الخميس، 7 مارس 2013

تحدي غير مألوف .. #ليبيا الجديدة في مواجهة حمى "التنصير"

– إلهام محمد علي

في ظل الغياب الأمني والصراع السياسي والتحديات الاقتصادية التي تواجه ليبيا ما بعد طي صفحة معمر القذافي، صدم الواقع الليبيون بتحدي "غير مألوف" في بلد لم يعرف الاختلاف الديني قبل ذلك ، ولم يعرف من الأصل التعددية المذهبية  ، ألا وهو " التنصير"، الذي بدأ ينهش بجسد الشعب الليبي المتمسك بعقيدتة.

إلى ذلك حذر عدد من الخبراء والباحثين من خطورة حملات التنصير التي تقودها عدد من الحركات التنصيرية بهدف خلق أقليات داخل البلدان العربية، وذلك في أفق زعزعة استقراره، مثلما يحدث الآن في ليبيا.
وعن آخر المحاولات التنصيرية المستمرة والمتلاحقة تجاه الشعب الليبي تم القبض على عدد من الأجانب المقيمين في مدينة بنغازي واتهموا بالترويج لنشر الديانة المسيحية، فبعد ورود أنباء عن ضبط أكثر من أربعين ألف كتاب تنصيري، وعدد كبير من الأقراص المدمجة وجدت مخبأة بين شحنات مواد غذائية قبل أن تدخل إلى ليبيا عبر منفذ "السلوم - مساعد" الحدودي بينها وبين مصر، فتمت مصادرتها وقادتهم تلك الشحنة إلى الوصول للشبكة التي تمارس عملها في الخفاء منذ بداية الثورة الليبيبة وخاصة بين الأطفال تلاميذ المدارس.
أما المتهم الرئيسي في القضية شريف رمسيس فقال إنه أقدم على هذا العمل "لما تشهده ليبيا من ديمقراطية بعد الثورة التي أطاحت بنظام العقيد معمر القذافي".

ويتزامن الكشف عن هذه القضية مع إشاعات يتناقلها الليبيون بشأن سعي جهات أجنبية إلى نشر التشيع في ليبيا، كما يتزامن مع قرار السلطات الليبية منع دخول الأجانب إلى البلاد.

ونقل موقع "الجزيرة نت" عن مدير غرفة العمليات بجهاز الأمن الوقائي الليبي عبد السلام البرغثي قوله : "إنّ إدارة هذه الشبكة مصرية وأنّها تنسق لعملها مع شركاء داخل مصر وليبيا ويدعمها رجال أعمال نصارى مصريون بينما يحمل الباقون جنسيات متعددة سورية وأمريكية وسويدية وجنوب إفريقية، ويعمل بعضهم كمدرسين في مدارس دولية داخل بنغازي".

حوادث متعددة
ولم تكن هذه هي الحادثة الأولى، ففي أغسطس الماضي 2012 ألقت كتائب الثوار ببنغازي القبض على مجموعة من الفتيات وهنّ يمارسن نفس النشاط التنصيري، وكانت إحداهن فلسطينية عمرها خمسة وعشرون عامًا بينما كانت الأخريتان شقيقتين ليبيتان في العقد الثاني من عمرهما، ووجد معهمنّ نسخ من الإنجيل وعدد من القلائد التي تحمل صلبانًا مختلفة الألوان، واعترفن أثناء التحقيق معهنّ بالتهمة التي وجهت لهنّ.

وحينها صرح رئيس وحدة الشئون الإدارية والمالية بغرفة عمليات كتائب الثوار صلاح بوخضرة قائلاً: "إنّ المنصرين يعملون على تنتظم حركة التنصير بمختلف مدن ليبيا وقبائلها وبطرق مختلفة، منها ما هو مباشر عبر المنظمات والجمعيات الأجنبية، ومنها ما يأتي عبر وسائل الإعلام المختلفة لإضعاف روح التدين في المسلم".

ولفت إلى أنّ ليبيا تعتبر من الأهداف الكبيرة للمنصرين نظرًا للظروف المعيشية الصعبة الناجمة عن آثار الحروب والأحداث السابقة، التي ضيقت فرص العمل وأضعفت الدخل اليومي الذي لا يتناسب مع المتطلبات المعيشية اليومية، ويعتبر لذلك الباب الاقتصادي هو أول الأبواب التي يحاول المنصرون الولوج منها".

وفي عهد القذافي وتحديدا في  يناير 2011 نظم عدد من الإيطاليين المنتمين لحزب ديني مظاهرة احتجاجية أمام السفارة الليبية في العاصمة الايطالية روما، وطالب المتظاهرون الحكومة الليبية بضمان حرية الدين والمعتقد في ليبيا.
كما طالبوا بحرية التنصير في ليبيا، متحججين أنه كما قام القائد معمر القذافي بزيارة روما ودعوة عدد من النساء الايطاليات لاعتناق الإسلام وتوزيعه عدد من نسخ القرآن، فإنهم يريدوا لليبيا أن تفتح الباب أمام حملات التنصير لدخول البلاد وضمان الحرية الدينية التي يرون أنها غير مكفولة في ليبيا بحسب، زعمهم.

كتب وأشرطة
وفي هذا السياق تمكنت ليبيا من ضبط 55 ألف نسخة من الإنجيل، وأشرطة تبشيرية وكتب أطفال وملصقات، وتشير تحقيقات الأمن الأولية إلى أن شبكة التنصير المقبوض عليها في ليبيا قبل عدة أيام تعمل على المدى الطويل لنشر الديانة المسيحية في البلاد.

وقال مسئولون في الأمن الوقائي أن 6 عائلات ليبية تحولت إلى المسيحية في الخفاء وشاب في مقتبل العمر رفض الأمن إعلان اسمه صراحة لأسباب اجتماعية، لكنه قال إن اسمه الحالي يوسف قرينة، وفتاة توصل الأمن إلى معلومات بشأنها دخلت هي الأخرى للديانة المسيحية.

ومن جانبه قال المنسق العام لجهاز الأمن الوقائي حسين بن حميد في مقابلة مع "الجزيرة نت" إن جزءا كبيرا من كتب التبشير دخلت مع الإغاثة الإنسانية في بداية الثورة عام 2011، مؤكدا خطورة الملف على المدى البعيد.

وأوضح بن حميد أن اعترافات المتهمين تؤكد تورط رجل أعمال مصري دخل ليبيا مع اندلاع الثورة في العمليات التبشيرية.

وأكد رجل الأمن أن وزارة الداخلية والمخابرات العامة تشرف على متابعة سير التحقيقات للوصول إلى الحقائق، نافيا تورط شخصيات ليبية في العملية إلى هذه الساعة.

وتستهدف حملات الدعوة لغير الإسلام شريحة الأطفال الصغار والعائلات الفقيرة و"المنفتحة"، وقد استأجرت شبكة الحملة مطبعة بمدينة بنغازي لتسهيل طبع ونسخ الإنجيل.

وبدوره حذر أستاذ الفقه في جامعة بنغازي شعبان العبيدي بشدة من خطورة حملات التنصير، مؤكدا أن الانفلات الأمني وراء تحرك الدعاة بحرية على الأرض، داعيا إلى ضبط الأجانب المقيمين في ليبيا وتحديد هويتهم وأماكن إقامتهم.

وحمل العبيدي في تصريح "للجزيرة نت" المسئولية لوزارة الأوقاف، وقال إن كثيرا من الدعاة تركوا جوهر الدين ودخلوا في "معارك وهمية" مثل "هذا شافعي وهذا سلفي وهذا من أهل السنة".

ودعا العبيدي خطباء المساجد إلى نشر التسامح المذهبي بين الليبيين، والدفاع عن الإسلام، وقال إن الشعب الليبي مسلم على مذهب الإمام مالك بن أنس، وعقيدته وسطية، رافضا بشكل قاطع التهاون في تحييد الليبيين عن إسلامهم.

مخطط استعماري
وعلى جانب أخر رفض الداعية مفتاح الفرجاني في حديثه للجزيرة نت حملات التنصير، مدافعا عن قيم ليبيا العربية والإسلامية، وذكر "ديننا مع الحوار في العلن، وبالإمكان الدخول مع النصارى في حوار ونقاش حول الدين، وهذا مسموح به".

لكنه رفض ممارسة الأعمال التبشيرية في الخفاء مع مواطنين ثقافتهم الدينية محدودة وبسيطة، مؤكدا أن وزارة الأوقاف ليس لديها علم بالأعمال الخفية، وهذه مسئولية الأمن والمخابرات، ووصف التبشير غير المعلن بالدسائس.

وأضاف أن التبشير جزء من مخطط استعماري كبير للرجوع إلى المنطقة، مؤكدا أنهم المسلمين على استعداد للدخول في حوار علني مع أهل الكتاب بشرط أن يكون علنيا، وليس في الخفاء.

وندد الداعية أحمد بعيو باستهداف طلاب المدارس في المراحل الإعدادية والثانوية والجامعات باسم حرية الأديان، وقال للجزيرة نت إن بعض الشباب من جلسوا معهم ليست لهم دراية بالقلائد الصليبية في رقابهم، مؤكدا أن المعلومات التي بحوزتهم تقول إن بعض من أطلق عليهم "ضعاف النفوس" يقومون بتوزيع ألف من الكتاب المقدس مقابل ألف دينار ليبي.
اخبار محيط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق