الثلاثاء، 15 يناير 2013

#ليبيا #محمد_يونس الدرسي : مهزلة التعليم الليبي في #بريطانيا ـ المدرسة الليبية بريستول أنموذج

إنتهت إمتحانات الفترة الأولى و لازالت هنالك مدارس كالمدرسة الليبية في بريستول بالمملكة المتحدة تعاني من ربكة ناشئة عن تضارب في المناهج كنت شاهد عيان عليها كولي أمر ، ففي يوم إمتحان الفترة الأولى للصف الأول الإبتدائي لتلاميذ المنازل تفاجأت إدارة المدرسة الليبية ببرستول بهبوط منهج مختلف في كتيب جديد للتربية الإسلامية كان قد طبع و اُلف في الأردن من طرف ثلاثة مؤلفين رغم أن عدد صفحاته قد لا يتجاوز العشرين تقديريا هذا عدا عن المراجعين و غيرهم من قائمة المشرفين علي ظهور هذا الكتيب، هذا و لم تعلم إدارة المدرسة المبجلة بهذا التغيير المفاجيء إلا من أحد أولياء الأمور الذي أتى بالكتاب و دار نقاش بعلي من نوع طاب الفروج و إلا مازال ، كل هذا و التلاميذ يمتحنون . و علي حسب زعم مدير تلك المدرسة و أحد من معاونيه أن المدرسة تعاني أيضا من نقص حاد في الكتاب المدرسي رغم توافره على مرمى حجر من حتف الأنوف في أحد فروع قسم المدارس الليبية في بريطانيا من قبل وزارة التعليم الليبية ( إن صح هذا الزعم يعني أن هناك سوء إدارة و سوء توزيع ) . فنقص الكتاب المدرسي أثر أيضا حتى علي طمس شيئا من روح المبادأة لدى بعض أولياء الأمور ، فمثلا حاول أحدهم ـ دون إعلامه بوجود أزمة كتاب مدرسي ـ عن طريق تزويده طوعاً حينها من قبل إدارة المدرسة بكتابين في اللغة العربية ( كتاب التلميذ و كتاب النشاط ) للصف الثاني الإبتدائي حاول تطوير تعليم أحد أبنائه ليحافظ علي لغته العربية و ربطه بوطنه في بلد الغربة و كحق من حقوق الطفل في التعلم ، فبدلا من تشجيع و تنمية روح القراءة و التعلم لدى الأطفال يجابه ولي الأمر فيما بعد من قبل مدير المدرسة بالممانعة و الترصد بضرورة إعادة الكتابين ليُعلم و لأول مرة بعد مضي الربع الأول من السنة الدراسية أن السبب هو نقص حاد في الكتب المدرسية و ذلك بدلا من تدبير حل لهذا النقص أو علي الأقل إعلام ولي الأمر بهذه المطالبة بشكل مبكر إذا كان الحرص علي العملية التعليمية حقاً ، رغم أن كل الأمر يتعلق بمجرد كتاب إرتبط به طفل في عالم محفوف بالماديات ، في الوقت الذي هُبكت فيه قرابة خمسة مليارات مليار ينطح مليارعلي الباب الثاني من قرطاسية و مكاتب و غيرها من بنود إستهلاكية في عهد حكم الكيب الكئيب ، اللوم هنا ليس علي المدير إن كان صادقاً في تبريره هذا، بل اللوم علي المسؤول الحقيقي عن مشكلة تأخر وصول الكتاب المدرسي في موعده . كما تعاني مدرسة بريستول و بعض المدارس الليبية في بريطانيا من عدم وضوح الرؤية حول قرار التعليم بمعادلة التعليم البريطاني بالتعليم الليبي في جانب المواد العلمية فقط مثل الرياضيات و العلوم مع إحتفاظ المدارس الليبية بتدريس المواد المتعلقة بالدين الإسلامي و الهوية و التاريخ الوطني مثل مواد اللغة العربية و التربية الإسلامية و التربية الوطنية و التاريخ . إذ ظهر مناهضين ( معارضين ) لهذا القرار غالبهم ليس دفاعا عن التعليم كتعليم ( للأدلة و الأمثلة الواردة أعلاه ) و لكن حماية لفم وكلة بعد تغليفها حلزونياً . مما أوقع كثير من أولياء الأمور ” مثلي ” في ربكة حقيقية ، و سؤال في أي صف دراسي سيدرس أبناءهم في المدرسة الليبية هذه السنة ؟ هل في صف مناظر لصفه في مدرسته الإنجليزية أم صف أقل درجة ؟ هذا القرار تقدم علي إثره بعض أولياء الأمور بطلبات لإجراء تلك المعادلة في المواد العلمية لكنها لم تتم و وجهت بمعارضة شديدة من بعض إدارات تلك المدارس . أي أن هناك صراع علي أشده ما بين بعض إدارات المدارس و بين التعليم حول هذا القرار . كما أن هناك تناقض ( و لا أقول هنا أخطاء فتلك حكاية أخرى ) في المناهج ، و الضحية النهائية لهذه المحصلة هو التلميذ و خصوصا الذي مازال في أول عتبة من سلم التعلم تلميذ الأول الإبتدائي .
إذن مازالت هناك مدارس ليبية ليست في الأدغال و لا في قلب الأرياف الليبية النائية بل في قلب العالم المتقدم تلك المدارس التي عزلت نفسها و تقوقعت إدارتها عن الإستفادة حتى من بعض التسهيلات التي تراها تلك المجتمعات أنها بديهية ، و أبت تلك المدارس ألا أن تربط نفسها بأدوات و أساليب إدارة تعليمنا العتيقة ( أقول أساليب و لا أقول مناهج ) . الكارثة الكبرى أن بعض القائمين علي العملية التعليمية لا يمتون لهذه العملية الإنسانية الخالدة بأدنى صلة سوى أنها باب رزق أو تكسب أو من ضمن أدوات اللحس الخفي . و ذلك بغرقهم حتى الأذنين في السلبية المفرطة دون تجشم عناء و لو جلب كتاب واحد في موعده لتلميذ في الصف الإبتدائي و بأية وسيلة و لو بإستغلال “الوفورات الخارجية” كالأساليب و الأدوات التقنية التي تتيحها البيئة المحيطة في بعض الدول المتقدمة التي تتبرع في كثير من الأحيان حتى بمقرات لتلك المدارس فما بالك بمعدات كالآت التصوير الحديثة و غيرها ” إذا كانت دولتنا فقيرة أو شحيحة ” و خصوصا أن الأمر لا ينتمي إلي جلب حليب الغولة . تبريرا للفشل يحلو للبعض المنة و التبجح بأنه متطوع ( إن وجد حقا هذا التطوع كما هو لوجه الله و الوطن ) و لكن أرجوك لا تدمر كل الأشياء بإسم التطوع ، فإذا كان التطوع ضاراً أرجوك توقف و أفسح المجال لغيرك من المتطوعين المتدافعين الذين زاحمتهم .
أينما عاش البعض أو أقام لسنوات طوال في مجتمعات متطورة تظل المشكلة مشكلة فكر و عقل و ضمير و ليست مشكلة إمكانيات بالدرجة الأولى و الدليل أنه حتى في ظل الإمكانيات يظل التخلف كاليأس ” بمفهوم صوب خليل ” ناصبا لنا علامة النصر .
بقلم : محمد يونس الدرسي .
المنارة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق