسة وأقوى أثرا.

فى شهر مايو 2013 حكت انجيلينا جولى وزوريدا سمبولين، وإيمى فيرنر وفوزية العباسى، فهل تلك فلسفة نسائية جديدة شجاعة لترويض الخطر ومقاومة المرض الخبيث بإيمان أكثر بالحياة وحبا عظيما لها؟

 التوعية بالمرض حجر الزاوية فى علاجه

اجتمع رأى السيدات الأربع اللائى تصادف أن قررن الحديث عن إصابتهن بالسرطان فى العلن رغم اختلاف مجتمعاتهن ان كان التوقيت دون موعد هو شهر مايو من هذا العام. توافق رأيهن أيضا فى أن القرار جاء للتوعية بالمرض ودفع السيدات للاهتمام بالفحوصات الدورية لأهمية دورها فى استباق الخطر ورصد أماراته فى وقت مبكر يسمح بالتدخل الحاسم.

رغم ذلك كان لكل منهن حكاية مختلفة تفاصيلها وان تفردت فإن فى النهاية تؤكد أن أول خطوة فى علاج المرض هو تشخيصه مبكرا ورصد عوامل الخطر التى تؤدى إليه وإن توارت أو تخفت.

زوريدا سامبولين: أنجيلينا جولى ألهمتنى قرارى

مذيعة التليفزيون الأمريكية اللامعة زوريدا سامبولين Zorida sambolin والتى يلتقى بها صباح كل يوم مشاهدو CNN فى برنامجها Early Start فاجأت العالم بإعلانها عن اجرائها لعملية استئصال ثدييها بالكامل بعد اكتشاف مبكر للغاية لإصابة فى ثديها الأيسر، كان من الممكن ان تجرى عملية جراحية محدودة لاستئصال تلك الخلايا التى لم تكن بعد قد اجتمعت فى ورم واضح. زوريدا سمحت بتصويرها فى المستشفى رغبة منها فى توجيه رسالة واضحة قوية تطلب فيها من كل نساء العالم ألا يسمحن للسرطان بمداهمتهن بل عليهن أن يبدأن بمهاجمته وهو فى طور الاحتمال الذى يسبق تحوله إلى واقع.

فوزية سلامة:العلاج الكيماوى أعز الأصدقاء لأنه فرصتى فى الشفاء

فوزية سلامة الكاتبة والإعلامية المعروفة سبقت انجيلينا جولى فى الحديث عن تجربتها مع المرض الشرس فقد تحدثت من لندن - حيث تعيش الآن - لجريدة الشرق الأوسط السعودية للمرة الأولى. نشرت الجريدة صباح الجمعة 3 مايو 2013 حديثا لها عن كيف واجهت حقيقة أنها مصابة بأكثر السرطانات شراسة: سرطان البنكرياس. كان أول من لفت نظرها إلى أنها تعانى من شىء يجب استجلاء حقيقته هو زوجها إثر فقدانها التواصل للوزن بلا أى سبب ظاهر. لم تتوقف سلامة عن أى من نشاطاتها فى الكتابة أو برنامجها الناجح فى التليفزيون كلام نواعم فقد كانت سعيدة بوزنها الجديد وحيويتها التى زادت فى نظرها نتيجة تخلصها من عشرين كيلوجراما على مدى سنتين.

جاءت النتائج لتؤكد أنها تعانى من بدايات نشاط سرطانى فى البنكرياس, الأمر الذى معه تجدى الجراحة الحاسمة. وقد كان أن أجريت لها جراحة عاجلة لاستئصال البنكرياس والمرارة.

كان عليها أن تبدأ فى تعاطى جرعات دائمة يومية من الإنسولين إذ إن البنكرياس هو المسئول عن إفراز الإنسولين الذى يحقق توازن معدل السكر بين الدم أنسجة الجسم.

كان عليها أيضا ان تتناول الانزيمات الهاضمة البديلة لما تفرزه المرارة. أما الأهم فهو تلك الجرعات الثقيلة من العلاج الكيماوى التى تصفها بأنها أعز الأصدقاء لانها الأمل فى الشفاء وألد الأعداء فى آن واحد لما لها من أثر على الجسد قاس غليظ.

تتحدث فوزية سلامة فى بساطة عن تجربتها وتتمنى على الناس ألا يتأخروا فى رصد الخطر ولا يتهاونوا فى ملاحقة المرض وتشخيصه مبكرا وان يهتموا بغذائهم «الاعتدال مطلوب خاصة فيما يتعلق بالسكريات لان الخلايا السرطانية تنشط وتقوى بالسكريات والدهون التى تتحول لسكريات».

وتضيف ان الخضراوات الورقية أساسية فى مقاومة المرض مثل السبانخ والجرجير والكرنب والخس والبروكلى يجب أن يتناولها الإنسان يوميا. كما على المريض أن يستبدل الحلوى السكرية بالفاكهة وان لزم الأمر قطعة من الشيكولاتة أو كوب من العصير.

إيمى فيرنر: لا أدخن ولا أشرب وأمارس الرياضة  وأعشق البروكلى فلم أرتعد أمام الموروث الجينى؟

فى صفحتها الأولى من ملحق الحياة والفن نشرت صحيفة جلوب آندميل الكندية واسعة الانتشار Glibe life & Art هذا الأسبوع 3 يونيو صورة وقصة الشابة الكندية Amy Verner. إيمى شابة فى مقتبل عمرها تدرس فى باريس كان من المقرر أن تنهى دراستها لتعود إلى مدينتها كورنتو فى العام القادم. تلقت فى سبتمبر الماضى دعوة من مركز أبحاث السرطان فى كرنتو لإجراء مجموعة من التحاليل الوراثية إذ إنها من عائلة تكررت فيها حالات الإصابة بسرطان الثدى والمبيض بينما يحمل أبوها الجين المعيب الذى يشار إليه الآن بجين انجيلينا جولى.

التأمين الصحى فى كندا يوفر لمواطنيها خدمة إجراء تلك التحاليل باهظة التكلفة بدون مقابل متى كانت لازمة لهم. اكتشفت ايمى فى سبتمبر الماضى أنها تحمل ذلك الجين المعيب الذى يجعلها فى مرمى نيران سرطان الثدى والمبيض لتبدأ محنة القرار المستحيل.

ايمى شابة تعيش حياة صحية للغاية وفقا لمعايير الصحة العامة الحديثة. لا تدخن ولا تشرب أى أنواع الكحوليات وتمارس الرياضة بانتظام وتأكل بشهية كل ما هو صحى. أقل قدر ممكن من السكر والدهون غير المشبعة. لا ترتاد مطاعم الأكل الجاهز وتعشق البروكلى والسلطة والأسماك. هى تعيش الحياة بمفهوم صحى تماما لذا فهى ترى أنها بعيدة عن احتمالات الإصابة بالسرطان وفقا للمعايير التى يضعها العلم.

ايمى حتى اللحظة لم تتخذ القرار الذى أقدمت على اتخاذه انجيلينا جولى لكنها لا تدرى هل هى مخطئة أم مصيبة! ايمى فى حيرة بالغة لا تنفى اعجابها بشجاعة جولى لكنها تعتقد أنها ضحت بجزء غال من جسدها مقابل احتمالات قد لا تتحول إلى واقع. فأيهما اتخذت قرارا حكيما؟

أنجيلينا جولى: فعلتها من أجل أطفالى الستة.. لهم أن يطمئنوا الآن لن يأخذنى منهم السرطان بعد أن فعلها بأبى

بدأت القصة حينما اكتشفت انجيلينا جولى أنها تحمل موروثا جينيا معيبا BRCA1 - BRCA2 ولانها تحمل إرثا عائليا ثقيلا فقد توفت أمها بعد معاناة تعدت العشرة أعوام إثر إصابتها بسرطان المبيض بينما قضت خالتها لاحقا بعد إصابتها بسرطان الثدى قررت انجيلينا أن تجرى عملية جراحية حاسمة. استئصلت جولى ثدييها وهى الآن تستعد لاستئصال مبيضيها.

لم يكن الأمر هينا عليها فيما يبدو رغم انها اتخذت القرار ولم تتراجع، بعد أن شرح لها الأطباء أن احتمالات إصابتها بسرطان الثدى مستقبلا تتعدى نسبتها 87 بالمائة بينما احتمالات إصابتها بسرطان المبيض تصل إلى 50٪ تهبط تلك النسبة إلى أقل من خمسة بالمائة إذا ما أقدمت على جراحة استئصال الثديين والمبايض.

أجرت جولى الجراحة الأولى وحينما بدأت فى التعافى كتبت مقالا افتتاحيا فى الواشنطن بوسطت تحت عنوان اختيارى الطبى My Medical choice.

حكت جولى عن تجربتها فى ثبات الواثق من اختياره. تحدثت عن دافعها فذكرت أنها فعلتها من أجل أطفالها الستة (منهم أربعة بالتبنى) حتى لا يفتقدوها كما افتقدت أمها التى رحلت فى السادسة والخمسين.

تحدثت أيضا عن رغبتها فى أن تدفع كل امرأة على الأرض فى أن تهتم بنفسها وأحوالها الصحية. أن تكون مثلا للمرأة الشجاعة التى تدافع عن حقها فى الحياة ولا تستسلم للخوف الذى يملأ قلبها إذا ما كانت فى وضع مماثل ولها نفس التاريخ العائلى والوراثى الذى يجعلها هدفا لسرطان الثدى.

لم تنس جولى فى نهاية حديثها للعالم أن تشير إلى أن قرارها الصعب لم ينتقص أى قدر من أنوثتها فمازالت لديها كل مشاعر الاعتزاز بكونها انثى جميلة حتى وهى تستعد لإجراء العملية الثانية لاستئصال المبيضين وما قد يتبع ذلك من غياب الهرمونات التى تفرزها.
 
الشروق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق