الاثنين، 9 فبراير 2015

ليبيا_ هيومن رايتس ووتش: ليبيا.. صحفيون تحت الهجوم

متظاهرون يحملون لافتة عليها صورة مفتاح بوزيد، رئيس تحرير صحيفة "برنيق" الأسبوعية، أثناء مسيرة في ميدان الشهداء بطرابلس للاحتجاج على اغتياله. قتل بوزيد، الذي كان ينتقد المتطرفين الإسلاميين في ليبيا، بطلقات نارية في قلب بنغازي المطلة على البحر المتوسط يوم 26 مايو/أيار 2014. صورة لآجنس فرانس برسي/محمود تركية
(تونس) - قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير نشر اليوم إن جماعات مسلحة مختلفة في ليبيا هاجمت، وخطفت ورهبت وهددت وقتلت بطريقة عنيفة صحفيين ليبيين وأفلتت من العقاب على مدى العامين الماضيين، مما حدا بالعديد إلى الفرار من البلاد أو فرض الرقابة الذاتية على نفسه. وفي الوقت عينه، تعمل المحاكم على ملاحقة الصحفيين وغيرهم قضائياً بتهمة التشهير بالمسؤولين الحكوميين وغيرها من التهم التي تنتهك حرية التعبير. إن إخفاق الحكومات المتعاقبة والسلطات المؤقتة في حماية الصحفيين أنهك الكثير من حرية وسائل الإعلام المحدودة التي كانت موجودة في أعقاب انتفاضة 2011 التي أطاحت بالزعيم الليبي معمر القذافي.
إن التقرير الواقع في 54 صفحة تحت عنوان "الحرب على وسائل الإعلام: الصحفيون تحت الهجوم في ليبيا"، يقول إن السلطات أخفقت في محاسبة أي شخص عن الاعتداءات على الصحفيين ووسائل الإعلام منذ 2012، ومعظمها ارتكب على يد كيانات غير حكومية. وفي الأثناء ذاتها، تعمل المحاكم على ملاحقة الأشخاص قضائياً، بمن فيهم الصحفيون، على الجرائم المتعلقة بالتعبير عن الرأي، ولا سيما تلك المتعلقة بإهانة مسؤولين حكوميين. وازداد الوضع سوءا على الصحفيين عندما اندلعت الصراعات المسلحة وأضحت متوطّنة في مايو/أيار 2014، مما سرّع في خروج الصحفيين من ليبيا خوفا على سلامتهم.
وقال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "لقد سمح مناخ الإفلات من العقاب للميليشيات بالاعتداء والتهديد والخطف، وحتى بقتل الصحفيين بسبب تقاريرهم أو وجهات النظر. ينبغي على السلطات الحكومية والكيانات غير الحكومية التي تسيطر على الأراضي أن تدين الاعتداءات على الصحفيين وتحاسب المسؤولين عنها حيثما أمكن ذلك."
للاطلاع على التقرير كاملا اضغط هنا
ووثقت هيومن رايتس ووتش، من خلال المقابلات التي أجريت في ليبيا وعن بعد، 91 حالة على الأقل من التهديدات والاعتداءات ضد الصحفيين، 14 منها بين النساء، في الفترة الممتدة من منتصف 2012 حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2014. وتشمل الحالات 30 عملية اختطاف أو اعتقالا تعسفيا لفترة قصيرة وثماني حالات قتل، وإن كان الصحفيون قد تعرضوا للقتل في بعض الحالات بطريق الخطأ خلال إعدادهم لتقارير تتعلق بأحداث العنف. كما وثقت هيومن رايتس ووتش 26 هجمة مسلحة ضد مكاتب محطات التلفزيون والإذاعة. وقد وثقت هيومن رايتس ووتش في معظم الحالات الأدلة التي تدلل على أن الجماعات المسلحة سعت لمعاقبة الصحفيين ووسائل الإعلام لإعداد التقارير، أو لآرائهم، أو لتعاطفهم المتصور.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن السلطات المؤقتة والحكومات المنتخبة المتعاقبة لم تتمكن من كبح جماح الميليشيات المؤذية التي انتشرت منذ نهاية انتفاضة 2011، مما يسمح لها بالعمل مع الإفلات التام من العقاب. لم يتفاقم الإخفاق في حماية الصحفيين والإعلاميين والكتاب إلا مع اندلاع النزاعات المسلحة في شرق ليبيا في مايو/أيار 2014، والتي امتدت إلى الغرب في يوليو/تموز. وقد ترك القتال البلاد بحكومتين تدعيان الشرعية، إحداهما حكومة معترف بها دوليا وتوجد خارج البيضا والأخرى حكومة نصبت نفسها وهي تسيطر على طرابلس وأجزاء من غرب ليبيا، إلا أن أيا منها غير قادرة على فرض سيطرتها على كامل أراضي البلاد. مع انتشار العنف، فإن عددا متزايدا من المحاكم ومكاتب المدعين العامين علق عملياته، تاركاً النظم القضائية في حالة شبه انهيار في بعض المناطق.
كان ثمة صحفيين من بين 250 شخصا قتلوا في ما يظهر أنه اغتيالات سياسية في ليبيا في 2014 مما وثقت له هيومن رايتس ووتش. في 26 مايو/أيار، أطلق مجهولون النار على الصحفي البارز، مفتاح بوزيد، في بنغازي. بوزيد، رئيس تحرير صحيفة برنيق، وهي صحيفة مستقلة تصدر ثلاث مرات في الأسبوع في بنغازي، كان ناقداً بارزاً وبشكل مستمر للميليشيات الإسلامية والأحزاب السياسية. وعلى الرغم من النداءات المحلية والدولية الداعية إلى إجراء تحقيق سريع، بقي قتلة بوزيد طلقاء. وقد قُتل المعتصم الورفلي، مذيع في محطة الوطن الإذاعية في ليبيا، برصاص مجهولين في 8 اكتوبر/تشرين الأول في بنغازي. ويزعم أن الورفلي كان مؤيدا للميليشيات الاسلامية.
بدا أن بعض وسائل الإعلام قد تعرضت للهجوم لأنها دعمت أطراف معينة في النزاع. هاجمت ميليشيات محطة تلفزيون العاصمة في طرابلس في 23 و24 أغسطس/آب، مدمرة المعدات ومعطلة بثها بشكل دائم. وقالت فوزية البلعزي، المدير العام للمحطة في حينه لهيومن رايتس ووتش إن الميليشيات المهاجمة اتهمت القناة بدعم خصومهم. في 9 يناير/كانون الثاني 2015، هاجم مجهولون محطة تلفزيون النبأ في طرابلس، وهي محطة التلفزيون الليبية الفضائية الخاصة التي تدعم الحكومة التي نصبت نفسها في طرابلس، بواسطة قذائف آر بي جي مدمرة المبنى بشكل كبير.
لم تجري السلطات تحقيقا جديا في أي من القضايا التي حققت بها هيومن رايتس ووتش، هذا إن قاموا بالتحقيق في المقام الأول. لم يعرف عن شخص أبداً أنه لوحق قضائياً نتيجة ارتكاب مخالفات في أي من قضايا الهجمات ضد الصحفيين. وقال معظم الصحفيين الليبيين لهيومن رايتس ووتش إنه ما من غاية تُدرك حتى من إبلاغ الشرطة عن الحوادث لأنها لن تمضي قدما في تعقب المهاجمين.

وفي الوقت نفسه، يوجه المدعون العامون اتهامات ضد الصحفيين وغيرهم على خلفية ارتكاب جرائم حرية رأي غير عنيفة. في 17 نوفمبر/تشرين الثاني، عمارة الخطابي، رئيس تحرير صحيفة الأمة، أبلغته المحكمة الجنائية أنه محكوم غيابيا في 17 اغسطس/آب بالسجن لخمس سنوات ودفع غرامة كبيرة. القاضي الذي حكم على الخطابي بتهمة "الإهانة والقذف" لمسؤولين حكوميين لنشره قائمة لقضاة زعمت فسادهم في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، أمر أيضا بتعليق الحقوق المدنية للخطابي أثناء سجنه ولمدة عام بعد الإفراج عنه، ومنعه من مزاولة مهنة الصحافة طوال فترة سجنه. وقال الخطابي الذي بقي حراً لفترة مؤقتة لهيومن رايتس ووتش إنه سيسعى لإعادة المحاكمة.
أُبلغ عن اختفاء صحفيين تونسيين اثنين، سفيان شورابي ونذير قطاري، في شرق ليبيا في سبتمبر/أيلول 2014 وما يزال مصيرهما مجهولا. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التحقق بشكل مستقل من التقارير المزعومة بالقبض عليهما على يد الميليشيات التابعة لجماعة الدولة الإسلامية المتطرفة (المعروفة أيضا باسم داعش). وينبغي على جميع الأطراف في ليبيا أن تعمل في اتجاه الإفراج عن الصحفيين الاثنين، وعلى الفور ودون أن يمسهما سوء.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن على جميع الجهات الحكومية وغيرها في ليبيا أن تدين بشكل قاطع الهجمات ضد الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام وإجراء تحقيقات سريعة وشفافة ونزيهة حيثما أمكن ذلك. وينبغي على مجلس النواب الليبي تعديل أو إلغاء القوانين التي تقيد الحق في حرية التعبير والإعلام، وخاصة قوانين التشهير والإهانة.
ينبغي للبلدان الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة عقد جلسة خاصة بشأن المساءلة في ليبيا بهدف إنشاء لجنة تحقيق أو آلية مماثلة للتحقيق في انتهاكات خطيرة واسعة النطاق لحقوق الإنسان في ليبيا. وينبغي أن تتضمن الانتهاكات المحتملة تلك التي قد ترقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مثل الاغتيالات السياسية والهجمات ضد الصحفيين. وينبغي على المقرريْن الخاصيْن للأمم المتحدة ولأفريقيا لشؤون حرية الرأي والتعبير، إيلاء اهتمام خاص للاعتداءات على الصحفيين والإعلاميين في ليبيا، وزيارة البلاد للتحقيق في الهجمات ضد الصحفيين وتقديم توصيات بشأن كيفية تعزيز حرية الصحافة هناك.
وقال ستورك: "إنه لتوقيت خطير جدا تكون خلاله صحفياً في ليبيا. إذ يواجه عدد كبير من الصحفيين في مرحلة ليبيا ما بعد القذافي وضعا يكون فيه قول ما تعتقده سبباً لإردائك قتيلاً".
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق