الأربعاء، 10 يونيو 2015

السعودية_تأكيد الحكم على رائف بدوي رسالة تحذير للنشطاء السعوديين

دويتشه فيليه: تأكيد المحكمة السعودية العليا لحكم جلد وسجن رائف بدوي يأتي كرسالة تحذيرية للناشطين والمدونين في السعودية. لكن ما زال هناك أمل في وقف تنفيذ عقوبة الجلد على الأقل، بحق بدوي الفائز بجائزة "دويتشه فيله" لحرية التعبير.
 

أيدت المحكمة السعودية العليا مؤخرا الحكم الذي صدر العام الماضي بسجن المدون السعودي والناشط الحقوقي رائف بدوي عشر سنوات وجلده ألف جلدة، وتغريمه ما يعادل 240 ألف يورو. وكان القضاة قد برروا حكمهم آنذاك بأن بدوي أساء إلى الإسلام واستهزأ بشخصيات إسلامية وتعدى حدود السمع والطاعة. ولاحقا تم اتهامه بالردة. وبعد تأكيد المحكمة العليا للحكم لم يعد من الممكن اللجوء إلى الاستئناف، وعلى بدوي الاستعداد لتلقي عقوبة الألف جلدة موزعة على عشرين مرة نفذت منها بالفعل خمسون جلدة في يناير/ كانون الثاني الماضي، ولأسباب صحية لم يتم تنفيذ ما تبقى منها.
العفو الدولية: صفعة على الوجه
الحكم "صفعة على الوجه" تقول ريغينا شبوتل منسقة شؤون السعودية ودول الخليج في منظمة العفو الدولية "أمنستي" في حديث خاص مع DW.وترى شبوتل أن هذا القرار رسالة ترسلها السعودية إلى المجتمع الدولي مفادها: "لا تتدخلوا في شؤوننا الداخلية وسنهتم نحن بأمورنا واهتموا أنتم أيضا بشؤونكم.". كما ترى ريغينا شبوتل أن هذه رسالة واضحة ترسلها السعودية أيضا إلى الشعب السعودي ذاته، حيث تنتشر داخل البلاد أساليب رقابية مشددة تخضع لها أيضا الصحف. أما الفضاء الإلكتروني فكان يتمتع إلى حد ما بنوع من الحرية وجاء تأكيد قرار المحكمة السعودية العليا على عقوبة بدوي بمثابة رسالة للشعب السعودي بأن يتفادوا النشاط الإلكتروني على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وإلأ فسيحدث لهم ما حدث لرائف بدوي، بحسب شبوتل.
 

عبء الحكم الديني
نهاية شهر مارس الماضي تم إصدار كتاب باللغة الألمانية يتضمن مقالات بدوي التي كان ينشرها على الإنترنت. مقالاته تحتوي على نقد لاذع للسلطة الدينية في السعودية ولكن يصعب التعرف على فقرات تتضمن "الإساءة" إلى الإسلام. ومن بين ما كتبه بدوي: "من يراقب المجتمعات العربية سيلاحظ كيف أنها تعاني الأمرين و أن الحكم الديني لا يريد سوى تطبيق مبدأ السمع والطاعة.". ورغم أن بدوي باستخدامه جمل كهذه يشكك بقوة في فكرة الوصاية الدينية، إلا أنها لا تنطوي على إهانة. ونفس الكلام ينطبق أيضا عند حديثه عن بعض المشايخ. وكتابات بدوي فيها شيء من الحذر، بحسب المعايير الدولية ورغم ذلك تمت إدانته وتأكيد الأحكام عليه وهو ما لاقى انتقادات دولية واسعة. "الإساءة إلى الإسلام هي واحدة من الأحكام المطاطة في القانون السعودي"، بسحب شبوتل و"يمكن الاستناد إليها في كثير المواضيع"، على حد تعبيرها. بعد صدور الحكم على رائف بدوي قامت المحاكم المحلية في السعودية واستنادا إلى "قانون الإرهاب الجديد" بإصدار عقوبات أشد صرامة. وقانون الإرهاب الجديد تم تفعيله في فبراير/ شباط عام 2014 وهو وسيلة يمكن للدولة أن تستخدمها ضد "جرائم الإرهاب". وتشمل هذه الجرائم: الإخلال بالأمن والنظام العام، وزعزعة الاستقرار والسلامة العامة أو سلامة الدولة، وتهديد الوحدة الوطنية، أو الإضرار بسمعة أو الشكل العام للدولة. واستنادا إلى هذه المفاهيم القانونية المطاطة يصدر القضاء السعودي أحكامه.
 
رائف بدوي، القضية الأبرز إعلاميا في مجال انتهاكات حرية التعبير. تعرضُ الناشط والمدون السعودي للجلد أثار موجة تعاطف كبيرة مع قضيته.
تأكيد الحكم على رائف لاقى انتقادات واسعة على المستوى الدولي. وقامت المفوضية الأوروبية مجددا بدعوة السلطات السعودية إلى وقف عقوبة جلد بدوي، وأي عقوبة بدنية أخرى وقالت المفوضية: "إن العقوبة البدنية لا يمكن قبولها وتتنافى مع الكرامة الإنسانية." أما صحيفة الغارديان البريطانية فذكرت أن هذا الحكم "دليل وحشي على ترويع الأشخاص"، واصفة السعودية بأنها مصدر "لإسلاموية مسمومة جدا، ولدعاة متشددين وشباب يهددون الغرب ومنطقة الشرق الأوسط، بسبب تحفزهم للقتال.". ورغم كل ذلك، هناك فرصة لوقف عقوبة الجلد بحق بدوي على الأقل، بحسب شبوتل. وتطالب المنسقة بمنظمة العفو الدولية السياسيين بمواصلة إدانة حكم الجلد بحق بدوي وأن يناشدوا ملك السعودية بالعفو عنه، وبخاصة المسؤولين في الدول التي لديها مصالح مع السعودية مثل ألمانيا وكندا. فملك السعودية لديه سلطة العفو عنه، حسب ما أفادت ريغينا شبوتل. وجدير بالذكر أن مؤسسة DW (دويتشه فيله) قد منحت رائف بدوي "جائزة دويتشه فيله لحرية التعبير". وسيسلم بيتر ليمبورغ، رئيس مؤسسة دويتشه فيله، إنصاف حيدر زوجة رائف بدوي تلك الجائزة خلال "منتدى الإعلام العالمي" الذي تنظمه دويتشه فيله في بون في الفترة بين 22 و24 من يونيو/ حزيران الجاري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق