فاينانشال تايمز- بورزو دراجاهي - القاهرة - كان مصطفى عبد الجليل الشعلة التي قادت الانتفاضة الليبية ضد العقيد معمر القذافي، حيث أشرف على الحكومة الانتقالية في البلاد في الفترة من 2011 إلى 2012. وكان ساعده الأيمن محمود جبريل، يطوف العالم سعياً للحصول على المساندة للثورة، وبعد انتصارها جمع تحالفاً فاز بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان. ويتولى محمد المقريف الآن رئاسة تلك الهيئة، المؤتمر الوطني العام، حيث انتُخِب من قبل غالبية الزملاء في البرلمان.
وفي ظل قانون "العزل" السياسي المتشدد، الذي أُقِر الأسبوع الماضي لن يكون أي واحد من الرجال الثلاثة مقبولاً للعمل في الحكومة الليبية، أو يترأس حزباً سياسياً خلال الأعوام العشرة المقبلة.
تحت تهديد المسلحين – وبعضهم على علاقة بجماعات متطرفة – إلى جانب أناس عاديين يطالبون بنوع من العدالة بخصوص الجرائم التي ارتكبها النظام السابق، أقر المجلس الوطني في الأسبوع الماضي قانوناً يحظر على أي شخص عمل في منصب رفيع في أي وقت خلال حكم القذافي الذي دام 42 عاماً أن يتولى أي دور قيادي في البلاد خلال العقد المقبل.
ويحذر خبراء حقوق الإنسان من أن القانون يخالف مبادئ حرية الارتباط، من خلال معاقبة الناس ليس على أية جرائم وإنما على مجرد ارتباطهم بالنظام السابق.
وبعد عقود من العمل في القضاء، عمل عبد الجليل في منصب وزير العدل، الذي كان محفوفاً بكثير من الصعوبات والخلافات، قبل أن ينشق عن النظام ويقود الانتفاضة. أما جبريل فقد وقع ضحية لإغراء وعود بالإصلاح من ولي عهد القذافي، سيف الإسلام، وعمل مستشاراً استثمارياً للنظام في سنواته الأخيرة. وعمل المقريف سفيراً لدى الهند إلى أن انفصل عن النظام قبل 33 عاماً.
وفي مقابلة تلفزيونية، حذر جبريل من أن القانون يمكن أن يؤثر في نصف مليون شخص. ربما يكون هذا نوعاً من المبالغة، لكنه يشتمل فعلاً على أي شخص سبق له أن عمل في منصب رئيس جامعة، أو سفير، أو رئيس أو نائب رئيس شركة تابعة للدولة، أو عمل رئيساً لاتحاد الطلاب. وتقول حنان صلاح، مسؤولة ليبيا في منظمة هيومن رايتس واتش: "نسخة القانون الذي أقره المجلس كانت أكثرها تشدداً، هناك أخطاء كبيرة في القانون، فالمعايير واسعة وكاسحة. يفرض القانون عزل الشخص استناداً إلى ارتباطه. ينبغي أن يستثني القانون فقط الأشخاص الذين تولوا مناصب رفيعة واضحة ومحددة، أو الذين يُزعَم أنهم ارتكبوا أفعالاً معينة".
وأكثر من ذلك، هناك بند في القانون يضعه فوق تدقيق القضاء. بمعنى أنه لا يستطيع أي شخص أن يتحدى سلامة القانون في المحكمة، رغم أنه يسمح للأشخاص المستهدفين بالقانون أن يستأنفوا القرار في محكمة خاصة.
والذين يناصرون القانون بشدة ربما كانوا قد كشفوا عن أجندتهم من خلال رفضهم التنازل عن الحصار المسلح للوزارات في طرابلس حتى بعد إقرار القانون. فهم يطالبون بتنحي علي زيدان، رئيس الوزراء المعتدل نسبياً، ذي الصوت القوي المعارض لتجاوزات المليشيات، لأنه عمل في منصب دبلوماسي صغير خلال السبعينيات.
ويخشى الخبراء من أن القانون ظالم ويخاطر بوضع ليبيا على مسار الطغيان مرة أخرى. ليس هذا فحسب، ولكنهم يشعرون بالقلق من أنه غير عملي نهائياً. ففي وقت تحتاج فيه البلاد بصورة ماسة إلى الخبرة المحلية من أجل تحويل وتنظيم البيروقراطية وإدخال تغييرات عميقة في الاقتصاد، فإن تطهير طبقة كاملة من أهل الخبرة يبدو بالضبط أنه التصرف الخطأ.
كذلك ظروف التصويت – حيث كان رجال ملتحون ومسلحون يعملون إلى حد ما بموجب حماس ديني متشدد ويطوقون مباني الوزارات – لا توحي نهائياً بالثقة لدى الشركات الدولية التي تدرس ما إذا كانت ليبياً مكاناً مأموناً بصورة معقولة على نحو يبرر الاستثمار فيه. وبتركيزه على هذا القانون، أعطى المجلس الوطني أولوية متدنية لأمور هناك حاجة ماسة إليها، مثل الأمن والإصلاحات القضائية والاقتصادية – إلى جانب وضع مشروع الدستور الجديد.
وكتب أنتوني سكينر، من ميبل كروفت، وهي مؤسسة استشارية لإدارة المخاطر: "من الواضح أن المليشيات تستخدم الضغط الناتج عن الحصار المطول، أو ما يمكن أن يوصف بأنه تحت تهديد السلاح، لإحداث تغييرات تنحاز إلى مصالحها الخاصة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق