الأحد، 23 ديسمبر 2012

#سوريا مسيحيو سوريا الاكتئاب ينغص فرحة "الميلاد"


لا مزاج لنا للاحتفال بالعيد هذا العام، فكل من حولي مكتئب والوضع صعب جدا، هذا ما قاله جورج (38 عاما)وهو محاسب في دمشق، في وقت يستعد فيه مسيحيو سوريا الذين تعيش بلادهم في نزاع مستمر منذ 21 شهرا، لاستقبال عيد الميلاد هذا العام من دون أي مظاهر احتفالية، بل وسط قلق وخوف من غرق البلاد في الفوضى وصعود الجماعات الإسلامية المتطرفة.

ويضيف جورج: "كيف لي أن احتفل فيما من حولي مهجر من منزله أو فقد غاليا؟" في نزاع أدى إلى مقتل أكثر من 44 ألف شخص، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
من جهتها، تستعيد مريم تقارير للإعلام الرسمي يقدم فيها المقاتلين المعارضين لنظام الرئيس بشار الأسد بوصفهم "مجموعات إرهابية مسلحة"، لتقول "بتنا نخشى على أنفسنا وعلى وضعنا المستقبلي بسبب قدوم هؤلاء التكفيريين" الذين ترى أنهم قد يرغموها على "ارتداء الحجاب وعدم الخروج للعمل".
أما نادين، فتقدمت بطلب للحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة لملاقاة والدتها وعدد من أقاربها، بعدما ترددت في القيام بذلك لمدة طويلة.
وتقول هذه المهندسة الأربعينية المقيمة في دمشق "بعدما اقتربت الاشتباكات من المدينة أحسست بالخطر أكثر من ذي قبل". ومع عدم شعورها بوجود حل قريب، أصبحت الهجرة هي الملاذ بعدما بات السلاح "اللغة الوحيدة المتداولة الآن".
لكن ميشال يصر على أنه لن يغادر وطنه أيا تكن الصعوبات، وسيبقى "متمسكا بجذوره" في سوريا، رغم أن المكتب السياحي حيث كان يعمل، أغلق أبوابه جراء الأوضاع الراهنة.
وكما كثيرين غيره من المسيحيين السوريين، يستعيد ميشال النموذج العراقي، حيث اضطر العديد من المسيحيين إلى مغادرة هذا البلد المجاور مع صعود الحركات الإسلامية المتطرفة وتزايد أعمال العنف بعد الاجتياح الأميركي في العام 2003.
وتتمتع سوريا بتركيبة اجتماعية متنوعة دينية كما العراق. وبحسب الباحث الفرنسي الخبير في الشؤون السورية فابريس بالانش، يتوزع السوريون البالغ عددهم 23 مليون نسمة، بين غالبية مسلمة سنية (قرابة 80%)، وأقلية علوية (10%)، إضافة إلى 5% من المسيحيين، و3% من الدروز، والبقية من الاسماعيليين.
وبقي المسيحيون السوريون البالغ عددهم نحو 1,8 مليون نسمة، في منأى عن النزاع بين الرئيس الأسد ومعارضيه في شكل عام.
إلا أن كثيرين منهم يتخوفون من أن تفرز "الثورة" حكما إسلاميا متطرفا مناهضا للحريات الدينية التي نعموا بها على مدى عقود طويلة، من دون أن يحول ذلك دون انضمام أعداد منهم إلى المعارضة و"الحراك الثوري".
والسبت، أكد بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي أن "ما يجري علينا يجري على الآخرين"، مشددا في مؤتمره الصحفي الأول في دمشق إثر انتخابه في هذا المنصب على أن المسيحيين "موجودون في هذه البلاد وباقون ونحن نؤمن أن وجه المسيح لن يغيب عن هذه المنطقة التي انطلقت منها المسيحية".
وفي اليوم نفسه، حذر بعض المقاتلين المعارضين من اقتحام بلدتين مسيحيتين في ريف محافظة حماة وسط البلاد، ما لم تنسحب منهما القوات النظامية.
وكانت الأمم المتحدة حذرت قبل أيام من أن النزاع في سوريا بات "طائفيا في شكل واضح" ما يهدد الأقليات الدينية في البلاد.
في حي القصاع ذي الغالبية المسيحية وسط العاصمة السورية، درجت العادة خلال هذه الفترة من السنة أن تمتلأ الشوارع بالناس القادمين للتسوق وسط زينة العيد.
وبحسب تاجر ألبسة فضل عدم كشف اسمه "هذه السنة لا مزاج لأحد للشراء أو الاحتفال".
من جهته، يلقي بسام باللائمة في صعوبة الاحتفال بالعيد على الأزمة الاقتصادية والتضخم اللذين تسبب بهما النزاع، ويقول "لقد رغبت أن يشعر الأطفال بالعيد، إلا أنني لم أتمكن من شراء ملابس جديدة لهم أو ألعاب".
ويشير إلى أنه "عيد الميلاد الثاني الذي يمر علينا في ظل هذه الأزمة. العام الماضي احتفلنا على نطاق ضيق، لكن هذه السنة أصبح (الوضع) أكثر تعقيدا. بالكاد أغطي مصروف العائلة".
وأدى التضخم إلى اقتطاع ثلث القدرة الشرائية للسوريين، بحسب ما أفادت وسائل إعلام سورية في سبتمبر الماضي. كذلك، قال مسؤول اقتصادي رفيع أن العقوبات الدولية على سوريا أدت إلى ارتفاع الأسعار الاستهلاكية بنحو 65%.
تضاف الأوضاع الأمنية إلى الصعوبات الاقتصادية. في حلب كبرى مدن الشمال التي تشهد معارك يومية منذ أكثر من خمسة أشهر. يقول رئيس الكنيسة الإنجيلية العربية في المدينة القس ابراهيم نصير أن "عدم الشعور بحالة أمان جعل الكثير من المسيحيين يرفعون الصلوات في بيتوهم ولا يذهبون إلى الكنائس خوفا".
يضيف "المسيحيون السوريون جزء لا يتجزا من المجتمع السوري، وعدم ارتيادهم الكنيسة ليلة العيد ليس خوفا من استهداف الكنائس، بل بسبب الوضع الأمني المتدهور في المدينة بشكل عام".
بالنسبة لآخرين، لا يمكن الاحتفال بالعيد بعد فقدان أشخاص مقربين. تقول رند صباغ "لن أحتفل أبدا هذه السنة" التي فقدت فيها صديقها الناشط والسينمائي باسل شحادة، الذي قتل في مايو الماضي في حمص (وسط).
وتضيف "العام الماضي كان الوضع مختلفا. هذه السنة لم يبق منزل إلا وفقد شخصا، أكان (المنزل) مواليا أم معارضا أم يعتبر أن ما يجري لا يعنيه".
تتابع "لم نكن نتخيل أن الموت سيدخل إلى بيوتنا".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق