الثلاثاء، 19 فبراير 2013

عامان على ثورتها...#ليبيا تأخذ زينتها


ليبيا تلك البلاد الطيبة التي ولدت وعشت وتعلمت وتخرجت وتزوجت وأنجبت فيها، أراني أقف محيياً ثورتها وشبابها وشعبها، في شعور يمتزج فيه الشوق لها والفخر بها وبما أنجزته في إسقاط طاغية مجرم مجنون جثم على صدرها ودمر البلاد والعباد.
كم شكك المشككون في فرص نجاح الشعب الليبي في تجاوز مرحلة الفساد والديكتاتورية السوداء في تاريخه، وكم يحاول بعضهم زرع الشكوك بعد عامين على انطلاق ثورتهم...
وصفوها بأبشع الأوصاف والنعوت، قالوا ويقولون ثوار الناتو، ثورة برنار ليفي، ثورة عرّابها ساركوزي...
رددوا وبقوة القاعدة تغزو شرق ليبيا، قوات الناتو أصبحت أو كادت أن تغزو ليبيا...
لم يتركوا خطيئة إلا حاولوا إلصاقها بالشعب الليبي وثورته، رسالة مكذوبة من الجليل مصطفى عبد الجليل لنتنياهو يصرّون على صحتها، وتقارير تبث ليل نهار أن "اسرائيل" افتتحت أو كادت أن تفتتح سفارة لها في طرابلس بعد أن حددت مكانها...
اليوم تقف ليبيا بأبنائها وثوّاره وقيادتها لتحتفل بانتصارها على أحد أعتى الطغاة في المنطقة، تقف وقد أنجزت الكثير وما زالت، تحتفل وهي تخطو بخطوات ثابتة رغم ألم المخاض نحو الاستقرار وبناء مؤسسات الدولة...
إنجازات قد يعتبرها المشككون بسيطة أو قد يسفهونها، بل ويضيفون إليها بعض من الدراما غير الواقعية لدعم تشكيكهم، لكنها تسقط عند حقائق ووقائع ما تعيشه ليبيا...
لنراجع معاً ما حققه الليبيون خلال عامين من إسقاط عقود من التجهيل والتخريب والافساد...
·       حافظوا على وحدة بلادهم رغم كل محاولات التفتيت و"الفيدرالية" حتى أصبح من يدعوا للفيدرالية منبوذاً كبقايا القذافي – من هتافات يوم الانتخابات "اللي صبعه مش طرطاري يا طحلوب يا فيدرالي"، طرطاري= بنفسجي للدلالة على حبر الاقتراع، طحلوب + مصغّر طحالب وهي تسمية فلول القذافي
·       فشلت دعوات زرع الفوضى من خلال ما أسماه البعض "ثورة تصحيح المسار" فلم يستجب لدعواتهم أحد
·       عاد انتاج النفط لمستواه قبل الثورة رغم أن التوقعات كانت تتحدث عن سنوات لإعادة تأهيله – يعيب البعض أن النفط يباع لشركات بريطانية وفرنسية وأمريكية، ونسألهم هل لديهم مشتر من كوكب آخر أم النفط تنتجه البلاد لعرضه في المعارض فقط، وهل كان يباع في عهد القذافي لتشاد أم زيمبابوي؟
·       لم تطأ أقدام أجنبية أرض ليبيا، رغم كل صراخهم عن غزو قوات الناتو، فلما أسقط في يدهم قالوا هناك خبراء من دول غربية وكأنهم اكتشفوا الذرة
·       إستقرار أمني ولو تدريجي في أغلب المناطق، يتحسن بشكل يومي، رغم الحوادث المتفرقة هنا وهناك، وهو ما يُتوقع بعد ثورة وضعت السلاك بيد الجميع
·       إنهاء كل محاولات التمرد والفوضى والفلتان من قبل بقايا القذافي (الطحالب) خاصة في مدينة بني وليد – التي تغزل القومجيون ب"انتفاضتها" وكادوا أن يجعلوا منها شرارة الثورة القذافية القومية بعد أن أسموا القذافي شهيد العروبة – وكذلك بعض مناطق الجنوب الليبي
·       سحب الكتائب والعناصر المسلحة من كل المدن الرئيسية خاصة العاصمة طرابلس والتقليل من عدد الحواجز الأمنية إلا في حالات الاستنفار
·       عدم تحقق أحلام وتنبؤات البعض بانفصال مصراتة أو تحول الجبل الغربي والزنتان لمنطقة عازلة أو استقلال الأمازيغ الذين أظهروا تحديداً وعياً وثقافة غير مسبوقة بطالبتهم بالتمايز في الهوية الثقافية والتراثية واللغوية ورفضاً لدعوات الانفصال عن ليبيا
·       بداية تأسيس جيش وطني يستوعب المسلحين والثوار وتخريج أولى دفعاته
·       توفر جميع المواد والبضائع وبشكل دائم وبأسعارها التجارية العالمية
·       زيادة رواتب الموظفين في كل القطاعات
·       تحسن في الخدمات، تجدر الاشارة أن الطالب في ليبيا لم يخسر أي سنة دراسية بالرغم من الحاجة لوضع مناهج جديدة بدلاً من مناهج التجهيل التي كانت سائدة
·       إجراء انتخابات لمؤتمر وطني بعد استقالة المجلس الانتقالي، وتداول السلطة لأول مرة في تاريخ ليبيا وطبقاً لجدول زمني معلوم ومنشور التزمت به كل الاطراف
·       الانتخابات شهدت مشاركة واسعة جداً، نلاحظ أن سرت التي يصر البعض أنها مهمشة ومدمرة شاركت بنسبة تجاوزت ال 60% في الانتخابات الأخيرة
·       شفافية في الشأن السياسي عبر نقل وقائع النقاشات والتصويت على الحكومة وبرنامجها، وعدم منح الثقة لحكومة أبو شاقور
·       حرية إعلامية غير مسبوقة لكنها لم تصل مرحلة الفجور كما هو الحال مع إعلام الفلول في مصر على سبيل المثال
·       العودة لمشاركة الأمة همومها، ليبيا الدولة الوحيدة من غير دول الجوار السوري التي استقبلت عشرات آلاف اللاجئين السوريين والفلسطينيين من حملة الوثائق السورية،  وهي الدولة التي تدعم ثوار سوريا بالمال والسلاح أيضاً في وجه طاغية مجرم آخر
·       إقرار قانون إلأغاء الفوائد الربوية في المصارف والمعاملات التجارية من سلف وقروض، والتحول إلأى نظام إقتصادي إسلامي حديث بأغلبية ساحقة من الأصوات (106 من أصل 110 حضروا الجلسة) مع تحديد موعد لذلك هو الأول من يناير/كانون الثاني 2015
·       تسيير رحلات دولية إلى أكثر من مطار ومن عدة دول، مطار مصراتة مثال
·       افتتاح خطوط طيران جديدة وبشكل متواصل للتواصل مع باقي دول العالم
·       عودة العشرات إن لم تكن المئات من عائلات الليبيين الذين هجرهم نظام القذافي للمشاركة في إعادة إعمار البلاد في ظاهرة إيجابية هي الأولى من نوعها
·       زيادة حجم الشركات العالمية العاملة في ليبيا والطامحة للاستثمار في السوق الليبي وفي برامج بناء البنى التحتية المتآكلة
·       غياب أي مظهر من مظاهر النقص في الوقود أو انقطاع الكهرباء أو المياه التي قطعت في شهر أغسطس/آب 2011 عن العاصمة طرابلس بعد تحريرها ولأيام طوال
·       الوفاء بالالتزامات التعاقدية مع العمالة الوافدة إبان عهد المقبور القذافي والبدء في تثبيت تلك العقود
·       زيادة الشعور الوطني والاحساس بالانتماء والذي كان مفقوداً أيام المقبور، تحت شعار "ارفع راسك فوق انت ليبي حر"
·       إدارة المؤسسات الداخلية والسفارات في الخارج بشكل منع وجود أي فراغ
هذا بعض مما تم تحقيقه دون إغفال الصعوبات والعوائق وما أكثرها، بعد عقود من التدمير الممنهج، وغياب الخبرة السياسية المطلوبة وحالة من الكبت والقمع، وكذلك انتشار السلاح بشكل كبير.
مقارنة بسيطة بين وضع ليبيا اليوم ووضع أي بلد شهد حالة مماثلة يوصل لنتيجة واحدة، أن ليبيا بخير وهي تسير نحو الاستقرار والأمان، ولا يمكن تحميل من يقود البلاد اليوم المسؤولية عن أعمال النظام السابق ولا الطلب منهم حل كل تلك المشاكل في يوم وليلة، تماماً كما يفجر خصوم الرئيس المصري مرسي بتحميله وزر وجرائم المخلوع مبارك.
اليوم 17/02/2013 تأخذ ليبيا زينتها وتلبس حلّتها الزاهية ليحتفل الليبيون ومعهم أحرار العالم بالذكرى الثانية لإنطلاق ثورتهم، في شوارع ترفرف عليها أعلام الاستقلال، وفي مظهر جميل من النظافة والنظام، وشعور بالأمن والأمان يسمح للعائلات أن تنزل بكبارها وصغارها بنشائها ورجالها دون خوف أو وجل.
فعلها الليبيون وما زالوا، وأخزوا كل من شكك في ثورتهم وأهدافها، وحافظوا على بلادهم، وينتقلون بخطى ثابتة نحة ديمقراطية حقيقية يعيشونها لأول مرة في تاريخهم.
من أقوال المقبور القذافي التي يتندر بها أبناء الشعب الليبي إضافة لزنقة زنقة: افرحوا ارقصوا غنوا – قالها يوماً على وقع جرائمه وهو يرتعد من على سطح السرايا الحمراء الشامخة في طرابلس، لكن اليوم يرقص ويغني ويفرح الشعب الليبي وبعفوية مطلقة وإجماع جماهيري ابتهاجاً بالتخلص من المقبور وعصابته و"طحالبه".
في هذا اليوم نقول للشعب الليبي مبروك عليكم ثورتكم، مبروك عليكم انجازكم، حافظوا على بلادكم واجعلوها قدوة ومثال يحتظى...
وليشكك المشككون كما شاؤوا وليألفوا القصص والروايات كم يحلو لهم، فلن يضيركم ذلك أو يفت من عزيمتكم...
 2013/02/19 | الکاتب : د.إبراهيم حمّامي 
البلاغ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق