الاثنين، 4 فبراير 2013

#ليبيا #مصطفى_الرعيض : ثورة فبراير بين منعطفين ( التصحيح أو التأزيم )

لكل ثورة شعب ثورة مضادة، معاكسة لها، ومخالفة لها في الإتجاه، فعلى عكس نبل الثورة، ووضوح أهدافها،واجتماع كلمة أهلها تحمل الثورة المضادة بذور الشقاق وتعميق الخلاف والتنازع، وتختلط فيها المطامع والمطامح الشخصية مع المطالب المشروعة، وتفوح منها روح الإقصاء والتهميش مع التوجهات الجهوية وحزبية ضيقة وذلك على حساب المصلحة العامة التي جمعت الكل في الثورة
يزداد سعير الثورة المضادة كلما اقتربت ثورة الشعب من تحقيق أهدافها وبلوغ مراميها، فتزداد إثارة الفتن وشق الصفوف وعرقلة التحرك نحو الانتقال لمرحلة بناء الدولة، فمع قرب تطبيق قانون العزل السياسي، وبدايات محاكمة رموز السلطة السابقة، واتفاق دول الجوار على تسليم المطلوبين لديهم، تدار في المقابل حملات تشكيك وإشاعات، واغتيالات ونشر للفوضى للحيلولة دون تحقيق الإستقرار والأمن كي لا تتحق شروط تسليم تلك الدول للموجودين على أراضيها بذريعة إنتفاء شروط التسليم في ضمان محاكمتهم ومعاملتهم معاملة قانونية.
بعض رؤوس الثورة المضادة هم الذين لم يجدوا مراكز لهم داخل العملية السياسية، وأن إستمرار آليات المؤتمر يفوت عليهم البروز الشرعي، ويفقدوا مكانتهم، كما أن البعض الآخر يرى في التظاهر فرصة للبروز والتمايز عن خصمه السياسي فالخصومة والعداء المستحكم وصلت لاتخاذ موقف مضاد لما عليه خصمه السياسي فإن كانت جماعة أو حزب قرر عدم التظاهر قرر هو أن يسجل الحضور ليعلن المخالفة ولو كانت على حساب الوطن.
كما أن الذين حاربناهم بالأمس رجعوا إلينا بلباسنا عندما انتصرت الثورة وراحوا يشككونا في ثورتنا، وتستروا ورائها حاملين معاول هدمها من الداخل كي يدقوا مسمار نعشها بأيديهم وأيدي من اتبعهم،” وفيكم سماعون لهم”.
لا نحتاج إلى ثورة مضادة تخلط الأوراق، وتعمق الإنقسام وتزيد من للفوضى.
ما نحتاجه هو ترشيد سلوك ومنع انحراف، فالمراحل الانتقالية من أشد المراحل صعوبة في تاريخ الدول والحضارات، ومحاولة هدم ما تم بنائه وحرق المراحل يأتي بنتائج عكسية، فالأصل البناء على ما تم وليس هدم الشرعية.
العحيب أن تلتقي مصالح الأزلام مع مطالب الثورة، مطالب الشر والفتنة مع مطالب تصحيح الثورة وتحقيق مطالبها في تحديد يوم ومكان الخروج في ذكرى الثورة؟
فمن ستتحقق مطالبه يا تٌرى؟
إذا كان البعض يريد تصحيح المسار بخروجه بمطالب مشروعة فإن البعض الآخر خرج من أجل خلق واقع جديد على الأرض تضيع معالم الثورة فيه، ليصنع معادلات أخرى يفرضها بعد أن تسيل دماء ويكثر الهرج وتسقط شرعية المؤتمر المنتخب، وحكومته الانتقالية.
جيراننا أعطونا الدرس، والسعيد من اتعظ بغيره، ولم يكرر الأخطاء أويعطي الفرصة للطابور الخامس كي يمتطي ظهره ليصل إلى مبتغاه، ليرجعنا إلى نوع من الترقيع والفساد عانت منه البلاد في الماضي وما زالت تعاني.
علينا أن ندرك أن هناك مطالب مشروعة لكن لا سبيل لتحقيقها بالتظاهر فطريقها هو الإستفتاء الشعبي، والإنتخاب، وأن هناك مطالب تتحقق بالتظاهر، وممارسة الضغوط الشعبية على الحكومة والمؤتمر كي تنفذ ويؤخذ بها، وعليه فإن أي التفاف أو اصطفاف، أو تحالفات ضد شرعية المؤتمر لخلق توازن جديد بعد حدوث فوضى واضطراب مصطنع وموجه لفرض معادلات جديدة وتنازلات هو مرفوض ولا يخدم مصلحة الوطن لانه مدعاة للإنقسام وضياع الدولة.
نحن لا نهدم شرعيتنا حتى ولو أخطأ القائمون عليها إذ نطالب بالمحاسبة وليس تحطيم الأليات، وتطبيق اللوائح وليس نسفها، فمحاسبة الأشخاص وليس هدم المعبد على من فيه.
المرحلة حرجة وخطوات المؤتمر والحكومة بطيئة تحتاج إلى دعم وتقويم، ومناصرة كل فئات الشعب لها لإنها قاطرتنا للعبور، وقد قطعنا شوطاًً لا بأس به نحو بناء الدولة، وأمامناً أشواط كثيرة تحتاج إلى تماسك الصف الداخلي ووقوفه أمام تيارات التشكيك وزعزعة الإستقرار،
مصطفى الرعيض
المنارة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق