في عهد النظام السابق كنت فد كتبت مقالاً حول إساءة استعمال السلطة واليوم
أكتب مجدداً محذرا من مغبة إساءة استعمال السلطة هذه الإساءة والتي كانت في
اعتقادي أحد الأسباب التي عجلت بقيام ثورة السابع عشر من فبراير لاجتثاثها
من جذورها ولتصبح أثراً بعد عين.لذلك فإننا سوف نكون في وضع سيء إذا ما
تبادر إلى عقولنا أو حتى سمعنا ولو من بعيد بأي إساءة مهما كان
مقدارها بعد أن حرر كامل التراب الليبي وللأسف الشديد كنت أسمع من حين إلى
آخر وقوع بعض الإساءات ولكوني لا أتخذ من مجرد السماع ما لم يكن من أشخاص
ثقاة منهجاً أعتمد عليه في كتابة المقالات التي أكتبها اليوم وكذلك في زمن
القذافي فإنني للأسف الشديد أيضاً قد سمعت بوقوع العديد من الإساءات عن
طريق أشخاص أثق فيهم كثيراً وقد أفزعني وهالني عندما سمعت أن من قاموا بهذه
الإساءات يعلنونها على الملأ وأمام الناس وكأنهم نسوا أو تناسوا أنهم في
يوم من الأيام كانوا ضحية لهذا النوع من الإساءة خاصة إذا ما كان مصدر
معلوماتي ممن يعمل في القضاء ذلك الحصن الذي يجب أن تحافظ عليه الدولة وهو
أحد الصروح التي تتباهى بها الدول ولنا في التاريخ عبر كثيرة وللأسف
الشديد للمرة الثالثة أن هناك من يخلط بين الهيآت القضائية وبين العاملين
بهذه الهيآت من حيث بقائهم في هذا الجهاز فالأشخاص زائلون والسلطة
القضائية كهيأة باقية ما بقيت الدنيا ولن يكون لهذه الهيأة كيانها
واحترامها إلا من خلال العاملين فيها وهو أمر ليس مقصوراً على هيأة دون
أخرى وإن كان للقضاء منزلة تتفاخر الدول في أن يكون لها قصب السبق في
احترام هذا الجهاز والعمل على رفعته ولذلك فإن ما يستطيل إلى أحد من أعضائه
سوف يكون له وقع ليس على من وقع عليه الاعتداء بل على الدولة بأسرها.وإذا
ما كان التعميم من المساوي التي نعاني منها فإن من قام بالإساءة لا يشكل في
الغالب الأعم إلا نسبة ضئيلة لكن هذه النسبة بالرغم من ضآلتها قد تكون
وبالاً.. وكابوساً ونقطة سوداء في جبين نظيف قد يصعب إزالتها إن لم يصبح من
المستحيل .وللأسف الشديد للمرة الأخيرة أصبحنا نسمع من البعض عبارات لا
نريد أن نسمعها وهم من حسن الحظ قليلون من الذين ظنوا أن الحرية لا حدود
لها ولا قيود فوصمت أفعالهم بالفوضى ولكنها في نهاية الأمر محسوبة على من
صدرت عنه وليس محسوبة على أي مرحلة من المراحل وإن كانت في زمن
القذافي ممنهجة فحسبناها على زمنه الذي رحل . وقد أكون أكثر وضوحاً لو
سردت إحدى الوقائع والتي حصل بصددها نقاش كنت اسمعه ولم أكن في الحقيقة أحد
أطرافه ، حيث يقول أحدهم لآخر بعد أن أفصح له عن صفته ” لقد رحل هذا مع
القذافي” وهذا الذي قد رحل - لو علمتم ما هو لقلتم معي لا نريد هذا الذي
قاله الشخص أن يرحل أو حتى يختفي، إذ أنه كان محارباً في زمن القذافي
وبقسوة وأن لم يعلم ، فهو لم يترك سلاحاً إلا واستعمله للإجهاز عليه
،ولعلكم تتساءلون عن هذا الذي قال أنه قد رحل.. فأقول ” إنه القانون
والقضاء “.أن هذا التصرف والذي لا اعتبره ظاهرة ولكنه مؤثر ، يجب أن يثبت
له الشرفاء من الثوار والمواطنين …. إن هذا القول سوف توضع تحته العديد
من السطور ، فهو لن يكون في مصلحة الجميع وليس في مصلحة الدولة ، بل
اعتبره من نتاج مساعي الطوابير التي تسعى إلى خلخلة الثورة ومحاولة إجهاضها
وإفراغها من محتواها إذ أن هذا الأمر سوف يمهد الطريق أمام إساءات
عدة لا تحصر في إساءة استعمال السلطة ، بل إساءة استعمال الحق بشكل عام
أيا كان مصدر هذه الإساءة فليبيا حرة ليست شعاراً للإساءة بل يجب أن تكون
شعاراً لاحترام القوانين التي وجدت كي تصان الحرية وفي انتهاك هذه القوانين
انتهاك للحريات .لذلك صارت مسألة الحديث عن إساءة استعمال السلطات
والحقوق بشكل عام من الأمور التي يجب أن تطرح على بساط البحث والدراسة ،
فالإساءة واردة وسوف تقع مهما كانت صورة المجتمع ناصعة البياض ، فلا بد من
بقعة إن لم تلطخ الثوب فعلى الأقل لابد من نوع من الغسل والتنظيف .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق