الأربعاء، 22 مايو 2013

#جبريل للأهرام: 3 سيناريوهات أمام #ليبيا: الحوار أو السيناريو العراقي أو الحسم الشعبي


صحيفة الأهرام- أجري الحوار في القاهرة ـ محمد أمين المصري وأسماء الحسيني- الدكتور محمود جبريل أحد أهم رموز الثورة الليبية، لعب أدوارا بارزة في الترويج للمجلس الانتقالي الليبي والحصول علي الاعتراف بالثورة الليبية من قبل القوي العالمية,، مما عجل بسقوط نظام العقيد الليبي معمر القذافي، وأصبح رئيسا للمكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي رئيس الوزراء، ثم شكل تحالف القوي الوطنية الذي خاض الانتخابات وحقق فيها نتائج متقدمة، وهو فضلا عن ذلك مفكر ومثقف رفيع المستوي، واليوم يواجه قانون العزل الجائر مثل كثيرين جدا من الليبيين الي نص الحوار:
< كيف تنظر لقانون العزل الذي صدر مؤخرا بحقك ؟
{لو أن محمود جبريل فقط هو الهدف من قانون العزل كان المفروض ألا تعزل بقية الكوادر الإدارية للدولة الليبية, كان يمكن أن يعزل من لهم علاقة بالنظام, وليس علي علاقة بالدولة, لأن الدولة شيء آخر غير النظام, فالدولة باقية والأنظمة السياسية تتغير, واجتثاث البعث في العراق كان عزلا للنظام لأسباب أيديولوجية, أما ما حدث في ليبيا فهو عزل للدولة, فهناك23 فئة من المناصب التي تم عزلها, لكل من عمل بالدولة منذ عام1969 وحتي23 أكتوبر2011, وهو ما يعنيإفراغ وتفريغ للجهاز الإداري وإحلال عناصر أخري داخل هذا الجهاز, ليس لديها أي خبرة, وربما تنتمي لتيار سياسي معين, وما يحدث هو خطر في الحقيقة لأنه لو وظفت شخصيات من تيار سياسي محدد, فهذا خطأ وخطر, لأن الجهاز الإداري من المفروض أنه يقدم الخدمة للمواطن بغض النظر عن الانتماء السياسي.
< وما هو مصير هذا القانون؟
{ هناك فئات كثيرة من المحامين الآن في ليبيا تعد العدة للطعن فيه, لأن أعضاء المؤتمر الوطني الليبي بدأوا يخرجون الآن إلي وسائل الإعلام, وكشفوا أن التصويت علي القانون تم تحت التهديد, وإذا ثبت هذا الأمر فإنه يتناقض مع مبدأ الإرادة الحرة كأساس لشرعية أي وثيقة قانونية.
< وبعد سقوط نظام القذافي.. هل يرضخ نواب المؤتمر الوطني للتهديدات ؟
{ الأمر مختلف عما هو موجود في مصر أو دول أخري, حيث أن سقوط النظام في مصر لم يحدث معه سقوط للدولة, واستمرت الشرطة والجيش والقضاء, والقضاء المصري الآن يخوض معارك شرسة, بينما كان سقوط النظام في ليبيا سقوط مؤسسات الدولة, فأصبح هناك مجتمع بدون دولة, والكيانات التي خرجت بعد انتخابات7 يوليو الماضي, كان معجزة في حد ذاته أن تتم انتخابات بدون دولة, لكن لما خرجت النتائج ربما لم تكن ترق لبعض التيارات, وبعض هذه التيارات والكتائب المسلحة كانت تحمي صناديق الاقتراع, ربما لم تكن النتائج متوقعة وكان من المتوقع أن تفوز تيارات أخري, وبالتالي بدأت تنكشف مساوئ عدم وجود دولة, وبدأ الذي لديه سلاح يفرض إرادته.
< لماذا لم يعمل الليبيون علي بناء الدولة قبل إجراء الانتخابات ؟
{ هذا صحيح, ربما كان الاعتقاد أن يتم السير بشكل متواز وأن تبني الدولة بشكل ديمقراطي, لكن للأسف في التجربة العملية ثبت أن العملية الديمقراطية لابد أن تمارس وتؤتي نتائجها, لابد أن تتم في ظل دولة قوية, أن يتم حمايتها بالشرطة, وأن يكون هناك قضاء يحتكم إليه عندما تكون هناك شكوك في نتائج الانتخابات ويكون هناك جيش يحمي السيادة الوطنية, وهذه الأمور لاغني عنها في الحقيقة, وربما ما نحن فيه الآن هو نتيجة إجراء انتخابات في ظل عدم وجود دولة, وهو أمر غير مسبوق في التاريخ.
< وكيف السبيل لحل قضية الانفلات الأمني الآن في ليبيا ؟
{ هناك3 سيناريوهات لمسار الأوضاع في ليبيا, إما أن يقتنع الجميع بأن ليبيا للجميع, وأن فقط من ارتكب جرائم بحق الشعب الليبي هو من يجب أن يحاسبوا, وماعدا ذلك فالليبيون متساوون في الحقوق, والشرعية تأتي بتوافق وطني, ولا تفرض بقوة السلاح, ويجب استيعاب درس معمر القذافي, والحوار الوطني سيؤدي لاستقرار الأوضاع, ويمنح الحكومة قوة في تنفيذ المشروعات, وحاملو السلاح سيتركونه إذا وجدوا الدولة تقف علي قدميها. والسيناريو الثاني ألا يبدأ الحوار الوطني, وإن شاء الله لا يتحقق هذا السيناريو, حتي لا تعطي أعمال العنف والتفجيرات ذريعة للتدخل الأجنبي لوضع قدميه علي الأرض, وسندخل بذلك في سيناريو العراق الكابوسي, وأتمني ألا يحدث ذلك. أما السيناريو الثالث فيتوقف علي الشعب الليبي أن يتحرك صوب الشوارع ليقول كلمته والحفاظ علي البلد وتجنيبها ما هو أسوأ.
< هل تتغير نظرة الدول الغربية لما يحدث في ليبيا إذا وجدت أن مصالحها قد تتضرر وأن سفاراتها تستهدف ومع ظهور التيارات المتشددة.. أم أن لها أجندة أخري ؟
{ الدول بصفة عامة لها مصالح, وقديما في علم السياسة كانوا يقولون ليس هناك صداقات دائمة, ولكن هناك مصالح دائمة, والدول تحاول تحقيق مصالحها بمختلف السبل, وعندما تتعرض مصالحها للخطر تتدخل لحمايتها, والتصريحات المتواترة في الآونة الأخيرة من دوائر غربية وغير غربية هي تصريحات غير مريحة بالنسبة للسيادة الليبية, فوزير خارجية النيجر صرح مؤخرا بتصريحات يتحدث فيها عن بؤر إرهابية في ليبيا وفي الجنوب خصوصا, وأيضا الرئيس التشادي إدريس ديبي يتحدث عن أن المعارضة التشادية يتم تدريبها في الجنوب الليبي, وشبكة' سي إن إن' الأمريكية نشرت مؤخرا تقريرا أفاد بأن البيت الأبيض لديه خطة للتدخل في ليبيا للقبض أو ملاحقة مرتكبي إغتيال السفير الأمريكي ومن كانوا معه, والرئيس الفرنسي بدوره يتحدث عن أن الذين هربوا من مالي بعد التدخل الفرنسي لجأوا إلي ليبيا, فهذه التصريحات وفي هذا التوقيت بالنسبة لي ليست نذر خير أو تفاؤل, ونتمني ألا تدفع السيادة الليبية ثمنا باهظا نتيجة تصرفات بعض التيارات غير المسئولة علي الأرض.
< وهل يؤدي ذلك إلي حرب أهلية ؟
{ أستبعد ذلك, في الحالة الليبية السلاح مازال منتشرا بقوة داخل ليبيا, لكن رغم ذلك معدل الجريمة مازال أقل من مصر ومن تونس, وهذا مفارقة غريبة حتي للباحثين السياسيين, والإنفلات الأمني أسبابه سياسية, وليس إنفلات ناس في الشارع تهدد الأمن, والغريب أن الشركات الأجنبية التي تتم دعوتها للعودة إلي ليبيا دائما ما تستخدم ذريعة عدم وجود الأمن لعدم العودة للعمل في ليبيا, بينما هذه الشركات حينما تعلق الأمر بالبترول سارعت بالعودة خلال شهر من تحرير ليبيا للعودة, حتي وصل الانتاج بعد شهر لمعدله الطبيعي قبل الثورة, حتي الأمن يتجزأ عندهم, ولو كان الأمر مرتبطا بمصالحهم لاختلفت مواقفهم
<هل لدي ليبيا قدرات بشرية قادرة علي إنهاض دولة؟
{ليبيا لديها في الواقع قدرات بشرية كبيرة, لدينا الكثير من الكفاءات في الخارج وكذلك في الداخل, في بريطانيا فقط ما لا يقل عن2700 طبيب ليبي, وأكثر من80% من الطيارين في الخطوط القطرية ليبيين, ومهندسو البترول وأساتذة جامعات ومتخصصون في جميع المجالات في دول الخليج والولايات المتحدة, كل ما هو مطلوب شيء من الاستقرار والحلم الجمعي يلتف وراءه الليبيون, وينظروا للمستقبل لتعويض40 عاما كانوا فيها في متاهة مثل تيه سيدنا موسي.
< هناك إحساس متزايد لدي المواطنين العرب بأن ربيعهم تحول إلي كابوس ؟
{الناس التي تتعجل النتائج يجب أن تأخذ الثورات في سياقها التاريخي, فالثورات الكبري عبر التاريخ أخذت وقتا, والثورة الفرنسية أخذت81 عاما حتي ترسخت الديمقراطية, وإلي الآن إشكالية المجتمع والدولة لم تحل بشكل نهائي, والسنوات العشر الأولي كانت دموية, ومايحدث في ليبيا شبيه بما حدث في فرنسا1792-1794, ففي هاتين السنتين والحديث فيهما عن الشرعية الثورية, هو نفس ما يحدث الآن في ليبيا.
< كيف تنظر للعلاقات المصرية- الليبية في ظل الأوضاع والقضايا الشائكة بين البلدين ؟
{ المفترض الجانبين, وليس جانب واحد فقط, أن ينظرا للعلاقة بمنظور الأمن القومي المشترك, فليبيا عمق استراتيجي لمصر علي مر التاريخ, وكذلك مصر عمق إستراتيجي لليبيا, هذه حقائق الجغرافيا والتاريخ, وبالتالي المسئولون في البلدين عندما يتناولون العلاقة لا يتناولونها بمعزل عن هذا السياق, وقضية العمالة جزئية في إطار أكبر وكذلك تسليم أتباع النظام الموجودين في مصر قضايا لابد للناس أن تري الإطار الأكبر, وأنا في الحقيقة تحدثت منذ بدايات الثورة مع المجلس العسكري في مصر, وكنت أتمني أن يكون الوجود المصري من وقتها أكثر فعالية في المشهد الليبي, وربما غياب مصر, وربما غياب الجزائر كذلك, ككتلتين مؤثرتين في الشمال الأفريقي عن المشهد الليبي هو الذي دعا الكيانات المفروض أن تكون أقل تأثيرا أن يكون لها تأثير حقيقي في المشهد الليبي, وأتمني أن تسود هذه النظرة في التعامل مع الملف الليبي المصري, لأنه ملف أمن قومي بامتياز.
< وكيف تقرأون صعود الإسلاميين ؟
{ الإسلاميون هم مواطنون, ومن حقهم أن يصلوا إلي السلطة مثل أي تيار سياسي آخر, طالما كان ذلك عبر صناديق الاقتراع, وطالما أنه لأطرف يقصي الآخرين, وطالما أن تداول السلطة يحسم الأمر, فلا يجب أن يكون هناك إقصاء لأي تيار, وبالعكس أنا أري أن صعود التيار الإسلامي الآن في هذه الفترة سيضع عبئا كبيرا جدا علي هذا التيار, الذي صعد في فترة صعبة جدا, بعد ثورات وتعطش حقيقي من شعوب دول الربيع العربي للبديل الذي حرموا منه.
< وماهو مستقبل حزبكم التحالف الوطني ؟
{ الكيانات السياسية في ليبيا كائنات هشة ووليدة، وقبل ثورة17 فبراير لم يكن لها وجود، حيث اختزل القذافي كل شيء في شخصه، وبالتالي يجب أن توضع هذه الكيانات في حجمها الطبيعي، ولو استطاعت أن تمارس الحياة الديمقراطية وأن تبني كوادر، فإن هذا قد يكون مبشرا بحياة سياسية في المستقبل، لكن الآن في ظل الانفلات الأمني وغيره من الظروف غير المواتية ينكشف هشاشتها أكثر، وتشعر أنها عاجزة عن تقديم شييء، وهذا ليس في صالح بناء حياة حزبية حقيقية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق