الأحد، 19 مايو 2013

#ليبيا: العزل السياسي وحقوق الإنسان.. هل يتعارضان؟


كريمة إدريسي- إذاعة هولندا العالمية- ألحت مسألة العزل السياسي على اختراق الشارع الليبي تماماً فأصبحت الشغل الشاغل لليبيين في الأشهر الأخيرة بالخصوص.
وتجاوزت مرحلة المطلب الشعبي لتصبح حقاً بديهياً لشعب قدم الغالي والنفيس في ثورة أسقط فيها واحداً من أعتى الأنظمة.


من أفسد الحياة
عبد الحميد العمروني، شاب من شباب ثورة 17 فبراير وسجين سابق في سجون نظام القذافي، يرى أن العزل السياسي ليس مطلباً ولكنه حق، "كنا نعيش في "حظيرة حيوانات" تحت حكم اتسم ببشاعة القتل والشنق والموت والذبح والطرد من الدراسة". ويضيف العمروني بأن القذافي لم يكن أبداً وحده، "وأنا لا أطالب بقتل او شنق هؤلاء الذين كانوا معه. أطالب بتطبيق العزل السياسي على من أفسدوا الحياة السياسية في ليبيا فقط وساهموا في استمرار حكم القذافي أربعين عاماً. لا أعتقد ان شعبا في شمال أفريقيا تعرض للظلم والتجهيل والاضطهاد مثل الشعب الليبي حتى أصبحنا أضحوكة لدى الشعوب".
يقدم الحقوقي العربي ابو بكر من فرنسا سرداً تاريخيا لقانون العزل السياسي الذي ظهر لأول مرة بعد هزيمة النازية أمام الحلفاء، فصُدر قرار في شكل قانون يعزل كل النازيين أو من عمل مع هتلر من المشاركة في الدوائر السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولكن تم الغاؤه بعد عام لما اكتشف فيه من تعارض مع مبادئ الديمقراطية. ويسرد تجربة جنوب افريقيا، بعد نهاية نظام الأبارتايد، والتي اعتمدت على قوانين إصلاحية منها قانون العدالة الانتقالية، وأصبحت في مسار الدول المتقدمة. أما الناظر للمنطقة العربية في هذا الصدد فيرى انها قد قدمت نماذج سيئة وفاشلة، كما في العراق ومصر.

ليبيا.. حالة خاصة
الليبيون في تغريداتهم ونشاطهم على الشبكات الاجتماعية، يبحثون عن مقارنات مع الثورة الفرنسية بالخصوص، إلا أن ليبيا تظل حالة استثنائية ومختلفة ،عن كل ما مر بالتاريخ، لأنها لم تكن أبداً دولة مؤسسات، كما يؤكد أيضاً الناشط السياسي جمال الحاجي. و"لذلك لا يجب مقارنة ليبيا بأية دولة أخرى، دولة حكمت بكتاب أخضر، ولون أخضر وشخص واحد لمدة تزيد عن أربع عقود".
ينص قانون العزل السياسي على ان الفئة الأولى التي سيشملها العزل السياسي تشمل كل من تولى -خلال الفترة منذ 1 سبتمبر 1969 الى حدود 23 أكتوبر 2011، تاريخ إعلان تحرير البلاد- أياً من الوظائف والمهام الواردة في قانون العزل السياسي وهي فئة كانت كلها تعمل بشكل مباشر مع النظام.

العزل السياسي مخالف للإعلان الدستوري
يقول أبو بكر إن القانون بضاعة مصرية، وقد تم إلغاؤه في مصر بعد تصدي القضاء الدستوري له. وقانون العزل السياسي في ليبيا يخالف الإعلان الدستوري، فتم لذلك عن تعمد تحصين قانون العزل السياسي، "وهو في حذ ذاته تحصين مخالف للقانون". كما تم تعديل المادة السادسة في الإعلان الدستوري التي تنص على مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والحريات. ويخالف نص المادة 31 من الإعلان الدستوري التي تنص على ألا جريمة ولا عقوبة إلا بنص وأن تكون العقوبة بحكم قضائي مختص. وأيضا المادة 33 من الإعلان بشأن حق التقاضي الذي ألغي بتحصين قانون العزل السياسي.
وجمال الحاجي الذي تعرض لمحاكمة طويلة أثناء حكم القذافي، يصرح أن قانون العزل السياسي يتعارض جزئيا مع مبدأ حقوق الانسان (في غفلة عن الليبيين)، ويؤكد أنه ليس هناك خوف من القضاء أساساً لأن "جهاز القضاء في ليبيا مجمد الآن، ولم يكن يوماً نزيهاً".

من هنا بدأت
يشير بعض المحللين السياسيين والمراقبين، الى أن الحال في ليبيا تراجع أثناء العملية الاستحقاقية، والتي لم يتم التحضير لها جيداً.
يقول الشاب عبد الحميد العمروني:"كنا في حرب واستفقنا منها على انتخابات لم نستعد لها"، ويعتبرها النقطة التي حدث خلالها ما حدث من انحراف، ويواصل: "ليس لدينا أجندة ولا انتماءات سياسية.. نحن مواطنون عاديون ، لا نريد أن نرى هذه المنظومة التي سرقت ونهبت وظلمت وقتلت تعود للمشاركة مرى أخرى.. هل هذا كثير؟".
والعمروني مصر على تطبيق قانون العزل السياسي، "لدينا طعون في أعضاء المؤتمر الوطني والحكومة. الشرعية للثورة فقط.. خرجنا للشارع لأسباب بسيطة دون أجندة.. نريد دولة الحرية والديمقراطية والقانون والحق والعدل".

من المستفيد؟
الليبيون مع العزل السياسي. لا يختلف على ذلك اثنان. إلا أن بعض المحللين يشيرون الى أن الاخوان المسلمين أكبر المستفيدين من قانون العزل السياسي. هؤلاء، سينفتح أمامهم طريق للهيمنة التامة على مراكز القرار.
بعض المتفائلين يستبعدون الأمر، ويعولون على الشعب الليبي الذي سيقيم الدنيا مرة أخرى ولن يقعدها إلا بعد سد ثغرات في القانون وتعديل بعض بنوده، ما دام الأمر ممكناً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق